[برق1]

------------------------------ بسم الله الرحمن الرحيم ------------------------

سلف في الحلقة الأولى ذكر تعريفات أوّليّة مهمّة لبعص المصطلحات العامّة عند علماء الحديث , وهذه الحلقة الثانية للتفريق بين الحديث المتواتر , وحديث الآحــاد , وبالله التوفيق

أقسام الحديث باعتبار طرق نقله إلينا :
قسمان هما
1- الحـديث المتواتر
2- حـديث الآحاد


[c]أولا : الحديث المتواتر [/c]
أ- تعريفــه :
(( ما رواه في كل طبقة ( حلقة ) من طبقات سنده عدد كثير يستحيل ( عقلاً ) تواطؤهم على الكذب , وأسندوه إلى الحواسّ , كقول : سمعت , أو رأيت , أو لمست , ونحوها ))
ومعنى ( يستحيل عقلا تواطؤهم على الكذب ) أي أنّ تمعّنك لأحوال الرواة يدلّك على أنه لا يمكن عقلاً توافقهم على اختلاق الحديث , كأن يكونوا من بلاد أو أجناس أو مذاهب مختلفة , وما شابه ذلك . ولهذا فقد يكثر عدد الرواة لحديث فلا يأخذ حكم المتواتر ؛ وذلك حسب أحوال الرواة
ومن التعريف يتبيّن أن الحديث المتواتر له أربعة شروط , هي :
1- أن يرويه خلق كثير , وقد اختُلِف في أقل رواته , والمختار أنه عشرة أشخاص في كل طبقة ( حلقة ) من السند
2- أن توجد هذه الكثرة في كل طبقة ( حلقة ) من طبقات السّند , فلو روى الحديث ألف شخص مثلا ثمّ رواه عنهم ثلاثة أشخاص مثلا , ثم رواه عن الثلاثة ألف راوٍ لما صار الحديث متواترا ؛ لأن إحدى طبقات سنده ليس فيها سوى ثلاثة رواة
3- أن تحيل العادة تواطؤهم على الكذب .
4- أن يكون مستند خبرهم الحواسّ

ب- أقسامه :
ينقسم إلى قسمين هما
1- متواتر لفظاً : وهو ما اتفق الرواة على روايته بلفظ واحد ( وانتبه إلى أن تواتر الحديث لفظا يعني أن معناه واحد بالضرورة )
· مثاله حديث : (( من كذب علي متعمدًا فليتبوّأ مقعده من النار )) فقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلّم أكثر من سبعين صحابيا , منهم العشرة المبشّرون بالجنّة , وكذلك رواه عن هؤلاء الصحابة خلق كثير جدًّا .
2- متواتر معنى : وهو ما أورده الرواة بصيغ وحالات مختلفة , لكنه يدلّ على معنى واحد
· مثاله حديث رفع اليدين في الدعاء , فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو مئة حديث , كل حديث منها فيه أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه في الدعاء , لكن هذه الأحاديث تتحدّث عن قضايا مختلفة , فكل قضية منها مستقلّة لم تتواتر , والقدر المشترك بينها – والذي هو رفع اليدين عند الدعاء – قد تواتر بسبب كثرة وروده في هذه الروايات ( وهذا ما يعبّر عنه بكثرة الطرق )

ج- حكمـه :
إن الخبرالمتواتر يفيد العلم الضروري ( أي اليقيني ) الذي يضطرّ الإنسان إلى التصديق به تصديقاً جازما كمن يشاهد الأمر بنفسه , ولهذا فالحديث المتواتر كلّه مقبول ولا حاجة للبحث عن حال رواته .

[c]ثانيا : حديث الآحــاد [/c]
أ- تعريفــه :
{{ ما لم يبلغ عدد رواته في كل طبقات سنده , أو بعضها حـدّ التواتر ( والمختار في حدّ التواتر عشرة أشخاص كما أسلفنا ) }}
ومن خلال التعريف يتبيّن أن الحديث الذي عدد رواته تسعة مثلا في إحدى طبقات السند ,لا يعدّ متواترا حتى ولو بلغ في كل طبقة من باقي الطبقات ألف راوٍ لأن شرط التواتر عشرة على الرأي المختار , والعبرة بأقل طبقات السند عددا للرواة .

ب- أقسامه بحسب طرقه (عدد رواته ) :
ينقسم إلى ثلاثة أقسام هي :

1- المشهور :
معناه لغة : الذائع المعلن , وسمّي بهذا لشهرته وذيوعه بين الناس , ولهذا كثر رواته
ومعناه الاصطلاحي :{{ ما رواه ثلاثة فأكثر , في كل طبقة من السند , ولم يبلغ عددهم حد التواتر }}
· ومثاله قوله صلى الله عليه وسلم : { المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده }

2- العزيز :
معناه لغة : النادر , وسمّي بهذا لقلّة رواته مما يشير إلى ندرته بين الناس
ومعناه الاصطلاحي : {{ ما رواه اثنان فقط في كل طبقات السند أو بعضها}}
ومن التعريف يتبيّن أنّه لو روى الحديث مثلاً مئة صحابيّ عن النبي صلى الله عليه وسلّم , ثمّ وراه عن المئة شخصين من التابعين , ثم رواه عن الشخصين خلق كثير, فالحديث يبقى (عزيزا ) لا ( مشهورا ) لأنّ إحدى طبقات سنده ليس فيها سوى راويين .
· ومثاله قوله صلى الله عليه وسلم : { لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين }

3- الغريب :
معناه لغة : المنفرد أو الوحيد البعيد عن أقاربه
ومعناه الاصطلاحي : {{ ما رواه واحد فقط , في كل طبقات السند أو بعضها }}
ومن التعريف يتبيّن أنّه لو روى الحديث مثلاً خلق كثير من الصحابةّ عن النبي صلى الله عليه وسلّم , ثمّ وراه عنهم شخص واحد من التابعين , ثم رواه عن الشخص خلق كثير, فالحديث يبقى (غريبا ) لا ( مشهورا ) ( ولا عزيزا ) لأنّ إحدى طبقات سنده ليس فيها سوى راوٍ واحد , والعبرة بالطبقة الأقل.
· ومثاله قوله صلى الله عليه وسلم : { إنما الأعمال بالنيّات , وإنما لكل امرئ ما نوى ...... الحديث }
فلم يرو هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم غير عمر بن الخطاب , ولم يروه عن عمر إلا علقمة بن إبي وقّاص , ولا عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي , ولا عن محمد بن إبراهيم إلا يحيى بن سعيد الأنصاري , ثمّ رواه عن يحيى خلق كثير

ج- حكمـه : أحاديث الآحاد تفيد العلم النظري , وهو العلم الذي يحتاج إلى النظر والبحث والتأمّل في حال الحديث ورواته

ولي عودة إن شاء الله لمواصلة الكلام عن أحاديث الآحاد لأن بحثها طويل ؛ فخشيت الإثقال عليك بإيراد كل الموضوع هنا

==================
المراجع :
تيسير مصطلح الحديث , للدكتور الشيخ محمود الطحان
مصطلح الحديث , للشيخ محمد العثيمين

[الجنرال]

السلام عليكم ورحمة الله بركاته



أخي براق1 جزاك الله خير .
وزادك الله من واسع علمه .




أخوكم : الجنرال

[برق1]

الجنرال : أشكر حضورك , ولك بمثل ما دعوت , وحتى لا تظنّني فوق ما أنا عليه , فأنا لم أعمل سوى اختصار من كتابين