|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
|
04-06-2005, 03:20 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2004
البلد: Qassim
المشاركات: 2,842
|
نهاية التاريخ أم نهاية المثقف؟(2/2)
نهاية التاريخ أم نهاية المثقف؟(2/2)
سلمان بن فهد العودة 20/4/1426 28/05/2005 4/ كهنوت السياسة والاقتصاد: الدور البائس الذي لعبه رجال الكنيسة ضد الفرد في المجتمعات الغربية في القرون الوسطى يلعبه اليوم بشكل أكثر سحقاً للفرد الغربي مجموعة من رجال السياسة، وبعض الفصائل الفكرية الغربية، وكثير من مؤسسات المال والاقتصاد والإعلام التي لا تمتلك معرفة كافية بقوانين الوجود، وحركة النظام الكوني، بل تتصرف تحت رؤية خيالية أشد وهماً من تلك المواعدات التي رسمها رجال الكنيسة والبابوات. الحرية الغربية يشكلها الأقوياء فقط في الغرب، والذين يولدون يتجهون نحو الأقوى في التأثير، ومن المؤكد أن هؤلاء لا يمتلكون خيارات كافية، ومن المؤكد أن الأقوى ليس بالضرورة هو الأفضل. لقد أنتجت الحضارة الغربية المعاصرة ليس للفرد الغربي فحسب، بل لقطاع عريض في العالم مجموعة من الإيجابيات في حركة التطور والصناعة والتقنية والتقدم العلمي في علوم الطبيعة والتجربة والتخطيط، وإن كانت كثير من دوائر القوة والسيطرة في الغرب تحاول المحافظة على التخلف الذي تعيشه دول العالم الإسلامي في هذه المفاهيم وما شاكلها، وتطلب ثمناً باهظاً لتقديم اليسير لدول العالم الإسلامي، ومع هذا التقدّم فقد أبقت الحضارة الغربية فراغاً واسعاً في مفاهيم كثيرة ضرورية لحفظ الفضيلة والعدل، تلك التي حاول الفلاسفة الغربيون في عصر التنوير أن يشكّكوا في مصداقيتها، وجاء الواقع الغربي اليوم نتيجة لهذه الفلسفة التي تعالج هذه الفراغات بتهمة وهميّتها، وعدم التأكد من ضرورة وجودها، وكان أخص هذه المفاهيم قانون الثقافة والتفكير، ونظام المجتمع التي عالجها الغرب بفلسفة ( الحرية ) تحت سلطة (العلمانية). إن العلمانية تُستعمل في الغرب سلطة وليست مفهوماً معالجاً، وهكذا هي في الرسم الفلسفي لها، لكن كثيراً من المجموعات الغربية ولاسيما الثقافية تريد أن تتحدث عن العلمانية كمفهوم راقٍ، مؤهل لحل مشاكل العالم كله، وأن على المسلمين أن يستوعبوا هذا الحل ويؤمنوا به كضمان لتطورهم، وصلاحيتهم للبقاء كما يفترض (فرانسيس فوكوياما)، وكأنه نسي أن الغرب حين صدّر العلمانية أو فرضها في بعض الدول الإسلامية أوجد أزمات من الارتكاس والتخلف، ولم يستنكر الغرب الاستفادة التي اقتبستها العلمانية في بعض البلاد الإسلامية من العقلية الشيوعية في فرض الذات والاستبداد والدكتاتورية، وربما كان هذا شكلاً من العلاقة معقولاً في فلسفة الغرب!! وإن كنا ندرك أن العالم الإسلامي ليس أرضاً صالحة للعلمانية مهما كانت الظروف؛ لأنه لا يعاني مشكلة مع الدِّين كما عانى ويعاني الغرب. صحيح أن هناك مشاكل نسبية مصدَّرة إلى الغرب، لكن بكل تأكيد فإن الغرب يصدر للعالم الإسلامي مشاكل أكثر عمقاً، وأيضاً فإن من السذاجة والوهم أن يُفترض أن المشاكل الملحة في الغرب مصدرة من العالم الإسلامي. إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر يجب ألاّ تتحول إلى سلطة تحاصر التفكير والعقلانية في قراءة المشكلة التي تواجه