بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » " ركــن الـحـَــارة " ( تم إضافة القصة والقصيدة والمفاجأة ) .. !!

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 16-09-2009, 06:29 AM   #1
د / ماسنجر
طائر .. أتعبته الهجرة
 
صورة د / ماسنجر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
البلد: مَع حِبر الأحـرُف
المشاركات: 822
" ركــن الـحـَــارة " ( تم إضافة القصة والقصيدة والمفاجأة ) .. !!




* * *



صاح بي أحدهُم : يا دكتُور ماسِنجَر ..
لمَ الحُزن كُلّه .. لمَ الدَّمع كُلّه .. لمَ الهَمُّ كُلّه .. ؟!

قلت : وأمَّا الحُزن .. !

فهوَ من أجل الأيام الخوَالي السالفة الذاهبة ..
ومِن أجلِ الذكريات اليَانعة التي أسفَرت عن سعَادتي ..
ومن أجلِ البشر الذين خادنتهم وصاحبتهم ثم ماتوا ..
واختفوا .. وزالوا .. بعد ما انتهت دقات قلوبهم ..
ولم تنتهي محبتي لهم ومحبتهم لي أبداً ..
فحزني ذلك دليلٌ على أن منزلتهم مازالت سامقة داخلي ..
ومازالت مشاعري تشتعل تجاههم ..
ومازالت أحرفي تتحدث عنهم ..
فأجد المُتعة السَوداء في ذلك الحزن لأنه يذكّرني بهم ..
مع أنّ ذلك يؤلمني ويعذّبني ..

وأما الدَّمع .. !

فإن المدامع تتشاجَرُ بعد أن تحتشد في عِيني ..
أيُّهَا تَخرج بصَمت ، تذرف على الوجنةِ ..
لِتسقط من عين الدكتور ماسنجر ..
معلنة بعد ذلك علامة ..
من علامات الحزن الكبرى والمشهورة ..
ولم يكُن ذلكَ إلا من أجل إخلاصِي لمن رحلوا ..
ووفائي لهم وهم تحت القبور ..

وأما الهَمّ .. !

فهوَ ما أحمِلُه بينَ جنبيَّ الآن ..
هَمُّ لحظات الفِراق ، فراق من لم يزالوا على قيد الحياة ..
أضحك الآن معهم ، وآنس ، وألهو وأتنَزَّه ..
وأسرق لحظات التفكر عندما أوجّه بصري إليهم لأقول :
سيجيء اليوم وأفارقك يا فـلان ثم أرثيك في قصيدة ..
وفلانة !! ، سأبكيها بكاءاً مراً لطهارةِ قلبها ..
وصديقي فلان ، الذي صَادقني صدقاً ووفاءاً ..
سأنثر المدَامع عليهِ كما ينثر الغيم مطره ..
ذلك لأني وضعت لهم عروشاً داخل قلبي ..
فالبشر ليسوا بالسهولة يدخلونه ..
ولا بالسهولة يخرجون منه هكذا ..



وأما رُكـن الحــارة .. !


فحكايته مختلفة ..
قد تتشابه مع بعض ماكتبت سابقاً .. !
ولكن بداخلها الشيء الكثير ..
الشيء المؤلم ..
الماضي الحَزين ..


* * *


مالذي تبيّن لكم مِن خلال حَديثي .. ؟

انتظر إجابتكم ..
فانتظروني ..
سيكون ذلك بلا فواصل ولا مَلل ..
دفعة كاملة ..
وسيَكون هناك مفاجأة بسيطة ..



* الأحبة الذين قاموا بالرد على قصيدة ( يابوي ) ..
لم ولن أنساهم سأعود للردّ عليهم بمشيئة الله سبحانه ..

د / ماسنجر
هَـذا الصبـاح
__________________
[POEM="type=1 font="bold large 'Traditional Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]على مهلك .. ترى ذكراك ماتت = وأغصان الفراق اليوم حيّه
عيوني .. عن لقاك اليوم صامت = وحبّك زال عن دنياي ضيّه[/POEM]

سَلمان

آخر من قام بالتعديل د / ماسنجر; بتاريخ 16-09-2009 الساعة 06:46 AM.
د / ماسنجر غير متصل  


قديم(ـة) 16-09-2009, 06:39 AM   #2
بدر بن عبدالله
نسألك يارب غيثاً مغيثاً
 
صورة بدر بن عبدالله الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
البلد: الرياض.
المشاركات: 7,025
رائع د/ ماسنجر، أسلوب وطرح مميز.


