[ناصرالكاتب]

بسم الله الرحمن الرحيم

كتبتُ أكثرَ مِنْ مشاركة عن المعنى الصحيحِ للوسطيَّة، ومَنْ هم أحق الناس بها ؟، وذكرتُ: « أنَّ الوسطية تعني العدل والخيار، وأنها ما وقع بين طرفي الغلو والجفاء، والإفراط والتفريط ».

وأشرتُ إلى أنَّ الله تعالى قد فضّل دينَ الإسلام على كلّ دين، وجعل أمة الإسلام أوسط الأمم، وهذا يعني أنَّ التمسُّكَ بهذا الدين، وسلوك سبيل خير القرون، هو – ومن دون شك – السبيلُ لبلوغ مرتبة الوسطيَّة.

فمَنْ سلَّم لأوامر الله تعالى في كتابِه، وسنّة نبيه عليه الصلاة والسلام، وسلك سبيل أهل الاتباع، من غير التفات إلى استحسانات عقله أو عقل غيره، بل يلزم ما أمره الله تعالى به؛ فسيجدُ نفسَه – تلقائيا – من أهل الوسط.

وذكرتُ – ناقلاً - أنَّ مِن المثقفين مَن يَفهَم « أنَّ ( الوسَط ) هو التوسّط في أمر الدين على نحو لا يغضب به أحدٌ مما يخالفك فيه، حتى ولو كان أصلاً من أصول العقيدة ! ».

ومنهم مَنْ « نَظَرَ إلى ما يطرح في الساحة من آراء متضاربة؛ فأجرى بينها انتخابات تشبه الانتخابات الجماهيرية، فرجَّح منها ما نال أكبر رصيد من التصويت وطرح الباقي، أو رشَّح منها ما ليس بالسهل ولا العسير وجعل عقله مقياسا لتحديد ذلك من غير رجوع إلى الكتاب والسنة وأقوال صفوة الأمة؛ ( السلف الصالح ) ».

وأضلُّ منهم « من يعجبهم كلّ بريق؛ فاندفعوا يجمعون ما هبَّ ودبَّ من هذه الأفكار، ويحسنونها للناس، ليصوغوا منها مزيجاً شاملاً لما يرونه خادماً للفكر الإسلامي ـ والصحيح أنه خادمٌ لأهوائهم ـ.
{فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [قّ: من الآية5] ».


فصار مَثَلُهم مَثَلُ مَنْ « انحدر من قمة الجبل، فقعد في منتصف الطريق، فلا صعد ولا نزل، وظنَّ أنه من أهل الوسَط ! ».

وفي هذه الأيام، وبعد أحداث التفجير المتتابعة، وضجَّة الإعلام حول الإرهاب والإرهابيين، وبعد مراجعتي الشيخين علي الخضير، وناصر الفهد؛ وجدنا من يستغل هذه الأحداث؛ ليُبرِزَ نفسَه – ومن معه – يريد رفعَ رايةٍ ليست له ولا هو أهل لها؛ فيقول: « هؤلاء أهل إرهاب التكفير، وأؤلئك أهل إرهاب التفكير ! ونحن بين تلك الأطراف .. نحن الوسطيون ! ».

قلتُ: هؤلاء – الأدعياء – على درجات، ومراتب؛ فمنهم من ينتسب إلى العلم، ومنهم دون ذلك، - ومنهم من لا نزال نعتذر له لعله يتوب ويرجع -. وكثيرا ما نجد بعض هؤلاء أوّل المتكلمين في الأزمات، ونوازل العصر، في الوقتِ الذي نجدُ فيه أهلَ العلم، والحكمة، والورع؛ قد لزموا السكوت؛ حتى تتبين الأمور ويأتي وقتُ الكلام .

ولذا؛ فإننا نجد لبعض هؤلاء عددا من المتناقضات، ذلك لأن الأزمات والفتن، تحتاجُ إلى حكمة، وبصيرة، وصبر، وصدق؛ فمن طاش وتعجل لم يصب الحق، ومن استغل الأزمة لخدمة مصالحه؛ افتضح أمره ولو بعد حين .

