[أبوعمر السحيم]

بسم الله

>>وقف شامخاً .. وظل سامقاً .. لفترات طويلة .. وأوقات مديدة .. تحيط به البنيان من جهات عديدة .. إنه ذلك المسجد المبارك .. الذي طالما باتت مآذنه تعلن الحق .. وتشدو بالدين .. وتنغم بالفضيلة .. تأبى أن تقول الباطل .. وأن تعلنه وتذيعه .. بل : تدحره فإذا هو زاهق بإذن ربها .. وتفنده فإذا هو مضمحل بمشيئة باريها .. ظلت على ذلك زماناً طويلاً ..
>>حيث تتهافت جموع المصلين .. وتتنادى زرافات الموحدين .. إلى ذلك الجامع المتواضع .. والمسجد الطاهر .. في كل عيد أسبوع .. كل يوم جمعة فاضل .. حيث تعبد خالقها .. وتخضع بين يديه .. ملبية أمره .. مقيمة شرعه .. وتنتظر ذلك الشيـخ الجليل .. والعـالم الوقور .. والمربي الفاضل .. والخطيب المفوه .. صاحب الخطب الرنانة .. والكلمات المسموعة .. تنتظره أن يطل بطلعته البهية من فوق منبره القابع في قبلة مسجده .
>>فلقد كان – حفظه الله – يسخر هذا المنبر لخدمة الحق والدفاع عنه .. في وقت علت فيه صيحات الباطل والضلال .. والسخف والانحطاط .. والرذيلة والانحلال .. وكادت أن تخبوا أصوات الصالحين .. وتضمر نداءات المصلحين .. وتتلاشى أنوار المؤمنين .. وعزت فيه كلمة الحق .. فلا تكاد تجد من يكون لها معلناً .. ولحقيقتها ناشراً ..
>>فكان إذا خطب اهتز له المسجد تفاعلاً .. وضجت له الجدر تأييداً .. وتحمل الناس أن يجلسوا تحت أشعة الشمس الحارقة .. ولهيبها المؤذي .. مقابل أن يستمعوا إلى خطبة تستحق أن تسمع !! في حينٍ لا تكـاد تسمـع فيه : إلى ما يسمى ( خطبة ) على الحقيقة !! وإن قارب بعضها أن يكون خطبة .. فهل تكون مروية للغليل ؟ شافية للعليل ؟ إن القلة من الخطب كذلك .
>>ولكنه أبى – حفظه الله - ذلك الوضع المؤسف .. ورفض ذلك الواقع المأساوي .. من انخفاض كلمة السمو والشرف .. وعلو كلمة الذل والمهانة .. وحاول جاهداً بما أوتي من قوة .. أن يرفع نداء الحق .. وأن يجهر به .. وأن يجعله مدوياً في الآفاق .. فما وضعت المنابر إلا لذلك .. ولا أنشأت إلا من أجله .. ولو تكلمت المنابر !! لقالت مثل هذا .. ولو فعلت !! لأنزلت عنها من ليس أهلاً .
>>فعرف – حفظه الله – هذا الهدف السامي .. والمقصد النبيل .. والغاية الفاضلة .. فكان من البدهي أن ينفذ هذا الهدف والغاية .. فليس من العقل الحكمة : أن يعرف الحق عارف ثم يحيد عنه .. وأن يبصر الطريق مبصر ثم يميل إلى غيره !! فكان – حفظه الله – في غاية العقل والحكمة .
>>فاعتلى المنبر بحقه .. وصعده بأمانته .. فلم يكن يطيق السكوت عن الحق .. أو الإغضاء عن الباطل .. بل كان يقول الحق .. ويصدع بكلمته .. ولا يخشى في الله لومة لائم .. كيف لا !! والساكت عن الحق شيطان أخرس .. كما أن الناطق به : شيطان متكلم .. فعلت همته .. وارتفعت نفسه عن أن يكون شيطاناً بأي حال .. لا أخرساًَ ولا متكلماً .
>>إنه فضيلة الشيخ : أحمد بن عبد العزيز الشاوي .. ذلك الخطيب المصقع .. والمتكلم المفوه .. الذي ما فتئ يصعد المنبر محذراً من شـر فشا .. أو ضر ووباء .. أو فتنة انتشرت .. أو يظهر زيفاً .. أو يكشف حقيقة علمانية .. أو شبهة نفاقية .. أو واقعاً مريراً .. فلقـد كان غصة في حلوق المفسدين .. وعلقماً في أجواف الضالين .. وشوكة في أفئدة المبطلين .. وكم دعا إلى خير .. و أرشد إلى فضيلة .. ووجه إلى معروف .. فأحبه الناس لصدقه .. وفضلوه على غيره .. وهم شهداء الله في أرضه .. ونحسبه كذلك والله حسيبه .. ولا نزكي على الله أحداً .. فحار المنافقون .. وضجر المعادون .. ونفد صبرهم عليه .. فكم أفسد لهم من مخطط .. وحذَّر الناس منه .. فتركه الناس وخافوا منه .. فكسد سوقه .. وضاعت بضاعته .. وخارت قواه .. فنكص على عقبيه .. وجثا على ركبتيه .. وذلك عبر خطبه المدوية .. فما كان لهم من حلٍّ .. إلا : أن ينزلوه من منبره .. ويزيلوه عن مكانه .. وإن مما ظهر لنا : أنه أهل لهذا المكان .. ومهيأٌ له .. ولكن نجح كيـدهم .. وظفر سعيهـم ..  وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ  ..  وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ  .. وعسى الله أن يخيب سعيهم .. ويظهر كيدهم .. ويرده في نحورهم .. ويكشف ستورهم ..
>>وإننا لنرجو أن يكون هذا لوقت قصير .. لا لأمد بعيد .. فما هذا حق المنصحين .. ولا جزاء الصادقين .. وقد قال – حفظه الله – في خطبتـه عن رجال الهيـئات : (( وهل كل مخطئ حقه الإلغاء ؟ )) .. فكم سيلغى من دائرة حكومية .. وجهة رسمية .. ووزارة ذات أهمية !! ولكن من يخطئ حقه التقويم والتعليم .. والنصـح والتوجيه .. (( فالدين النصيحة )) .. والمؤمن مرآة أخيه المؤمن .. ورحم الله امرء أهدى لأخيه العيوب .. وأبصره بمواقع الخلل والذنوب .. وما كانت الأمة لتتعامل مع علمائها كهذا التعامل .. فإن حقهم التعظيم والتبجيل .. والاحترام والتقدير .. وما تعاملت أمة مع علمائها كهذا التعامل إلا كان عنوان انحطاط .. فما حياة الأمة بلا علماء ؟ .. هم مصابيح الدجى .. ومنارات الهدى .. والجميع يعلم .. أن التاريخ لا يرحم .. وسيذكر كل شيء ولا يخفي .. ويظهر ويبدي .. فمن يريد أن ينقش في صفحـات التاريخ نقوشاً مظلمة .. أو مواقف مخزية ؟؟
>>وقد كنت أتتبع كثيراً من خطبـه .. وأستمع إليها .. وأتلذذ بها .. فلم ألتمس منها خطأ .. أو أرى فيها عيباً .. فهو صاحب فهم ثاقب .. ونظر غير قاصر .. فخطبه : مضموناً وأسلوباً وصياغةً وأداءً .. لا تجد فيها منقداً .. أو تبصر فيهـا خللاً .. إلا ما قل وندر .. وهذه عادة البشر .. وما منزه ولا معصوم .. إلا محمد  .
>>ولما كان هذا هو الحال .. وما تقرأه هو الواقع .. كان علينا وفاءً .. وحق لزاماً : رد بعض الجميل .. لشيخ مدينتنا المعطاء .. بريدة العطاء .. أن نجمع آثاره العلمية هنا في هذا الموضوع .. ونتاجه العلمي أيضاً .. فمن وجد خطبة .. صوتية كانت أو مكتوبة .. فلينزلها هنا.. ومن عثر على مكتوب كذلك فليضعه هنا.. ومن كان قريباً من الشيخ .. ومقرباً منه .. فليفدنا بما عنده مما ينتظر النشر .. لتعم الفائدة .. وينتشر الخير .. ويكثر المستفيد .. فهنا تجمع آثاره العلمية .. ومن هنا يستفاد منها .. ولنكن لذلك من السابقين .. فنحن أحق بهذا من غيرنا .. وأولى بشيخنا من غيرنا .. ففضله علينا عظيم .. وحقه علينا كبير ..
>>نفع الله الجميع .. ونفع بهم .. وأعاذنا وإياهم من الفتن .. ما ظهر منها وما بطن .. وثبتنا وإياهم على ما يرضيه .. حتى نلاقيه وهو راضٍ عنهـم غير غضبان .. ووقانا وإياهم من الشرور .. وكيد كل خوان كفور .. ومعاند ظلوم .
>>هذا ما خطر في الخاطر .. فعبر عنه القلب .. و سال به مداد القلم .. ومشى به على الورق .. في ظهر يوم الاثنين الموافق للثالث من الشهر الخامس .. من عام سبع وعشرين وأربع مئة وألف .. ولله در القائل :
إن تجد عيباً فسد الخللا * جل من لا عيب فيه وعلا
وقد قيل : ( اعلم يا أخي أنه لا يكتب إنسان في يومه إلا قال في غده : لو كان غير هذا لكان أحسن ... فهذا من أعظم العبر .. ودليل استيلاء النقص على البشر .. ولا يقدر ولا يكون .. إلا ما أراده وقضاه من أمره بين الكاف والنون )) .