متابع.


* بوركت.
__________________
.
.

(( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ))

آخر من قام بالتعديل بدر بن عبدالله; بتاريخ 16-09-2009 الساعة 06:49 AM.
بدر بن عبدالله غير متصل  
قديم(ـة) 16-09-2009, 07:56 AM   #3
د / ماسنجر
طائر .. أتعبته الهجرة
 
صورة د / ماسنجر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
البلد: مَع حِبر الأحـرُف
المشاركات: 822
الرّوعة تكمن يا عَزيزي فيحضورك وتواجدك ..
شكراً لك ..
وأهلاًَ بك في كل زاوية وورقة ..
__________________
[POEM="type=1 font="bold large 'Traditional Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]على مهلك .. ترى ذكراك ماتت = وأغصان الفراق اليوم حيّه
عيوني .. عن لقاك اليوم صامت = وحبّك زال عن دنياي ضيّه[/POEM]

سَلمان
د / ماسنجر غير متصل  
قديم(ـة) 16-09-2009, 08:32 AM   #4
بقايا فـــــرح ..
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
البلد: ksa .. وهل في ذلك شك ؟
المشاركات: 3,592
دام قلمك ودام ابداعك لهذا المنتدى الرائع

ولكن عندي سؤال

لما تجعل الحزن والالم يتغلب عليك ؟؟

فهذه الدنيا لا تبقى لا احد

ولتتذكر قوله تعالى

كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام

عاشر من تحب لكن اعلم بانك مفارقه حتما

لا تجعل الحزن يسيطر ع حياتك بل اجعله عدوا لك

تحياتي

سديــــــــــم
بقايا فـــــرح .. غير متصل  
قديم(ـة) 16-09-2009, 08:41 AM   #5
حاملة وحي السماء
عـضـو
 
صورة حاملة وحي السماء الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
البلد: في قلب كل مسلم..
المشاركات: 340
ذلك لأني وضعت لهم عروشاً داخل قلبي ..
فالبشر ليسوا بالسهولة يدخلونه ..
ولا بالسهولة يخرجون منه هكذا ..

>>>
جمل أسرتني بجمالها...



*****

مالذي تبيّن لكم مِن خلال حَديثي .. ؟

انتظر إجابتكم ..
فانتظروني ..
سيكون ذلك بلا فواصل ولا مَلل ..
دفعة كاملة ..
وسيَكون هناك مفاجأة بسيطة ..
>>>
لا أعلم..!!
كثيرة هي الأشياء التي سيطرت على تفكيري..
فــ لذا
أسـ تـ مـ يـ حـ كـ العذر..
__________________
ربي هون .. هون .. هون ..
كلنا ننتظرك يا دلع أمه أنت ( :
حاملة وحي السماء غير متصل  
قديم(ـة) 16-09-2009, 05:13 PM   #6
ابوولعf
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: May 2009
البلد: ناقد بدون رحمه
المشاركات: 5,371
ولم تنتهي محبتي لهم ومحبتهم لي أبداً
__________________
التوقيع مخالف
ابوولعf غير متصل  
قديم(ـة) 16-09-2009, 07:17 PM   #7
ربـــع الدنيـــا
حرف راقي
 
صورة ربـــع الدنيـــا الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
البلد: قد اختصرت دنيـا بقلبي وعالم ..
المشاركات: 833



مالذي تبيّن لكم مِن خلال حَديثي .. ؟
تبيٌن حديث موجة للأعضاء من يناشدُونك بـ تغير علآمتكـ البارزة (الحزن)
وأنتَ الآن تخبرهم لمآ أنتَ في هلوسة الحزن المستديم ....