قبل أشهُر قال أحد الدكاترة – الأفاضل - : « .. العلماءُ الآن لم يؤدوا دورَهم – معذرة – كما ينبغي ! لم يوجِّهوا كلمة للأمة ! ..» ويستشهد ببعض المنظمات الكافرة زاعما أنها أدت دورَها تجاه شعوبها؛ حيثُ أخرجت بيانات ( شجب ) و( استنكار ) ! ثم يقول : « ويبقى علماءُ الأمة – فقط – في جزئيات يستغرقون أوقاتَهم فيها ! » (!) وأطلق وصفاً على بعض العلماء بأن منهم من « حجَّم نفسَه بجزئيات صغيرة استغرقت عليه حياتَه » (!) ثم قال عن ذلك الموصوف بأنه: « ليس عنده ثقة في نفسِه » (!) ثم استشهد بمواقف تاريخية خالدة لبعض عظماء المسلمين، وكأنه يطلب من العلماء أن يفعلوا مثلهم، ونحن نتمنى ذلك والله ! لكن الله قال : {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:286]؛ فلكل حادثٍ حديث ! ثم تابع حديثَه بذكر أوصاف لو ذكرت عنه لغضب وزمجر.

وبعد الأحداث الأخيرة : سُئِلَ عمّن يقدح في العلماء الموثقين الكبار، فتأسّف لذلك وأقرّ بأن هذه ظاهرة موجودة (!)، وذكر أن « تجريح العلماء يحمل خطورة كبيرة لا يعلمها إلا الله » (!).

وفي ثنايا كلامِه غَمَزَ بمن يسميّهم في بعض محاضراته بـ( الأوباش ) ! .

وفي بعضِ حواراتِه، حاول أن يثبت أنَّ الدعاة – طبعا من هم على منهجه أو قريبا منه – هم من يمثل الوسطيَّة.

قلتُ : {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} !

فأهل الوسطيَّة هم من تمسَّك بشرع الله تعالى، وسلك سبيل المؤمنين. وكيف يكون وسطيّا من يمجِّد أهل البدع الشنيعة، بل ويفدي بعضهم بنفسِه ؟!

ويقول عن مبتدِعٍ حاربَ السنة بالبدعة، وتبجح بإنكار بعض الأحاديث الصحيحة: بأنَّه ممن « خالف الدليل الراجح إلى المرجوح، أو تكلم بلا برهان ونطق بلا حجة » - فقط ! - ولم يُدخله ضمن أصناف ثلاثة عدَّها، وهي: « 1- ملحد. 2- مبتدع. 3- شهواني ». وزعم – غفر الله له، وعفا عنه - أنَّ ذلك مقتضى ( العدل ) و( الوسطيَّة )؛ فنحن – كما يقول - « أمة الوسط، أمة العدل ».

وهل من مقتضى العدل والوسطيَّة أن تحقِّر من ناصحوك؛ فلما لم يروا منك الاستجابة المطلوبَة؛ حذّروا من أخطائِك بالعلن، نصيحة لعامة الناس. وكلّ ذلك بأدلة شرعيَّة ؟!
نعم قد يكون منهم من جار عليك، لكن ما ذنب من أراد الخيرَ لك، ولمن اتبَّعَك ؟!

اعتذارٌ – بل تعظيم وتمجيد – لأهل البدع الواضحة الظاهر ضررها على الأمة، وعداءٌ – بل تحقيرٌ وتهميش – لمن أرادَ النصح، ودفع البلاء عن أمة الإسلام، بسدِّ منافذ الفساد، وأسباب الفرقة الحقيقية.. ( الفرقة في الدين ) ! .

وعجيبٌ أمرُ ممجدي أهل البدع والضلالات؛ ففي ذلك التمجيد فتحٌ لأكبر الثغرات التي ينفُذ منها أعتى غازات الفرقة والاختلاف !
وهم مع ذلك ينعتون من يريد سدَّ تلك المنافذ الخطيرة، بأنَّهم « أهل الاختلاف، ودعاة الفرقة » !
رمتني بدائها وانسلَّت !!

هذه نماذج لبعضِ دعاوى الأدعياء ! .

معذرةً ! يا شيخ؛ فالحقُّ أحقُّ يقال، ويتَّبع .. نحن لا نريد أفكاراً ليست على منهج السلف الصالح، ولا نطيق الطعن – بغير حق – في علمائنا .. علماء السنة والأثر .. أهل الرسوخ في العلم .

ونحن – أيضا – لا نطيق أن يُعْبَث بعقولنا ! .

أسأل الله أن يهدينا وإياكم سبيل الرشاد .

أحسنت أحسنت لاأحسنت واحدة
أحسنت أحسنت بعد الألف مليونا
فعلا لقد رأينا من بعض الرموز مايخدش الخواطر لا لذاتها ولكن لله
تعالى أفلا حياء أن نصادر الحق في تبيين الحق
وردكم للصواب وتدعون مع هذا قبول النصيحة والسير على
منهج السلف والإعتدال والتوسط..............
يغفر الله لدعاتنا فلقد أضحكوا وأبكوا وإن شر البلية ما يضحك..........

وتقبل تحية أسد العقيدة