الغرب. يقول أحد فلاسفة الغرب: إن كل إنسان يمكن أن يكون مفكراً حراً. وربما كان يتحدث عن حقيقة مهمة، وهي: أن كل إنسان يمكن أن يتعرف على الحقيقة. بدون شك المجتمع الأمريكي يشكل سوقاً مفتوحة للأفكار كما يقول (فوكوياما)، ولكن الأقوى من الفكر هي مؤسسات الضغط، والتأميم الغربية السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية، التي تتمتع بتقاطع في المصالح خاصة في حركتها داخل المجتمع الغربي المستهلك، وإن كانت قد تكون قـادرة على التوحّد في الحركة الخارجية إلى حد ما. إن الفرد الغربي هنا يعيش تحت سلطة هذه المجموعة الساحقة لخياراته الخاصة. صحيح أن الفرد في الغرب يشعر بنوع من التعدّديّة في الاختيار، لكنها خيارات محدودة فرضها تصارع القوى المنتجة داخل المجتمع الغربي، وفي دائرة اللاوعي فإن الفرد الغربي لا يتمتع بحرية خاصة، بل يبقى أن الخيارات الثقافية والاجتماعية مفروضة عليه باسم الحرية، والحقيقة أنها مجموعة من السلطات المتعددة المستبدة، وربما كانت الكنيسة أكثر هدوءًا وعفوية في استهلاك الفرد لصالحها. 5/ غطرسة القوة والشر: إن الغرب يعيش مشكلة ملحَّة في داخله هو عاجز عن قراءتها، وهنا من الأفضل أن يصرف جهوده المزعومة لمعالجة مشكلة العالم الإسلامي إلى قراءة مشكلته الخاصة التي لم يكن العالم الإسلامي يوماً طرفاً فيها بإقرار الغرب نفسه. إن الغرب عاجز عن استيعاب ذاته، كما هو عاجز عن استيعاب الآخرين. حينما يفترض الغرب أن شرط صلاحياتك للبقاء ألاّ تكره الغرب ومفاهيمه الخاصة التي تتجه لسحق الآخرين، في حين أنه يمارس صناعة الأزمة المصعِّدة لمفهوم العداء ليس عند المسلمين فقط، بل هذه ظاهرة مشاهدة في القوى العالمية القائمة، فهو يطرح معادلة من الصعب على كل قوانين العلم والعقل أن تستوعبها أو تحترمها. إن كراهية الغرب ليست أزمة صنعها المسلمون، بل ثمة مؤثرات متعددة في هذا الواقع. وكثير من المجتمعات والشعوب في العالم كله تكره الغرب، وحتى تلك الدول التي قد تتأثر ببعض الأنماط السلوكية الغربية تبقى على تقاطع مع الغرب في مفاصل أكثر أهمية. ومن المهم أن يدرك المفكرون هناك أن شيئاً من مظاهر الإعجاب بالغرب لا تعني الإيمان به بكل تأكيد, وأن وجود مطاعم (ماكدونالد) التي لفتت نظر (فوكوياما) في المغرب لا تعني الكثير! العالم بشتى دياناته يعيش ظاهرة عامة من الكراهية للغرب وحتى التجمعات اللادينية تراهن على هذا الخيار، ومن المفضّل أن نحافظ على تذكر تجربة الغرب مع الاتحاد السوفيتي الذي لم يكن يشكل مفهوماً دينياً. والغرب يرى لنفسه حق كراهية الآخرين، ووصفهم بالشر، وصناعة مشاريع للصراع معهم، لكنه يختار أن تبادل الشعور بينه وبينهم يُعدّ جريمة من الضروري أن يصدّق عليها كل العالم تحت قانون "إن لم تكن معي فأنت ضدي"، وهذا القانون يفترض أن يؤمن به الغرب نفسه حين يُقدمه له العالم الإسلامي أو غيره من القوى الحضارية التي تفضِّل حتى الآن أن تتمتع بوجودها وسيادتها فقط، لكن الغرب في صراعه يتحرك تحت مفهوم تعطيل حركة الوجود لهذه القوى أياً كانت آلية الوصول إلى هذا الهدف ودرجتها الأخلاقية. ربما من المشكل في العقلية الغربية أنها عقلية ذاتية مطالِبة، من الصعب أن تستوعب خيارات الآخرين ومطالبهم، وليس سراً أن الغرب يكره