|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
|
21-08-2004, 03:02 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 47
|
الخلافات العقائدية والفقهية/حديث عن التفعيل (يوسف أباالخيل/جريدة الرياض)
منتدى الكتّاب> مقالات عامة > يوسف أبا الخيل
الخلافات الفقهية والعقائدية: حديث عن التفعيل التاريخ: السبت 2004/08/21 م إذاً فالخلاف النابذ والمفرق حول الغيبيات أو فروع العقائد بالتسمية الأدق لم يكن بسببها لذاتها أو على الأقل لم تكن المسيرة قد ابتدأت حولها كذلك بقدر ما كان الأمر وقتها كامناً في بواعثها التي كانت في الغالب بواعث براجماتية نفعية اتكأت على قواعد ورواسي دينية ورامت منافع سياسية كما رأينا كيف تم تسييس مبدأ الجبر وعلى أثره الإرجاء لخدمة ايديولوجية شعبوية للوصول من خلالها إلى الدفع باتجاه رسملة النظام السياسي المبتغى تأصيله في مناحي الحياة العامة. من طبيعة هذا النوع عن الأيديولوجيات التي تروم وتَتَقَصَّدُ هوى دوغمائياً أنه لا يقبل بالتزامن مع غيره من أيديولوجيات منافسة أو مخالفة إذ وقتها ستتخاطف الأيدي لجام قيادة المركب السياسي وسط محيط سياسي وفكري لم يألف بعد تداولاً سلمياً للسلطة أو تعددية سياسية تتوسد جدلية الواجهة والخلفية، إذ لابد لمن يَنءزُ حينها على ظهر المركب أن يكون له الصدر دون العالمين أو القبر!! أما الاختلافات بشأن الشريعة بجانبيها العبادي والعملي فقد التحفت الأرضية الاجتماعية وتوسدت مقاصد الدين وتدثرت بالحاجات الإنسانية التي لا ينفض سامر الزمان والمكان عنها ومن ثمَّ فقد قُدِّر لها أن تعيش وأن تتفاعل وسط محيطها - نظرياً على الأقل - وأن تُضَمَّن بطون الكتب بايجابية منفتحة وأن تتسامح مع المخالف بمسحة إنسانية طيبة - على الأقل نسبة للموقف من المخالف في الناحية العقائدية - بل تجد الفقيه الواحد قد تسامى في موقفه الفقهي وقَطَّب حاجبيه حال انتقاله للمأزمة العقدية ويكفي استشهاداً لذلك قراءة سريعة في تراث فقيه كبير كفقيه الأندلس الكبير أبي محمد بن حزم الظاهري في كتابه (الفصل في الملل والأهواء والنحل) وهو كتاب عقدي مقابل كتابه (المحلّى في شرح المجلّى بالحجج والآثار) وهو كتاب فقهي لرؤية الفرق في التثريب على المخالف وهذا ليس نقداً لطريقة أبي محمد بن حزم بقدر ما هو الإبانة عنها كظاهرة في التناول الفكري العربي. طالما بدا أمر الاختلاف حول الشريعة هكذا من الانفتاحية وقلة التثريب نسبياً وتحقيقاً لإرادة الله سبحانه فإن الأمر يبدو ملحاً أن نتقافز الخطى لتأطير مسلكية تلك الاختلافات الفقهية لتكون واقعاً معاشاً في الحاضر العملي بعد أن عاشت وثبتت أقدامها في الواقع النظري. لماذا في جانب العبادات والسلوك مثلاً لا ندع كل طائفة وفرد ينفرون باتجاه ما يرونه حقاً ولابد لهم في تناولهم هذا في الغالب من سلف عايشوا ما يودون أن يعايشوه. لماذا لا تكون الاختلافات الفقهية التي عايشها فقهاء وعلماء المذاهب المختلفة من قبلنا واقعاً معاشاً بيننا بحيث تكون كل منها مؤشراً لتعدد وجهات النظر وآليات استنباط المعنى من النص التي بطبيعتها تلتقي في النهاية على نص محكم. الأمور الأسرية وما يحكم علاقات الناس ببعضهم يحتاج بطبيعته إلى تقنين لدرء الاختلافات والآثار السلبية حولها، أما ما يخص علاقة الفرد بربه وما يخص سلوكه الذي لا يناقض عُرفاً ولا يؤذي شعوراً ولا يمس نظاماً فمن الأسلم والحق أن تكون إشاعة الحرية حولها بوابة ندلف منها نحو خلق معايشة للاختلاف الإيجابي وسط مجتمع متعدد يؤتي لكل فرد فيه كفل من اعتباره الإنساني والوجودي. وقبل ذلك وبعده تدشين وتسوية أرضية جديدة نحو خلق علاقة إيمانية منطلقة من تسامي الروح