[رومنسي بعطر فرنسي]

فعلا لم اكن اتوقع البكاء من شخص مثلي عرف عنه صعوبة نزول دمعته....
كنت واقفاً عند باب بيتنا واحمل الحقائب داخل السيارة لم يدر في خلدي انها اصعب لحظة تمر علي في حياتي.
حملت الحقائب ووقفت قليلا قبل الدخول ثانية للبيت تذكرت شيأً مهماً عدت الى سيارتي الخاصه وفتحت الدرج واخرجت مصحفاً صغيراً كنت احتفظ به في سفراتي خارج وداخل البلاد,اخذته ووضعته في جيبي.
عدت مرة اخرى لداخل البيت وقفت عند الدرج ترددت كثيراً كنت احس بخوف في داخلي ولكن حزمت امري وعلمت انه لابد من وقوع مافي بالي ناديت بصوتي احمد احمد يااخي هيا يا اخي فخالك ينتظركم في السيارة نزل احمد واختي في نفس الوقت ومعهم لفيف من الاقارب ممن جاء لتوديعهم قلت بنبرة حزينة سيعود وستعود فلا تبكوا قابلني احمد وهو يكفكف دمعته وكانت معه اختي ايضاًامسكت بيديهما جميعاً واكملت نزول ما تبقى من عتبات الدرج وكانت بنت اختي تنظر الي وتقول خالي الم تبكِ؟!
قلت لا ولماذا البكاء؟
وصلت الى السيب في اخر منزلنا كنت اضحك وانا احس بشعور غريب خانق يدعوني الى البكاء لم اقاوم كثيراً وقفت قبل الباب الخارجي وودعت اختي وكنت في حاله لم اعرفها من قبل لم اتمكن من حبس دمعتي فأجهشت بالبكاء وانا اودعها وهي ايضا في حالٍ ليس باقل من حالي وكانت تتمتم بكلمات لم احفظ منها سوى(امانة بنتك تالا حافظ عليها فهي اغلى من روحي هي اللتي حسستني بروعه اسمي عندما نادتني مها وهو اول اسم تنطقه ابنتي في سنتها الاولى لعمتها امانة تالا لا تزعلها ولا ولا ولا وسكتت وخيم الصمت دقيقة )قاطعت لحضة الصمت وقلت:لا تخافي فتالا في عيوني هيا فقد تاخرتم جدا ركبت السارة واغلقت الباب عليها وانا اقول دينك ثم دينك ثم دينك.
رجعت الى الوراء وكان اخي احمد وخالي واخي الاكبر ابا عبدالله واقفين نظر احمد وقال استودعكم الله.
ضمه ابا عبدالله بقوة وبكى وقال اوصيك بتقوى الله والحرص على اختك,انفصل العناق وجاء دوري فلم اتمالك نفسي واصبت بحاله بكاء لم اعهدها واحتنضت اخي طويلا حتى احسست بدموعه على كتفي ابعدته قليلا وقلت لاتبكِ فلم اعهدك هكذا.نظر وابتسم ابتسامة الحزين وقال بعبارته المعهوده(الله واكبر وانت يا ابو تالا ما عمري شفتك تبكي)فعلاً لم اكن كذلك ولكن هو الوداع فطالما تغربت عن اهلي ولم ابكِ وطالما سافرت بالاشهر ولم ابكِ وكنت جلداً في اصعب الظروف كنت ادفن اقاربي ولم تنزل دمعتي وهو وداع بغير رجعه ومع ذلك لم تنزل اي دمعة مني.
شددت على ذراعه وقلت انا لا ابكي حزناً ولكن ابكي على ما مضى من ايام قد اكون قصرت فيها بحقك او بحق اختك.
قال وقد رفع رأسي حتى تقابلت اعيننا:من قال انك قصرت؟ لطالما تحملت عناء مصاريفي طيلة اشهر جلستي بلا عمل لطالما كنت تبخل على نفسك بشراء جهاز جوال لتحول لي وانا الهو بالرياض او بالدمام.لطالما ولطالما ولطالما......!
قلت ولكن انا في نظري ارى تقصيري فسامحني.احتظنته ومددت يدي الى جيبي واخرجت المصحف وانا امد له واقول اعلم اخي ان هذه اثمن ما اقدم لك وهي كتاب الله.
اخذ المصحف وقبله ووضعه في جيبه وقال فعلا لقد انساني الشيطان اهم ما احتاج اليه في غربتي.
ركب السيارة مع خاله واخته وفتح النافذه وقال الى للقاء حفظكم الرحمن.
ناداني في اخر لحظه قبل تحرك السيارة وقال:عيسى لقد نست ان اصور تالا لاحتفظ بصورها لكن ارسلها على جوالي قلت:حسناً.
تحركت سيارتهم والتفت يمينا فاذا باخي ابا عبدالله واقفا ويكفكف دموعه.
ادرت محرك سيارتي بدون ايه عبارة وتحركت عن المنزل.
وكنت ابكي بحراراة لم اعهدها من قبل.
ذكرت قول الشاعر:اخاك اخاك ان من لا اخا له......كساعٍ الى الهيجاء بغير سلاحِ
........
كان الساعه تشير الى الحادية عشر قبل منتصف الليل.
توقفت عند الاشارة فاذا بهم معي وبجانبي انزلت نافذة سيارتي وقلت احمديسلم عليك ابوي ويقول احفظ دينك واختك) قال:لقد اتصل بي وودعني.
نعم ابي لم يكن حاظرا وقت التوديع فقد خرج بسيارته حتى لا نرى دموعه او حتى لا يرى دموع فلذات كبده.
استدرت مع الشارع اما هم فقد واصلوا مسيرهم.
بقي الشيء المهم وهي امي,امي كانت غير موجوده في البيت من المغرب فقد هربت هي الاخرى ان صح التعبير حتى لا تودعهم ويرتفع عليها الضغت لقد ذهبت لزيارة صديقتها اللتي دعتها لعلمها بضعف امي عند التوديع فهي امي اللتي حتى ان ذهبتُ الى الرياض او ذهب احدهم لم تنم حتى نصل ولا تتمالك دموعها في لحظات السفر.
اتصلت عليها وقلت انا عند الباب.
خرجت وكانت تتبعها صديقتها حتى تتأكد من وصولها سيارتي.ركبت وقالت قبل انت تسلم حتى(مشو اخوانك؟)
قلت نعم ادعي لهم.قالت:واله يا وليدي اني ودي ودعتهم بسما اقدر.
سكتت وسكت ورجعنا الى منزلنا وانزلتها ونزلت معها حتى وصلت الصاله اللتي كان يخيم عليها صمت رهيب القينا السلام فرد الجميع وكانت اعينهم حمراء وكلن في يده قطعه منديل.
دخلت امي غرفتها واغلقت الباب ونظرت اليهم وقلت بدعابتي المعهوده سيستغرب غدا عمال النظافه من حال بيتنا فستكون الاكياس مليئة بالمناديل.
ضحك الجميع وقالوا بنفس واحد:حتى انت بكيت لقد اخبرنا الاطفال بذلك.فعلا لم انتبه عند التوديع ان اخوتي الصغار وابناء اختي كانوا يرون دموعي.
قلت لقد بكيت فرحا لانه سوف يخف ذهابي الى السوق والكليه .
ضحك الجميع وتغير الجو.
اما الطرفه في هذا الموقف فقد كان لي اخ صغير في عمر السابعه وكان الجميع قبل نزول اخوتي يبكون ماعدا اصغر اخوتي وهو عبدالعزيز وعمره ست اشهر يلعب في مهده ويضحك فمر بجانبه اخي عبدالهادي ذو السبعه اعوام ووطأ قدمه وهو يقول (كلهم يبكون الا انت ابك مثلهم)
.........
فعلا هو الوداع
حفظك الله اخي
حفظك الله اختي
اللهم سهل امرهم ويسر لهم كل مافيه الخير
اللهم احفظهم بما تحفظ به عبادك
اللهم اعدهم الينا سالمين غانمين
هم وجميع ابناء هذا الوطن المبتعثين.
اللهم امين
اخوكم عيسى الوهيداني