وركنُ الحَارة موضوعك الجديد تحكيِ دهاليز ذاكرتك لتخبرنا أمراً أكثر إيلاماً حازا على مدامعكـ..
تفسير حسب الفهم فـ عذراً

تحياتي
ربعُ الدًُنيا

**
*






__________________
.

كفي على باب المطار البعيد
وأني خلقت لهذا السفر


.
ربـــع الدنيـــا غير متصل  
قديم(ـة) 16-09-2009, 09:01 PM   #8
غادهـ
عـضـو
 
صورة غادهـ الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
البلد: في قلـبـهـ
المشاركات: 790

وبـعد التحيهـ...لآترتبْ أبداً من مودة
أصحآب هذآ الصرح إليك والتي تزداد
كلما إزدادت كتاباتكـ ، فأنتْ من الكتّاب
هُنـا والذي آمله منك َ نشرُ مدوناتك
وطبعها فهي بالتأكيد ستلآقي أصدآء ً ذات صيتٍ لايُستهان به . . .
0 0 0 0 0
لم يُطبق الحزن على فرحتك،ولم أرى في أسطرك السابقهـ أو اللآحقه
مايدلّ على يأسك ولا حتى بصورة غيرِ مُباشرة ، ،
ولكنني إلتمستُ نُضج الفكر الذي يدرك حقيقة "إنما الحياة الدنيا لعبٌ ولهو"
لذلك فأنتَ حريصٌ على ألا تغرّنك العجائب وزينة هذه الحياة،
ولكن بعض العقول قد تستقبلها إشاراتٍ ذات إيحاءٍ صريح بالحزن والغموض !

ربما ، ربـما أنتَ حزين،ولكن ليس لأي سبب،فالتفكّر في نهج ِ أنفسنا وغيرنا بل سيرة كل خلقٍ
نراه أو نسمع عنه تؤثر في ربيع القلب الطآهر الذي يخشى خالقه كلما
إستيقنتْ ذآته أمراً ...

أما الأشخاص الذين نمرح معهم اليوم ، فبطبيعة الحال لسنا متأكدين من
إستمرارية توآجدنا المفعمّ بالحيّوية إلى يوم ٍ ثان ، ولكننا وبينما نحنُ بينهم
يلزمنا إقتلآع هذه الأفكار حتى لآتنبثق شرارتها في أعيننا على حينِ غفلة ٍ منّا
من ثم يرموننا بالحزن ويتسآئلون أمرنا بينهم فهم لآيدركونَ وآقع أفكارنا !!


حتى وإن كانت أحاسيسنا صارخةَ المشاعر،فعلينا أن نوجهها بمنطقية حتى
لآنذوقَ ألماً قبل موعده،أو نُـساقَ معها إلى مكان قد لآنرغبُ به !

د/ماسنجر
سُعدتُ في معرفة ماتعني هذه المعرّفات الحزن و الدمع و الهم بالنسبهـ لك ككاتب أدبي،
والتي تعكسُ كثيراً مما خفيْ ..........


هذآ ماأريد قوله،,,،
د/ماسنجر
في إنتظار المفاجأة ....

آخر من قام بالتعديل غادهـ; بتاريخ 16-09-2009 الساعة 09:29 PM.
غادهـ غير متصل  
قديم(ـة) 16-09-2009, 10:59 PM   #9
راقيه باخلاقي
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
البلد: حيث احل
المشاركات: 1,824

مالذي تبيّن لكم مِن خلال حَديثي .. ؟

اعتقد انه كلام عن ذكرياتك في الصغر في الحاره

وبانتظار المفاجأة على احر من الجمر
راقيه باخلاقي غير متصل  
قديم(ـة) 16-09-2009, 11:51 PM   #10
mr.muhmmed
Registered User
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
البلد: ,’, بـريدهـ ,’,
المشاركات: 4,148
مبدع .
mr.muhmmed غير متصل  
قديم(ـة) 17-09-2009, 02:43 AM   #11
موكا بارد
عـضـو
 
صورة موكا بارد الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
البلد: في كل مكان
المشاركات: 728
ابداااااااااااااااااااااااااااع تبارك الله
موكا بارد غير متصل  
قديم(ـة) 17-09-2009, 03:45 AM   #12
arby
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 131
د/مــاسنجر

يجول في خاطري امورآ كثيرهـ

ربما قصهـ رائعهـ من القصص الفائقةالجمال او ربما حديث ذا شجون عن رصيف الايام او او .....


متابع ـ


أحترامي..
__________________
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا فدعه ولا تكثر عليه التأسفا
ففي الناس أبدالٌ وفي الترك راحةٌ وفي القلب صبرٌ للحبيب ولو جفا
فما كل من تهواه يهواك قلبه ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الودادِ طبيعةٌ فلا خيـر فـي ودٍ يجـيء تكلفا
ولا خير في خلّ يخون خليله ويلقاه من بعد المـودة بالجـفا
وينكر عيشاً قد تقادم عهده ويظهر سراً كان بالأمس قد خفا
سلامٌ على الدنيا إذا لم يكن بها صديقٌ صدوقٌ صادقُ الوعد منصفا

الشافعي

آخر من قام بالتعديل arby; بتاريخ 17-09-2009 الساعة 03:58 AM.
arby غير متصل  
قديم(ـة) 18-09-2009, 07:21 AM   #13
د / ماسنجر
طائر .. أتعبته الهجرة
 
صورة د / ماسنجر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
البلد: مَع حِبر الأحـرُف
المشاركات: 822
* * *



ذكرَى ..
بقيت عالقة في فكري إلى تلك الساعة .. وإنها ماضي بقيت لياليه وساعاته تدور أمام عيني .. بل إن بعض دقائقي الخَالية مازلت أستمتع بحُلو السَّالفِ منها من المواقف واللحظات والأهازيج والضحكات والدَّمعات والصَّرخات والمداعبة والمؤانسة الأخوية الشريفة التي لا تمت للحقد والحسد والكره بصلة .
إنها ذكرى .. أبت أن تزول من خَلَدي .. وأبت أن تنقشع من دفتر حياتي .. وأبت أن تودّع شريط الذكريات .. وأبت أن تبتعد عن هاجسي للحظاتٍ بسيطة .. والسبب هو أنّي قضيتها بصدق مع من أحب .. قضيتها مع عبد الحميد بسعادة لم أذقها في حياتي مع أي صديق آخر .. لم أذقها مع أبناء الحارة الآخرين .. ولم يكن طعم الصُّحبة معه مشابهاً لأي صحبة بدأت بها منذ صغري مع أي من أبناء حارتنا .
عبد الحميد ..
شاب لطيف الخلق .. بديع التعامل .. بريء في نيته .. لم يعرفني لأني الدكتور ماسنجر ..! ولكنّه عَرفني لأني ابن من أبناء الحارة .. عرفني الأول في كل شيء .. فأول يد صافحها يَدي .. وأول مشوار إلى دكّان الأغذية .. سار إليه بصحبتي .. وأول جُمعة في الحارة ذهبنا إلى مسجدها سويّه .. وأول من أخذَ بيدهِ إلى أشبالِ المسجدِ .. وأول منزل يدخله عبد الحميد كان منزلنا .. وأول وأول وأول ... بل أول ذكرى بدأها في هذه الحارة هي لقيانا لأول مرة مع بعضنا .
كأني أراه ملكاً قد نزل من أحد السماوات .. فهدأت عيني لرؤيته .. وابتسم قلبي لوجوده .. طيّباً في روحه .. وفي قلبه .. وفي ضحكته .. ومقبولا في الشكلِ والمظهرِ ورفيع القامة .. فسبحان من أعطاه رِفعةً في القيمةِ والقامة .. وبياضاً في البشرةِ والقلب .. كأنه نجم سقط من السماء بأمر من الله ليضيء حارتنا ويجمّلها .. ويطرد عنها الظلام ويُنيرها .
حبلُ المحبَّة ..
حَاز ذلك النجم على أعلى الدرجات في قلبي .. فأمسكت بقلبهِ ووضعته في أعلى المنازل .. حتى خشيت أن أقدّمه على نفسي .. لا أمتنع أبداً عن مسامرته لسعادتي بوجوده .. فلِمَ أمانع في أن يحوز على مكانةٍ راقيةٍ داخلي وأن يمتلك مساحة في أعماقي من تلكم المساحات الثمينة التي لا أهبها إلا للنَّادرين في حياتي القريبين إليّ .. ؟! ، من أجل ذلك .. حبسته بين أضلاعي .. فاتخذت صدري له سجناً .. ولكن أي سجن ..؟! .
الصُّحبة ..
تخليت عن السابقين .. لإعجابي بشخصيتهِ الذهبية .. فلم يكن نجماً فقط !! بل نجماً وغيماً وشمساً وقمراً .. نجم يكسوني بهاءً لوقوفي بجانبهِ.. وغيماً يُمطرني بأخوته فتزهر أرضي وتنمو ورودي ..وشمساً بحديثه المُنير وعقله النَّاضج الخالي من لهو الزَّمان .. وقمراً يُؤنسني كل ليلة في أوقات الظلام .. أصبحت الدروب معه وأوقات الفراغ له .. وسهام القلب تجاهه والأحاسيس ملكه .
حُزنه من حُزني..
رأيته فجأة فإذا به يبكي .. سألته عن سبب البكاء فأخبرني أن ملك الموت قد قبض روح أبيه .. طأطأتُ رأسي هُنيهةً من الوقت فرفعته فإذا به يتألم بحُرقةٍ وأسى .. ربَّتُّ على كتفهِ واقتربت بعد أن طلبت منه الدَّعاء له .. ذهبت إلى منزلنا وأحضرت ما جهّزوه أهلي لأهله وأخذته إلى منزلِهم .. رآني وسُر وجهه سروراً يخالطه الحزن .. قلت له أني سأمكث هنا طيلة أيام العزاء .. شكرني وأكملت المساعدة له ولإخوته .
عندما أخرج آخر الليل إلى منزلنا أرى بعض الأشبال ينادوني .. يمرحون ويلعبون ويتنزَّهون مع بعضهم البعض .. أما عبد الحميد فقد كان غارقاً في تذكّر أبيه واللحظات الأخيرة من حياته .. فكيف لي أن أنشغل بالفرح عن حزن رفيق دربي .. !! .
بعد أن انتهت أيام العزاء الثلاثة .. أتيت إليه في اليوم الرابع من وفاة والده .. وأخذت بيده خارجاً لكي يبدّل أجواء الكآبة بأجواء الراحة والابتسامة والأُنس .. كان يحكي لي شيئاً من حياة والده الماضية .. ومواقفه معه .. وتدمع عينه تارة .. وتارة أخرى تجف .. فكانت دمعتي تذرف عطفاً عليه وشفقة .. فمادام أن المرح تركته من أجله .. ! فحُزني على حُزنهِ أولى .
رُكن الحَارة ..
آهٍ يا ركن الحارة .. لقد كان مليئاً بالذكريات الجَمَّة .. فالوَجل والخشيَة والبَسمة والمشاجرة كلها تكون فيه .. والحكايات كلها به .. فكنا نقضي بعد الصلوات الساعات الطويلة .. وفي العُطل الموسمية كنا نتحدث جالسين فيه من بعد صلاة العشاء وحتى آذان الفجر فأهلي كانوا يعلمون أني هنا وأهله كذلك .. إما واقفين وإما جالسين .. وإما أقف أمامه وهو جالساً أو العكس .
هو مَسكن الصحبة والألفة .. هو مجلس الأخبار ومقر اجتماعنا .. هو النقطة التي ننطلق إليها باحثين عن بعضنا .. والنقطة التي نعود إليها بعد الرحلة والسفر والابتعاد لأي ظرف كان ، لقد كانوا بقية الأشبال يحملون الغيرة داخل قلوبهم .. كيف أن دكتور وعبد الحميد دائماً مجتمعين لا يملان ولا يتأخران عن بعضهما .. بل أن سهام الطَّعن تشتعل من فترة لفترة .. فأخرجوا علينا الأقاويل .. والكَذب والخُدع وأوهمونا ببعضنا وحمّلونا أخطاءً لم نكن نحملها من قبل .. فكان تفهّمي لصداقتي معه وتفهمه لصداقته معي هي سفينة النجاة من تلك العواصف التي كادت أن تُغرقنا .
وفي يومٍ من الأيام .. خرج جارنا عبد الله وبيده العصا ثَائراً غاضباً ويسأل من الذي كتب على ركن داري تلك الأحرف الإنجليزية ؟!! .. التفتُّ إلى عبد الحميد ونظر إلي ثم قال له أن الفاعل ليس أنا ولا الدكتور .. وقفت غاضباً لسوء الموقف قلت للجار إن الأشبال يريدون الإطاحة بي وبعبد الحميد .. وأنت تعلم أننا دائماً نمكث هنا ولسنوات عدّة .. فكيف تقول أننا الفاعلين ؟! .. هل تعتقد أننا نريد أن نحرم أنفسنا من المكان الذي نحبه ؟! .. سألَنا من يكون الفاعل ؟ أخبرته أني سآتيه بالخبر عن قريب .. عاد بعد أن هدأت براكينه ، وبالفعل في الغد علمت من أحد الأشبال أن فلان في الحارة المجاورة هو من يعبث بممتلكات البشر وبمساكنهن أيضاً .. وطرقت باب جارنا وأخبرته .. فقال لي أنه سينهي ذلك عاجلاً وشكرني .. قلت لعبد الحميد لو منعنا من ذلك لا عليك .. سأقول لأبي أن يخلع تلك النخلات الصغيرة وأن يكون ركن منزلنا مكانا آخر لنا ، وذلك موقف من تلكم المواقف الجميلة حاضراً لأنها ذكرى .
الفاجعَة ..
في الساعة العاشرة ليلاً تقريباً .. أخبرني عبد الحميد أن إخوته ينوون الرحيل إلى مدينة الرياض .. وأنهم جهّزوا لذلك وسيكون بعد يومين أو ثلاثة .. قلت له أأنت متأكد ؟ قال نعم والسكن هناك جاهز .. قلت له وأنا ؟ ابتسم ابتسامة خرجت من ثغر لم يكن قادراً على استيعاب بدايتها .. قال لي ستكون معنا يا دكتور .. مازحاً ومداعباً ومخففاً .. لقد كان ذلك الخبر كالسكين التي وُضعت على رقبتي لتُنهيني من تلك الحياة .. بل كان الحلقة الأخيرة من مسلسل حياتي معه منذ أن قَدِم .
قبل الرَّحيْل ..
كنت ألهو وأمرح .. ولكن لم يكن كعادتنا ، وكانت علامات الضيق والكَدر ترتسم على عيني وشتى محياي .. سُرَّ بعض الأشبال بذلك الخبر وأن دكتور سيكون بلا أصدقاء وهم لا يعلمون أن صداقتي به لم تكن إلا لوفائه وخلقه .. أصبحت عندما أطرق باب منزلهم .. أعتقد أنه لن يُفتح .. بل بعض الصلوات كنت إذا خرجت من المسجد أقف لانتظاره معتقداً أني لن أراه ورحل بلا علم منّي .. وعدة ثوان يسيرة يأتي واصحبه كما كنا نفعل ذلك دوماً .
الوَداع ..
بعد صلاة العصر انتظرته ليأتي كعادتنا .. وفعلاً أتى وسلم علي وقال : مع السلامة !!! .. اندهشت لما قال وقلت : هل سترحل يا عبد الحميد ؟؟ .. سرنا قليلاً متجهين إلى ركننا .. قال : نعم يا دكتور كنا وقت الظهر نحمل أمتعتنا إلى السيارة إيذاناً بالسفر .. قلت له : إن الضيق كله سيملأ صدري .. أنزل رأسه حتى وقف عندما وصلنا ركننا .. نظر إليه وقال لي : دكتور .. لقد قضيت معك أياماً جميلة في هذا المكان .. لن أنساها طول حياتي .. حلّت بيننا لحظة صمت قاتلة .. قلت له : عبد الحميد .. سترحل عنّي وعن الركن .. أما أنا .. فسأتذكرك كلما مررت بجانبه وكلما نظرت إليه .. تقدّم قليلاً وكأنه يود الذهاب إلى منزلهم .. أوقفته : عبد الحميد !! هل ستكون تلك اللحظة .. هي آخر لحظة تمرّ به .. ؟!! لم يجب على سؤالي ولكنه قال : أودّ منك أن توصل سلامي إلى فلان وفلان وفلان وأخيك فلان ، صافحته وضممته وكان أحد إخوته قد مرّ بجانبنا وألقى علينا السلام .. قال لي : حسناً يا دكتور سأذهب الآن في حفظ الله ورعايته كما ترى سنسافر بعد عدة دقائق .. رددت عليه : في أمان الله ولا تنساني .. ذهب .. وذهبت بي نفسي كل مذهب.. ودارت الحياة كلها دورة الحزن والشقاء .. وعندما انتصف في طريقه التفت إلي وكأنه يقول : الوداع .. الوداع ، يَـاااااه .. إنها لحظات قاتلة .. لحظات حزينة .. وقفت بباب المنزل انتظر رحيلهم .. دقائق يسيرة حتى ركب وإخوته .. وسافروا بعيداً .
الوحـدة ..
أصبحت وحيداً لعدة أيام .. لا أحد يدري عن الحزن الذي أحمله .. وتخنقني العبرة كلما جلست بالركن وحدي .. حاولت الانسجام ولكن كيف لي أن أمكث في مكاننا هذا وصديقي تركه وهجره .. ؟! بل كيف لي أن أعبّر عن قضائي لوحدتي وأنا لا أراه .. !! .
إليـه ..
أيها الصديق الراحل .. الذي جعل من الحزن بداخلي مسكناً ومأمناً .. فأصبح يعرفني دون غيري ويُقبل إلي كما يقبل الطائر إلى عشه ليُطعم صغاره .. يُقبل ليسقيني من كؤوس الدَّمع .. لأشربها مراً بعد أن شربت الحُلو في حياتي .. إني والله افتقدت لحظات السعادة الحقيقية معك .. وافتقدت الحب من الصديق إلى صديقه .. لقد كَذَبَتْ عليَّ نظراتي لمستقبلي .. أنك ستصبح صديق الطفولة .. صديق الذكريات .. رفيق الدروب الابتدائية حتى المسارات النهائية .. رحلت عنّي وعن حارتي .. ومنذ اللحظة الأخيرة التي رأيتك بها .. إلى عامي هذا وإلى لحظتي هذه وأنا لم أراك ولم أسمع صوتك .. أي حياة تلك التي تمنع الأصحاب من أن يلتقوا .. !! وأي بَخت لا يكون ولو مرة واحد وبالصدفة أن ألتقي بك في أي شارع من شوارعها .. لقد كتبت بك النَثر والشعر .. حتى لقبّوني بالشاعر والأديب وما ذلك إلا بسبب فقدانك وفراقك .. نسجت البيوت نداءاً عليك .. وسطّرت الخواطر ذكرى معك .. وها أنا اكتب من حياتي وإياك قصة ماضية عنونتها بـ " ركن الحـارة " .. ما أتمناه .. أن تقضي حياتك سعيداً تنعم بالخير والنعمة والعافية .. وأن تكون طرق الحزن مغلقة في وجهك .. لا مفتوحة .. وأن تذكرني بالخير مادمت حياً .. وإن كنت ميتاً يا عبد الحميد .. ! فسأنثر المدامع من أجلك .. وأبحث عنك حتى أصل إلى قبرك .. وأشق صدري بعد أن أحفر وأحفر وأحفر لأُخرجك وأبدّل قلبك الميت بقلبي الحيّ .. وتقوم تجري لتقضي بقية حياتك وشبابك .. أما أنا .. ! فالموت أرحم لي من أن أعيش حياً وأنت ميتاً .. فلتسعد بقلب صديقك .. الذي ناداك بـ : يا أنا .. لأنك نفسه التي بين جنبيه .
قصِيْدَة رُكن الحَـارة ..

[POEM="font="Traditional Arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]براني الحزن ليته ما براني = وضيّق خاطري وأتعب زماني
على خدّي دروب الدمع سارت = ودمعي صار لي خِلٍّ أناني
إلا منّي بغيت آفرح وآنس = وأعطّر ليلتي أقبل وجاني
بعض هالناس ما يعرف خليله = وأنا ما أذكره يومٍ نساني
سبايب غيمته فرقى عزيزٍ = هو لحاله رفيقٍ دون ثاني
لنا ركنٍ بحارتنا نودّه = إلا مرّيت من جنبه كواني
كواني هاجسي يومَه تذكّر = سواليفه وتلحين الأغاني
هنا مرّه تطارحنا سويّه = أشدّ إيده و هو بإيده لواني
ولو شاف الحزن باين تقرّب = وحَطّ إيده على كتفي وحواني
وهُو لا كَدّرت عمره همومه = و إذا ضاقت به الدّنيا لقاني
ولو سافر وأبطى في غيابه = أحسّ الشوق لو يقدر شواني
ولو سافرت أنا وأبعدت عنّه = يُحَال إنّي أعيش الجوّ هاني
أبد ما شفت من قلبه مغازي = ولا قد صار في ظهري رماني
وفيٍّ و الأمانة هي أساسه = وحسنٍ بالحكي جزل المعاني
ولو أمدح بشخصه لين باكر = بدون الحلف ما يوقف لساني
أقول لخافقي آهٍ و آهٍ = وآهٍ آه لكن ما كفاني
بعذر الدّمع لآ منّه تربع = على خدّي وخلاني أعاني
أنا وإيَاه سبع سنين عشنا = رفاقى كنّها سبعة ثواني
ليالي كلّها راحت وقفّت = رجوعه أمنيه بين الأماني
رحل عن حارتي رحله طويله = شقيت وحزني البالغ طواني
على فرقاه خمس سنين راحت = صبرت وعلّي أتحمّل عساني
ألا ليتي أشوفه و آبتسم له = وأقول إنّي..حزينٍ لو سلاني
وأقول : أرجوك يالغالي طلبتك = ولا شيٍّ بدونك لو تراني
عشاني آرجع لديرة بريده = عشاني يالغلا تكفى عشاني[/POEM]