القوى الحضارية المنافسة له، وفي مقدمتها العالم الإسلامي الذي قد تكون خطواته أكثر سرعة في ممارسة تعويق الاستبداد الغربي. إننا لم نطالب الغرب يوماً ما ألاّ يكرهنا إذا كان يفضل ذلك، ونفضل أن نتركه يمارس خياراته، لكننا نطالب أن يكون هناك قدر من الأدب الأخلاقي. والإسلام يستوعب التعامل مع الغرب، لكن المشكل أن مفهوم الحرية في الغرب لا يستطيع أن يستوعب التعامل مع الإسلام؛ لأن العلمانية تمارس سلطة يرسمها الأقوياء فقط في الغرب، ويصعدون لها ويحاولون إقناع العقلية الفردية في الغرب بها، تحت مواعدة قادمة في تصفية قوى الشر والإرهاب، كما يردّد الساسة وكثير من رجال الثقافة والفكر والإعلام هناك، لكن من المهم أن نؤكد للغرب في شتى طبقاته ومستوياته أننا قد نبدو بسطاء، لكن من الجيد أن يفهم الغرب أننا لسنا كذلك، وأننا نتمتع بدرجة كافية من الذكاء. إن الغرب قد يصنع للعالم الإسلامي من حيث لا يريد ما عجز عن الوصول إليه. وإذا كان الغرب يعتقد أنه خرج من عصر الظلمات من قرون قريبة، فإننا تجاوزنا عصر الظلمات منذ أكثر من أربعة عشر قرناً، وإننا في الوقت نفسه نفضل خيار التعامل بالعدل، والاتجاه للإصلاح البشري، ومعالجة الفساد والشر بشرط أن يكون لدى الغرب استعداد للاستماع إلى الحل الإسلامي المعتدل الذي هو رسالة الخير التي نحبها لكل الناس في العالم، ونبي الإسلام أرسل رحمة للعالمين، ويقول كما في الرواية الواردة عنه في كتب السنة الصحيحة: "من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة" فأي ضمان يمكن أن تقدمه رسالة للآخرين أرقى من هذا المفهوم؟! ومن الأفضل هنا أن يراجع الغرب موقفه في أخلاقيات التعامل مع القضايا الإسلامية. من وجهة نظرنا هذا هو الحل، ويبدو أنه حل يتسم بالاعتدال والعقلانية، ومن الأفضل أن نحترمه جميعاً، وأن نتجاوز المزايدة على الإسلام والمجتمعات الإسلامية لصناعة الصراع؛ لأن الغرب هنا بكل تأكيد يتصرف بغباء. إن قُرّاء الفلسفة الغربية يدركون أن ثمة مشكلة كامنة في العقلية الغربية وهي سيطرة عقلية الصراع، وفرضها على الفرد الغربي للمشاركة والتفاعل معها، لكن من المهم أن يدرك الغرب أن الصراع يقود إلى النهاية والحتمية، وهذا بكل تأكيد لا يستطيع الغرب التعامل معه واستيعابه. إن من أهم أسس الحضارة السماح للفرد فضلاً عن المجتمع بممارسة الخيارات الثقافية والاجتماعية، لكن الدوائر المتسلطة في الغرب غير مستعدة أن تمنح المسلمين هذا الحق حتى في تفسير الإسلام، فهي تريد أن تملي صياغة خاصة في مفهوم الإسلام، من أهم أسسه المحافظة على سيادة الغرب، وتسخير العالم الإسلامي حتى على مستوى العواطف والولاء له. هذه سطحية في قراءة الغرب لمشكلته وأزمته ونمط علاجها، ومن المهم أن يُدرك أنه يفكر ويتصرف بغباء ، ويتحرك إلى مصير مجهول. إننا نتطلع -من وحي رسالة الإسلام- أن نساعد الغرب في قراءة مشكلته والبحث معه عن الحل الذي يتسم بالعدل والعقلانية، لكن نبدو غير متشائمين حين يختار الغرب الخيار الثاني الذي لن يكون المسلمون مؤهلين لصناعته, لكنهم مؤهلون للتعامل معه. اخوكم المتحرك
__________________
إذَا أَنْتَ لَمْ تَعْشَقْ وَلَمْ تَعْرِفِ الهَوَى*** فَقُمْ واعْتَلِفْ تِبْنَاً فَأَنْتَ حِمَارُ |
الإشارات المرجعية |
|
|