[بقايا فـــــرح ..]

كأنك تحكي حالنا , فنحن مثلكم أخي وأختي بغربه للدراسه ..
لكن ما أجمل المشاعر هنا وما أصدقها ..
حفظ الله جميع المغتربين والمغتربات وثبتهم على الدين وسهل أمرهم ووفقهم ..
ليس بيدنا الا الدعاء لهم فهذا فقط ما نملك ..
فكلها سنين ويرجعون بأعلى الشهادات وعندها سننسى جميعا كل هذه اللحظات ..
وأسأل الله أن يديم عليكم إخوتكم وتوداكم , فكم هي جميله مواقفكم مع ما تشبعت به من ألم ..

مما راق لي عن الإخوه / ...........
إن أجملَ وأروع وأنفس وارقّ ما تملكون هُنّ شقيقاتكم، هم أشقاؤكم .. هم لا يعوّضون.
مهما أحببتم من الناس، ومهما تشرب هذا الحبُّ في تربة النفوس، يبقى الأخُ والأختُ
هما الأهم والأقرب.. بحتمية التكوين، لا بخيار الإرادة، لذا اجعلوا دوماً مسارب
العذوبة مُصانة ومفتوحة مع أشقائكم.. فإن سُدَّت فإنكم سددتم شيئا من عذوبة الحياة
نفسها!

[غلا الروووح]

الله يردهم بالسلامه لأهلهم...