|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
|
12-03-2006, 04:37 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2002
البلد: حيث السمو يكون .
المشاركات: 3,480
|
عُصارات ألم .. قصة قصيرة ..
لم تتمالك نفسها ، كانت قبل قليل تتصنع ضحكة ربما أخفت علي شيء
استدرت إليها وسألتها مابك ؟ قالت / هو ألم بسيط في معدتي أحس آآآآآه يبدو أننا بحاجة إلى المشفى ! قلت / إذاً أسرعي . لبست عباءتها نورة وجرت خطاها المثقلة خلفها أمسكت بيدها لأعينها على المشي نزلنا إلى السيارة أدرت مفتاح التشغيل وتلمست ناقل الحركة لأسير فإذا هي لحظات حتى صرت في المشفي في قسم الطوارى ، أحسست وأنا في الطريق أنها تخفي شيء عني أعلم أن لديها أوجاع في المعدة لكن أبداً لم تصل إلى هذه الدرجة يوماً من الأيام . نزلنا إلى المشفى ، أكملت أوراق روتينية مملة دائماً ماتسأل للمريض عند دخوله كتب الله لنا الفرج بدخولنا على الطبيبة المعالجة بعد عشرين دقيقة من الانتظار الممل حيث ترى بجوارك صاحب الربو ، ومرتفع الحرارة ونزلات البرد وجوه مسكينة ترجو عطف الاطباء لعلاجها . حينما دخلنا على الطبيبة بدأت بالضغط والحرارة وأمور ابتدائية لكل مريض ، نورة تهمس إلى الطبيبة بكلام عجزت أن أفهمه أو أسترق بعضاً منه ، رفعت نورة إلى الكشف السريري ، اقتربت منها فلمحت في عينيها بريق دمع واستشفيت صدراً مليء بالأحزان . قالت / أرجوك اذهب الان لترتاح ريثما انتهي أخبرك قلت / لا بل أنا مرتاح هنا جلست نصف ساعة ثم ماهي إلا لحظات حتى أُحضرت طبيبة أخرى تسمى بالاستشارية ثم أمضت مع نورة قرابة الربع ساعة ، ثم انفجرت نورة باكية . أتت إلي الاستشارية وقالت إن مكتب الاستشاري المناوب يحتاجك هناك أمر طارئ يجب أن تطلع عليه . ذهبت إلى ذلك المكتب الذي أشارت إليه الاستشارية وأنا في الطريق ذهب تفكيري إلى سوء لكن قطع تفكيري باب المكتب الذي أريد ، طرقت الباب ثم دخلت ، أهلاً يادكتور . قال / أهلاً بك . قلت / أنا خالد زوج نورة التي في الطوارىء قال / نعم نعم أعرفها جيداً . صعقت أنا من الخبر وتأكد عندي أن في الأمر سوء قلت / مالأمر يادكتور خبرني أرجوك أرح قلبي . قال / أنت رجل مؤمن بالله وترضى بقضاء الله وقدره زوجك مصابة منذ ولادة ابنتك بالخبيث أجارك الله . اسودت الدنيا بوجهي ، كيف لا ، ودُنيتي وحياتي وزهرتي وشريكتي قد أصابها ماأصابها قلت / يادكتور هل من حل لمرضها . قال / لا أخفيك سر أن زوجك تراجعنا لهذا المرض منذ أن وضعت ابنتك ( هديل ) قبل أكثر من سنتين وقد طلبت منا عدم إخبارك لألا تحزن عليها وكانت تراجعنا مع أخيها ( محمد ) . لم أتمالك نفسي أجهشت بالبكاء يالكِ من وفية يانورة ماأجمل صبرك وحسن معشرك أنتِ بسمتي حين حَزَني وأنتي سلوتي في وجعي وأنتِ بلسمي في توجعي ماأجملك ، ماأطهرك ، ماأجمل عفتك ونزاهة قلبك ، لكي الله كل ذا من أجلي قد مضى على مرضك أكثر من سنتين ووالله لم أعلم يوماً إلا أن وجع المغص هو تهربك من تساؤلي لك ، حبيبتي لن أنساك في محنتك سأقف جبل شامخ من أجلك ومن أجل وفائك لي . خالد خالد خالد خالد خالد كان الطبيب يناديني وأنا هائم في دموعي وذكراي أجبته بنعم ، واعذرني يادكتور قال / لابأس عليك المهم زوجك بحاجة إلى عملية مستعجلة جداً لأن زوجك لم تتابع معنا المتابعة الجيدة فلذلك تضاعف عليها المرض أرجو أن توقع هنا لنبدأ بعد ساعة . ياإلهي مصائب تتوالى وراء بعضها البعض ، يارب لطفاً بالفتى يارب سترك إنا لله وإنا إليه راجعون ، الهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها . ... وقع هنا نعم في هذه الخانة ، شخطت شخطين لا أعرف لم قد تكون نفسي أرادت أن تقول لا لكن خانها القلم ، أم هو الخوف على غاليتي التي تصارع الألم . شكرني الدكتور ثم قال لاحاجة لوجودك هنا الآن اذهب إلى البيت وسنخبرك ريثما ننتهي إن شاء الله ، سرت عائداً إلى الغرفة التي فيها زوجي طرقت الباب فتحت لي الممرضة ذات الجنسية الفلبينية استأذنت لأنظر إن كانت زوجي تريد شيء أم لا ادخلتني ثم يممت نحوها ، فلما التقت العينان انفجرت بالبكاء كأنني طفل صغير قد فقد أمه تذكرتها وأيامها الماضية ، حرصها على مشاعري ، وحُق لي البكاء . انصرفت إلى البيت لم يتبقى على صلاة الفجر سوى ساعتين ، ركبت سيارتي وعدت قافلاً إلى البيت وحدي ، دخلت البيت وحدي ، لم يكن هناك أحد في استقبالي كعادتي يالها من وحشة أحس بها ، أحاسيس غريبة لم أفهمها كانت تراودني ، جلست على الأريكة وفتحت التلفاز ثم سحبني النوم إلى أعماقه التي أسعدني قليلاً وأخرجني من ردهات الزمن المحزنة . ... استيقظت من نومي في تمام الساعة التاسعة صباحاً على اتصال محمد أخ زوجي يخبرني بأنهم بحاجة إلي بالمشفى ، أغلقت السماعة تذكرت أنني لم أصل الفجر توضأت وصليت ثم هي لحظات حتى كنت هناك وجدت محمداً ووجهه قد تغير ودموعه تنهمر ، حين شاهدني حاول إخفاء ملامح وجهه الحزينة قلت له مالخبر قال / لاشيء نورة نقلت إلى العملية الثالثة وهي بحاجة إلى دم ، هممت على وجهي لاأعلم أين أذهب إنني أبحث عن بنك الدم ، استوقفني محمد وقال لكن الطبيب المعالج يبحث عنك . ذهبت إليه قلت / أردتني إنني أريد أن أتبرع لزوجي أرجوك عجل بنا يادكتور قال / يا خالد أنت رجل مؤمن بقضاء الله وقدره ، زوجك تطلبك الحل ، لله ماأخذ وله ماأعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ، ثم مضى وتركني وحدي . ... الجزء الثاني .. .. مضت أيام كثيرة لم يكن خالد يعرف ماذا يفعل كان الهدوء يخيم على المكان تلفاز مغلق أرائك كثيرة لم يكن يجلس عليها إلا أياه كانت فارغة إلا منه النافذة كانت تدخل شعاع الشمس بكل هدوء مراعاة لحال خالد الذي كان سارحاً جلس يفكر ، هل أبقى هكذا طوال الوقت هل هذا هو الوفاء لزوجة ضحّت من أجلي بالكثير أم أن فيَّ خلل يجب أن أعدل هذا الخيار ، رنّت في أذنه هذه الكلمة كثيراً ثم نهض وقال : نعم ليس هذا حلاً ليس حل بل يجب أن أبحث عنه ثم صرخ صرخة وقال سأفعل بملىء فيه وكأنه أزاح عن نفسه كابوساً قد خيم على نفسه كثيراً بعد موت نورة أقصد الزوجة الوفية نهض كأنه أسد قد بات في عرين كان الجو فيه شاتيا ، نهض وكله تفكير بماضيه الجميل وحاضره ا لتعيس لكن هو القدر فإيمانه بالله يمنعه من التسخط والضجر ... كانت أمانيه بعودة تلك الأيام الجميلة التي مضت مع زوجه ... مضى إلى مدرسته بعد غياب دام طويلاً ، دخل إلى الإدارة استبشر المدير بخروجه طلب له كوب شاي ونادى المدرسين الذين لم يكن لديهم بذلك الوقت حصص يدرسوها ودار بينهم حوار حار كيف لا وهو المدرس المحبوب الذي أجبر الناس على حبه ... المدير : أهلاً أستاذ خالد ، كيف أنت ، هداك الله أهكذا تفعل بأحبابك . خالد : ياأبا محمد ، أيام مرت أشد علي من أي وقت مضى . ... دخل المدرسون وسلموا على خالد وهنأوه بمناسبة عودته . المدير : حمداً لله على سلامتك . خالد : سلمك الله ، هي أيام عدت ، عسى الله ألا يعيدها إلا بخير . ... استأذن خالد ومضى إلى فصله . دخل خالد إلى فصله المحبوب فصل ثالث شرعي وسلم عليهم خالد : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . الطلاب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، كيف حالك ياأستاذ خالد . خالد : الحمد لله كيف أنتم لقد اشتقت إليكم كثيراً ياأحبابي . صالح : ونحن كذلك ياأستاذ ، لقد حزنا على فقدك . محمد : أين كنت ياأستاذ . خالد : ياأبنائي دعوكم من هذا ، سأحدثكم بحديث أرعوا لي سمعكم أرجوكم سعد : تفضل ياأستاذ ، كلنا آذان صاغية . خالد : أحبابي أنتم ياأبنائي ، كل إنسان يمر بأيام عصيبة وأيام سعيدة يكون فيها كما يقدر له الله فالسعيد من يرضى بالقدر ويسلم لله الأمر من قبل ومن بعد ، الشخص مملوك لربه كل أمره لله حسه لله ، حركته لله ، قوله لله ، فعله لله ، كل جزء من جسمه لله ، كل ذرة منه لله سلموا أمركم لله من توكل على الله