[الـصـمـصـام]

بسم الله الرحمن الرحيم

رحم الله الشيخ العزاز
خالد بن سليمان الوهيبي


في عصر يوم الأربعاء الموافق 9-10-1429هـ انتقل إلى رحمة الله تعالى الشيخ سليمان بن عبدالله العزاز عن عمر يناهز الثمانين عاماً، وهذا الرجل رحمه الله من الجيل الأول الذي كافح وكد في سبيل الحصول على لقمة العيش عندما كان الفقر يخيم على أرجاء الجزيرة العربية في بداية توحيد هذه البلاد المباركة (كان من ضمن الذين قاموا بتشييد قصر أبو جفان الأثري شمال شرق الخرج، وكذلك من أوائل من عمل بمشروع الخرج الزراعي)، ورغم بعض الظروف الصعبة التي واجهها في بداية حياته إلا أنه صبر وتحمل وواجه هذه الظروف بكل عزيمة وإصرار، وهو رجل ممن يقل مثيله في هذا الزمن، فهو يحب أن يخدم الجميع في الحل والترحال، وكان لا يحب أن يكلف أحداً حتى في أقل الأعمال ولا يطلب أي خدمة من أي شخص أكبر منه وأصغر فكان يطبق بحق نفسه مقولة اخدم نفسك بنفسك ويزيد عليها (والآخرين) وهو صاحب حلم لا تجده غاضباً على كائن من كان، ولم يسبق له وبشهادة أقاربه وجيرانه أن أخطأ بحق أي شخص كان رجلاً أو امرأة، كبيراً أو صغيراً، وكان متسامحاً إلى أبعد الحدود فلا تجده مطالباً لأحد رغم أن الحق له غالباً، حتى في الأمور المالية كان إذا أقرض شخصاً مبلغاً مالياً (قرض حسن لا يجر فائدة)، تجده لا يطالب هذا الشخص بماله حتى لو مكث عنده سنين عديدة ولم يسدد منه شيئاً فهو يظل ساكتاً لا يطالبه خشية إحراجه أو التضييق عليه ولا يخبر أحداً بذلك، إذا تأخر هذا الشخص عن السداد، فإن قام هو بسداد ما عليه وإلا تركه إلى حين ميسرة ولو تلف هذا السلف (القرض).. وكان رحمه الله لا يقوم بأي عمل يظن أنه قد يتسبب بإزعاج لأحد حتى ولو كان في ذلك له مصلحة، فهو يقدم راحة الآخرين على راحته، وكان رجلاً وقوراً هادي الطباع لا يسمع له صوت فهو إذا تكلم يهمس همساً وإذا ضحك يبتسم ولا يرفع صوته، وكان رحيماً بالأطفال يتودد إليهم ويلاطفهم، وقد ابتلاه الله في آخر حياته رحمه الله بمرض عضال عانى منه كثيراً، قال عليه الصلاة والسلام (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم) حسنه الألباني في صحيح الترمذي 2-286، ورغم شراسة هذا المرض وشدة آلامه المبرحة إلا أنه كان صابراً محتسباً.. قال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}، وكان يكثر من كلمة (الحمد لله) كلما أحس بشدة الألم أو سئل عن صحته، وقد ورد بالحديث القدسي قوله تعالى: (إني إذا ابتليت عبداً من عبادي مؤمناً فحمدني على ما ابتليته، فإنه يقوم من مضجعه ذلك كيوم ولدته أمه من الخطايا) وقد زرته في أيامه الأخيرة وقد اشتد به المرض ووصل لنهايته ودنت منيته وكان يتعبه الكلام كثيراً وبالرغم من ذلك كان يحاول الرد على من يتكلم معه ولو بالإشارة، وإن نطق فلا تسمع إلا كلمة اللهم لك الحمد، وهذا من حسن الصبر على المصائب حيث إنه لم يظهر تأثير المصيبة عليه قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}، وأنا أعتبر هذا الرجل قدوة في قوة الإيمان بالله والصبر على أقدار الله، وعدم التسخط كما يحدث من بعض الذين قد تحدث لهم بعض المصائب وإن كانت أقل من هذه المصيبة، فهذا الرجل أصيب بنفسه ومع ذلك صبر واحتسب وآمن بالقضاء والقدر، فهل نعتبر ونأخذ الدروس من هؤلاء الرجال الأفذاذ ونجعل من أخلاقهم وقوة إيمانهم وصبرهم نبراساً يضيء لنا دروب حياتنا.. وأخيراً لا يسعنا إلا أن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم ونقول إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا أبا عبدالله لمحزونون، كما نسأل الله أن يجعل ما أصابه كفارة له وتمحيصاً لذنوبه وتطهيراً لبدنه وسبباً لدخوله الجنة، اللهم اغفر له وتجاوز عنه وبدل سيئاته حسنات اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وادخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.



- * إدارة التربية والتعليم للبنين بمحافظة الخرج

المصدر : صحيفة الجزيرة

قلت : أسأل الله أن يجمعنا بهذا العم و الأب و في جنان الخد على سرر متاقبلين ..


أخوكم / عبدالله .

[خوي السرور]

رحم الله أبا عبدلله وجمعكم تحت عرشه على سرر متقابلين ..

حب الجميع له كان ظاهراً فمن كان قريباً منه فدائماَ ماينقل عنه القصص والـ(سواليف ) ..

من كانت هذه سيرتهـ فحق على رب العباد أن يكرمهـ ويرحمه فهو أكرم كريم وأرحم رحيم ..

[جمراوي]

اللهــــم .. عامله بما أنت أهله ، و لا تعامله بما هو أهله ...

اللهــــم .. اجزه عن الاحسان احساناً ، و عن الإساءة عفواً و غفراناً ...

اللهــــم .. إن كان محسناً فزد في حسناته ، و إن كان مسيئاً فتجاوز عنه يارب العالمين ...

اللهــــم .. آنسه في وحدته ، و آنسه في وحشته ، و آنسه في غربته ...

اللهــــم .. أنزله منزلاً مباركاً و أنت خير المنزلين ...

اللهــــم .. أنزله منازل الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقاً ...

اللهــــم .. اجعل قبره روضة من رياض الجنة ، و لا تجعله حفرة من حفر النار ...

اللهــــم .. افسح له في قبره مد بصره ، و افرش قبره من فراش الجنة ...

اللهــــم .. أعذه من عذاب القبر ، و جاف الأرض على جنبيه ...

اللهــــم .. املأ قبره بالرضا و النور ، و الفسحة و السرور ...

اللهــــم .. قِهِ السيئات ( و من تق السيئات يومئذٍ فقد رحمه) ...

اللهــــم .. اغفر له في المهديين ، و اخلفه في عقبة في الغابرين ،

و اغفر لنا و له يا رب العالمين ، و افسح له في قبره و نوّر له فيه ...

اللهــــم .. إن عبدك في ذمتك و حبل جوارك فقِهِ فتنة القبر ،

و عذاب النار ، و أنت اهل الوفاء والحق ، فاغفر له و ارحمه ،

إنك أنت الغفور الرحيم