[من بريده]

الكاتب الساخر عبد السلام بسيوني ............؟ كتب هذا المقال في الشبكة الإسلامية ..
حدثنا العاجز بن مربوط قال:
على شاشة "السي إن إن" جلست لأتابع أخبار "السقافة" والفن وقبل أن أدير المؤشر ، باحثاً عن برنامج يسرُّ ولا يعكر ، ويسوق إلى النفس الكئيبة خبراً يفرح بدلاً من تصديعنا بأخبار كواكب السينما والمرسح ، إذ وجدت جماعةً ذوي ملامح شرق أوسطية ، بحناجر "هاي فاي" خطابية ، قد ارتفعت أصواتهم ، واحمرّت وجوههم ، واستعملوا أيديهم للتشويح ، وأذرعهم للتلويح ، والحواجب لإظهار الاعتراض ، والشفاه لإبداء الامتعاض ، واعتقدت أنهم أصيبوا بمصابٍ خطير واجتاحهم شرٌ مستطير ، فشحذت جوارحي ، وظهر الاهتمام على ملامحي لأسمع الأستاذ الشحطوط منفعلاً يقول ، في لهجة أصابتني بالذهول:
إنه سلاح العصر ، وبه بعون الله سنحرز النصر ، فقد جربنا كل الأسلحة ، لكن إسرائيل ظلت منتصرة كاسحة :
سيغدو كلُّنا ديكــا ..... ونكسر أنف أمريكـا
ونغزو أرض أوربــا ..... وقـارة أنْتراكْتيكــا
ونُثبتُ أننا صِـــرنا ..... عيالاً نَــبرةً شيكـا
فمن ينكرْ بسالتنـــا ..... تكُـن عقباه تهتيكــا
وقـد خُضْنا معاركنـا ..... منـاورةً وتكتيكـــا
فهـل يبدي نتنياهـو ..... لنا عِنداً وتلكيكــاً؟!
ألا بـوركت يا فياغرا ..... فقد جلَّت أياديـــكا
فهز رأسه سي مزيان ، موافقاً على ما أبدى الشحطوط من برهان ، وقال: أنا أوافق زميلي الفاضل "الثوري الليبرالي" المناضل ، في كل ما ذهب إليه ، واستدل بكلامه عليه ، فبهذا السلاح لن نهزم إسرائيل وحدها ، ولا من "تشدَّد لها" وحذا حذوها ، بل سفنتح أوربا فتحاً مبيناً ، وننتصر على الإمبريالية نصراً عظيماً ، كيف لا وهذا السلاح هدية من السماء ، اكتشفنا أثره دون تعب أو عناء؟!
وهنا قاطعه المذيع المشهور ، في انتشاءٍ وبهجةٍ وحبور : لحظة فعندي مكالمة ، بدلاً من هذا الصياح والملاومة ، فقد اتصل بالبرنامج شاعرنا العويص ، نهمان بن رغبان بن بريعيص ، بعد أن سالت قريحته ، "ونَأحَتْ عليه" شاعريته ، فقال في هذا السلاح الفتاك أبياتا ، بعد أن وافقه شيطانُ شعره وواتى ، تفضل يا أستاذ نهمان ، وأسمعنا روائع البيان ، فتنحنح الشاعر وحمحم ، وأخذ ينشد ويترنم:
أنا ابن جلا وطلاع الثنايـــا ..... متى أضع العَبايـة تعرفوني
فقلبي جامدٌ ومعـــي سناني ..... لليلِ الأنس.. والفتح المبين
وقد وهَبَ الإله لنا عقــاراً ..... سما قدراً علـى الدر الثمين
يُعيد الشيخ للعشرين.. فحلاً ..... ليهجر - زاهداً - أم البنين
ويبحث عن كَعاب ذات دلٍّ ..... ويسعـد بالفياغرا كلَّ حين
فعلت الأصوات تقول : ياه ، وقال المذيع العايق : الله الله ، ثم تلا فيما يشبه البيان العسكري ، جاءنا الآن ما يلي : رفع الأساتذة : عويضة الأونطجي ، وإبراهيم الصُّهبجي ، وشحاته إمام ، دعوى أمام المدعي العام ، ضد المسؤول عن الصيادلة ، الذي أمر بمصادرة كميات هائلة ، ليحرم الناس من الصحوة الحضارية ويبعد عنهم البركات الفياغرية ، وقد وافقتهم جمعيات حقوق الإنسان ، وأيدت بمنتهي الحماسة البيان ، وقالت : إن الحرب على الفياغرا ، والكيابل والدشوش والمنبهات الأخرى ، حرمانٌ للناس أن ينشغلوا بالأهم ، وينسوا انكسارهم الذي يجلب الهم ، وينبسطوا ويفرفشوا ، ويسهروا ويُنَعْنِشُوا .
ثم رن صوت الهاتف ، ليعلن مراسل مجلة اللطائف ، عن قيام مظاهرات وتجمعات وصدور احتجاجات وبيانات ، على المواقف الرجعية ، لبعض الدول الشرق أوسطية ، فكيف تصادر دولة هذا السلاح ، وتعلن أخرى عدم الارتياح ، ولا تصرح به الحكومة الفلانية ، وتتحفظ عليه الدولة العلانية ؟! ونقل التلفاز صوراً للمظاهرات ، والعبارات المكتوبة على اللافتات .
