|
|
|
|
02-03-2008, 02:09 AM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2007
البلد: جزيرة العرب
المشاركات: 278
|
في وداع شيخنا بكر ابو زيد قدس الله روحه في جنات النعيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الذي جعل لكل شئ أجلا والحمد لله الذي كتب الفناء على كل شئ (كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام) والحمد لله الذي قضى و قدر لا إله إلا هو كل شئ عنده بمقدار .. وأصلي و أسلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .. أما بعد :- فلقد ودعنا يوم الثلاثاء 27/صفر/1429 فضيلة الشيخ العلامة الفقيه الأصولي النظار النسابة المحقق المحدث اللغوي : بكر بن عبدالله بن محمد أبو زيد الغيهب . وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض الذي ألم به من بعد عام 1421 .. والذي استمر به إلى أن توفي ولقد اطلعت على شهادة الوفاة التي ذكر فيها سبب الوفاة وهو : عملية ورم في المخ و هبوط حاد في الدورة الدموية .. وكانت صادرة من مستشفى دلة بالرياض .. لقد جائني خبر الوفاة عصر ذلك اليوم وعلم الله أنني فجعت به وتأثرت به كثيرا و لكن لانعدو قول : إنا لله و إنا إليه راجعون ..اللهم أجرنا في مصيبتنا و أخلفنا خيرا منها .. وانطلقنا للصلاة عليه في مسجده بحي العقيق شمال غرب الرياض و أديت الصلاة عليه بعد العشاء و قد شهد جنازته جموع غفيره تحصى بالآلاف .. وذلك رغم عدم انتشار الخبر إلا برسائل الجوال من نفس ذلك اليوم .. ولقد شهد جنازته مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز ال الشيخ و عدد من الأمراء و الوجهاء و أصحاب الفضيلة و أعيان الناس .. وقد أوصى الشيخ بالإسراع بالجنازة و أن يصلي عليه زوج ابنته الشيخ / أحمد الريس عضو مركز الدعوة و الإرشاد بمدينة الرياض .. ثم إن الشيخ نقلت جنازته ليدفن في محافظة الدرعية فدفن بمقبرتها الواقعة خلف الإمارة .. وشهد جنازته ودفنه فضيلة الشيخ العلامة د.عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين و الشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك و الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي وغيرهم .. من أصحاب الفضيلة و المشائخ .. وطلبة العلم .. ولقد اكتظ الزحام بالمقبرة في مشهد غفير غير معهود في محافظة الدرعية و اكتظت الشوارع و الطرق لوداع ذلك العلم .. لقد خسرت الأمة ذلك اليوم علما من أعلامها الأفذاذ و انطفأ سراج من سرج العلم في هذه البلاد المباركة .. ولقد ثلم في جناب العلم و أهله ثلمة .. إذا مات ذو علم وتقوى فقد ثلمت من الإسلام ثلمة فآه كم فقدوا من العلم وآه كم فقدوا من التحقيق و التدقيق و التحرير الدقيق .. لقد كان منبرا و منارا في التأليف و رصد ما تحتاجه الأمة من قضايا و تنبيهات كان يخرجها لها في مؤلفاته .. في أروع حلة ومؤلف .. "أقول هذا و أنا الفرد الصّغير بين ألوف مؤلّفة من محبّي الشّيخ و أبنائه و تلامذته، الّذين لا أدّعي أنّني أضاهيهم في عاطفتهم اتجاهه و حبّهم له، و كيف لا يبلغ الشّيخ هذه الرّتبة في نفوس النّاس و هذه المنزلة في قلوبهم، و هو القلم الّذي لم يملّ يوما أو يكلّ، مُعلّما و مُرشدا، و داعياً مَن ضلّ إلى الهدى، و صابرا في سبيل ذلك على الأذى، فكم أحيى بكتاب اللّه من موتى، و كم بصّر بنوره أهل العمى،..."(اقتباس من مقال محمد الجزائري-نشر في موقع ميراث السنة) . "تلقى خبر وفاة الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد، فخنقته العبرة وسقطت من عينه دمعة . سأله أحدهم: هل كانت لك بالشيخ صلة ؟ قال: لم أره قط ، غير أنّ كتابته أرتنيه عالماً محققاً، وبحّاثة مدققاً، من طالع بعضها يقف على علم جم مصاغ في أسلوب فخم، لغة رفيعة عالية، وعبارة دقيقة محررة، مع تضمنها تقرير الحكم الشرعي لنوازل معضلة ، وقضايا معاصرة تمس الحاجة لبحثها، ولاسيما مِن قِبَل مثله ممن استوت عندهم آلة البحث والنظر، وأنعم الله عليهم بمنة الفهم وملكة الاستنباط، وسلامة المنهج. فلله أي علامة فقدت المجامع واللجان والمحافل العلمية ! لقد غيب تحت أطباق الثرى ليلة الأربعاء علَمٌ، ودفن معه عِلْم جم، فاخلف اللهم الأمة خيراً فاخلف اللهم، وأعذ الأمة من معضلات ولا مثل بكر لها. لقد كان الشيخ بكر رحمه الله صاحب القرطاس المحرر والقلم السيال، ضرب في التأليف والبحث بسهم لم يتأت لكثير من الكبار الذين شغلوا بنحو ما شغل به من الأعباء"(اقتباس من مقال الأستاذ / إبراهيم الأزرق – نشر في موقع المسلم) "انغرسَ حُبُّ الشيخ في قلبي منذ أول قراءةٍ له.. أحببت ذلك القلمَ الذابّ عن حمى الشرع المطهَّر.. بقية السلف الصالح.. العالم الربَّاني.. فكنتُ أتتبع سيرتَه وكتبَه وأسأل عنه علِّي أظفر بلقاءٍ معه. . اشتريت العشراتِ من مؤلفاته.. وقرأت منها مراتٍ عدة.. أعيد القراءة بتركيز أكثر.. وأخرج بفوائد ولطائفَ أكثر.. أتلذذ بالتنقل بين السطور.. وأتمنى أن لا تنقضي تلكم المتعة.. وكنت أسأل عن الشيخ ولماذا لا نرى له محاضراتٍ ولا لقاءات.. فعلمت أن الشيخ يعاني من مرض شديد ألمَّ به. فكنت أدعوا الله أن يُيَسر لي طلب العلم على يدَي هذا العالم الفاضل.. كنت أكرر الدعاء مراتٍ ومرات.. وأتتبع أيَّ معلومة عن الشيخ.. كنت أتمنى أن أرى وجهه.. أو حتى أن أسمع صوته.. فلم يحصل لي ذلك.. إلا بقليلٍ من التسجيلات الصوتية القديمة"(اقتباس من مقال أسامة سليماني – نشر في موقع المسلم) لقد كانت مؤلفاته تتسم بقوة المضمون و التأصيل و جودة العرض و جزالة العبارة حتى إن من يقرأ له يظن أن المؤلف من العلماء المتقدمين و لاغرابة في هذا إذا علمنا أنه من المولعين بكتبهم و مؤلفاتهم و السير على منهجهم ..