بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » الغذامي بكل شجاعة يقف ضد الفصل العنصري في السعودية ..من سلسلة مقالات جديدة في لرياض.

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 09-11-2006, 06:16 PM   #1
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
الغذامي بكل شجاعة يقف ضد الفصل العنصري في السعودية ..من سلسلة مقالات جديدة في لرياض.

فجر الكاتب العملاق الدكتور عبد الله الغذامي قنبلة مشبعة باليورانيم اليوم في جريدة الرياض:هو يصب جام غضبه على العنصرية المقيتة في مجتمعنا ....كما أنه ألمح إلى احتمال عدم استطاعته إكمال سلسلة مقالاته الخطيرة بسب إيقافها ؟؟؟؟؟؟
http://www.alriyadh.com/2006/11/09/article200334.html
د. عبدالله محمد الغذامي
أثارت قضية منصور وفاطمة أسئلة ضرورية حول دور القبيلة في مجتمعنا وفي تصوراتنا حول أنفسنا وطريقة نظرة بعضنا لبعض، وقصة منصور وفاطمة أنهما زوجان ينسب أحدهما وهي فاطمة الى نسب قبلي، أما زوجها منصور فليس لديه نسب قبلي ثابت، وقد تزوجا برغبة منهما وبموافقة من ولي أمر الفتاة، وبعد فترة من الزواج والإنجاب، أثار اخوة فاطمة غير الأشقاء دعوى قضائية يطلبون فسخ الزواج بحجة عدم تكافؤ النسب، ولقد كسب الاخوة القضية حيث حكم القاضي بالخلع معللاً ذلك بعدم شرعية زواج (غير المنتسب لقبيلة) من امرأة ذات نسب قبلي، وأكد ما ذهب اليه الاخوة بأن مثل هذا الزواج يلحق ضررا بسائر افراد الأسرة لأنه يقدح في نسبهم وفي علاقات الرحم والزواجات الحالية والقادمة.
هذه قضية خطرة من جميع جوانبها، المباشر منها الخاص بامرأة وأطفالها وزوجها، وما جرى من التفريق بينما وعدم الاكتراث لخياراتهما الخاصة، وكذلك هي خطرة من حيث المفاهيم التي جرتها هذه الحادثة من حيث الحجج التي سيقت لشرح القضية وتبريرها (أو رفضها) وكذلك في طريقة سلوك الزوج في مواجهة الحادثة حيث راح يؤكد أنه ذو نسب قبلي، وهذا التأكيد منه عزز من مفهوم القبيلة وعزز من موقف القاضي وموقف الاخوة المدعين ضده، حيث صارت المحاجة تقوم عليه لاثبات دعواه في الانتساب، وضاعت قضية التكافؤ بوصفها سؤالاً جوهرياً، وصار الزوج نفسه عامل تعزيز لمفهوم تكافؤ النسب، وبذا جرى تقليص القضية قضاياً لتنحصر في منصور وعما اذا كان من قبيلة أم لا وكان الأهم من ذلك كله أن يبقى السؤال حول صحة (أو عدم صحة) الدعوى في شرط التكافؤ وعما اذا كانت القبيلة هي عنوان التكافؤ وصورته أم لا.

في هذه المقالات التي قد تطول وتتعدد سأحاول طرح سؤال القبيلة، وهو سؤال اجتماعي وثقافي أعرف انه حساس ودقيق، ولقد مر علي عهد ليس بالقصير وانا أنوي طرح مسألة القبيلة في مجتمعنا بما انها تمثل نسقا ثقافيا لابد من التساؤل حوله، وكنت أعزم وأنوي ثم انصرف وأسوف تخوفا من مغبة الأمر وتحسبا من حساسية المجتمع، ولقد قررت مرة أن أجعله موضوع محاضرة، وقررت أن أفاتح الصديق الدكتور يحيى الجنيد لتكون المحاضرة عنده في مركز الملك فيصل للبحوث وراحت الفكرة وجاءت مرارا، ولكنني ترددت وتركت الفكرة ومرت سنوات وهي تجيء وتروح، ثم فكرت أن أجعلها في بحث علمي مطول عن سلوك وسيرة النسق الثقافي، وارتحت لهذا الأمر لأنه يعطي مجالا لأن أشرح الفكرة بتوسع وتوثيق، وأرفع عن كاهلي مخاطر المجازفة التي أتوقعها من محاضرة عامة قد تستجلب لغطا كبيرا ومصارعة اجتماعية مؤكدة، ومع هذا التردد بين فكرة وأخرى كنت أطرح الأمر في مجالسي الخاصة مستقرئاً وجهات النظر، ولم تخل هذه المجالس من مفاجآت حيث تكلمت مرة مع رجل ذي شأن ثقافي واجتماعي (وقبلي) كبير، فما كان منه الا ان سألني عن نسبي وعن قبيلتي، وحينما سمع جوابي راح يلومني على طرحي لأمر يراه مسألة فطرية وطبيعية وذلك في فضل القبيلة وأبناء القبائل على غيرهم.

لقد كان الرجل عالما ومثقفا جليلا وهو صاحب فكر تنويري واصلاحي، كما انه ابن مدينة وسليل ثقافة مدنية، ولا يعرف عن القبيلة سوى ماهو موجود في شجرة أنساب معلقة في منزله، وحينما كنت أجيبه عن نسبي وعن قبيلتي كنت أفعل هذا بتلقائية وبساطة ولم يتضمن كلامي اي معنى تبجيلي او تفضيلي لنسبي ولا لقبيلتي، بل انني سخرت من نفسي حينما قلت له ربما تشك في نسبي لأن الناس يصفون قبيلتي بالشجاعة والكرم، وأنا لست شجاعاً ولست كريما، خاصة الكرم الجاهلي الذي يمارس في مجتمعنا من ذبح للأغنام واهدار للأموال، وقلت له ان كرمي هو الكرم النبوي حيث كان رسول الله يطعم ضيوفه من طعام بيته، ولم يؤثر عنه أنه كان يقدم المفاطيح ولا الغوزي لمن هب ودب من كبار الكروش، وقلت له لو جئت لبيتي فسأعشيك فولا وتميزا او جبنة وزيتونا، هذا هو عشائي وعشاء من جاء لمنزلي، وزدت عليه في القول حتى أبلغته انني لا استقبل احدا في منزلي الا بعد موعد سابق حتى اخواني واخواتي لا يحضرون الا بعد مهاتفة واتفاق على موعد، وذكرت له قصصا عن أناس اعتذرت عن ادخالهم باب بيتي بعد أن طرقوا الباب على غير ميعاد، وقد حدث هذا عددا من المرات.

كان يسمع مني وتلهى عن الرد، وكنت اشعر بامتعاضه من ذلك ولعله قارن ما كنت أطرحه من تساؤلات عن القبيلة وما سمعه من وصفي للكرم الجاهلي ومن احترامي للزمن والمواعيد والخصوصيات، لعله رأى في هذه وتلك عقوقا لقيم القبيلة وتنكرا للأصل، ولعل الذي منعه من الجهر بهذا هو ما اعرفه مما شاع عنه من وصف الناس له بالتنوير.

