بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » الوردة لا تحس إنها ذات غنى ، إنها تعطي البشر متعة فقط

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 12-07-2002, 11:43 AM   #1
صريح
عـضـو
 
صورة صريح الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2002
البلد: member
المشاركات: 110
الوردة لا تحس إنها ذات غنى ، إنها تعطي البشر متعة فقط

الوردة لا تحس إنها ذات غنى ، إنها تعطي البشر متعة فقط

ولا أبالغ من تشبيه المرأة وجمالها، بالوردة وأريجها، لتعليل ما نسميه في الفلسفة "اللاوعي".

لا تحس إنها وردة. والمرأة لا تحس السعادة التي تمنحها البشر بمجرد وجودها بينهم، لا تحس أنها امرأة وروح المناجاة أنها لو أحست ذلك لشاركت الناس في ؟؟؟ .

ليس للوردة، وهي من عالم النبات، ما نسميه وعيا، فتحس أريجها. أما المرأة وهي بشر، فشأنها آخر: المرأة ذات وعي، يمكن جمالها، بعض صفاتها، سر وجودها أن يفوت قوى وعيها، لكن يستحيل أن يفوت شيء من ذلك، قوى لا وعيها. واللاوعي في الإنسان لا يعني عدم الوعي شأنه في عالمي النبات والجماد. واللاوعي هو أرقى درجات الوعي، أن الوردة عديمة الوعي، عديمة اللاوعي، أمّا الإنسان فذو وعي ولا وعي.

اللاوعي أرقى درجات الوعي؟ ولا يستغرب قولي إلا البعيدون عن الأعمال العقلية. فكل من كتب أو خطب، كل من كان محدثا يعرف هذه الحقيقة ويقرها. فهذا شارل بالي(1) وقد درس الكلام دراسة فلسفية، يستنتج إننا نتكلم بطريقة لا واعية، لا نفكر بآلاف التصورات التي سيسلسلها فكرنا في كل جملة نبدأ بها، وبطريقة لا واعية ننتقي الألفاظ الأكثر فهما والأكثر فعلا في السامع، وبطريقة لا واعية ننحت بعض الأحيان، ألفاظا جديدة لا وجود لها في اللغة، ولا ندري أي أصول لغوية سرية توحيها إلينا في تلك الساعة، بل بطريقة لا واعية يكون عمل الذي يفهمنا، وبقدر ما تكون فكرتنا لا واعية، تكون أسرع إلى فهم السامع، وتكون أكثر دقة وأكثر عمقا. وعلى العكس بقدر ما تكون فكرتنا مدروسة تحليلية، تكون متعثرة دون إفهام السامعين. وكثيرا ما نرى لفظة انفلتت منا انفلاتا، وكان تلفظنا بها سبب دهشتنا نحن، تدخل إفهام الغير بسهولة لا تعرفها جملة منطقية التركيب واضحة. ويظهر أن الفكرة اللاواعية وحدها تستميل إليها الناس، ولا شك أن اللاوعي هو طريقة التفاهم الأفعل. ومن يدرسه بتعمق ير أنه أكمل طرق الفهم، حتى في المواضيع التي تبدو أكثر استدعاء للعقل.

وأرى أن اللاوعي، أرقى درجات الوعي، هو الصفة الأولى والأخيرة للشعر، وأن الوعي هو الصفة الأولى والأخيرة للنثر: فأنا حين أبدا بالنظم، بل حين أنظم لا أكون واعيا في نفسي شيئا واضحا. ولا نصدق الشعراء إذا زعموا العكس. وقد ثبت أن لا أثر لفكر لكني أعرف وأنا أنثر، أني مفكر بما سأكتبه،عاركه أولا في قواي النفسية، حاكه على العقل والمخيلة والحس، وبكلمة: واعية تماما، ثم لاجئ إلى إظهاره إلى الناس بواسطة اللغة

إن النثر فكر، والفكرة نعيها، هو صور والصورة نعيها، وهو عواطف والعاطفة نعيها، لأنه يستحيل أن نفكر أو نتصور أو نحب، إلا ونحن نعي أننا نفكر أو نتصور أو نحب. عناصر النثر كلها عناصر وعي. فالنثر إذن في طبيعة وعي. أما الشعر فلا.

وأذهب أبعد في ملاحظتي على الشعر، فأرى أني ما فرضت يوما على ذاتي فكرة أو صورة أو "عاطفة واعية" والتعبير اصطلاح للاختصار يفيد: "عاطفة في وعي النفس" أو "عاطفة تعيها النفس" وعاد قلمي يكتب شعرا. قلت عاطفة واعية لأن السائد، في العلم، أن العاطفة- كالفكرة والصورة- واعية في طبيعتها. وإذا ثبت أن ثمة حالات عاطفية خالصة لا واعية فأقر عندئذ أن حالتي اللاواعية تكون من عاطفة. وأظل الآن أجزم أنني عند النظم، أكون في حالة لا وعي، تنفي حتى العاطفة. وألاحظ أيضا أن العاطفة كلما قويت، أفسدت الشعر. ولا أعتقد أن أثرا شعريا ذا قيمة خلق في حالة اهتياج. فالخير الذي يتركه الشعر- سواء في الشاعر أو المتذوق- يقوم على الهدوء الخالص لا تتلاطم فيه عواطف وفكر وصور، على الهدوء يجعل النفس- ولا شيء يفاجئها أو يعكر صفاءها- منطوية على ذاتها، أعماقها على أعماقها، فتصبح أكثر تآلفا مع حقائق الكون، بل تصبح وحقائق الكون شيئا واحدا فإذا هي فوق هذا العالم وأوجاعه ونقائصه، إذا هي - صارت الحقائق نفسها - لا تصطدم، عمياء بأي نظام تجهله

إن الشاعر الحق لا يكون له أفكار وصور وعواطف قبل النظم وعند النظم، بل يستحيل عليه أن يكتب شعرا، إذا توفر له شيء من ذلك. إن عناصر الوعي- ولا أستثنى حتى العاطفة- لا تلعب في الشعر أقل دور.

ونستطرد، إلى سفر تكوين عناصر النثر، سفر تكوين الصورة والفكرة والعاطفة، نرى على الأخص قيمة العاطفة ، كعنصر للشعر أساسي، المنهار اليوم على قدم العميق من الشعراء.

رأينا أن اللاوعي هو أرقى درجات الوعي. ويمكن القول أن الوعي هو نثر اللاوعي، وأن الصورة والفكرة والعاطفة هي نثر الحالة الشعرية، هي التعبير المنحط يقرب الحالة الشعرية إلى العاديين من البشر.

وفي ثغرك الرطب لحن يتيم & يـــنوح عــلـى وتـــر هاجــع
وفيه احتضار الشــتاء الأخير & جريحا على الأخضر الطالـع
فـذكر الـربيـع على ســمعـه & حــرام وذكــر الهـوى الراجـع

صريح مليح


آخر من قام بالتعديل صريح; بتاريخ 12-07-2002 الساعة 12:14 PM.
صريح غير متصل   الرد باقتباس


إضافة رد

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 05:59 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)