[قمردين]

نعى أمين الرئاسة الفلسطينية، الطيب عبد الرحيم، في مؤتمر صحفي عقد في رام الله ،
الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وقال عبد الرحيم إن الرئيس ياسر عرفات قد فارق الحياة عند الرابعة والنصف من فجر اليوم الخميس في مستشفى بيرسي العسكري بباريس.
ومن جهته أعلن كريستيان ايستريبو كبير الأطباء في مستشفى بيرسي العسكري بالعاصمة الفرنسية أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات توفي في الساعة 0330 بالتوقيت المحلي.
هذا وقد ولد محمد عبد الرؤوف القدوة الحسيني المعروف بياسر عرفات ، لتاجر فلسطيني في القاهرة في 24 أغسطس 1929، توفيت والدته وهو في الرابعة من عمره، مما جعله ينتقل للعيش عند عمه في مدينة القدس، التي كانت تحت الانتداب البريطاني، وتوفي والده بعد مولدة بـ 20 عاماً.
درس عرفات في جامعة القاهرة، وتخرج منها مهندسا مدنيًا، وفي عام 1946 أصبح من الناشطين في العمل الوطني الفلسطيني، حيث كان يجمع السلاح في مصر ويهربه إلى فلسطين.
وظهرت مواهبه منذ سنوات شبابه المبكر كناشط وزعيم سياسي، وقد انجذب في البداية لجماعة الإخوان المسلمين، لكنه سرعان خاض الكفاح المسلح ضد إسرائيل عقب "نكبة" عام 1948 وقيام دولة إسرائيل فوق ما يزيد عن 70 بالمئة من مساحة فلسطين التي كانت خاضعة للحكم البريطاني، حيث تشير التقارير إلى أن عرفات شارك في حرب 1948. كما التحق في عام 1950 بالجيش المصري، وشارك في حرب السويس عام 1956 بعد أن منح رتبه ملازم في الجيش.
وعقب ذلك غادر عرفات إلى الكويت وعمل مهندسًا وخلال هذه الفترة أنشأ مع بعض الفلسطينيين والعرب، حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، والتي شكلت، مع منظمات فلسطينية أخرى، منظمة التحرير الفلسطينية التي أنشأت عام 1964، ومع إنشاء "فتح" تفرغ عرفات بالكامل للإشراف عليها، لتدشن الحركة في عام 1965 أولى عملياتها الفدائية ضد إسرائيل.
واشتهر عرفات كقائد عسكري ميداني خلال معركة الكرامة في عام 1968 عندما قاد قواته في القتال دفاعاً عن بلدة "الكرامة" الأردنية أمام قوات إسرائيلية أكثر وأقوى تسلحاً.
وفي فبراير 1969، انتخبت المنظمات والفصائل الفلسطينية المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية عرفات رئيسًا لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأعادت حركة فتح تمركزها في الأردن تحت قيادة عرفات، حيث تمكنت المنظمة وفصائل فلسطينية مختلفة من تنفيذ سلسلة هجمات، بما فيها خطف طائرات مدنية في أوروبا والشرق الأوسط وضرب المصالح الإسرائيلية في مختلف مناطق العالم.
وقد أدت تلك الهجمات إلى مغادرة الفصائل الفلسطينية الأردن بعد أحداث أيلول عام 1970، لتستقر المنظمة في لبنان واستمرت في شن غاراتها على إسرائيل.
وفي عام 1974 ألقى عرفات خطابًا - للمرة الأولى - أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تم منحت المنظمة صفة "مراقب في هيئة الأمم المتحدة"، وبذلك كان عرفات أول ممثل لمنظمة غير حكومية يلقي خطابًا أمام الجمعية العامة، قال فيه إنه "جاء حاملاً غصن زيتون وبندقية". وحذر: "لا تدعو غضن الزيتون يسقط من يدي".
وفي عام 1982 قاد أرييل شارون، وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت عملية الاجتياح الإسرائيلي للبنان لإخراج منظمة التحرير الفلسطينية، فخرج عرفات من لبنان متوجهاً إلى تونس بعد حصار دام أكثر من 80 يومًا.
وبعد حرب الخليج الأولى وفي عام 1991، عقد مؤتمر مدريد للسلام بمشاركة سوريا ولبنان والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية وتواصلت المفاوضات الثنائية في واشنطن، ولكن في البداية اشترطت إسرائيل فرض "مظلة" تجمع ممثلين عن الوفد الأردني في جلسات المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية.
وفي 13 سبتمبر 1993 تم توقيع اتفاقية إعلان المبادئ في حديقة البيت الأبيض بالعاصمة الأمريكية واشنطن، والذي عرف باسم "اتفاقية أوسلو" بين منظمة التحرير الفلسطينية، بزعامة ياسر عرفات، والحكومة الإسرائيلية، بزعامة إسحاق رابين، حينذاك، وجاءت هذه الاتفاقية بعد فترة من المفاوضات السرية رعتها النرويج، واعترفت خلالها المنظمة بحق إسرائيل في الوجود، مقابل اعتراف الأخيرة بمنظمة التحرير كممثل شرعي للفلسطينيين، وفي هذا الإعلان لم تحسم عدة قضايا شائكة أبرزها مستقبل المستوطنات المقامة على أراض محتلة، ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على ترك مدنهم وقراهم بعد حرب عام 1948، والوضع النهائي لمدينة القدس.
واستطاع عرفات في صيف عام 1994 الدخول إلى قطاع غزة، وبناء على اتفاقية أوسلو، الدخول لما سمي بأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية أو أراضي الحكم الذاتي، لأول مرة بعد عدة عقود، ليبدأ مسيرة سلام مرت بصعوبات بالغة، وفي نفس السنة فاز بجائزة نوبل للسلام بالمشاركة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين وشيمون بيريز، رئيس حزب العمل الإسرائيلي في ذلك الوقت.
وبحلول العام 2000 توقفت عملية السلام وجاءت انتفاضة الأقصى، وفي ديسمبر 2001، وعقب وقوع سلسلة من الهجمات الفلسطينية، قامت الحكومة الإسرائيلية بقيادة آرييل شارون، بفرض حصار عسكري عليه داخل مقره بمدينة رام الله بالضفة الغربية، وأعادت إسرائيل احتلال أغلب مدن وقرى الضفة الغربية، وبعد ضغوط دولية، تعهد شارون بعدم استهداف عرفات أثناء تنفيذ العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية ، واستمرت التهديدات من قبل المسؤولين الإسرائيليين بإبعاده وحتى قتله.