وليس في نيتي ذكر اسم صاحبي هذا وهو رجل معروف ومشهور، ولكنني اشير الى صفته لأقول انه مثال على ما نسميه في النقد الثقافي بالنسق المضمر، وذلك حينما يكون الوعي الثقافي تنويريا والمضمر الذهني رجعيا، وهي صفة لو تمعنا فيها لوجدناها تصيب كثيرا من المثقفين الذين هم نسقيون دون ان يعوا ذلك، ولذا تراهم يقولون بفكر ثقافي متطور ظاهريا ولكنهم ينطوون على مضمر نسقي خطير يقعون ضحية له وينكشف من وراء خطابهم، وهذا ما نسميه بالعمى الثقافي حينما يعجز المرء عن اكتشاف عيوبه، واذا كشفتها له راح يصفك بأنك أنت نسقي ويسوق على ذلك أدلة يظن انه يدينك بها.

والأمر ان كل واحد منا هو نسقي بالضرورة الثقافية، ولكن الفارق هو بين شخص يعترف بنسقيته وعيوبه، وشخص آخر ينكرها ويحتال عليها باتهام غيره وبتعيير ناقده بعيب مشترك بين الاثنين، ولا شك ان هذا عيب ثقافي خطر يحتاج دوما إلى كشف وتعرية، وليس من السهل ان تقول: ان كثيرا من المثقفين هم نسقيون ورجعيون في حين انهم يدعون التنوير، وليس سهلا ان تقول عن نفسك انك معيب مثلهم، وانك لست الصحيح بين المرضى ولست ملاكا بين آثمين، انك تحتاج إلى جرعة عالية من الوعي كي ترى عيوبك، تماما مثلما ترى عيوب الثقافة، وعيوب الثقافة هي بالضرورة عيوب لكل افرادها، ولا يمكن الافتراض ان واحدا من افراد الثقافة سيتميز كليا عن قومه حتى ليكون نقيا وسط التلوث وطاهرا وسط النجاسة، هذا تصور خاطئ معرفيا.. واذا كنا نريد كشف ورقة القبيلة فاننا هنا بصدد ممارسة النقد الذاتي ومحاولة كشف النسق الثقافي المتأصل فينا، وبحق كل ذلك أم بباطل، وهذا امر ليس بالهين ولا بالمختصر واني انوي - ان شاء الله - اثارة الموضوع بتفصيل وتوسع، في بضع مقالات قد تبلغ سبعا أو تزيد، وان حبسني حابس فمحلي حيث صار الحابس وهو عذر لدى قرائي وقارئاتي.


/////////////////////////// انتهى .
ريبد غير متصل  


قديم(ـة) 09-11-2006, 07:21 PM   #2
المسحراتي
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Nov 2006
المشاركات: 110
اقتباس
وأنا لست شجاعاً ولست كريما، خاصة الكرم الجاهلي الذي يمارس في مجتمعنا من ذبح للأغنام واهدار للأموال، وقلت له ان كرمي هو الكرم النبوي حيث كان رسول الله يطعم ضيوفه من طعام بيته، ولم يؤثر عنه أنه كان يقدم المفاطيح ولا الغوزي لمن هب ودب من كبار الكروش

قال تعالى " هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون " الذاريات

ولذلك سماه النبي صلى الله عليه وسلم أبو الضيفان
المسحراتي غير متصل  
قديم(ـة) 15-11-2006, 07:35 PM   #3
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
العزيز المسحراتي

شكرا لمرورك وإضافتك .

العزيز ابو محمد النجدي

اشاركك الرأي في هذا الكاتب المختلف .

ونحن على موعد غدا مع أولى محطات هذه السلسلة المثيرة ...
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 16-11-2006, 07:07 AM   #4
المتزن
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2002
البلد: بريدة
المشاركات: 2,071
عبدالله الغذامي أجاد أيما إجادة في هذا المقال " الأول " " الناعم " , وإن كان قد شطح فيه قليلاً عندما تحدث عن حاله مع ضيوفه وعن الكرم الجاهلي .

عموماً وكما سبق وأن ذكرتُ :

الموضوع يجب أن يـُطرق كثيراً , وأن يأتي حله من القمة أي من النخبة ( خصوصاً العلماء وطلبة العلم والمثقفين المقبولين )


شكراً لك أخي ريبد على نقلك الجميل ,,


وتقبل تحياتي 00
المتزن
__________________
في المجتمع المريض الاستشهاد بالرجال أولى من الاستشهاد بالأدلة والأفكار !!



المتزن غير متصل  
قديم(ـة) 23-11-2006, 12:49 PM   #5
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
القبيلة والمجتمع (2)

القبيلة والمجتمع (2)


د. عبدالله محمد الغذامي

ليس في نيتي الاستهانة بالقبيلة كما ليس في نيتي إعطاء القبيلة قيمة ليست لها، ولا شك أن الحديث عن القبيلة في مجتمعنا يتطلب من الكاتب قدراً كبيراً من الحيطة العلمية والأخلاقية، وأنت إن أخذت في ذم القبيلة وتأثيمها فإنك ستغضب نصف المجتمع، وفي المقابل فإنك ستغضب النصف الآخر (وتهميشه أيضاً) فيما لو أنك جعلت القبيلة ميزاناً للتكافؤ بين الناس بحيث يتفوق القبلي على غيره بالفطرة والطبيعة.
وهذا أمر خاطئ في المقياس الأخلاقي وفي المقياس العلمي والمعرفي معاً، ولذا فإن الباحثين ذوي الأصول القبلية تزداد مسؤوليتهم العلمية والخلقية لبحث هذه القضية بحثاً علمياً نقدياً، بما إن ذلك نقد للذات وكشف عن العيوب في تصور الذات لنفسها وللآخرين من حولها.

ولذا فإن مقالاتي هذه هي سياحة ثقافية اجتماعية في أرض الأشواك، وهي نقد للذات، مثلما هي قراءة للأنساق، ومحاولة للتبصر، ولسوف يختلط فيها الفكري بالسردي والبحث بالسواليف وستتداخل التأملات مع الحكايات.

وأبدأ بهذه الحكاية المفترضة، وهي أن رجلاً فاضلاً اسمه (سالف) نشأ في جو من الحياة العادية في جوع وخوف، ولكنه انتصر على جوعه وذله بشجاعة فؤاده وكرم يده، وقاد حياته بالسيف من جهة والأريحية من جهة ثانية وصار له ولد كثير، وبعد موته خلفه بنوه وكانوا أبناء عز وجاه سببه شجاعة أبيهم وكرمه، ولم يكونوا يعرفون عن ماضي أبيهم في الكدح والمكابدة، وكانت صورة الأب الشجاع الكريم هي المعنى الباقي في نفوسهم، ومع الزمن صار لديهم ولدى أبنائهم حس بأن الشجاعة التي اتصف بها أبوهم لم تكن نتيجة لعمل وكدح منه من بعد جوع وذل، ولكنها تبدت للأولاد وللأحفاد بشكل أشد، تبدت وكأنها ميزة في العرق والدم، وصار بنوه وسلالتهم يشعرون بأن دم جدهم الشيخ سالف هو دم نبيل وشريف وراق، ومن ثم فإنه يتفوق عرقا ونسباً واسماً وتاريخاً وذاكرة على كل من سواه، وصار لدى البنين تصور أنهم عرق الشجاعة والكرم - مع أنهم لم يكونوا كلهم على صفة واحدة عامة من حيث الكرم والشجاعة، ولكن اسم أبيهم ظل يحمي سمعة السلالة وظل ينمو مع نمو السلالة وتكاثرها لتكون له قيمة رمزية انتقلت إلى الأشعار والحكايات وصارت مادة للتباهي والتعريف الاجتماعي عن ذرية الشيخ سالف.

ونسي الأبناء مع الزمن أن أباهم كان رجل كدح ونصب وأنه أدرك ما أدرك بعمله وبعرق جبينه ولم يكن ذلك وراثة عرقية عن سالفيه، كما أنه لم يورث خلفه دعوى شعرية، ولو بعث من قبره لتعجب من فعل ذريته، وكيف أنهم ميزوا أنفسهم بالدعوى وبالإدعاء وتوهموا أن المجد يورث وليس يصنع.

إن حكاية الشيخ سالف هذه هي حكاية رمزية تدل دلالات معنوية ذات مفعول اجتماعي ملموس، ونحن نعرف أن صفتي الكرم والشجاعة هما صفتان اجتماعيتان لهما اعتبار اجتماعي وثقافي خاص جدا، يقال هذا في الأشعار وفي الحكايات، وكثيرا ما تصيران ميزة يبلغ التباهي بهما مبلغ التصور بأنهما خاصية تخص فئات ولا تبلغها فئات أخرى.

وأنا لن أقول إن القبيلة كمفهوم وكنظام رمزي وثقافي تتقلص إلى هذا الحد ولا أقول إن مثال الشيخ سالف نموذج حصري لها، ولكني أقول إن حكاية أبناء الشيخ سالف ذات دلالة على تصور نمطي يجنح إلى حصر الصفات في العرق ويتناسى الدور العملي في كسب الصفات وعمومية هذا الدور في مقابل خصوصية مفترضة.

هذه خاصية واحدة ولها أخرى تتعلق بكيفية التوالد الافتراضي بحيث يظن أبناء الشيخ سالف أن انتسابهم لهذا الرجل هوميزة كونية وأخلاقية وعرقية، ويجعلون سلسلة النسب المحفوظة والمدونة قيمة عضوية بحد ذاتها، بحيث لو جاء أناس لا يحفظون سلسلة نسب مماثلة، أو لايشهد لهم المجتمع بسلسلة نسب محفوظة فإنهم بهذا يصبحون خارج النموذج الفاضل ويكونون فئة مفضولة، ويخرجون تبعا لذلك عن منظومة الصفات التي يقول بها أبناء سالف وأشباههم.

فهل هذا يعني أن القيم الفضلى تنحصر في نظام من النسب المدون، ومعه نظام من الصفات المفترضة لهذا النسب...؟؟؟!!!!

هذا هو أصل الإشكال في تصور الفضل والتميز، ثم تبعه نظام ثقافي ترميزي، سوف أشير إليه في مقالة لاحقة - إن شاء الله-.

المهم أن نبدأ هنا من التصور الذي يستطيع شرح البداية الافتراضية للتمايز في الأنساب وفي الصفات.

ولايفوتنا أن نتذكر أن الأصل في الخليقة أننا كلنا أبناء آدم، ولذا فالجد الأصلي واحد، ولكن حركة الحياة - وهي حركة ظرفية بالضرورة - سارت بتبدلات متنوعة جعلت تنوع التبدلات الحياتية (الظرفية) تكتسب قيما رمزية لم تكن لها في الأصل، وإذا قلنا إن الشيخ سالف كان رجلا ذا معنوية عالية جعلته شجاعا وكريما، وهذه صفات عمل الشيخ من أجلها وحققها بجهده، إذا قلنا هذا وتأكدنا أن هذه الصفات هي من مجهود الشيخ سالف، من جهة، وأنها ليست خاصة به، من جهة ثانية، فهذا يعني أن كل إنسان من بني آدم لو وضع في ظرف مماثل لظرف الشيخ سالف فسيكون مثله في الصفات، وهنا يحصل التساوي الطبيعي بين البشر.

ولكن.....

ولكن... كيف يحدث التمايز....؟؟؟

إنه يحدث مع أبناء سيأتون لسالف، ويأتون للرجل الآخر الذي يماثله في الحدث، وسيرى الأبناء أن جدهم لم يكن يتماثل مع كل من تشابه معه في الظروف، ولكن الذي صار هو مزايا عرقية، وسيرون أنها مغروسة في الدم، وأنها ميزة تخصهم دون غيرهم ولذا فهي تميزهم.

وسينسون أنهم هم وغيرهم من أبناء رجل واحد في الأصل، ولكن - وهم يشيدون بالأصل ويمجدون الأصول - ينسون الأصل الأول ليضعوا مكانه أصلا ثانويا يعطونه معنى رمزيا، وإذا قالوا بالأصل والأصول فإنهم في الحقيقة يحكون عن الفروع والتفريعات الثقافية،، ولو أخذوا الأصل بمعناه الأصح لكان الكل من أصل واحد، ولا وجود لشخص لا أصل له.

يتغير الأصل كقيمة وكرمز، ويتغير النسب كقيمة وكرمز، وننسى أن الكل يشتركون في هاتين الصفتين، ولا يوجد أحد ليس له أصل ولا يوجد أحد ليس له نسب، ولا يوجد أحد ليس له صفات.

إذن، كيف جاءت الفروق وكيف صارت التمايزات...!!!!

فلنتحدث ولنسولف ولنفكر، وهذا ما تطرحه هذه المقالات، وإلى لقاء في المقالة الثالثة، وأنا أعي أن مقالي هذا ظل يردد كلمة (رجل) ولم أقل امرأة، ولهذا حكاية أخرى - إن شاء الله -، كما أعي أيضا أن القبيلة ليست كلها سلبا وخطيئة وأعي أن هناك إيجاباً كبيرا فيها، مثلما أعي أيضاً أن الآخرين غير القبليين ليسوا أبرياء أيضاً وفيهم عيوب ثقافية مماثلة أيضا ولديهم أنظمة ذهنية في التفاضلات والتمايز الطبقي والعائلي، وكل ذلك أمر سيكون موضع بحث.

سأكمل الحديث في المقالة القادمة حيث سيكون السؤال عن هذه الأفضلية التي ينسبها الأبناء لأنفسهم وراثة عن آبائهم، وسأسأل هل الفضل مرتبط بالصفات بما إنها صفات، أم هو مرتبط بالنسب...!

ويترتب على السؤال سؤالان فرعيان هما:

1- ماذا عن رجل لاتتوفر فيه صفتا الشجاعة والكرم، هل يخرج من منظومة أبناء الشيخ سالف مثلا، وتسقط عنه صفة النسب الفاضل..؟

2- ماذا عن رجل ليس من بني سالف وليس له نصب قبلي مدون، وصار شجاعا وكريما مشهوداً له بالصفتين، هل سيصبح من الفئة الفاضلة، أم أن النسب الافتراضي سيلاحقه ليمنعه من الأفضلية....؟؟؟

كل هذا لكي نتساءل، فنثبت (أو ننفي) علاقة الأفضلية ونموذج الصفات بالنسب المدون، أم أن الأفضلية قيمة إنتاجية بما في ذلك إنتاج الصفات وهل سنقول إن المزايا مثلها مثل العيوب، كلها أمور مشتركة....!!!. أترك الأمر للمقالة القادمة - إن شاء الله-.


