[طالب الفردوس]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبه للمتقين الصادقين أما بعد :
قال الله تعالى ( إلا تنصروه فقد نصره الله ) المعنى : إلا تنصروه بالنفير معه ، فقد نصره الله . أعانه الله على أعدائه 0 إذا أخرجه الذين كفروا . أى : اضطروه للخروج لقصد أهلاكه . ثانى اثنين . أى نصره منفرد إلا من أبى بكر 0
وهذا معنى قول الشعبى عاتب الله أهل الأرض جمعياً إلا من أبى بكر 0
( إذ هما بالغار ) وهو الثقب فى الجبل ، وهذا الغار فى جبل ثور ، وكان المشركون يؤذون المسلمين ، فتجهز أبو بكر ليلحق بالمدينة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : على رسلك ، فإنى أرجو أن يؤذن لى ، ثم خرج الى الغار فحعل أبو بكر يشق ثوبه ويشد الأنقاب ، فبقى نقب فسد بعقبه ، فمكثا ثلاث ليال فى الغار0
فخرجت قريش تطلب الآثار فلما مروا بالغار . رأوا نسج العنكبوت على الباب 0
روى عن أنس رضى الله عنه أن أبا بكر حدثه قال : ( قلت للنبى صلى الله عليه وسلم لو أن أحدهم نضر إلى قدميه لإبصرنا تحت قدميه فقال يا أبا بكر : ما ضنك باثنين الله ثالثهما ) الصحيحين0
واعلم أن أبا بكر رضى الله عنه معروف بالفضل فى الجاهلية والأسلام ، ولما جاء الأسلام كان أول من أسلم0
واسمه عبدالله بن عثمان بن عامر . يلتقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مرة0
ولقبه الرسول صلى الله عليه وسلم عتقياً لجمال وجهه ، وكان على بن أبى طالب رضى الله عنه يحلف بالله أن الله أنزل أسم أبى بكر من السماء الصديق0
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليله أسرى بى لجبريل : أن قومى ليصدقونى فقال جبريل يصدقك أبو بكر)
وهو الصديق وهو أول من خاصم عن رسول الله0
وفى الصحيحين من حديث أبى سعيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( إن من الناس على فى صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذاً خليلا غير ربى عز وجل لتخذت أبو بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته لا يبقى فى المسجد باب إلا سد إلا باب أبى بكر )0
وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى أنه قال ( مالأحد عندنا يد إلا كافيناه ما خلا أبا بكر ، فإن له عندنا يداً يكافئه الله بها يوم القيامة ، وما نفعنى مال أحد قط ما نفعنى مال أبى بكر فبكى أبو بكر وقال أنا ومالى لك)
وعن أبى الدرداء رضى الله عنه قال : ( رأنى رسول الله أتمشى أمام أبو بكر فقال أتمشى أمام من هو خير منك فى الدنيا والآخرة . ما طلعت الشمس ولاغربت بعد النبيين والمرسلين على أفضل من أبى بكر )0
وقد انفرد أبو بكر رضى الله عنه بأن أفتى فى حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقدمه فى الصلاة 0
وروى عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال ( أتت أمراة النبى صلى الله عليه وسلم , فأمراها أن ترجع أليه ، فقالت أرايت أن جئت ولم أرك كأنها تقول الموت قال أن لم تجدينى فاطلبى أبو بكر )0الصحيحين
وفيهما أيضا أنه قال لعائشة : ( ادعى لى أباك وأخاك حتى أكتب لأبى بكر كتاباً ، فإنى أخاف أن يقول قائل ويتمنى متمن ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر )0
ياأيها الرافضى ! لاتسمع مدح أبى بكر من فيه ، أسمع قول على فيه :
روى عن محمد بن الحنفية قال : ( قلت لأبى : أى الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال أبو بكر قلت : ثم من ؟ قال عمر ، قال وخشيت أن أقول ، ثم من ، فيقول . ثم عثمان فقلت : ثم أنت فقال ما أنا إلا رجل من المسلمين ) 0الصحيحين
وروى أنه لما قبض أبو بكر الصديق رضى الله عنه ، وسجى عليه أرتجت المدينة بالبكاء كيوم قبض الرسول صلى الله عليه وسلم ، فجاء على بن أبى طالب رضى الله عنه مستعجلاً مسترجعاً ، حتى وقف على البيت الذى فيه أبو بكر ، فقال رحمك الله يا أ بابكر ، فلقد كنت إلف رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأنيسه ، ومستراحه وثقته ، وموضع سره ، وكنت أول القوم إسلاماً ، وأخلصهم إيماناً ، وأشدهم يقيناً ، وأخوفهم لله ، وأعظمهم عناء فى دين الله عز وجل ، وأحوطهم على رسول الله ، وأحسنهم صحبة ، وأكثرهم مناقب ، وأفضلهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأشبههم برسول الله هدياً وسمتاً ، وأكرمهم عليه فجزاك الله عن رسول الله وعن الإسلام أفضل الجزاء0
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين