|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
|
18-03-2011, 12:34 AM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2010
البلد: القصـــــــــيم
المشاركات: 49
|
الرقية الشرعية
دبَّجَت أمتُنا الإسلامية عبر حضارتها الإنسانية السامِقة المثلَ المُبهِر الجليل في ميادين الاستشفاء الأصيل المُعتمِد على نور الكتاب والسنة القاضِيَيْن بإخراج الناس روحًا وذاتًا من دَرَك الأدواء والدُجُنَّة، ولكن في هذا العصر الزخَّار بشتَّى التحدِّيات، المُضطرِب بمَشُوب المقاصد والنيَّات، أسفَرَ عن قضية علاجيَّة عقديَّة، ومسألةٍ مهمَّةٍ سنيَّة؛ تلكُم - أيها الأحبة الأكارم -: دوائية الرُّقْية الشرعية، والأدعية النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحيَّة. وتكمُن أهميتها القُصوى في كون جوهرها علاج الأبدان والنفوس التي ليس لها دون التفريط فيها عِوَضٌ أو بدل، وتحصيل حِفظها وسلامتها غايةُ المُنى والأمل، يقول - صلى الله عليه وسلم -: «من باتَ آمنًا في سِرْبه، مُعافًى في بدنه، عنده قُوتُ يومه؛ فكأنما حِيْزَت له الدنيا بحذافِيرها»؛ أخرجه الترمذي وحسَّنه. وفي هذا الزمان عمَّت أمراضٌ مُتفاقِمة، جمًّا من الأقطار وفيها توغَّلَت، وأمَّتْها العِللُ وتغلغلَت؛ من صَرَعٍ ومسٍّ وسحرٍ وعينٍ، ونفسٍ وحسدٍ مُفضٍ إلى حَيْن، وقد أشرَقَت الآيات القرآنية بأعظم برهان، والنصوص الحديثية بأروع بيان، والشاهد من الواقع والعَيَان أنهما البلسَمُ والشفاء لكل داءٍ عَيَاء، يقول - سبحانه -: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ[فصلت: 44]، ويقول - صلى الله عليه وسلم - في معرِضِ تقرير الرُّقَى والحثِّ عليها -: «اعرِضُوا عليَّ رُقاكم، لا بأسَ بالرُّقَى ما لم تكن شركًا»؛ أخرجه الإمام مسلم. وكم من مريضٍ أشرفَ على الهَلَكات والممات، ولم تُجدِ في عِلَّته فخامةُ المِصحَّات، ولا البراعةُ من النِّقاسيِّين والأطباء، واستطبَّ بالرُّقية الشرعية، فحقَّق الله له البُرءَ والشفاء، وذلك مصداقُ قوله - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بالشِّفاءَيْن: القرآن والعسل»؛ أخرجه ابن ماجه، والحاكم، والبيهقي بسندٍ صحيحٍ. قال الإمام السيوطي - رحمه الله -: "جمع - صلى الله عليه وسلم - بين الطبِّ الإلهي والطبِّ البشري". ويقول العلامة ابن القيم - رحمه الله -: "فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية إذا أحسن العليلُ التداوي به، وكيف تُقاوِمُ الأدواءُ كلامَ ربِّ الأرض والسماء الذي لو نزل على الجيال لصدَّعَها، أو على الأرض لقطَّعَها". الله أكبر! يا له من قولٍ كالإبريز، من نحريرٍ أربَى على التَّبْريز. وفي إغفال كثيرٍ من شرائح المُجتمع آثارَ الرُّقيَة الشرعية، والجوانب الإيمانية والعَقَدية لدى المرضى انجَفَل كثيرٌ منهم إذا بطَّأَ بهم الشفاء، وفدَّحَتهم الآلام والأدواء، وقرَّحَهم السِّقامُ والرَّهَق، وغدَوا من العجز والضراعة في وَهَق - عافاهم الله -، انجَفَلوا بقصدٍ أو بغيره إلى أحلاسِ الشعوذة والدَّجَل والطلاسِم والخُرافات والسحر والخُزعبلات والمخالفات، وتلقَّفَهم من في سِلكِهم من أدعياء الرُّقيَة الشرعية. وهنا - يا عباد الله - مقامُ عَجْم الحروف، ولا بُدَّ من كشف أحوال الرُّقاة الزُّيُوف، ومنعِ من يتطرَّق إلى مجال الرُّقيَة وهو عارٍ عن ردائها، وكفِّ من يتقحَّمُ علاجَ النفوس وهو عُضْلٌ عن معرفة أدوائها، فضلاً عن دائِها. وأن تُصانَ أوصابُ العباد عن غير راقِيها الصادق البصير، وتُحمَى حوزةُ الاسترقاء عن الجَهَلة وأهل التكدير، كيف وإنك راءٍ خلف الأَكَمَات عجبًا؛ فهذا راقٍ يُسفسِطُ بكتابةٍ غامضةٍ ويُتمتِمُ، وآخرُ يُهرطِقُ بمُبهَم الكلام ويُدمدِم، وآخرُ يقطعُ بأن الداء عين، والعائِنُ من ذوي القُرْبى، وما درَى أنه أتى الحُمقَ وقطع الأرحامَ وأردَى. أما الرُّقَى المجهولة المعاني؛ فذاك وسواسٌ من الشيطان، فحذرًا ثم حذارِ منه، لا تعرِفِ الحقَّ وتنأَى عنه. وآخرُ لا ينفكُّ عن ضربٍ مُبرِّحٍ يهدِمُ الجلامِيد، فكيف بالجسم المُعنَّى العميد، ويزعُمُ - في بُهتان - أن العذابَ الأليمَ للمارِدِ لا للإنسان، والمريضُ الضارعُ يُدافِعُ سوادَ فعلةِ الرَّاقي بصمتٍ لاهبٍ كالحميم، وبعضُهم يتجلَّد بالأنين الجاذِع الكظيم. وسواهم إن أعيَتْه الحِيَل لبَّبَ العليلَ من المخانِق؛ فِعلَ عدوٍّ حانِق، وآخرُ يصعقُ بالكهرباء حتى الإغماء أو الإفناء. ربَّاه ربَّاه! أيُّ جهلٍ مُركَّبٍ أُوتوه، رُحماك ربَّنا رُحماك. وجُلُّ هؤلاء الأدعياء يُموِّهون بإظهار سمتِ العُقلاء التُّقاة، وإن هم إلا من المُخادِعين الدُّهاة، المُحتالين لابتزازِ أموال الناس واستدرارِها على غير قياس، وقد يُزجُّ بوصَفَاتٍ تُروِّجُ للوَهم وتجارة الدَّجَل باسم المشاهير لخِداع الجماهير، واستغلال ربَّات الخُدُور بما يجُرُّ إلى البلايا والشرور، وإنك لواجِدٌ في عالم المرأة مع هؤلاء الدجاجِلة ما يُذهِلُ الألباب، ويُثيرُ العَجَبَ العُجاب، كيف والمُدنَفُ العليل تمنَّى زوَال السَّقَم ولو فدَّاه بالنُّضار وما ملَكَت يداه. وقد عدَّ أهل العلم شروطًا ثلاثة للرُّقية الصحيحة: أولها: أن تكون بأسماء الله وصفاته وآياته القولية. الثاني: أن تكون بلغةٍ عربية واضحةٍ المباني مفهومةِ المعاني. الثالث: أن يُعتقَد أن الرُّقيَة لا تُؤثِّر بذاتها؛ بل بتقدير الله تعالى أيها المُتلهِّفون للعافية والإبلال - منَّ الله عليكم بالبُرْء من الاعتلال -: عليكم بالرُّقاة الصادقين الأخيار، وهم وَفرٌ - بحمد الله -، المُتمسِّكين بالمنهج الصحيح في العلاج، والأملُ أن تحظَوا بالفَرَج والانبِلاج، والأكملُ أن يرقِيَ المريضُ نفسَه؛ لأنه أدعى لمقام الذلِّ والافتقار. شكى عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعًا في جسده، فأرشده - عليه الصلاة والسلام - قائلاً: «ضع يدَكَ على الذي تألَّم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثًا، وقل سبع مراتٍ: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجِد وأُحاذِر»؛ أخرجه الإمام مسلم. إن الرُّقَى من حَمًى أو عيْن فإن تكن من خالص الوحيَيْن فذاك من هدي النبي وشِرعَته وذاك لا اختلافَ في سنيَّتِه ناهِيكم عن تحصين البيوت والأولاد بالأوراد الشرعية، والأذكار الصباحية والمسائية؛ فهي الحِصن الواقي - بإذن الله -، مع التوكُّل الجازِم على المولى البصير السميع، وتفويض الأمر لتدبيره المُحكَم البديع، وليس معنى ذلك: ترك الأسباب وحُسن التدبير؛ كلا، وإنما حقيقته: عدمُ الاعتداد بمُكْنة الرَّاقي وكفايته، والاعتمادُ في حصول السبب على توفيق الله وعنايته، أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ[الزمر: 36]. فاليقينُ في الله أجلُّ العزائمِ قدرًا، وأجلاها في حُلَك الحيرة بدرًا. وثِقتُ بربي وفوَّضتُ أمري إليه وحسبي به من مُعيني فلا تبتئس لصروف الزمان ودعْني فإن يقيني يقيني مع اتخاذ السبب الدوائي من الطبِّ الحديث، سواءٌ أكان المرضُ عضويًّا أم نفسيًّا، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «تَدَاوَوا - عباد الله - ولا تَداوَوا بحرام»؛ أخرجه أبو داود، والبيهقي بإسنادٍ صحيح |
18-03-2011, 05:40 PM | #2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Dec 2010
البلد: بالدنيــــ ـآ
المشاركات: 110
|
بارك الله فيك
|
الإشارات المرجعية |
|
|