المفاجأة ..
هي أبيات أخرى .. قصيرة ، كتبتها به .. وقمت بتلحينها بصوتي الحَزين .. قبل ثلاث أو أربع سنوات تقريباً .. حاملةً بين جنبيها قصتنا الكاملة مختصرة بأبيات .
[RAMS]http://www.buraydahcity.org/aboreem/images/salmanjafen.mp3[/RAMS]

النهايَـة ..
هاهي القصة وكما وعدتكم .. ومعها قصيدتها والمفاجأة .. آمل من المولى عز وجلّ أن يحوز ما كتبت على رضائكم وإستحسانكم .. وإن كان من بينكم من ذرفت دمعته حزناً على ذلك .. !! فليلتمس لي العذر .. فإني والله حَزنت أشد من ذي قبل وقت الكتابة .. فالفراق مرّ .. خاصة إن ذهب الصديق ولا يوجد خبر يوصلنا به ..


أخوكم / سلمان بن عبد العزيز الجفن ..
د / ماسنجر
__________________
[POEM="type=1 font="bold large 'Traditional Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]على مهلك .. ترى ذكراك ماتت = وأغصان الفراق اليوم حيّه
عيوني .. عن لقاك اليوم صامت = وحبّك زال عن دنياي ضيّه[/POEM]

سَلمان

آخر من قام بالتعديل د / ماسنجر; بتاريخ 18-09-2009 الساعة 07:55 AM.
د / ماسنجر غير متصل  
قديم(ـة) 18-09-2009, 09:17 AM   #14
الولاعة
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
البلد: على أارصفة الضياع
المشاركات: 1,429
حزينة حروفك ..وذكرى قد تكون تحيى في داخل الكثير منا ..فالفراق مر المذاق كما الموت تماما..

فسبحان الذي خلق الحزن وجعل النسيان له دواء ..هي هكذا سنة الحياة

جمعك الله بصاحبك و اعاد لك تلك الايام ..

شكرا لك .. ودمت بخير
الولاعة غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 11:38 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)