وكله الله ، ومن توكل على غير الله وكل إلى من توكل عليه أحبابي إن الأمة بحاجة إليكم ، إلى بذلكم إلى عطائكم ، همتكم ، بحاجة إلى أصحاب قيادات فذة تقود العالم الإسلامي إلى الخير ، بحاجة إلى بصيرة ثاقبة ، أنتم أجيال المستقبل بناة ولُبنات البناء بحاجة إليكم لتكونوا معاول بناء لا معاول هدم في هذا الصرح الكبير أبنائي إن الإعلام يسعى لخرابكم فكونوا أنتم إعلام المستقبل أحبابي العولمة شيء كبير لاأستطيع أن أصح بأكثر من أنه يحاول القضاء على الإسلام فلنجاهد لتسيير العولمة لخدمة الإسلام ، أنتم ياقادة المستقبل إن لم تكونوا أرباب عقول فمن يكون أبنائي إن لم تحملوا هم الإسلام فلا تجعلوا الإسلام يحمل همكم ، انظروا إلى قيادات الماضي إن لكم فيهم عبر لايضيركم كلام المغرضين فيهم ، أناس ماتوا من اجل لاإله إلا الله . لكم في الصبي الذي في قصة أصحاب الأخدود أثر ، ولأصحاب الكهف عِبر ، وليكن في جيلكم أثر . أحبابي أوصيكم بالقرآن خيرا فما ظل من تمسك بالقرآن وهدي محمد صلى الله عليه وسلم . أبنائي لن أطيل عليكم فخير الكلام ماقل ودل ، ويكفي من القلادة ماأحاط بالعنق . ... خرج خالد من فصله سعيداً كأنما أطاح عن نفسه حملاً ثقيلاً كان على كاهله . ... غاب الأستاذ خالد عن المدرسة مدة يومين بل ثلاثة فاليوم هو اليوم الثالث لكن على غير عادته غاب بلا عذر ، وبدون استأذان ، غريب أمره أستاذ خالد . ... وفي اليوم الرابع أتى للمدرسة اتصال بنبرة حزينة كانت تخفي خلفها أنين رنان قال هل من الممكن أن أحدث الأستاذ صالح ؟ صالح : معك الأستاذ صالح ، مالخطب . أستاذ خالد أصيب بحادث قبل أربعة أيام وهو اليوم يطلبكم مسامحته والعفو عنه فلقد استوفاه الله ، لله ماأخذ وله ماأعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى . ... رحمك الله ياأستاذ خالد ورحم زوجك ، فلقد ندر أن يجتمع مثليكما . ... قد يرى من يرى أن الجزء الأول قد كُتِب بنسق يختلف عما اخترته لقصتي في الجزء الأول ، لكن سبق أن طرحت هذه القصة وتفاجأت بأحدهم يقول لي ( رحم الله زوجك وتغمدها بواسع رحمته ) ، لذلك جرى التنويه .
__________________
|
12-03-2006, 05:45 PM | #2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2006
البلد: -- القلب بيتك وأنت وحدك سكنها --
المشاركات: 1,149
|
قصة مؤثرة جدا أخي السمو
ما أصعب مثل تلك اللحظات إنالله وإناإليه راجعون .
__________________
|
12-03-2006, 06:20 PM | #3 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: May 2004
البلد: ! The Island Of Ducks
المشاركات: 3,837
|
لها الله تلك الزوجة الوفية ..
قصة مؤثرة جداً .. بارك الله فيك أخي السمو |
13-03-2006, 01:35 PM | #4 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Feb 2005
البلد: واحة النجوم
المشاركات: 3,304
|
حبكٌ رائع ..
لا تعبت أناملك .. بوركت أخي ..
__________________
(يابني أركب معنا ) .. لم أعد أكتب بمعرف [ أبوفارس الخالدي ] وذلك لوجود من انتحل هذا الاسم في منتديات كثيرة وهو ليس لي مع فائق الود والتحية . |
13-03-2006, 09:41 PM | #5 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2002
البلد: حيث السمو يكون .
المشاركات: 3,480
|
الغالي : أبو ثامر
... كل الشكر والتقدير لك بمرورك الكريم
__________________
|
13-03-2006, 09:51 PM | #6 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2002
البلد: حيث السمو يكون .
المشاركات: 3,480
|
الغالي : الأفعى
... كفانا الله شر الأفاعي ، شكراً لمروركم الميمون .
__________________
|
14-03-2006, 12:09 AM | #7 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2002
البلد: حيث السمو يكون .
المشاركات: 3,480
|
الغالي : أبو فارس الخالدي
... شكراً لمرورك ، وأما بشأن أناملي فقد ( تمصعت ) :D .
__________________
|
الإشارات المرجعية |
|
|