--------------------------------------------------------------------------------
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 22-02-2007, 06:11 PM   #6
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
القبيلة والمجتمع (المقال الثالث)اليوم الخميس 4/2/1428هـ الرابطhttp://www.alriyadh.com/2007/02/22/a...0.html#comment



د. عبدالله محمد الغذامي
انقطعت - دون أن يحبسني حابس، كما ظن بعض الأصدقاء - وانقطاعي كان لأسباب شخصية بحتة، ولقد أفدت من هذا الانقطاع لقراءة ردود الفعل، وهي ردود معظمها إيجابي بشكل استثنائي، وأقول ذلك لأنني سمعت تعليقات من رجال ونساء من ذوي الأصول القبلية، وفيها تصورات واعية لهذه القضية ونقد لاستفحالها وجعلها سبباً في التمييز الاجتماعي، خاصة في مجتمع مسلم يرى أن الإسلام هو جوهر كينونته، وفي الإسلام يقوم قانون (التقوى) على أنه العنصر التفضيلي الأعلى بين الأفراد.
ولقد كانت التعليقات التي جاءتني تصب في هذا الاتجاه، ومن المهم أن نلحظ هنا أن أبناء القبائل هم من ينتقدون هذه الممارسة، ولكن يجب ألا يغيب عن البال أن هذه الاتصالات الشخصية معي لا يمكن أن تكون معياراً اجتماعياً، وأنا أدرك أن الذين اختاروا التحدث معي إنما فعلوا ذلك لموافقة هواهم مع المنطق العام للمقالات، ثم إن هؤلاء هم من عينة ثقافية واجتماعية تتماثل معي عقلياً وذوقياً، ولذا اختاروني لحديثهم وأنا اخترتهم لسماع قولهم، ومها كان قولهم إيجابياً وعلى درجة عالية من الوعي النقدي والنظري إلا أنني لن أسمح لهذا بأن يحجب عني الأصوات المعترضة. كما أنني لن أفرط بالحق الاجتماعي والأخلاقي باحترام القبيلة وتقدير قيمتها الثقافية والتاريخية. والقبيلة صيغة إنسانية مثلما هي مؤسسة ثقافية وكيان اجتماعي ضروري وطبيعي.

ومما يجب ذكره هنا وهو ذو دلالة عميقة أن المتحدثين معي كانوا - فحسب - من أبناء القبائل، ولم يتحدث معي أحد من غير بني القبائل، وعن هذه المقالات تحديداً، ثم إنني تلقيت ملاحظة نقلها لي صديق متابع روى عن مثقف غير قبلي قوله إن إثارة هذا الموضوع سوف يعزز من الحس القبلي، وتمنى لو أنني تركت الموضوع، ويرى القائل ان هذه المعضلة مشكل عويص، وغير قابل للحل.

وهذه ملاحظة تكشف عن حجم الانشطار الاجتماعي من جهة، كما تكشف عن تصورنا لأسلوب تعاملنا مع إشكالياتنا من جهة أخرى، ولقد أشرت من قبل إلى أن النسق المحافظ يرى أن الستر على العيوب شرط سلوكي، ثم يرى أن الزمن هو حلال المشاكل، ويرى أن الحديث عن مشكل ما هو إشاعة له وإحياء للداء، وسيكون الستر هنا ضرورياً مع تجاهل المشكل وتركه يذوب عبر تناسيه أو عبر التسليم به.

هذا قانون نسقي عريق، ولقد تعاملنا بموجبه مع موضوع القبيلة ومع موضوعات أخرى مثلها، ولذا يشعر المرء منا أنه محتاج إلى قدر كبير من التشجيع الذاتي، مثلما يشعر بالتردد والتخوف من ملامسة أي موضوع يوصف بالحساس، حتى ليبلغ الأمر بنا حد الهوس فيصير كل شيء حساساً حتى نقد الأفراد أو ابداء الملاحظات، وهذا مظهر ثقافي هو من أبرز مظاهر النسق المحافظ، وهذا ما يجعل المشاكل تعمر طويلاً وتستفحل حتى لتستعصي على الحل.

ولو تذكرنا قصة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مع أبي ذر حينما قال له: إنك امرؤ فيك جاهلية، بسبب تعييره لرجل بأمه الأعجمية، وسأخص القصة بحديث واف لاحقاً - إن شاء الله - ولكني أشير هنا إلى أن الرسول الكريم لم يراع شروط النسق وضروراته، وبادر إلى تصحيح الغلط الأخلاقي، وبلغة صريحة ودقيقة في تشخيص المشكل ووصفه بصفته الحقيقية، من حيث هو خلق جاهلي وغير إسلامي. ولم يكن الستر هنا ولا ترك الأمر للزمن هو الحل، وإنما الكشف والمصارحة ومواجهة الحدث، وفي السيرة النبوية دروس كثيرة تحسم هذه القضية لمصلحة التناسب الاجتماعي والإنساني إيجابياً وعملياً.

ولكنني هنا أشير - فحسب - إلى ردود الفعل الأولى على المقالات الثلاث الماضية، وأركز على امتناني لكل من أسهم برأي، ولن أجادل صاحب رأي في رأيه، والأمر كله دعوة للرأي ولفتح صندوق الأسرار، والسباحة في حوض الأشواك، غير أنني سأشير إلى ملاحظتين وردتا في موقع "الرياض" على الانترنت، أولاهما للزميل الدكتور صالح معيض الغامدي، وفيها يعلق على مقالتي الثالثة عن الجزار والوجيه ويرى أن الوجيه قد جامل صديقه الجزار ولم يذكر له (كل) الفروق الجوهرية بين القبلي وغير القبلي، واكتفى بصفتي الشجاعة والكرم وسكت عن أشياء أخرى، والحقيقة أنني ممتن للدكتور صالح على متابعته على الانترنت وعلى أحاديثه معي في الجامعة حول الموضوع، وكم أتمنى أن لو تمكن الدكتور من كشف الورقة بكامل أسطرها وقال صراحة ما هذه الفروق لكي يتسنى لي وله ولغيرنا أن نناقشها ونتمعن فيها، هذا إن كان أبناء القبائل يميزون أنفسهم بغير صفتي الشجاعة والكرم، ويجعلونهما في أعلى السلم القيمي النفسي والاجتماعي، ولست أرى في كل ما اقرأ وفي كل ما ألمسه وألاحظه غير هاتين الصفتين مما هما صفتا تميز وتفاضل حتى بين قبيلة وأخرى، وتعلو أي قبيلة في السلم الاجتماعي والثقافي كلما تعالت في هاتين الصفتين، ولقد بذلت جهداً ووقتاً للكشف عن صفات ذات قيمة تعميمية وصريحة ومقننة فلم أجد غيرهما، ولا بد أن أركز هنا أن الصفات المطلوبة في البحث هي الصفات التي تقول بها الثقافة بوضوح وبتعال تكشف عنه الأشعار والحكايات ومجالس المفاخرة، وخطب البلغاء في المحافل والمواجهات الترحيبية.

إن كل ما في الخطاب الثقافي يشير بوضوح قاطع إلى صفتي الشجاعة والكرم بوصفهما القيم التفضيلية العليا، وما عداهما فإننا قد نسمع كلاماً هو أشبه ما يكون بالهمس، يرى أفضليات وتمييزات غير معلنة في الخطاب ولا متناقلة بين الناس لا في شعر ولا في خطابة ولا في قصص. وهذا يحصر بالضرورة موضوع تعريف النظام القيمي القبائلي في صفات يقول بها الخطاب ويتصدر الوجه الثقافي ويصر عليه. ولكي نمتحن هذه القيمة علينا أن نسلب صفتي الشجاعة والكرم عن أي قبيلة.. فماذا سيجري من القبيلة تجاه المعتدي على صفاتها، ثم ماذا سيجري على القبيلة لو سلمت بالوصف ورضيت بأنها غير شجاعة وغير كريمة..؟! نعرف أن هذا غير ممكن وغير مقبول.

هذا هو ما يثبت الصفات ويجعلها ذات قيمة بحثية تداولية، أما ما عداها فإنه غير وارد لا بحثياً ولا اجتماعياً، ومسألة صفاء الدم هي مسألة لاحقة بهاتين الصفتين ولا بد من الوقوف عليها في مقال لاحق.

أما الملاحظة الثانية فكانت من أحد القراء الذي أقر بأن الأصل البشري هو التساوي فطرياً وطبيعياً بوصف الجميع أبناء آدم، ولكن التفاضل في رأيه جاء بعد ذلك حينما اختار نوح قومه في سفينته وهم عينة منتقاة بشريا ولذلك فهي متميزة. هذا ما يراه القارئ الكريم غير أن ما يلاحظ هنا أن سفينة نوح عليه السلام قامت على معيار إيماني ومن كفر غرق، وهذا هو معيارها، أي معيار التقوى، وليس معيار النسب، ثم إن ابن نوح خرج من السفينة ومن النسب أيضاً (ليس من أهلك) بما انه عمل غير صالح. وأخيراً فإن من لم يركب في السفينة قد غرق ومات. ومن هنا فالنسل البشري كله من ركاب السفينة، ولذا تنتفي فكرة القياس التفاضلي هنا، ومثله زواج إسماعيل من عرب مكة، وهو في رأي القارئ وجه من وجوه التفاضل المتجاوزة للتساوي الأصلي، ولكن هذا المثال لا يغطي الظاهرة البشرية في التناسل ولا أحد يقول إن القبائل (كلها) من نسل إسماعيل، ولذا لا سبيل إلى جعل هذا الزواج سبباً للتفاضل القبلي.

هذا مقال تواصلي لربط ما انقطع، ولشكر كل من علق ولكل من سأل عن المقالات واهتم بأمرها.
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 22-02-2007, 06:48 PM   #7
الساج
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
المشاركات: 6
أعتقد أن الغذامي -(المنبوذ) من مجتمعنا - استطاع أو سيستطيع-بدهائه- جلب الكثير من الذين ينبوذنه إلى صفه من خلال هذه المواضيع التي تؤرق الكثير وهي لا تحتاج إلى كل هذه الضجة , فلو ترك الأمر وسار كل في طريقه لكان أفضل , من أن يثار الموضوع ويحصل الشقاق ولا حل << وهذا مايريده الغذامي -وأصحابه- ومع ذلك يكسب شريحة كبيرة من المجتمع إلى صفه .
الساج غير متصل  
قديم(ـة) 23-02-2007, 01:28 AM   #8
صالح أبو
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2003
المشاركات: 151
http://www.alwatan.com.sa/daily/2007...al/local13.htm
__________________
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً***بالطوب يرمى فيرمي طيب الثمر
صالح أبو غير متصل  
قديم(ـة) 23-02-2007, 12:10 PM   #9
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
الأخ الزيز الساج ///////////////// أشكرك على المشاركة أما ماقاله الدكتور فهو للأسف مايجب قوله من قبل المصلحين بعد استفحال هذا المرض المقيت ولنا في الشيخ محمد العثيمين رحمه الله قدوة حسنه فقد كان يحارب هذا المرض في كل فرصة تتاح له///ولكن اليوم بعد انتشار العنصرية والعرقية ووهم الأفضلية بمجرد العرق وجب الوقوف بحزم ////////وشرا لك ///
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 23-02-2007, 09:15 PM   #10
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
عفواً أخي الساج على الخطأ الإملائي أقصد شكرا لك والشر ما يجيك .
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 01-03-2007, 08:50 PM   #11
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
القبيلة والمجتمع (ضرورة القبيلة)



د. عبدالله محمد الغذامي
القبيلة هي دولة من لا دولة له، ولقد كانت القبيلة أول صيغ التكتل البشري في نظام اجتماعي مصلحي وظرفي، بعد أن كان الإنسان يعيش في ظرف متوحش كانت الفردية المطلقة هي أساسه بحيث يقوم المرء بذاته، يخطف معاشه ويلوذ بحماه بوصفه فردا فطريا، يتأسس بقاؤه على سد رمقه وإشباع غرائزه، وثمن ذلك كله هو الأنانية المطلقة بحيث يستعمل أي وسيلة تؤمن له ذلك.
ثم جاء نظام القبيلة بوصفه عائلة كبرى تضم مجموعة نسبية تشترك في مصلحة موحدة، أولها المعاش العام لكل أفراد المجموعة، وهذا يقتضي نظاما أمنيا خاصا يقوم على الحماية والتعاون، وسقطت الأنانية الفردية لتحل محلها مصلحة الجماعة، التي تحمي الفرد، والفرد في الوقت ذاته يصبح عنصرا حاميا مثلما هو محمي، وعليه شروط وواجبات بالقيام بأمر الجماعة حتى وإن تعارض مع رأيه وفي قصة دريد بن الصمة ما يكشف ذلك حيث رأى غير رأي قومه في إحدى معاركهم، ولم توافق القبيلة على رأيه مع أنه حكيمهم وزعيمهم، وحينما أعياه إقناعهم انصاع لرأيهم، مع علمه بخطل ذلك الرأي، وقال بيته الشهير: وما أنا إلا من غزية إن غوت - غويت وإن ترشد غزية أرشد.

وهو بيت يشير إلى تسليم المرء برأي الجماعة واعتماد الموقف العام حتى وإن رأى وتأكد من خطورة هذا الرأي، ولقد أشار دريد في خمسة أبيات متوالية إلى خلاصة القصة، وهو ما ينفي ما يظنه كثير من الناس من أن البيت دليل على التسليم السلبي وأنه قول يقوله إمعة لا هوية معنوية له، ولقد فصلت القول حول هذا الأمر في كتابي الخطيئة والتكفير ص 91(أو 84في طبعة المركز الثقافي).

وما يهمنا هنا هو أن نظام القبيلة مخترع اجتماعي قادت إليه الضرورة الظرفية وبه تطورت علاقة الإنسان بالإنسان عبر تكوين عصبة بشرية تأسس على علاقات عضوية وثقافية، وهي تكتل اجتماعي يوفر شروط العيش بكرامة لأفراده.

ويقوم النظام القبلي على التساوي، ولا يتميز فيه أحد عن أحد إلا بصفاته المكتسبة، وكلما أثبت المرء شجاعة زائدة، أو أريحية لافتة، أو رأيا سديدا، زادت قيمته، وساد بصفاته هذه، ويرتفع بها، وهذه الصفات هي أهم عوامل الرفع او الخفض، ولقد صارت هذه القيم هي القيم الأساسية في القبيلة، لأسباب عملية ثم ثقافية.

