تـِئْـبرنـي يوووباااااااه !
محمد السحيمي
إذا فوجئت بصغيرتك التي لم تخلع السنة الرابعة بعد، تتفاعل مع "الحلا كله" في أغنيتها: "حقك مش عليي حقك ع القمر"، فلا بد أن تتساءل بدهشة: كيف أتقنت الكلمات بسرعةٍ، ورددتها بفصاحةٍ شاميةٍ "تخزي العين"، لم تبلغها أنت منذ "بدري أبو كلبشة" إلى "باب الحارة"، مروراً بالشحرورة، وصلعة "نصري شمس الدين"؟ لا شك ـ ولا جدتي "حمدة"، ولا روماتزم ـ أن الطفل هو أخطر متلقٍ للفن والدراما، ولكن: أإلى هذه الدرجة نجحت أبلا/ "نانسي" في عجرمة أطفالنا ؟ أبهذه السرعة دبلجت "نور" و"لميس" قاموس بناتنا؟ أبهذه الـ.. وتفيق من تساؤلاتك على ابنتك وهي تخطف منك الزميل/ ريموت بن كنترول، لتقلب وجه التلفزيون على قناتها المفضلة "طيور الجنة"، وتردد بعذوبة "تتأكل أكل": يا بنتي المصوني/ بابا تليفون، قولي لو موهون/ مثل الوردي المقطوفي! عذوبة لا يفسدها إلا توضيحك لها أنها "المصونة"، و"مُو.. هنا"، و"الوردة المقطوفة"! لكنها ترعبك حقاً من هذا التردي الفني والتربوي؛ على مستوى الإبداع الشامي، قبل التلقي السعودي: فبعد أن ظل أساتذتنا الشاميون يتعصبون للعربية بوصفهم حماة الفصاحة منذ الغساسنة إلى "البساتنة"، ويصرون على نقاء هويتنا اللغوية حتى في تدريس الطب والهندسة، يستجيبون لما يفترض أنهم آخر من يستجيب له فيغذُّون طفولتنا بلغةٍ مبتذلةٍ ـ ولا تقل عامية، فالعامية ليست عيباً ـ ناهيك عن أيديولوجيا أحادية التفكير، حادة الإقصاء لغيرها من الثقافات! و.. و.. ابنتك تأثرت بهذه الحماسة، فصفقت وصاحت: تئبرني يووبااااااه، ما أحلى هالكلام!
http://www.alwatan.com.sa/news/Write...o=2864&id=6805