-رحمه الله- "إن طالعتها وأمعنت النظر فيها شبهته على ابن حجر العسقلاني - رحمه الله - في كثرة مؤلفاته مع جودة وإتقان، وربما لم ترتاب بمشابهته للنووي - رحمه الله - حيث بارك المولى - تقدس في عليائه - في عمره فهو في المنتصف بين الستين والسبعين ومع ذلك فقد فاقت مؤلفاته وبحوثه سني حياته، بل قل : إن أسلوبه وسبك نظامه شابه سلفنا الصالح - عليهم رضوان الله - فهو بقية منهم، كتابة محكمة وأسلوب رزين "(اقتباس من مقال للأستاذ عبدالله بن عبدالعزيز الحميدة – نشر في جريدة الجزيرة) و مؤلفاته تجد فيها مشابهة بكتب الإمام ابن القيم خصوصا –رحمه الله- من حيث الأسلوب وطريقة العرض و سبك العبارة .. بل أني وجدت في عدة مواضع أن الشيخ بكر يحاكي ابن القيم في عبارته و في ترتيبه المنطقي للموضوع في عدة مواضع .. ولا أدري هل هذا بقصد أو لا ..؟ فإن الشيخ بكر مولع بشيخه ابن القيم ولاغرو في هذا إذا عرفنا أن الشيخ بكر-رحمه الله- قد كتب في سيرة بن القيم و موارده في كتبه و نبذة عن حياته ومؤلفاته وطبعاتها .. كما وضع تقريبا دقيقا فريدا من نوعه في في علوم ابن القيم .. بل إنه خصص رسالتيه الماجستير و الدكتوراه بسائل تتعلق بذلك الإمام ..؟!؟ فعنوان رسالة الماجستير "الحدود و التعزيرات عند الإمام ابن القيم" . و الدكتوراة بعنوان "أحكام الجناية على النفس و ما دونها عند الإمام ابن القيم" . "وقد كان لهذا الأخير حفاوة خاصة (أي : الإمام ابن القيم ), وقديماً قيل : "رب أخٍ لك لم تلده أمك", ولا أظن بكراً كان أخاً لابن القيم فحسب , بل كان ابناً باراً له, حيث قرّب للناس كتبه عبر كتابه"التقريب لعلوم ابن القيم", وكشف لهم عن شخصيته, وحياته, وآثاره, وموارده, وذلك عبر كتابه الحافل"ابن قيم الجوزية: حياته, آثاره, موارده", وقد ظهرت آثار شخصية ابن القيم في شخص الشيخ رحمهما الله تعالى, ولا أبالغ إذا قلت: إنهما قرينان, في ظهور الحجة, وقوة البيان"(اقتباس من مقال الشيخ د.يوسف القاسم – نشر في موقع الإسلام اليوم) . كما أن مؤلفاته تتصف بكونها قوية العبارة و رفيعة الأسلوب و رائعة البيان و الدلالة على نحو يندر أن تجد من يشابهه فيه من أقرانه ومعاصريه .. ولقد ذكر في كتابه الحافل " التعالم ص83 –ضمن المجموعة العلمية " : أنه تأثر في ذلك بكتابات الشيخ أحمد بن محمد شاكر و الشيخ محمد الخضر حسين و الشيخ مجمد البشير الإبراهيمي –رحمهم الله- .. وذلك لما يتميز به أسلوبهم البياني الفريد و ايضا تأثر في ذلك بشيخه العلامة محمد الأمين الشنقيطي حينما لازمه نحو عشر سنين .. . "كان رحمه الله تعالى يمتاز بإبداع بياني فريد من نوعه، وكأنك تقرأ للعلامة الجزائري البشير الإبراهيمي رحمه الله، فإذا غاص في العبارات وكأنك أمام قاموس مفتوح، وإذا استرسل في الأسانيد وكأنك أمام حفاظ السنة وخدمة الحديث، وإذا سرد المسائل بالشواهد والأدلة قلت : كأنك أمام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى"(اقتباس من مقال للشيخ : عبدالفتاح حمداش – نشر في موقع ميراث السنة) و يدل ذلك وعلى واهتمامه بكتب هؤلاء ما ذكره الشيخ أحمد العساف في مقال له عن الشيخ : " أذكر أنني وقفت في معرض الكتاب بجامعة الملك سعود عام 1418 على مكتبة تبيع كتباً قديمة ونسخاً أصلية وغالبها من تواليف العلامة التونسي محمد الخضر حسين -رحمه الله- فقلت للبائع وكان من مصر: اتصل بالشيخ بكر على هذا الرقم وأخبره بما عندك ! وبعد أيام زرت المعرض ثانية فوجدت البائع المصري خارجاً من جناح دار العاصمة -التي تطبع أكثر كتب الشيخ بكر- ومعه جميع كتب الشيخ وحين رآني قال لي : كلك بركة ! لقد اشترى الشيخ من الكتب التي عندي ووهبني نسخة من جميع مؤلفاته عن طريق دار العاصمة " (من مقال له عن الشيخ- نشر في موقع المسلم) ولقد أثنى عليه فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين في شرحه لكتاب الشيخ بكر –رحمهم الله- : "حلية طالب العلم" قال في الشريط الأول ما معناه : أن المؤلف مشهور معروف من أهل العلم و العلماء و أنه يعمل في لجنة الفتوى مع الشيخ ابن باز بالرياض .. وأنه يمتاز بالحزم و الضبط و النزاهه عرف عنه ذلك من خلال توليه لعدد من المناصب .. وأنه متضلع في اللغة العربية .. وهذا واضح من خلال مؤلفاته .. والظاهر أنه لا يتكلف هذا لأن عبارته منسبكه ولايظهر فيها تكلف .. وقال ايضا – واصفا كتاب حلية طالب العلم- ما معناه : أن هذا الكتاب شبيه بكتاب مقامات الحريري في الترتيب و الجودة و إذا قرأته فكأنما تقرأ مقامات الحريري .." . و قال -في الثلث الأخير من شرح الكتاب- حينما أوصى الشيخ بعض الطلبة بمراجعة بعض الألفاظ في الكتاب لدقة بعضها و لغور معانيها و خفائها : " أن كتب الشيخ بكر إذا أردت قرائئتها لابد أن يكون معك كتاب القاموس ! .." . كما أن مؤلفاته –رحمه الله- تعيد في نفس المؤمن العزة الإسلامية .. و البراءة من المشركين و الكافرين و ما يردنا منهم .. فكانت ذا طابع إسلامي عزيز تخلو من الإنهزامية و الركون للشرك و أهله حتى في دقائق الأمور .. فتجده كثيرا ما ينبه في حواشي كتبه ومؤلفاته على كلمات وافدة و أو مولدة و معربة وكان ينفر منها و يستبدلها بما في قاموسنا العربي مما يغني عنها و لقد كان في هذا المجال فريدا في مؤلفاته لم أجد له نظيرا فمثلا : - كان يكتب بعد التاريخ الهجري في مؤلفاته الرمز بحرف الهاء للدلالة على التاريخ الهجري ليفرق بينه وبين الميلادي .. ثم عاد وترك ذلك في آخر حياته .. لأننا متبعون للتاريخ الهجري ولا مدخل للتأريخ الميلادي في تأريخنا فلا معنى لوضع رمز للتفريق بين التأريخين ... - و ايضا كان يكتب في مؤلفاته كلمة "بقلم" تواضعا فكأنها أنزل من كلمة "تأليف" و اقتداء ببعض من يشار إليه في عصره .. كما ذكر ذلك .. ثم رجع عنها في آخر مؤلفاته لأنها مولدة وافدة و يستخدمها كتاب الغرب .. ويستخدمونها للرمز إلى أن الإسم مستعار .. فتركها الشيخ لأجل ذلك .."