أما العملية فلأن الشجاعة هي الشرط الحربي الذي يشكل للقبيلة مناعة وحصانة أمنية ضرورية لبقاء المجموع محميا ولضمان معاش القبيلة، في حين ان الكرم نظام اقتصادي معاشي يقوم على تبادل الحماية للإنسان، والكرم عندهم كان للضيف الطارئ الذي تجب مساعدته، ولو تصورنا الأمر الواقع لفهمنا ضرورة الكرم الصحراوي، فهو اغاثة وحماية، ولك أن تتصور نفسك في الصحراء جائعا وخائفا وتائها، ورأيت مضارب بادية حولك، فماذا سيجري لك لو أن مفهومي الكرم والضيافة ليسا من المفاهيم الثقافية المعتمدة..!!.

إن ما يحميك من الموت جوعا أو تشردا هو الضيافة، ولذا صارت الضيافة هنا شرط وجود، وهي تبادل إنساني يتعزز عبر بقاء هذه التقاليد الحامية لكل الأطراف وتعتمد الحياة على هذا التقليد، والرجل الذي يستضيفك يهمه بقاء هذه التقاليد لأنه هو بذاته أو بذات أخيه سيقع في مثل هذه الحال، ولو اختفت هذه العادة لصار الموت لأي عابر للصحراء بمن فيهم المضيف نفسه لو صار في مثل هذه الحال، ولكن تبادل الكرم الصحراوي صار هو الحافظ للنوع، ووجبت حماية هذه العادة والاشادة بها من أجل مصلحة الاطراف كلها، وهي وقاية وتأمين نفسي واجتماعي ومعاشي، ومثلما تعطي ستأخذ وبمقدار ما تديم هذه العادة فأنت ستجدها إذا احتجتها، وهي لذلك ليست مجرد ميزة شعرية وتفاخرية، كما يبدو على سطح الاشعار والبلاغيات. إنها شرط وجودي فيه تبادل مصلحي وتأميني أكيد. ولكنها تسربت الى الاشعار بعد ذلك لتبدو ميزة ثقافية بلاغية مغطية بذلك على أصل وجودها وواقعيته العملية والوجودية. ولقد كان للشعر دور تزييفي في مسخ صفتي الشجاعة والكرم، خاصة شعر الحاضرة او الشعر المصاحب لنشوء المدن - كما سأوضح لاحقا، وكما أشرت في كتاب النقد الثقافي.

اما سداد الرأي وقوة البصيرة فهما سمتان ترفعان من مكان المرء في القبيلة لان الرأي يساعد على ضبط علاقات الحياة فيما بينهم، ولقد تميزت زرقاء اليمامة بقوة بصرها وهذا يخدمهم في كشف الأعداء، وجاءت القصة الأسطورية عن تجاهلهم لرؤيتها لجيش مقبل، وأدى عدم تصديقهم لها الى دمارهم، وفي القصة تحذير رمزي عن تجاهل الرأي وخطورة ذلك على القبيلة، كما جرى ايضاً في حكاية دريد بن الصمة حيث تجاهلوا رأيه فهزموا، وفي كل ذلك اشارة رمزية استخدمت أسلوب الحكاية للتحذير من تجاهل الرأي.

يتساوى أبناء القبيلة في اشتراط هذه الصفات، ومن حققها كلها، أو بعضها صار له من السمو بمقدار ما يصيب، وفي قصة شليويح العطاوي ما يشير الى ذلك حيث كان رجلا عاديا مثل اي شخص في القبيلة، وحاول اثبات منزلته ولكن لم يكن على ذلك دليل يقنع جماعته به، ولذا حرموه من المشاركة في الغزو، فما كان منه الا ان جمع افرادا من المتروكين مثله وغزا بهم بقرار خاص منه واختيار ذاتي، ونجحت مغامرته حيث كسب وانتصر وجاء بغنيمة كبيرة من الماشية والابل، وظل على هذه الحال حتى كتب تاريخا أسطوريا لنفسه ولقبيلته.

هذه قيم جوهرية تصنع الفرد من جهة وتحميه وترقيه، مثلما تحفظ المجموع وترقيهم، من جهة أخرى. ولذا إن صفات الشجاعة والكرم تظل هي العنوان الأهم في صورة القبيلة - أي قبيلة -. ولقد جاءت الروايات بمدح رجل من شمر لأنه ذبح للذيب وذلك بعد ان تسرب اليه في ظلمات الليل صوت ذئب يعوي ويتضور من شدة الجوع، وذبح له انقاذا له من الجوع.

يأتي الجوع بوصفه الخطر المحدق بالإنسان مذ كان الإنسان، ولا يسد الجوع سوى العيش (الطعام) ولا يأتي الطعام إلا مع الامان، وتأمين هذا وذاك يحتاج الى عصبة اجتماعية متآزرة، وتتواطأ على معان قيمية تعزز ذلك وتغرسه. وعصبة النسب وابناء العمومة هي أشد أنواع التلاحم البشري في هذه الحال، ولذا جاء النسب ليكون هو الهوية الجامعة والناظمة لهذه العصبة.

تلك هي القبيلة بوصفها شكلا من الاشكال المبكرة لنظام الدولة، حيث الجيش وهو القبيلة كلها، والاقتصاد التبادلي وهو الكرم، والسياسة وهي الرأي السديد والتشاور في مجالس البادية، والثقافة وهي الاشعار والحكايات والسمر.

تلك دولة بصيغة مبكرة، تقوم على حماية نفسها وحماية افرادها، وتأخذ برمزيتها الثقافية، ولكن وكما قلت في بداية المقال انها دولة من لا دولة له، وهي وطن من لا وطن له، وفي ذلك قول سأكمله في المقال القادم - إن شاء الله -.
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 08-03-2007, 02:11 PM   #12
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
- الإسلام والقبيلة(6)


د. عبدالله محمد الغذامي
(سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟ قال لا، ولكن من العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم) ابن ماجة رقم "3997"..

؟ كنت أزمع مواصلة الحديث عن مفهوم القبيلة وعن بنيتها الثقافية غير ان تعليقاً لأحد القراء في موقع الرياض على الإنترنت جعلني أغير في ترتيب مقالاتي، وقد طلب مني القارئ الكريم إلاّ أتوقف على قوله تعالى: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" دون سائر الآية، وكأنه بهذا يريد ان يقول لي ان ورود كلمة القبائل في الآية يجعل المعنى مختلفاً، وكأنه أيضاً يريد ان يقول ان الاقتصار على جزء من الآية يقطع الدلالة ويحولها وليس لي إلاّ ان أشكر القارئ وأشكر المعلقين في الموقع جميعهم والحق ان التعليقات تؤثر كثيراً على مسار مقالاتي هذه ومسار تفكيري إذ من الضروري معرفة ردود فعل الناس على هذه الأفكار وانه لشرط منهجي ان نقرأ المجتمع عبر ما يفصح به المجتمع عن نفسه من دون رقيب وليس كالإنترنت وسيلة حرة للتعبير والكشف وهذا مبدأ مهم في النقد الثقافي إذ ان ردود الفعل تمثل أبرز سمات التعرف على حركة الانساق وصيغ تعبير النسق عن نفسه وعن مضمراته التي لا تظهر في الخطاب المؤسساتي وتتقن لعبة التخفي والتستر.