باتكائها على أرضية كافية من القناعة والاقتناع كونها تؤدى بدافع فردي حر لتكون بذلك بمثابة الخطوات الأولى لتوطيد التسامح في مجتمعنا الناتج من تعدد الآراء والاتجاهات المتمحورة حول بشريتها بمقابل اقتفائها أثراً واحداً ولكنه مقدساً متعالياً يتسع لجميع الآراء والتوجهات فهو في النهاية حمال أوجه عديدة لا متناهية. إن في معايشة هذا الاختلاف نظرياً بتوسيده أمهات الكتب فقط لا يشكل شهادة كاملة على أننا قوم نؤمن بالاختلاف ونتعاطاه بل لابد من أن نحاكيه واقعاً يظلل حياتنا العملية وسيكون المشهد وقتها مفاجئاً للكثيرين الذين ظلوا ولا يزالون يوالون ويعادون على خلفية مسائل ومعاملات سيجدون حينها أن في أمرها سعة كبيرة وأن ما جانبوه بدافع التحريم أو ما سامروه بدافع الوجوب لا تعدو كونها رؤى بجانب مثيلات لها تشاركها الحمل الدلالي من المعين النصي وتختلف عنها ربما جذرياً من ناحية النتاج الحكمي ومن ثمَّ سيتجه الأمر بالدفع نحو توسيع دائرة التسامح عندما تصغر في أعين هؤلاء جريرة إخوانهم الذين سيجدونهم عندئذ قد ضربوا بسهم وافر من صراط النص المستقيم وإن بآلية أخرى وطريق آخر. هذه المعايشة العملية للاختلاف الفقهي كانت مستباحة وممارسة وقت سلف الأمة خلال قرونها المفضلة يوضح ذلك الأثر المروي عن الخليفة الأموي المعروف عمر بن عبدالعزيز بما مضمون قوله (ما شيء أحب إليَّ أكثر من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا إذ لو لم يختلفوا لشق أمر الدين على الناس) ومن المؤكد أن قوله هذا ينصرف إلى اختلاف الصحابة رضوان الله عليهم بشأن الشريعة بجانبيها التعبدي والعملي إذ أن من المتواتر عنهم أنهم لم يختلفوا بل لم يتجادلوا أو يتناقشوا أصلاً بشأن الغيبيات والعقائد عموماً. هكذا إذن عندما نوطن لتعايش الاختلاف الفقهي بيننا وجعله واقعاً في المنظور الآني والمستقبلي فلنا في خيار سلف الأمة ممن عايشوا هذا الاختلاف يضاف إليهم ما استظهره هؤلاء السلف خصوصاً في القرن الرابع الهجري - قرن التماوجات الفكرية العربية - قدوة ومثلاً ولسنا من ثمَّ بدعاً من القول رغم أنه لا ضير ولا تثريب علينا أن نكون بدعاً في هذا المجال فشرطه النظري والمستندي موجود وشرطه العملي ملح ويزداد إلحاحاً مع تداعي حدود العولمة بشروطها الفارضة أجندتها على جميع سكان القرية الكونية العالمية التي من أجل معطيات التبشير بحقوق إنسانها في استلهام حريته الشخصية التي تتبدى خطوطها الحمراء حيث الاعتداء على ذات الحرية للآخرين، ومن ثمَّ أفلا يجدر بنا أن نستبق الأجندة العولمية بما يكتنفه ديننا الإسلامي الحنيف من أجندات صالحة لكل زمان ومكان. إن فرض الحلول الفردية لقيم روحية تتسامى لتمتين العلاقة بين العبد وخالقه العظيم لا تؤدي وفق المعطيات الانثروبولوجية إلى تمتين هذه القيم وشحذها بَمَيءسَم القناعة لأنها لا تنطلق من شراشر القلب بقدر تأديتها وفق قناعة الجموع، وهذه الآلية الجمعية تسم هذه القيم بأثرين أحدهما تآكل التأثير الروحي الإيجابي المكافئ لضآلة التأثير الفردي فيها وثانيهما ضمور فضيلة التسامح عندما يتقادم الزمن بالقناعة الجمعية فيظن الآخذ بها أن مخالفها قد أتى باباً عظيماً من أبواب الابتداع السلبي ومن ثمَّ النظر إليه باعتباره حائداً عن جادة الحق وما هو بذلك قدر ما هو تأسى طريقاً فرعياً غير مألوف لطريق أصلي واحد يظلل الجميع بغمامته ويؤسس كل منها لذات الهدف الجمعي ولكن وفق قناعة فردية تزدان بوهج روحاني وتسامحي يتعاظم كلما زاد أثر هذه القناعة في النفس وهذا الأثر لا يزداد ولا يتعاظم بطبيعته ما دام الجمع يفسر على رؤية واحدة. |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|