ينظر كتاب حراسة الفضيلة ص 12" . فلله درة كان يعيش بنفس عزيزة يبثها للقراء في ثنايا كتبه .. - و ايضا في كتابه "المدخل المفصل" في مبحث "الكتب المنتقدة" استنقد على بعض المشائخ المعاصرين حينما هذب أحد كتب الحنابلة و سلخ أحكام الرق من الكتاب بحجة عدم الحاجة لها في هذا العصر .. فانتقده الشيخ لأجل ذلك وقال هذا فيه من الإنهزامية و ترك الفأل بالنصر .. فالرق سببه الكفر و يكون بالجهاد الذي هو ماض إلى قيام الساعة فلا يحذف أو يترك وننساق نحو مشاعر اليأس من النصر .. - وايضا في كتابه "السبحة ص109" نزه المسلم عن حملها للتسلي بها و ذلك لما فيه من مشابهة للكفار و تكثير لسواد المبتدعة .. وذلك حينما استقرا انها في الأصل وافدة من استخدام أهل الكفر و الشرك .. - و كان لا يرى كتابة حرف " الدال" قبل الاسم تعبيراً عن درجة العالمية العالية على أن يُكتفى بوصف مهنة حامل الشهادة بلسان عربي مبين (كما بين ذلك في كتابه "تغريب الألقاب العلمية") هذا الذي يحضرني من مؤلفاته للتمثيل مما جاء عفو الخاطر .. ولو فتشتها لوجدت أضعاف أضعاف ذلك .. كما أن مؤلفاته تمتاز بكثرة المراجع و وفرتها مما لا يخطر على البال و العزو فيها فيه من الدقة و الشمول ما لا يوصف .. و يندر أن تجد له نظيرا من المعاصرين .. و سبب ذلك أن الشيخ كان صاحب قراءة منذ صغره وكان –فيما ذكر لي- يفهرس جميع ما يقرأ و يدون فوائده بأرقام الصفحات و يخرجها يرتبها على حسب الموضوعات .. فإذا أراد الكتابة عن مسألة ما .. فتش في فهارسه و وجد مواضع ما يريد الكتابة عنه في الفهارس التي أعدها .. و لقد ذكر في مقدمة كتابة "معجم المناهي اللفظية" أنه لم يكن يخطر له أن يخرج هذا المؤلف على شكل المعجم .. لكنه لما رأى ما اجتمع لديه من كم كثير من الألفاظ المنهي عنها و ذلك بمراجعها كل كلمة معها عزوها .. فكر في إخراج الكتاب .. وهذه الطريقة نافعة لطلبة العلم و مفيدة جدا لمن انتهجها في قرائته .. و مما تمتاز به كتب الشيخ اهتمامه بكتب المتقدمين و عنايته لها .. و من خلال نظرة استقرائية لكتبه –رحمه الله- فإن أكثر المعاصرين الذين كان الشيخ بكر يعزو لهم في ثنايا كتبه هو : الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله- فكان الشيخ كثيرا ما يعزو لكتبه و يجله .. ولقد كان بين الشيخين مراسلات و علاقة أخوية طيبة .. –رحمهما الله- .. ولو ذهبت في تعدادها خصائص مؤلفاته لطال المقال .. لكن هذا ما جاء مني عفو الخاطر .. " لقد رحل رحمه الله, فترك فراغاً كبيراً في العالم الإسلامي عموماً, وفي المكتبة الإسلامية خصوصا, حيث كانت مصنفاته عملاً رائعاً, وأنموذجاً فريداً, حازت على إعجاب كبار العلماء قبل صغارهم, فتطلعوا إليها, وتسابقوا إلى اقتنائها ... كانت مؤلفاته نهراً متدفقاً, يغترف منه أهل العلم, وينهل منه أهل الحق والإيمان, أما أهل الباطل, فقد ضاقوا بكتبه ذرعاً, وشرقوا بها زمناً- ولا زالوا- على اختلاف مشاربهم. فكتابه "هجر المبتدع", و"تحريف النصوص من مأخذ أهل الأهواء في الاستدلال" شرق بها دعاة الأهواء, والبدع. وكتابه "تصنيف الناس بين الظن واليقين", و"براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة" شرق بها دعاة التصنيف, والتبديع. وكتابه"الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان"و"المدارس العالمية الأجنبية الاستعمارية: تاريخها ومخاطرها"و"حراسة الفضيلة" شرق بها دعاة التقريب, والتغريب...الخ. وكما اهتم رحمه الله بتنقية أهل الإسلام من كل داء ينخر في معتقدهم, وعبادتهم, وقيمهم, وثوابتهم, فقد حرص أشد الحرص على تحلية أهل الإسلام بالأخلاق الفاضلة, والآداب الكريمة, بدأ بكتابه:"حلية طالب العلم", ومروراً بكتابه"فتوى جامعة في آداب العزاء الشرعية", ووصولاً إلى كتابه:"أدب الهاتف", وكأن شأن أخلاق العامة والخاصة جزء لا يتجزأ من أحاسيسه, وهمومه, وهكذا كان قَدَرُه رحمه الله! وكما اهتم بقضايا العقيدة والسلوك, فقد اعتنى أيضاً بقضايا الفكر, ولهذا أصدر كتابه القيم"حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية" والذي عالج فيه قضايا الأحزاب والجماعات الإسلامية معالجة راقية, وعلى ضوء الكتاب والسنة, وفهم سلف الأمة. وفي مجال الفقه والتفقه لم ينأ عن واقع زمانه, أو ينسج خارج حدوده, بل كان يتلمس واقعهم, فيتناول بعلمه وقلمه كثيراً من الموضوعات النازلة التي تمس واقع المسلمين, وتتحسس حياتهم اليومية, ولهذا أصدر كتباً ورسائل عدة حول هذه النوازل الفقهية, ومنها"بطاقة الائتمان: حقيقتها البنكية التجارية وأحكامها الشرعية", و"المرابحة للآمر بالشراء", و"طرق الإنجاب في الطب الحديث وحكمها الشرعي", و"أجهزة الانعاش وحقيقة الوفاة بين الفقهاء والأطباء", و"حكم إثبات أول الشهر القمري وتوحيد الرؤية", و"خطاب الضمان", كما اهتم بفقه الحنابلة, ومصطلحاتهم, فألف كتابه الماتع:"المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل" كما كان حفياً بالعلماء عموماً, وبالحنابلة خصوصاً, فألف دليلاً معلمياً لعلمائهم, رتبه حسب التسلسل الزمني من عصر الإمام أحمد إلى عصرنا الحاضر, وقد سماه:"علماء الحنابلة", كما أعطى علم الحديث ورجاله قسطاً وافراً من العناية والاهتمام, فألف-على سبيل المثال لا الحصر-كتابه الفذ:"التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل", ولم تقف همته عند هذا الحد, بل ألف أيضاً في علم النسب, فألف كتابه الموسوم بـ"طبقات النسابين", هذه إلماحة سريعة لنزر يسير من مؤلفات هذا العالم الهمام, ناهيك عن كتبه الأخرى التي لم تر النور, ونأمل أن تراه قريباً, باذن الله تعالى .. ومما يتميز به الشيخ بكر أبو زيد عنايته بكتب السلف الصالح, واهتمامه بالعلماء المحققين, من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية, والحافظ ابن كثير, والذهبي, وابن القيم..., رحم الله الجميع .. ومع سعة علمه, وعظم فضله رحمه الله, فإنه لم يكن محبّاً للظهور في وسائل الإعلام, ولا راغباً في مخالطة الأنام, بل كان بعيداً عن الأضواء, منصرفاً عن الشهرة, وهي تركض وراءه, وهو يفر منها مترجلاً وراكباً .."(اقتباس من مقال الشيخ د.