بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » ابن القيم يسأل شيخ الإسلام عن معنى حديث"الّلهُمَّ طَهِّرْنِى مِنْ خَطَايَاىَ بِالمَاء

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 20-09-2011, 03:47 PM   #1
أبو عطا الوائلي
عـضـو
 
صورة أبو عطا الوائلي الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
البلد: أرض الخلافة
المشاركات: 47
ابن القيم يسأل شيخ الإسلام عن معنى حديث"الّلهُمَّ طَهِّرْنِى مِنْ خَطَايَاىَ بِالمَاء



بسم الله الرحمن الرحيم

ابن القيم يسأل شيخ الإسلام عن معنى حديث"الّلهُمَّ طَهِّرْنِى مِنْ خَطَايَاىَ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ"

وسألت شيخ الإسلام عن معنى دعاء النبى صلى الله عليه وسلم: "الّلهُمَّ طَهِّرْنِى مِنْ خَطَايَاىَ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ".
كيف يطهر الخطايا بذلك؟ وما فائدة التخصيص بذلك؟ وقوله فى لفظ آخر "والماء البارد" والحار أبلغ فى الإنقاء؟.
فقال: الخطايا توجب للقلب حرارة ونجاسة وضعفا، فيرتخى القلب وتضطرم فيه نار الشهوة وتنجسه، فإن الخطايا والذنوب له بمنزلة الحطب الذى يمد النار ويوقدها ولهذا كلما كثرت الخطايا اشتدت نار القلب وضعفه، والماء يغسل الخبث ويطفئ النار، فإن كان باردا أورث الجسم صلابة وقوة، فإن كان معه ثلج وبرد كان أقوى فى التبريد وصلابة الجسم وشدته، فكان أذهب لأثر الخطايا. هذا معنى كلامه، وهو محتاج إلى مزيد بيان وشرح.
فاعلم أن هاهنا أربعة أمور: أمران حسيان، وأمران معنويان. فالنجاسة التى تزول بالماء هى ومزيلها حسيان، وأثر الخطايا التى تزول بالتوبة والاستغفار هى ومزيلها معنويان، وصلاح القلب وحياته ونعيمه لا يتم إلا بهذا وهذا. فذكر النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من كل شطر قسما نبه به على القسم الآخر. فتضمن كلامه الأقسام الأربعة فى غاية الاختصار، وحسن البيان. كما فى حديث الدعاء بعد الوضوء:"اللّهُمَّ اجْعَلْنِى مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِى مِنَ المُتَطَهِّرِينَ".

فإنه يتضمن ذكر الأقسام الأربعة. ومن كمال بيانه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وتحقيقه لما يخبر به، ويأمر به: تمثيله الأمر المطلوب المعنوى بالأمر المحسوس.
وهذا كثير فى كلامه، كقوله فى حديث على بن أبى طالب: "سَلِ اللهَ الهُدَى وَالسَّدَادَ، وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطّرِيقَ، وَبِالسَّدَادِ سَدَادَ السَّهْم".
هذا من أبلغ التعليم والنصح، حيث أمره أن يذكر إذا سأل الله الهدى إلى طريق رضاه وجنته: كونه مسافرا، وقد ضل عن الطريق، ولا يدرى أين يتوجه، فطلع له رجل خبير بالطريق عالم بها، فسأله أن يدله على الطريق، فهكذا شأن طريق الآخرة تمثيلا لها بالطريق المحسوس للمسافر. وحاجة المسافر إلى الله سبحانه: إلى أن يهديه تلك الطريق، أعظم من حاجة المسافر إلى بلد من يدله على الطريق الموصل إليها. وكذلك السداد، وهو إصابة القصد قولا وعملا، فمثله مثل رامى السهم، إذا وقع سهمه فى نفس الشىء الذى رماه، فقد سدد سهمه وأصاب ولم يقع باطلا، فهكذا المصيب للحق فى قوله وعمله بمنزلة المصيب فى رميه. وكثيرا ما يقرن فى القرآن هذا وهذا. فمنه قوله تعالى:{وَتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197].
أمر الحاج بأن يتزودوا لسفرهم، ولا يسافروا بغير زاد، ثم نبههم على زاد سفر الآخرة، وهو التقوى. فكما أنه لا يصل المسافر إلى مقصده إلا بزاد يبلغه إياه، فكذلك المسافر إلى الله تعالى والدار الآخرة لا يصل إلا بزاد من التقوى، فجمع بين الزادين، ومنه قوله تعالى: {يَا بَنِى آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِى سَوْءاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوَى ذلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: 26].
فجمع بين الزينتين: زينة البدن باللباس، وزينة القلب بالتقوى، زينة الظاهر والباطن، وكمال الظاهر والباطن، ومنه قوله تعالى:{فَمنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ فَلا يضِلُّ وَلا يَشْقَى} [طه/ 123].
فنفى عنه الضلال، الذى هو عذاب القلب والروح، والشقاء الذى هو عذاب البدن والروح أيضا، فهو منعم القلب والبدن بالهدى والفلاح، ومنه قول امرأة العزيز عن يوسف عليه السلام لما أرته النسوة اللائمات لها فى حبه:{فَذلِكُنَّ الَّذِى لمُتُنَّنِى فِيه} [يوسف: 32] فأرتهن جماله الظاهر. ثم قالت: {وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ} [يوسف: 32].
فأخبرت عن جماله الباطن بعفته، فأخبرتهن بجمال باطنه، وأرتهن جمال ظاهره. فنبه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بقوله: "اللهُمَّ طَهِّرْنى مِنْ خطَايَاىَ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ". على شدة حاجة البدن والقلب إلى ما يطهرهما ويبردهما ويقويهما، وتضمن دعاؤه سؤال هذا وهذا، والله تعالى أعلم.
وقريب من هذا: أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "كان إِذَا خَرَجَ مِنَ الخلاءِ قَالَ: غُفْرَانَكَ".
وفى هذا من السر والله أعلم، أن النجو يثقل البدن ويؤذيه باحتباسه، والذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه، فهما مؤذيان مضران بالبدن والقلب، فحمد الله عند خروجهعلى خلاصه من هذا المؤذى لبدنه، وخفة البدن وراحته، وسأل أن يخلصه من المؤذى الآخر ويريح قلبه منه ويخففه.
وأسرار كلماته وأدعيته صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فوق ما يخطر بالبال.


__________________
أبو عطا الوائلي غير متصل  


قديم(ـة) 20-09-2011, 04:10 PM   #2
قطوه شيرازيه
عـضـو
 
صورة قطوه شيرازيه الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
البلد: اكيد في بوريده
المشاركات: 506
سبحان الله

لكل شي حكمه

اشكرك على موضوعك وعلى معلوماتك
__________________
اللهم اكتب لي الموت وانا ساجده خاضعه متذللـه بين يديك
قطوه شيرازيه غير متصل  
قديم(ـة) 21-09-2011, 02:54 AM   #3
أبو عطا الوائلي
عـضـو
 
صورة أبو عطا الوائلي الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
البلد: أرض الخلافة
المشاركات: 47
بارك الله فيك أختنا الفاضلة,,وجزاك الله خير على مرورك الطيب.
__________________
أبو عطا الوائلي غير متصل  
قديم(ـة) 21-09-2011, 03:04 PM   #4
صمود
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
البلد: جزيرة العرب
المشاركات: 444
جعله الله في ميزان حسناتكـ ,,,

... ووفقك الله لكل خير...
__________________
لو أن الـجنة وهي دار البــقاء أسســت على حـجر من الـظلمْ،
لأوشـك أن تخـرب !
صمود غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 10:27 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)