وكما طلب القارئ العزيز فإني سأقف على الآية الكريمة، وهي وقفة قد تأخذ مني ثلاث مقالات أو أكثر وفيها ساستعرض معطيات جوهرية تتعلق في صدر المقال بين ان تحب قومك وتنتسب إليهم وتقيم حقوق النسب وصلة الرحم وهذا كله خير وشرط في المروءة، ولكن الذي ليس خيراً ولا مروءة ان يتحول حبك لقومك وحبك لثقافتك وعرقك ان يتحول إلى حس تمييزي تعتقد معه ان الشرف لك ولأهلك دون غيرك ممن لا يماثلك لغة أو عرقاً أو طبقة أو موقعاً، وهناك فرق دقيق بين الانتماء وبين العصبية ثم بين المحبة من جهة والكراهية من جهة أخرى، أو بين التقوى وهي قيمة دينية وأخلاقية عليا وبين الانحيازات القطعية وهي داء ذهني وثقافي.

ان القبيلة قيمة ثقافية واجتماعية ولا شك غير أننا يجب ان نعلم ونحن نقول ذلك أنها صيغة تشبه صيغاً أخرى في التكوينات الاجتماعية وكما أنها صيغة ايجابية في ضمان وجود أفرادها فإن الصيغ الأخرى أيضاً هي مكونات إيجابية تحمي الأفراد وتعينهم ومن ذلك مؤسسة (العائلة) بصيغتها الصغيرة أو الممتدة وبين صيغة العائلة وصيغة القبيلة تماثل كبير في جوانبهما الايجابية وكذا السلبية، وكم من حس عائلي طغى وميز ورأى ان هذه العائلة هي أسمى وأرقى من غيرها مما هو حس نسقي يصاب به كل البشر وتصاب به كل الثقافات. ولو عاش أحد منا مع الإنجليز مثلاً وعاشرهم في بيوتهم ومع عجائزهم وبسطائهم مثلما كبارهم لرأى أنهم يقولون عن أنفسهم وعن لغتهم وعن نموذج معاشهم إنه الأفضل في الوجود ولرآهم يحتقرون غيرهم لمجرد اختلافهم معهم في اللون أو اللغة أو الدين ولقد عشت شيئاً من هذا ولمسته حتى لقد تعرضت مرة لحجارة أتتني من الخلف وأنا أسير في أحد شوارع مدينة أدنبرة في اسكتلندا عائداً من الجامعة قرب الخامسة مساء وفي يدي حقيبة كتبي وفي رأسي التعب بعد يوم من العمل وما وعيت إلاّ والحجارة من خلفي وأطفال يصرخون بي قائلين: عد إلى وطنك يا باكي، وكلمة باكي هي مختصر لكلمة باكستاني، وقد ظنوني باكستانياً من لون بشرتي، وهذه صورة واحدة من آلاف الصور عشناها مباشرة مثلما قرأنا عنها وكلها ناتج لطبع بشري ينفر من المختلف بسبب تصوره للذات على أنها الأفضل والأنقى وان المختلف عنها يهدد صفاءها إذا خالطها وفي الوقت ذاته فالمختلف غريب ومن هنا فهو أقل من الذات وعند كل قوم شيء من هذا وذاك. ولكن مسألتنا هنا هي عن أمة تملك ثقافة مثالية عالية في مثاليتها وهي الدين الإسلامي الذي يقوم على مبادئ جوهرية في المفاضلة بين البشر وهي مبادئ عملية وأخلاقية وليست عرقية ولا قومية ومع هذا فإننا نجد ان هؤلاء القوم - وهم يملكون ديناً مثالياً - نجدهم يتخذون لأنفسهم نماذج أخرى للمفاضلة الثقافية وهي نماذج لا تختلف عن المثالية الدينية فحسب بل انها تناقضها.

ولسوف نرى ان الآية الكريمة التي طلب مني القارئ الكريم الوقوف عليها تؤسس هي وآيات معها في السورة نفسها وفي السياق نفسه تؤسس لنظام أخلاقي واجتماعي مثالي يعطي القيمة للفرد بما انه فرد صالح وإيجابي وبناء. ونص الآية كاملاً هو: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم ان الله عليم خبير".

ومع ان الآية واضحة في دلالاتها إلاّ أنني قد عدت إلى ثلاثة كتب في التفاسير وهي تفسير ابن كثير والكشاف للزمخشري وتفسير عبدالرحمن بن سعدي وكذلك عدت إلى معاجم اللغة وكتب الحديث من أجل تتبع معاني الآية الكريمة، واخترت التفاسير الثلاثة لأن ابن كثير يغني نصه بالاستطراد العريض النافع فيأتي بالأحاديث والنقولات مما يوسع مجال النظر بينما يهتم الزمخشري بالأسرار اللغوية والتلميحات الدلالية، أما ابن سعدي فهو يوجز ويختصر ويعطي الخاصة بتكثيف شديد كما ان في كتب الحديث وكتب اللغة مجالاً لتوسيع الموضوع وكشف كافة احتمالاته. كل هذا مع وضوح الآية وجلاء دلالتها.

ثم ان الآية مسبوقة بآيات أخرى فيها بيان أخلاقي وسلوكي مثالي وفيها صياغة لنموذج الإنسان التقي وهذا سياق مهم في تشكيل دلالة الآية، وأنا هنا لا أقتصر على جزء من الآية كما ألمح القارئ العزيز بل انني أتناول السياق كله، وكلامي هذا في جميعه هو مقدمة أولى لقراءة الآية والوقوف عليها وهذا ما سأفعله في مقالات تتوالى - إن شاء الله - في القادم. ولكن من المهم التركيز على معنى الحديث الوارد في صدر المقال بين ان تحب وتنتمي وبين ان تكره وتميز أو تتعالى، على انه من غير الطبيعي ان تحمل في قلبك النقيضين: الحب والكره، ولو اجتمعا عند أحد منا فلا بد انه قد تعرض لما نسميه بالفيروس النسقي حيث ينطوي على مضمر سلبي ينقض ايجابياته الظاهرية.


11 تعليق
1
(أبوهم آدم والأم حواء)


الناس من جهة التمثال أكفاء*أبوهم آدم والأم حواء
فإن يكن لهم في أصلهم شرف*يفاخرون به فالطين والماء
نعم تلك حقيقة نعلمها جميعا ولكن ليس بمقدور أحد أن يلغي ثوابت متوارثة ومن وجهة نظري الشخصية من الواجب الحفاظ على تلك العادات مع عدم التطاول والأستعلاء على أحد لصفة معينة وأن يكون ماجاء به الشرع من تمييز وتفضيل هو المقدم في الأمر
رحم الله من قال:
واخص محسن شوق ضافي الجديلين*لولاه قال كليمة وازعلنيا
أستاذي الكريم د0عبد الله هذا الأمر جد شائك والخوض فيه مقلق وعسير0
لك ولقلمك الرائد تحياتي وتقديري0



عبد العزيز بن محمد اليحيان التميمي
07:01 صباحاً 2007/03/08
2


وروى أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا بني بياضة أنكحوا أبا هند، وانكحوا إليه" (وكان حجامًا) قال في معالم السنن: " في هذا الحديث حجة لمالك ومن ذهب مذهبه في الكفاءة بالدين وحده دون غيره.. وأبو هند مولى بني بياضة، ليس من أنفسهم." والبياضة قبيلة من الأنصار.
وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة، فامتنعت، وامتنع أخوها عبد الله، لنسبها في قريش، وأنها كانت بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم أمها أميمة بنت عبد المطلب –وأن زيدًا كان عبدًا، فنزل قول الله عز وجل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا) فقال أخوها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مرني بما شئت. فزوجها من زيد.
وزوج أبو حذيفة سالمًا مولاه من هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة.
وتزويج بلال بن رباح بأخت عبد الرحمن بن عوف.
وسئل الإمام علي –رضي الله عنه- عن حكم زواج الأكفاء، فقال الناس بعضهم أكفاء لبعض، عربيهم وعجميهم، قرشيهم وهاشميهم إذا أسلموا وآمنوا.