يوسف القاسم –نشر في موقع الإسلام اليوم) و ايضا " نجد أن للشيخ مشاركةً في مجالات عدة -تحقيقاً كان أو تأليفا- فله مشاركة في العقيدة والحديث والفقه وخاصة النوازل، والدعوة والفكر واللغة والسلوك والأدب والتاريخ والأنساب والمعارف العامة، وما زالت بعضُ كتب الشيخ مخطوطةً لم تطبع حتى الآن، كل هذا مع إبداع علمي يمتاز بالاستقراء والتقصي، فلم يطغَ فنٌّ على آخر، فله في كل بستان زهرة. - ومن الأشياء التي تميز بها الشيخ: رعايته للعمل العلمي الجماعي من خلال إصدار آثار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، والشنقيطي. - مشاريع العمر عند الشيخ بكر أبو زيد: ومع هذا العطاء المتدفق والمتنوع، إلا أن للشيخ مشاريعَ بذل نفسه ووفّر جهده وحياته لها؛ ومما أمكن الوقوف عليه -مما نص الشيخ عليه- مشروع: (التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل)، طبع منه الجزء الأول ، فقد قال عنه: "أما بعد: فهذا كتاب أُراه من (مشاريع العُمر) سميته: (التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل)" ا.هـ. [التأصيل، ص7]" (اقتباس من مقال للشيخ :عبدالعزيز الحمد – نشر في موقع الألوكة) . وهذا ثبت بمؤلفات الشيخ بكرأبو زيد -رحمه الله- و الكتب التي حققها و اسهم في إخراجها قد جمعه الشيخ / صهيب محمد خير يوسف يقول : "وقد جمعت هذه العناوين من مصادر متفرقة، أهمها فهارسُ مكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض، وترجمةُ ابنه له.. وقد يكون بينها ما هو مكرر نظراً لتعدد الطبعات وتغير التسميات، ثم أضفت بعض الملحوظات مما لمحته في أثناء البحث، وأشرت إلى بعض أرقام الكتب في القائمة؛ لأهمية مراجعتها: 1- التقنين والإلزام. 2- المواضعة في الاصطلاح على خلاف الشريعة وأفصح اللغى. 3- أجهزة الإنعاش وحقيقة الوفاة بين الفقهاء والأطباء. 4- طفل الأنابيب. 5- خطاب الضمان البنكي. 6- الحساب الفلكي. 7- البوصلة. 8- التأمين. 9- التشريع وزراعة الأعضاء. 10- تغريب الألقاب العلمية. 11- بطاقة الائتمان حقيقتها البنكية التجارية وأحكامها الشرعية. 12- بطاقة التخفيض حقيقتها التجارية وأحكامها الشرعية. 13- عيد اليوبيل بدعة في الإسلام. 14- المثامنة في العقار - نزع ملكيته للمصلحة العامة. 15- التمثيل: حقيقته، تاريخه، حكمه. 16- التقريب لفقه ابن قيم الجوزية. 17- الحدود والتعزيرات عند ابن القيم:دراسة ومقارنة. [وهي رسالته للماجستير عام 1400هـ من المعهد العالي للقضاء. وقد طبعت في دار العاصمة. 1مج]. 18- أحكام الجناية على النفس وما دونها عند ابن قيم الجوزية: دراسة وموازنة (مجلد واحد). [وهي رسالته للدكتوراة عام 1402هـ من المعهد العالي للقضاء، وقد طبعت عند مؤسسة الرسالة]. 19- اختيارات ابن تيمية للبرهان ابن القيم، تحقيق. 20- حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية. *[ملحوظة: صدر أيضاً كتاب: مهذّب حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية/ كتب الأصل بكر بن عبد الله أبو زيد؛ تهذيب عبد الله عبد الرحمن التميمي]. 21- معجم المناهي اللفظية: يختص بالمنهي عنها شرعًا في نحو 800 لفظ. * [ملحوظة: صدر حول "معجم المناهي اللفظية": أ- المستدرك على معجم المناهي اللفظية/ سليمان بن صالح الخراشي. ب- نظرات في معجم المناهي اللفظية/ علي رضا بن عبد الله علي رضا]. 22- لا جديد في أحكام الصلاة، بزيادة عدم مشروعية ضم العقبين في السجود. 23- تصنيف الناس بين الظن واليقين. 24- التعالم وأثره على الفكر والكتاب. 25- حلية طالب العلم. (راجع رقم 85). 26- أذكار طرفي النهار . [كتيّب جيب]. 27- الرقابة على التراث. 28- تسمية المولود. 29- أدب الهاتف. 30- حد الثوب والأزرة وتحريم الإسبال ولباس الشهرة. 31- آداب طالب الحديث من "الجامع للخطيب" (انتقائي). 32- المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل وتخريجات الأصحاب، تقديم محمد الحبيب ابن الخوجة. 33- البلغة في فقه الإمام أحمد بن حنبل للفخر ابن تيمية؛ تحقيق. 34- فتوى السن، عن مهمات المسائل. 35- التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل. 36- معرفة النسخ والصحف الحديثية. 37- التحديث بما قيل: لا يصح فيه حديث. 38- الجدّ الحثيث في بيان ما ليس بحديث/ تأليف أحمد بن عبد الكريم العامري الغزي (تحقيق). 39- مرويات دعاء ختم القرآن الكريم، وحكمه داخل الصلاة وخارجها جزء. 40- نصوص الحوالة - جزء. 41- جزء في زيارة النساء للقبور. 42- مسح الوجه باليدين بعد رفعهما بالدعاء جزء. 43- جزء في كيفية النهوض في الصلاة، وضعف حديث العجن. 44- العزاب من العلماء وغيرهم. (راجع رقم 87). 45- التحول المذهبي. راجع رقم (88). 46- التراجم الذاتية. (راجع رقم 86). 47- لطائف الكلم في العلم. 48- طبقات النسابين. 49- ابن قيم الجوزية: حياته وآثاره. 50- الرد على المخالف: شروطه وآدابه. (ضمن كتاب: الردود). 51- تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال. (ضمن: الردود). 52- براءة أهل السنة من الوقيعة في علماء الأمة. (ضمن: الردود) - وهو رد على مجموعة من أقوال محمد زاهد الكوثري، قدم له الشيخ عبد العزيز ابن باز. 53- عقيدة ابن أبي زيد القيرواني وعبث بعض المعاصرين بها. (ضمن: الردود). 54- التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير. (ضمن: الردود). 55- بدع القراء القديمة والمعاصرة - رسالة. 56- خصائص جزيرة العرب. 57- السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة/ تأليف محمد بن عبد الله بن حميد؛ حققه وقدم له وعلق علية بكر بن عبد الله أبو زيد، عبد الرحمن بن سليمان العثيمين . 58- تسهيل السابلة إلى معرفة علماء الحنابلة للشيخ صالح بن عبد العزيز بن علي آل عثيمين، (تحقيق في مجلدين). 59- علماء الحنابلة من الإمام أحمد إلى وفيات القرن الخامس عشر الهجري، مجلد على طريقة: الأعلام للزركلي. (راجع رقم 82). 60- دعاء القنوت. 61- فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد/ للشيخ حامد بن محمد الشارقي؛ (تحقيق). 62- الإبطال لنظرية الخلط بين دين الإسلام وغيره من الأديان. 63- تقريب آداب البحث والمناظرة. 64- جبل إلال بعرفات، تحقيقات تاريخية وشرعية. 65- مدينة النبي -صلى الله عليه وسلم- رأي العين. 66- قبة الصخرة، تحقيقات في تاريخ عمارتها وترميمها. 67- تصحيح الدعاء (مجلد)، وطبع جزء من هذا الكتاب مستقل باسم: السبحة: تاريخها وحكمها. (راجع رقم 77). 68- موارد ابن قيم الجوزية. 69- المجموعة العلمية. 70- العلاَمَةُ الشرعية لبداية الطواف ونهايته. 71- حراسة الفضيلة. 72- درء الفتنة عن أهل السنة – تقديم الشيخ عبد العزيز ابن باز. 73- فتوى جامعة في العقار. 74- المدارس العالمية الأجنبية – الاستعمارية.. تاريخها ومخاطرها. 75- فتوى جامعة في التنبيه على بعض العادات والأعراف القبلية المخالفة للشرع المطهر. 76- هجر المبتدع. 77- السبحة: تاريخها وحكمها. 78- هداية الأريب الأمجد لمعرفة أصحاب الرواية عن أحمد/ لسليمان بن عبد الرحمن بن حمدان؛ ( تحقيق). 79- بلْغة الساغب وبغية الراغب/ تأليف فخر الدين أبي عبدالله محمد بن أبي القاسم محمد بن الخضر ابن تيمية، تقديم محمد الحبيب ابن الخوجة؛ (تحقيق). 80- النظام العالمي الجديد والعولمة: التكتلات الإقليمية وآثارها: العرض والمناقشة/ شوقي دنيا، بكر بن عبد الله أبو زيد، وآخرون. 81- تراجم لمتأخري الحنابلة، جمع وتأليف الشيخ سليمان بن حمدان؛ (تحقيق). 82- علماء الحنابلة: من الإمام أحمد المتوفى سنة 241هـ إلى وفيات عام 1420 هـ رحمهم الله تعالى. 83- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، المؤلف: محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي، نشره مجمع الفقه الإسلامي بجدة - بإشراف العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد - دار عالم الفوائد. 84- حكم إثبات أول الشهر القمري وتوحيد الرؤية. 85- شرح كتاب حلية طالب العلم لبكر بن عبد الله أبو زيد/ شرح الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين؛ تحقيق أبي مالك محمد بن حامد بن عبد الوهاب؛ اعتنت به ترتيبًا وجمعًا: دار البصيرة. * [ملحوظة: شرحَ "حلية طالب العلم" الشيخُ محمد ابن عثيمين في عدة دروس، وقد سجلتْ ووزّعت في أشرطة صوتية، وكان الشيخ يثني على الكتاب ويشير إلى أهميتة لطالبي العلم. ثم صدرت تلكم الدروس مطبوعة]. 86- العلماء الذين ترجموا لأنفسهم "السيرة الذاتية". 87- الذين لم يتزوجوا من العلماء وغيرهم وأسباب ذلك والنقض على من وحد السبب. 88- العلماء الذين تحولوا من مذهب إلى آخر وأسباب التحول. 89- المرابحة للأمر بالشراء (بيع المواعدة): (المرابحة في المصارف الإسلامية) وحديث (لا تبع ما ليس عندك). 90- طرق الإنجاب في الطب الحديث وحكمها الشرعي." (من مقال له في موقع الألوكة ) هذا و للشيخ من الكتب المخطوطة الشئ الكثير .. منها مثلا : - نسب بني زيد – بذل السبب في جمع أبحاث النسب (ذكرهما في طبقات النسابين) -معجم الكتب المنحولة (ذكره في المجموعة العلمية) -الأناشيد الإسلامية (ذكرها في تصحيح الدعاء) -موسوعة في سيرة الشيخ عبدالعزيز بن باز (ذكرها الشيخ عبدالعزيز الراجحي في محاضرة له عن الشيخ ابن باز) غيرها الكثير مما لايحضرني الآن .. أما سيرة الشيخ و مناصبه التي تولاها على التفصيل فلقد ذكرها ابنه عبد الله القاضي بديوان المظالم و هي موجودة في( مقدمة فتاوى للجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء ) ونصها : " نسبه: بكر بن عبد الله أبو زيد بن محمد بن عبد الله بن بكر بن عثمان بن يحيى بن غيهب بن محمد، ينتهي نسبه إلى بني زيد الأعلى، وهو زيد بن سويد بن زيد بن سويد بن زيد بن حرام بن سويد بن زيد القضاعي، من قبيلة بني زيد القضاعية المشهورة في حاضرة الوشم، وعالية نجد، وفيها ولد عام 1365 هـ. حياته العلمية: درس في الكتاب حتى السنة الثانية الابتدائي، ثم انتقل إلى الرياض عام 1375 هـ، وفيه واصل دراسته الابتدائية، ثم المعهد العلمي، ثم كلية الشريعة، حتى تخرج عام 87 هـ / 88 هـ من كلية الشريعة بالرياض منتسبا، وكان ترتيبه الأول. وفي عام 1384 هـ انتقل إلى المدينة المنورة فعمل أمينا للمكتبة العامة بالجامعة الإسلامية. وكان بجانب دراسته النظامية يلازم حلق عدد من المشايخ في الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة. ففي الرياض أخذ علم الميقات من الشيخ القاضي صالح بن مطلق، وقرأ عليه خمسا وعشرين مقامة من مقامات الحريري، وكان- رحمه الله- يحفظها ، وفي الفقه: زاد المستقنع للحجاوي، كتاب البيوع فقط. وفي مكة قرأ على سماحة شيخه، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز كتاب الحج، من [المنتقى] للمجد ابن تيمية، في حج 1385هـ بالمسجد الحرام. واستجاز المدرس بالمسجد الحرام الشيخ: سليمان بن عبد الرحمن بن حمدان، فأجازه إجازة مكتوبة بخطه لجميع كتب السنة، وإجازة في المُد النبوي. في المدينة قرأ على سماحة شيخه الشيخ ابن باز في [فتح الباري] و [بلوغ المرام] ، وعددا من الرسائل في الفقه والتوحيد والحديث في بيته، إذ لازمه نحو سنتين وأجازه. ولازم سماحة شيخه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي نحو عشر سنين، منذ انتقل إلى المدينة المنورة، حتى توفي الشيخ في حج عام 1393 هـ- رحمه الله تعالى- فقرأ عليه في تفسيره [أضواء البيان] ورسالته [آداب البحث والمناظرة]، وانفرد بأخذ علم النسب عنه، فقرأ عليه [القصد والأمم] لابن عبد البر، وبعض [الإنباه] لابن عبد البر أيضا. وقرأ عليه بعض الرسائل، وله معه مباحثات واستفادات، ولديه نحو عشرين إجازة من علماء الحرمين والرياض والمغرب والشام والهند وإفريقيا وغيرها، وقد جمعها في ثبت مستقل. وفي عام 1399 هـ / 1400 هـ، درس في المعهد العالي للقضاء منتسبا، فنال شهادة العالمية (الماجستير)، وفي عام 1403 هـ تحصل على شهادة العالمية العالية (الدكتوراه). حياته العملية: وفي عام 87 هـ / 88 هـ لما تخرج من كلية الشريعة اختير للقضاء في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم فصدر أمر ملكي كريم بتعيينه في القضاء في المدينة المنورة، فاستمر في قضائها حتى عام 1400 هـ. وفي عام 1390 هـ عين مدرسا في المسجد النبوي الشريف، فاستقر حتى عام 1400 هـ. وفي عام 1391 هـ صدر أمر ملكي بتعيينه إماما وخطيبا في المسجد النبوي الشريف، فاستمر حتى مطلع عام 1396 هجري . وفي عام 1400 هـ اختير وكيلا عاما لوزارة العدل، فصدر قرار مجلس الوزراء بذلك، واستمر حتى نهاية عام 1412 هـ، وفيه صدر أمر ملكي كريم بتعيينه بالمرتبة الممتازة، عضوا في لجنة الفتوى، وهيئة كبار العلماء. وفي عام 1405 هـ صدر أمر ملكي كريم بتعيينه ممثلا للمملكة في مجمع الفقه الإسلامي الدولي، المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، واختير رئيسا للمجمع. وفى عام 1406هـ عين عضوا في المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي، وكانت له في أثناء ذلك مشاركة في عدد من اللجان والمؤتمرات داخل المملكة وخارجها، ودرس في المعهد العالي للقضاء، وفي الدراسات العليا في كلية الشريعة بالرياض. مؤلفاته: وله مشاركة في التأليف في: الحديث والفقه واللغة والمعارف العامة .." الخ مما ورد فيها و سأكتفي عن ذكر المؤلفات بما سبق .. ولقد إلتفت الشيخ في آخر حياته إلى تحقيق التراث و إخراج تراث أهل العلم مما كان لهم تأثير على الشيخ في حياته .. وهم الأمام أحمد بن تيمية و الإمام ابن القيم و الشيخ الأمين الشنقيطي .. فلقد عمل الشيخ منذ سنوات على الإشراف على تحقيق كتب و تراث هؤلاء الأئمة .. مستعينا بجمع من الباحثين و الرسائل العلمية التي قدمت في الجامعات .. و أقرت عين الشيخ بإخراج جميع تراث شيخه الأمين الشنقيطي محققا في 19 مجلدا .. و بإخراج الدفعة الأولى من تراث شيخ الإسلام بن تيمية .. و الأمام ابن القيم .. –وعلى حد علمي- أن هناك دفعة أخرى تحت الطبع .. كما أن الشيخ منذ سنوات وهو يجمع تراث الشيخ عبدالرحمن المعلمي –رحمه الله- وهو طور التحقيق ايضا .. و بهذا يكون الشيخ أشرف و تسبب في إخراج تراث أهم مشائخه الذين استفاد منهم ونهل من علومهم .. ولقد برهم و شكر سعيهم في إخراج تراثهم محققا على نحو مرضي . هذا ولقد نعى الشيخ عدد من أصحاب الفضيلة و العلماء و الأمراء و الوجهاء .. قال سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ –مفتي عام المملكة- : "كان أحد العلماء الذين يمتازون بالدقة في المعلومة والعُمق في البحوث و له نشاط كبير في التأليف" . "وتربط فضيلة الشيخ بكر أبو زيد علاقة إخوة وزمالة حميمة بعدد من العلماء في مختلف الدول منهم د. يوسف القرضاوي الذي أشاد به، باعتباره علمًا من أعلام هذه الأمة وله عدد من المؤلفات النافعة و بحكم رئاستة لجمع الفقه الإسلامي الذي يضم الجموع العديدة منهم .. على مدى أكثر من 20 عاما .. وبدوره عدّد د. علي القره داغي نائب رئيس جمعية البلاغ والخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي مناقب الفقيد وجهوده في خدمة الإسلام. وقال: "عرفت الفقيد طوال عدة سنوات ووجدت فيه العلم والصدق والصفاء والإخلاص لمست فيه الجدية والخوف من الله سبحانه وتعالى، ووجدت فيه مثلاً حقيقيًّا للعالم العامل القدوة". وروي أن الفقيد كان يعتبر قرارات مجمع الفقه الإسلامي بمثابة توقيع عن رب العالمين بحكم أن المجمع يضم صفوة علماء الأمة. وأشار إلى أنه كان يدقق في البيانات والقرارات والفتاوى التي يصدرها المجمع، ويقول لزملائه: نحن مسئولون أمام الله عن كل حرف وكلمة نقولها للأمة. وقال: إن الفقيد كان قدوة ومثلاً للعالم الغيور على دينه والحريص على مصلحة إخوانه المسلمين. وفي الدوحة نعى كوكبة من العلماء والدعاة فقيد الأمة الإسلامية، وأشادوا بجهود الفقيد في خدمة الإسلام والمسلمين طوال رئاسته لأكبر تجمع عالمي لعلماء المسلمين، ومن خلال مؤلفاته العلمية الرصينة ومواقفه واجتهاداته"(من شبكة إسلام أون لاين -باختصار) هذا و قد كتب في الشيخ عدد من القصائد في رثائه .. فمما قيل في رثائه من القصائد : قصيدة / لعامر بن محمد فداء بهجت يقول فيها : لقد ضجَّت الأقلامُ تبكي مع الحِبر وأمست دموع العلم في خده تجري وأعلنت الكتبُ الحدادَ لفقده وزلزل أهل العلم والفقه والذكر وأكباد طلاب العلوم تقرحت وليس لمن يدري ولم يبك من عذر لقد مات حَبر من أئمة ديننا وذلك ثلم لا يسد إلى الحشر لقد مات (بكر) ما أشد مصابنا بفقد إمام من أئمة ذا العصر وليس بنزع العلم يحصل قبضُه ولكن بموت العالِمِين أولي الذكر لقد غاب بدرٌ ساطعٌ عن سمائنا وفي الليلة الظلماء يُحتاج للبدر لقد كان كالنجم المضيء هداية ورجماً شياطين الرذيلة والعهر فلو كان في ملكي لأهديتُ راضياً بغبطةٍ المكتوبَ في الغيب من عمري أيا رب فاجعله بخلد مخلداً مع الرسل أهل العزم في جنة البَرِّ لئن مات ما ماتت جواهر علمه فتصنيفه في العلم باقٍ مدى الدهر وقد فاق تصنيف الإمام بحسنه فكان كياقوت وعقد من الدر فقد أبدع الشيخ الجليل (نظائراً( وضمَّنها من رائع العلم والفكر وزيَّن (طلاب العلوم بحلية( و(صحح للداعين) ما كان من نكر وأتحف (فقه الحنبلي بمدخل فتفصيله) قد صار من أعظم الذُخر وقرَّب عِلما قد قصى عن مريده (بتقريبه علمَ ابنِ قيمٍ) الحَبْرِ وحرَّر (فقهاً للنوازل) ساطعاً وبيَّن ( ما حقُ المؤلف) في السِّفر وأظهر (تغريباً بألفاظ) عصرنا وأردى بأرباب (التعالم) للقبر وكان على حصن (الفضيلة حارساً( فلَوَّحَتْ الراياتُ بالفوز والنصر وفرَّ دعاةُ العهر يبكون خيبةً يجرون أذيالَ الهزيمة والخسر و(معجمه في النهي عن كل لفظة) مذممة من قولة السوء والهُجر وحذَّر (تصنيف العباد جهالة) و(أبطل خلط الحق مع ملل الكفر( وفي مسجد المختار كم أمَّ أمَّة ودرَّس