|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
|
27-01-2004, 03:00 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 47
|
يوسف اباالخيل يكتب عن شرعية الدخول في المعاهدات الدوليه/جريدة الرياض
منتدى الكتّاب> مقالات عامة > يوسف أبا الخيل
الدخول في الأحلاف والمواثيق الدولية والوفاء بها جزء من تحكيم الشريعة (2) التاريخ: الثلاثاء 2004/01/27 م نظَّم الإسلام آلية الانضمام للعهود والمواثيق والأعراف الدولية بأن جعلها محكومة بضابط متعالي غائي خالد هو مصلحة الجماعة فقط، ومصطلح مصلحة الجماعة هذا كان هو المتعارف عليه بالفقه السياسي الإسلامي إبان ما قبل التشريعات السياسية الحديثة التي رافقت الشكل السياسي الأخير من منظومة الأشكال السياسية التي تشكلت عبر تاريخ الفكر السياسي الغربي من (المدينة الدولة) إلى (الامبراطوريات) ثم أخيراً إلى الشكل السياسي الحديث الممثل بالدولة القطرية القومية ولما كان المصطلح لا مشاحة عليه باعتباره وسيلة لغاية نهائية هي مصلحة الشأن العام فإن من أصول عدم المشاحة واتكاءً على الغاية المبتغاة ومراعاة ظروف الزمان والمكان المتغيرة دوماً ان تتحول مصلحة الجماعة المستصحبة دوماً حال إبرام العهود الدولية إلى مصطلح آخر يوصل للغاية نفسها ولا سبيل لوسيلة أخرى تنوب عنه أعني به مصلحة الوطن، إذ حل الوطن بشروطه القومية الحديثة محل الجماعة سابقاً. هذا يعني أن الغاية التي ابتغاها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أبرم معاهدته مع قريش في الحديبية آنذاك هي نفسها المرومة حيال حال مماثلة حديثة مع استصحاب التغير الزمني الطبيعي الذي يقضي بتغيير الوسائل التي تبقى رهينة للظروف الزمكانية والمعيشية والبيئية وتبدل الأحوال ومن ثم فهي متحولة بداهة، ويعني ذلك بالطبع أن مسمى (الجماعة) بمعناه السوسيولوجي الذي كان سائداً قبل التشريعات الحديثة لم يعد له وجود الآن وحل محله مسمى آخر هو (الوطن) بحدوده الجغرافية ومواطنيه حاملي جنسيته الخاصة ومن ثم أصبحت مصلحة الوطن هي التي تضفي الشرعية من عدمها على أية اتفاقية أو عهد أو ميثاق تبرمه الدولة بالنيابة عن هذا الوطن. تأصيل غائية المصلحة الوطنية في المواثيق الدولية يجد له جذوراً راسخة من كتاب الله العزيز وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم، إذ يقول الله تعالى في الآية الرابعة من سورة التوبة {إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً ولم يظاهروا عليكم أحداً فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين}. هنا تحددت المصلحة من وراء عقد المعاهدة مع غير المسلمين بأنها تتمثل بالتعهد المقابل بعدم إنقاص المسلمين شيئاً مما لهم وعدم مساعدة ومناصرة من يريد الاعتداء عليهم، ويقول تعالى في الآية السابعة من نفس السورة (إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين) هنا تحددت المصلحة الظرفية بالاستمرار برباط المعاهدة طالما الطرف الآخر الموقع عليها ملتزم بها غير ناقض لها، وفي النهاية فالله يحب المتقين الموفين بعهودهم مع غيرهم من غير المسلمين، ويقول تعالى في الآية الثانية والسبعين من سورة الأنفال {والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير) وهذه الآية تقرر مبدءاً عظيماً من مبادئ العلاقات الدولية وهو تجريم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى وهو اليوم أحد أبرز مواد القانون الدولي العام إذ طالما أن هذه الجماعة المسلمة التي تستنصركم تتواجد في جماعة أو دولة بينكم وبينهم ميثاق فلا تتدخلوا لتنصروا هذه الفئة بل أوفوا بعهدكم معهم الذي يقضي بعدم التدخل في شئونهم، وفي الوقت الحاضر فإن مجرد وجود دولة ما داخل كيانها القومي بحدودها الجغرافية المحددة وعضو في منظمة الأمم المتحدة التي يشكل الانضمام إليها حلفاً عالمياً يلزم موقعيه بالالتزام ببنوده كاف لاعتبارها داخلة في معاهدة مع غيرها من أعضاء المنظمة وأهم الشروط التي قامت عليها هذه المنظمة ان تلتزم كل دولة بعدم التدخل بالشئون الداخلية للدول الأخرى المنطوية تحت لواءها. ويقول تعالى أيضاً في الآية الأولى من سورة المائدة {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} وأهم العقود التي يجب الوفاء بها هي العقود الدولية لأنه بها وعليها تعتمد حياة أو ذوبان الكيان السياسي، ويقول تعالى عن المشركين في الآية الثانية عشرة من سورة التوبة {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر) وهي دليل على علو شأن العهود والمواثيق في الإسلام إذ لم تبح الآية قتالهم رغم إشراكهم بالله إلا لأنهم خانوا عهودهم المبرمة مع المسلمين يؤكد ذلك صرامة الآية في التعامل معهم بالتثريب عليهم بأنه (لا عهد لهم) بعد خيانتهم بنقضها. والآية التي بعدها تعضد الفكرة وتؤيدها وهي قوله تعالى {ألا تقاتلون قوماً نكثوا ايمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة)، وهنا ملمح مميز ووثيقة جلية إذ طالما جاء الحض بقتال ناكثي العهود وأن هذا شأنهم وعاقبتهم فمن باب أولى أن يمتثل المسلمون ما سمح لهم من أجل نقضه بقتال مجترحي سيئاته. إن القرآن وهو الدستور الإسلامي الخالد ليعطي جل الأمر ورأس سنامه للوفاء بالمواثيق والعهود الدولية بعد إبرامها ولا مجال بعد ذلك لقائل بعد هذا البرهان الإلهي الحاشد أن يدعي ظلماً وعدواناً أن حشر فتية من ذوي الأدمغة المفخخة في خواصر دول مستقلة ليثيروا الفتن والحروب فيها بأنه من الإسلام في شيء. (يتبع) |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|