إن أردتم النصـر ..... فصرِّحوا بسلاح العصر
تسقط الظلامية ..... وأعــــداء الفياغرية
لتهزموا إسرائيل ..... الفياغرا هو السبيــل
وظهرت مانشيتات الصحف التي "تُسمِّع" وتلفت الأنظار وتجعل العيون "تدمِّع":
الحبة الزرقاء إكسير الشفاء
يا فايزر شكراً شكرا ..... على كنوز الفياغرا
وتسابق الصحفيون ، وحلل المحللون ، وكانت أبرز التحليلات نظرية السيد أبو كباية ، الذي عمل للفياغرا أكبر دعاية ، وقال إن سرَّها باتع ، ومفعولها ماتع ، وسيطحن مبتلعُها الزلط ، ويصير "بسبعِ أرواح" كالقطط ، وستعيد الفحولة للشيوخ والكهول ، لأن الحبة الزرقاء سحرية المفعول ، فتصبح أمتنا أمةً شابة ، بحبة أو - ربما - بنصف حبة ، ونستعيد صيتنا في المحافل ، ويهابنا المجترئُ وينتبه الغافل ، ويتحقق ما قيل فينا ، في قصيدة : ألا هبي بصحْنِكِ فاعلفينا:
ونشرب إن وردنا الماء صفواً ..... ويشرب غــيرُنا زِفتاً وطيناً
وكنــا نرفعُ الراياتِ بيضاً ..... فقد يصبحـن "بمبي" ينتشينا
وفي أثناء هذه الضوضاء ، والمناقشات الساخنة الغراء ، التي أدارها مذيعٌ متمكن وشارك فيها صحفيٌ مستنير متمدن ، ومثقفٌ عفريت وواعر ، وشحطوطٌ مناضل وشاعر ، إذا بصوت عميق ، كأنما يأتي من مكان سحيق ، يقول : يا قوم على رسلكم ، فلي رأيٌ بجانب رأيكم ، فرفعوا حواجبَهُم من الاندهاش ، وأظهروا الانفعال والارتعاش ، وقالوا : من أنت حتى تبدي رأيك ؟ وهل تزعم يا متخلف ، أن لك فكرك ؟! ما أنت إلا رجعي متأخر ، ورأيك لا يقدم ولا يؤخر ، فلا مكان لك بين "المسقفين" والسادة المستنيرين المتحضرين ، فقال : اسمعوني ثم اصطْفِلُوا ، وتشبثوا بآرائكم أو انخذلوا ، قد والله تَسَفَّلَتْ هممُكم ، وطاشت بالفياغرا عقولكم ، وهل لمشغولٍ بشهوته فلاح ؟ أو مغموسٍ بطينيّتهِ أملٌ في النجاح ، وقد خرج "نَقْبكُمْ" على شونة" ، فنتيجة الفياغرا غير مأمونة ، وقد أدخلت عدداً إلى العناية المركزة ، وصارت جنائزهم معدَّةً جاهزة ، ثم إن جميعكم عِنّينٌ أمام الأعداء وهو أيضاً عنينٌ في التحضر والبناء ، فهل ستفلحون مع النساء ؟!
وهل ستفتحون أوروبا بفروجكم ؟! وتنتصرون بالشهوات على عدوكم ؟!
والله ما علمنا النصر إلا بجهاد ، وما رأينا الفتحَ إلا بالعدة والعتاد ، وما يجلب التحضر إلا علماء ، ولم يحقق سوى الدأبِ الاكتفاء ، أما إذا تعالى الشحاطيطُ والبراعيص ، وذَوُو الكاريهات والمقاصيص ، وإذا غلب قانونُ الشهوة ، وأذلت الرجالَ نونُ النسوة ، وانشغل النشامى بالسفاسف ، وأضاعوا أعمارهم في الخرابيط والسوالف ، وانصرفت الهممُ إلى الفياغرا ، وإلى المعاني والقيم التافهة الأخرى ، فبشّرْها بمزيدٍ من التخلف والانكسار ولطخاتِ العارِ والهوان والشنار:
إذا كنتم تريدون المعالـــي ..... بلا كَدٍّ ولا سهرِ الليـــالي
وشئتم أن تهابكمُ البرايـــا ..... من الفوكْلَنْدِ للقطبِ الشمـالي
فأمَّلتُمْ منازلةَ الأعـــادي ..... برفع الصوتِ أو خلع العقـال
وهِمْتُم بالفياغرا وانشكحتم ..... وتُهْتُم عن مساماة الرجــال
ورحتم كلُّكم تبغون نصـراً ..... من الرُّقطِ المسددة النصــال
وجاملتم عدوكمُ بسلــم ..... فسَبّكُمُ وقبَّـــحَ في الأوالي
فما جدوى الفياغرا يا رفاقي ..... وقد مُتّــمَ من العُصُر الخوالي
أيشعرُ ميّتٌ ويخيــف حتى ..... ولا الغربانَ أو ذرَّ النمـــالِ
فليت الأمرَ في وسعـي فإني ..... سأرجمكم كقبرِ أبي رغـ

السبت : 07/04/2001:D :D
http://www.islamweb.net/web/misc.Art...ً%20&thelang=A

[الكايد]

اللبيب بالإشارة يفهم