والسلام عليكم .. وصلِّ اللهم على محمد .

[الـصـمـصـام]

جزاكـ الله خيراً أخي المُبارك
و إليكم

موقع الشيخ أحمد الشاوي .. التابع لشبكة نور الإسلامـ

فيه من الخطب الصوتية و المكتوبة

[الاسطورة]

كلمة حق ووفاء جادت بها أناملك أخي أبا عمر وهي قليل من كثير في حق خطيبنا
فكم انتشينا بسماع خطبه
لكن الشيء الذي يجب أن نفهمه أن إيقافه دليل صدقه وعنوان إخلاصه
وأن صيحات الحق التي كان يشنف بها أسماعنا قد أقضت مضاجع المنادين بحرية التعبير وتقبل الرأي الآخر وإفساح المجال أمام الجميع ليستنشق الناس هواء الحرية الطلق وعبير التسامح الشذي
تحياتي لأدعياء الحرية ومروجي الديمقراطية ... الذين جعلوامن تكميم الأفواه وكبت الحريات طريقـاً لهم لما عجزوا عن مقارعة حججه ومنازلة أدلته.............

[أبوعمر السحيم]

السلام عليكم ..

أخي : الصمصام ..
أشكر مرورك المبارك ..
وأقدر إضافتك ..
نحن بحاجة إلى مثل هذه الإضافات الضافية ..

أخي : الأسطورة ..
شرفت الموضوع بمرورك الكريم ..
كلام واقعي جميل ..


وشكراً ..