نصف العلم في حِلق الذكر فرحماك ربي عدَّ أحرف كتبه وعدَّ رمال الأرض مع عدد القطر ومهما أقُلْ في بكرنا في رثائه فإن مصاب الناس يربو على الشعر وعذراً فحبري في حدادٍ ولوعةٍ وسطرتُ بالدمع الرثاءَ على الحبر و ايضا رثاه الشاعر : صالح بن علي العمري بقصيدة بعنوان : يافارس الفضيلة لَحَا اللهُ دنيا لا يدومُ لها عهــدُ.. = وفي أمْنها غدرٌ .. وفي قُربها بُعْدُ وفي حلوها مُرٌّ .. وفي سعدها أسى = وشانئهـا حُرٌّ.. وعاشقــها عبدُ إذا جدّدت أبلتْ.. وإن بشّرتْ نعتْ = وإن أضحكتْ أبكتْ.. وفي وصلها فقدُ وأيامُها جهدٌ وكـربٌ وغصّــةٌ.. = وأولُّها ضعفٌ.. وآخرُها لحدُ.. وإن رفعت أوهت.. وإنْ تمَّ عِقـْدُها = ففي غمضة الأجفانِ ينفرطُ العقدُ وللموتِ من بين المقاديرِ وثبةٌ = تضجُّ بها الشكوى.. ويشتعلُ الوجدُ أبا زيد.. يا بكر المكارمِ والندى = رحلتَ وفي أكفانكَ العلمُ والمجدُ وقد كنتَ للأيــامِ قـُرّةَ عينها.. = فيا ضيعة السلوى وقد عظُمَ الفقدُ وقفتَ على صرح الفضيلة حارسا = وفي كفّك القرآنُ والعقلُ والرُّشدُ وحليّت طُلابَ العلــومِ بحليـةٍ = عقائقها الآيـاتُ والسُّنـة ُ العِقدُ وكنتَ على الإفسـادِ سيـفا مُهندا = تجرّدَ في الرحمن ليس له غمدُ ودبّجت في فقــه النوازل باقة ً = فما هي إلا النورُ والعطرُ والشهدُ وجاءت سيولُ الغربِ تقتحمُ المدى = فكنت لها سدّا.. ألا بورك السـدُّ وكم بدعةٍ غارت.. وكم سنّةٍ فشت = وما أنت إلا الحقُّ والبذلُ والجدُّ وفيٌّ خفيٌّ.. ما احتفيتَ بشُهرةٍ = وأنت شعارُ الزهدِ ما ذُكرَ الزهدُ وفي لفظكَ المسبوكِ يعشوشب الفلا = وتُستنبتُ التقوى.. ويضّوّعُ الندُّ وعندك فصلُ القولِ إن ماجتْ الحجا = وأنت سِقاءُ العلمِ إن قُصدت نجدُ وفي وعظكَ الرقراقِ لينٌ وحكمة ٌ = وسيرتُكَ الأخلاقُ والعدلُ والقصدُ مرضتَ وفي الأسقامِ طُهْرٌ ورفعةٌ = وأنفاسكُ الأذكارُ والشكرُ والحمدُ نغالطُ فيكَ السمـعَ حُبَّـا وخشية ً = على أنَّ وِرْدَ الموتِ ليسَ له بُدُّ فلمّا تناهى الخطب في كلِّ بقعـةٍ = وطابت –بإذن الله- في رِفدكَ الخُلدُ تأسّى حبيبٌ.. واستراح منـافقٌ = فلا عاش من أزرى بوجدانهِ الحقدُ أيا شيخُ تبكيكَ الدموعُ توجّــدا = ويحملكُ الوجدانُ والأعينُ السُّهْدُ عليكَ سلام الله ما أومضَ السّنـا = وما أمطرتْ سُحْبٌ وما أعبقَ الورد وأسقى ثراك اليُمنُ والطيبُ والثنا = وظللكَ الرضوانُ والبرُّ والسعدُ.. و هذه قصيدة للشيخ / أحمد الحسني يقول فيها : هذي الفضيلةُ من بكائك تشـهقُ *** ولربَّما من حزن فقدِك تزهـقُ فلها الرزيــَّةُ والعزاءُ كــلاهما *** أو ما تراها بالمــدامعِ تَشرَقُ تَبكيك "بكرُ" فأنت حارسُها الذي *** يحمي الحمى , ولصـونها يتأرَّقُ هذا زحـــامُ ذوي العزاءِ ببابها *** وجـهٌ كئيب , أو فؤادٌ يخفـقُ فلقد سقيتَ غراسها ورعيتَــها *** حتى استوت والعود عودٌ مورقُ فتنــاثرت أزهارُها في عــالمٍ *** سيَّان مغربُه وذاك المشــرقُ وبطيبها قد طاب ذكرك في الورى *** وكلاكما للعصر مسكٌ أعبـقُ أحييتها من بعد أن مُدَّت لهـــا *** أيدٍ ملطخةٌ تكـــاُد تُمزِّقُ فغزا مجـــاج يراعكم في وكرِها*** شُبهاً كأنَّ سوادهنَّ الفيلــقُ فتصاعدت أنفاس كــلُّ فضيلة *** وإلى اجتماعٍ شملُها المتفــرقُ وتمايست في بردها الــزاهي إلى *** كلُّ البقاع وعرفها يتنــشقُ ما إن تخاف ولا نخــاف لعرضها *** هتكاً يُراد , وأنت حيٌّ تـرزقُ فلأنت سهمٌ صائبٌ نُصمي بــه *** مَن بالرذيلة في البريِّة ينــعقُ يا أمتي , هــــذا المصاب لمثله *** يبكي الدماءَ مغرِّبٌ ومـشرِّقُ فليستقلَّ من الدمـوع وإن جرت *** كالمزن أو كالبحر ما قد يُنفِـق ولتتسع منه الضلوعُ لحرقـــةٍ *** كنا بها لولا التجلد نُصعَــقُ والعين منه لــــدمعة سلسالة *** من بعد بحر الفضل كم تغرورقُ والأذن إن ضـــج العزاء بسمعها*** إن الجميع على الفضيلة مشفـقُ بحر العلوم وحبرها إن لم يكـــن *** سباقة فيــــها فما إن يسبقُ فانظر لمسرد كتبه يــــاحسنها *** فكــــأنها التَّيّـَارُ إذ يتدفقُ واقرأ له تعلم بأنَّ غبـــــاره *** في العلم ليس من السهولة يُلحقُ فقـــهٌ يساير عصرنا إذ فهمُـه *** لنوازل الأيـام فهمٌ أعمــقُ تنهى إلــيه من الصحاب صعابها *** وإليه داجية المشاكــل تُعنقُ فيخوضها بمـــهارة ذهنيـــة *** تقضي بأن الفكـر فكر أحذقُ فإذا أراق على القــراطس حبره *** فنفيس در في المــهارق يهرقُ لفظٌ بديـــعٌ حبكــُه ووراءه *** معنى عريـــض مونق ومنمَّقُ قـال الألى ذهبوا اجتهاد قد مضى *** إن المـجال على الفقيه مضيَّقُ فاقـــرأ له" طفل الأنابب" يتضحْ *** أن الثواب على اجتهاد مطـلقُ وكذلك " التشريح" أو ما قــال في *** "إنعاشه" فجميع ذلـك شيِّقٌ وكـــــذا سواها من نتاجٍ شاهدٍ *** أن الفقيد مؤصِّل ومحقِّقُ هذا ومجمل حالـــــه في كتبه *** أن نال فيها ما ينال موفَّقُ ولقــــد قرأت له الكثير وإنني *** بجمال صنعته أسير موثَقُ مــاذا أقول وحسن صيتك سائرٌ *** وعلى الثناء عليك كلٌّ مطبقُ دأبُ المنيةِ هكــــذا استهدافها *** عِلقا نفيسا في المكارم مُعرِقُ "وإذا المنية أنشبت أظفارهــــا " *** ما إن لنا إلا عيون تحدقُ ولقـــد مضى لسبيلها من قبلكم *** غرٌّ نجومٌ هديها يتألقُ وكــفى مصابــــا بالنبي محمد *** أدعو لكم برفيقه إن تُلحقوا واللهَ أسالُ أن يسلسل ديمـــــةً *** من عفوه تغدو عليك وتغدقُ وليهنِ روحَك أنها نزلت علــــى *** رب كريم بابه لا يغلقُ وليهنكم من بعد ذلــــــك أنه *** هذي الفضيلة من بكائك تشهقُ وهذه قصيدة أخرى / لعبيد بن مدحج المطيري يقول فيها : الدمع في ذكر فقد الشيخ يسبقه صدق الدعاء بصدقٍ كان ينطقه يا أيها العالم العلامة البطل يا رائد العلم درب العلم تعشقه أهل أطيق وداعاً في فِراقِكم يا فاقه الفقه من سادوا إذا فقهوا يابكرَ فكراً وذكراً طاب حامله الشعر فيك إمام العلم أصدقه فيك العزاء لمن عزت مدامعه ألاّ تراق ودمع القلب أهرقه من صابر في سبيل الله محتسب مسترجع شاكر والباب يطرقه باب الدعاء لعل الله يسكنكم في جنة الخلد فيها المسك أعبق وهذه قصيدة للشاعر : بلال بن إبراهيم الفارس يقول فيها : ياصاحِ قف ألهبتَ قلبيَ بالخبر***وسقيتني جامَ المصيبةِ في الأثر وأسلتَ ماءَ العين حتى خلتُه***مزن الفراق بمائه المرِّ انهمر أو تَدرِ من ترثي إذِ انسلخَ الضحى***أو تَدرِ من قد مات إذ قلتَ الخبر الشيخُ بكرٌ ذو الوقار وذو التقى***علمُ الهدى شيخُ الشريعة والأثر آمنتُ بالرحمن جلَّ قضاؤه***لله شأن في القضاء وفي القدر لكنني أبكي العلومَ شريفةً***أبكي يمينَ الصدق واراها الحجر أبكي رسائلَ كنَّ أمناً وارفاً***ريانةً بالعلم حَفلى بالدرر أصَّلتَها فصَّلتَها حصَّلتَها***لله درُّك كالمحيط إذا زخر كنتَ المحدِّثَ والرسائلُ ثرةٌ***تأصيلُ تخريج ونسخ ٌمشتهر كنتَ الفقيهَ ملكتَه بزمامِه***شَهِدَت مسائلك الحسانُ بما خطر في حلية العلماء كنتَ موفقاً***سِفرُ التعالم كان دفعا للغرر وبمدخلٍ أصَّلتَ مذهبَ أحمدٍ***والبُلغةُ الحسناءُ كانت كالقمر وبمعجم الألفاظ كنتَ مسدداً***في النهي عن ما شذَّ معنىً واشتهر وحراسةُ الفضل النبيل فضيلةٌ***قد حزتَها في درةٍ لا كالدرر هَدَمَت صروحاً هشةً لمنافقٍ***عادت بنا الذكرى لدرتهِ عمر والاختياراتُ الحسانُ صقلتَها***شمخت فكانت ماتعاتٍ للنظر كنتَ ابنَ تيميةٍ وكنتَ جليسَهُ***لله دَرُّك راحلاً ترك الأثر رباه هذا شيخُنا ضيفٌ أتى***أكرم منازلَه وبَوِّئهُ الحُجَر واجمعه في الفردوس مع خير الورى***وأَفِض عليه العفو شيخاً قد غبر رباه واجبر كسرَنا في راحلٍ***كان الإمامَ الصادقَ الشهمَ الأغر يقول الشيخ أحمد العساف : " وليَ معَ هذا الحادثِ الجللِ وقفاتٌ تتجاوزُ الحديثَ عنْ سيرةِ الشيخِ- مع تقريرِ أهميتها- إلى دروسٍ وعبرَ مِنْ محياه ومماته؛ فمنها: أولاً: العملُ لهذا الدِّينِ واجبٌ على كلِّ مسلمٍ بحسبِ ما يستطيعُه بعدَ بذلِ الوسعِ واستفراغِ الجهد؛ وإنَّ موتَ العلماءِ ليُلقي بحِملٍ ثقيلٍ على كلِّ مؤمنٍ لا محيدَ عنْ تقبُّلِه وتحمُّلِه. ثانياً: يُعرفُ الإنسانُ بثماره؛ وقدْ كانَ أبوعبدالله–رحمه الله- عازفاً عنْ وهجِ الإعلامِ وبريقِ الأضواء ومعَ ذلكَ توافدَ النَّاسُ للصلاةِ عليهِ منْ مختلفِ الأعمارِ والأقطارِ في ليلةٍ شاتيةٍ بلا أمرٍ منْ أحد، وحزِنتْ عليهِ الحرائرُ في دورهنَّ وتتابعتْ الأخبارُ عنْ الفجيعةِ بهِ في المنتدياتِ والشاشاتِ والجوالاتِ متجاوزةً قيودَ الإقصاءِ والتهميشِ التي يفرضُها إعلامُنا على أعلامِنا. ثالثاً: نلحظُ في حياةِ هذا العالمِ الراسخِ أنَّه لا يلتفتُ لنشازِ الآراءِ وسيء الأهواء، بلْ قدْ فتحَ اللهُ عليهِ منْ التآليفِ الدَّامغةِ ما كانَ نبراساً للدعاةِ وسلواناً لمنْ رُميَ بباطلٍ وحاجزاً لكلِّ عاقلٍ دونَ جرحِ أيِّ أحدٍ لعلَّةٍ نفسيةٍ خفية. رابعاً: تجرأَ بعضُ الكتَّابِ على الشيخِ في مرضهِ وشنَّ حملةً مريضةً على كتابه "حراسة الفضيلة" -الذي طُبعَ منه نصفُ مليونِ نسخةٍ في حالةٍ يعزُّ نظيرُها في المكتبةِ العربيةِ والإسلامية(1)- وبلغَ التعدِّي حداً لا يسوغُ السكوتُ عنه. وقدْ روتْ لنا كتبُ التاريخِ حزنَ الخلفاءِ والأمراءِ إذا ماتَ عالمٌ إبَّانَ حكمهم؛ معَ أنَّ الوفاةَ قدرٌ لا ينفعُ معهُ الحذرُ، وفي روادعِ العقوباتِ زجرٌ لأهلِ الاستخفافِ؛ وباللهِ نستجير. خامساً: كانَ الشيخُ -رحمه الله- موقِّراً للعلماءِ مدافعاً عنْ منهجِ السلفِ عزيزاً بدينه قوياً في الحقِّ شغوفاً بالكتبِ(2) والإطلاعِ زاهداً بالمناصبِ جادَّاً في حياتهِ مُغرماً باللغةِ العربيةِ الفصحى(3)، وفي أسلوبهِ جزالةٌ وفي كلماتهِ فخامة، ويترَّفعُ عنْ مجاراةِ الأعاجمِ في الأساليبِ والطرائق(4)، وكانَ يستخدمُ التأريخَ الهجريَّ فقطْ وحذفَ الرمزَ لهُ "بالهاء" في آخرِ عمره لأنَّه لا تأريخَ لنَا-أهلَ الإسلام- بغيرِ هجرةِ النبي صلى اللهُ عليهِ وسلم. سادساً: تقعُ على عاتقِ أبناءِ الشيخِ وأنسابِه وطلابِه مهماتٌ ضخمةٌ-هم بها أعرف- ومنها: 1-نشرُ علمِ الشيخِ منْ خلالِ إعادةِ طبعِ كتبه. 2-طباعةُ الكتبِ التي كانَ الشيخُ قدْ فرغَ منها أو قارب. 3-مقاضاةُ الكتَّابِ الذينَ يسيئون للشيخِ ودورِ النشرِ التي طبعتْ كتبه بغيرِ إذنٍ أوْ خالفتْ بنودَ الاتفاقِ معها؛ وقدْ لاحظتُ شيئاً منْ هذا قبلَ سنةٍ تقريباً. 4-مواصلةُ مشاريعهِ أوْ تفويضها إلى مَنْ يقومُ بها ومنْ أجلِّها إخراجُ تراثِ الإمامِ ابنِ القيمِ-رحمه الله- بحُلًّةٍ قشيبةٍ محققةٍ تحقيقاً علمياً. 5-تأليفُ كتابٍ جامعٍ عنْ سيرةِ الشيخِ وطريقتهِ في العلمِ والتعليمِ والتربيةِ والقراءةِ والكتابةِ إضافةً إلى ثبتٍ بشيوخهِ ومصنفاتهِ وشيءٍ منْ خبرِ مكتبتهِ العامرةِ -نفعَ الله بها-"(من مقال له نشر في موقع المسلم) و يقول ايضا :" ومن الموافقاتِ أنَّ يومَ وفاةِ الشيخِ كانَ بعدَ تسعِ سنواتٍ بالضبطِ منْ وفاةِ شيخهِ الإمامِ عبدِ العزيزِ بنِ بازٍ -رحمهما الله-؛ وكانَ الشيخُ بكرٍ قدْ عزمَ على تأليفِ معلمةٍ عنْ حياةِ شيخهِ ولا ندري هلْ أتمَّها أمْ حالَ المرضُ دونَ ذلكَ؟ ولعلَّ في همَّةِ بنيه-ومثلهم لا يوصَّى- ما يكونُ عوناً على إكمالِ مشروعاتِ هذا العالمِ الربَّاني أعلى اللهُ درجته وغفرَ له." حيث أن الشيخ : عبدالعزيز بن عبدالله بن بار –رحمه الله- قد توفي يوم الخميس الموافق 27/محرم/1420 و تلميذه الشيخ : بكر بن عبدالله أبو زيد توفي يوم الثلاثاء الموافق 27/محرم/1429 .. اللهم اغفر لشيخنا بكراً وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، اللهم افسح له في قبره ونور له فيه، واجزه عن خدمة العلم أجزل ما جزيت به أهله العاملين .. آمين يارب العالمين . وكتبه و جمعه الفقير إلى عفو ربه / عادل بن عبد العزيز بن موسى آل موسى . الإربعاء 7 / صفر / 1429
__________________
ما ينحني راسي وانا ساسي بني زيد لو ينحني راسي برجلي وطيته |
الإشارات المرجعية |
|
|