سعيد
07:22 صباحاً 2007/03/08
3


ونختم بقول نفيس للأمام الشوكاني رحمه الله إذ يقول :
" واخرج البخاري وغيره عن عائشة ان أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وكان ممن شهد بدرا مع النبي تبنى سالما وأنكحه ابنة أخيه الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى امرأة من الأنصار واذا تقرر لك هذا عرفت أن المعتبر هو الكفاءة في الدين والخلق لا في النسب لكن لما اخبر بان حسب أهل الدنيا المال وأخبر كما ثبت في الصحيح عنه ان في أمته ثلاثا من أمر الجاهلية الفخر بالاحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة كان تزويج غير كفء في النسب والمال من أصعب ما ينزل بمن لا يؤمن بالله واليوم الآخر ومن هذا القبيل استثناء الفاطمية من قوله ويغتفر برضا الأعلى والولي وجعل بنات فاطمة رضي الله عنها أعظم شرفا وأرفع قدرا من بنات النبي لصلبه فيا عجبا كل العجب من هذه التعصبات الغريبة والتصلبات على أمر الجاهلية وأعجب من هذا كله ما وقع للجلال من نقل الأكاذيب المفتراة في شرحه لهذا الموضع وهو مصداق ما اخبر به رسول الله من ان تلك الخصال المذكورة في الحديث السابق كائنة في أمته وإنها لا تدعها امته في جاهلية ولا إسلام كما وقع في الصحيح وإذا لم يتركها من عرف أنها من أمور الجاهلية من اهل العلم فكيف يتركها من لم يعرف ذلك والخير كل الخير في الإنصاف والانقياد لما جاء به الشرع ولهذا اخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن رسول الله انه قال اعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس" انظر السيل الجرار ج2 ص295.



فاطمة
07:25 صباحاً 2007/03/08
4
الجهل المركب


أشكر الدكتور عبدالله على هذا المقال والذي هو محاولة لمعالجة الجهل المركب لدى الكثير ممن يجهل ويظن نفسه عالما. ومن هنا كثرت مشكلاتنا بين المتطرف والمفرط وضاع الحق الوسط.



د. خالد بن حمد العنقري
08:23 صباحاً 2007/03/08
5


د. عبدالله محمد الغذامي
صباح الخير
إن الآية الكريمة تمقت التمييز بين الناس ووضعت التقوى مقياس لذلك
لكن الانتماء للقبيلة كإنتماء الفرد للأسرة الصغيرة باقي وقد حثت الأحاديث على صلة الرحم وعدم قطعها.



ابو سليمان
08:55 صباحاً 2007/03/08
6
واضح


سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟ قال لا، ولكن من العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم) ابن ماجة رقم "3997"..
قول واضح



محمد الحسيني
09:16 صباحاً 2007/03/08
7
القبيلة متأصلة بطريقة أخرى


لو كان المجتمع القبلي لدينا شبيه بالقبائلي البريطاني أو الاسكوتلندي لكانت المشكلة بسيطة.
القبيلة هي نوع من الرابطة يظلم فيه الانسان لأنه لم يختاره بنفسه.. الدين يختاره بحريته المطلقة أما القبيلة فهي اختيار الأب أو الأم أو الاثنين معاً.
حاولت مرارا أن أفهم تعريف الدم النقي عند أهل هذه القبائل: هل معناه مثلاً خلو تاريخ القبيلة من الزنا مثلاً؟
العرب في جاهليتهم مارسوا أفعال الفاحشة بتوسع، لذلك لايمكن أن يكون هذا صحيحاً، لماذا إذا ينظر البعض لآخرين على أنهم غرباء مع أنهم يقيمون في الأرض قبل قيام الدولة العثمانية!
ألا يجب أن تكون القبيلة المعاصرة هي جنسية الدولة؟ ألا يلغي حكم قاضي بالتفريق بين زوجين هذه الرابطة الهشة أصلاً؟
وكيف تقبل الدولة التي اعترفت بشخص ما كمواطن بأنه ليس كذلك؟



ياسر أبو صفوان
10:48 صباحاً 2007/03/08
8
تحية وتقدير


الأستاذ الغذامي شكرا لك على ملامسة هذا الموضوع المهم رغم أني أرى أنك لم تأتِ على شيء من المعاني العظيمة التي أتت بها الآية كاملا، سوى أنك جررتنا إلى حياتك في بريطانيا، ولو واصلت ولم تقف لكنا ربما وجدنا ما يفيد.



أبو محسن العدناني
11:28 صباحاً 2007/03/08
9
أحسنت


لا شك بأن العنصرية التي نعيشها يادكتور مقلقلة جدا وأنها من الابتلاء ليعلم الله بما في قلوب العباد ولكن المقلق أكثر السكوت المريب لطلبة العلم في بلادنا وهو سكوت ربما لا تبرأ به الذمة، وأنا أتعجب من الذي يحدث من رمي النقائص والرزايا من منثل ما تقول على فئة دون أخرى لأنها تختلف عنها عرقيا وإنني أخشى أن يبرز في خلال الزمن المتوسط انقسام فقهي جديد داخل التوجه الديني السائد يقوده التعصب العرقي ليبرز اتجاهين دينيين الأول المذهب القبلي الرافض والثاني المذهب المتسامح الداعي إلى التمازج على خلفية عدم التوافق بين من يرى عدم مشروعية التمايز وبين من يرى أن بخلق هذا التمايز نتقرب إلى الله لأن الله فضل العرب على كل الأمم.. لقد سنحت فرص كثيرة لقتل العنصرية العربية في شقها المقلق ولكن هناك من يقف معا لتبقى... والله أعلم.



أبو أحمد
12:11 مساءً 2007/03/08
10
المجتمع , ايسو 9002


شكرا لسعادة الدكتور عبدالله على هذا الطرح القريب من احاسيسنا وعروقنا ولكن اليس من الاجدر ان ننظر الى منظومتنا الاجتماعيه بشكل اوسع واكبر وان نعطي اسماء وصفات للاكثريات في الوطن من حيث العلم والعمل فقط !!! اي اننا يجب ان نجدد توصيفاتنا لانفسنا بشكل جديد ومطور بحيث يشمل هذا الوصف على العلم والعمل وليس القبيله او العائلة !!! استاذ عبدلله , في المناطق الصناعية الكبرى بالمملكه وفي المؤسسات الصناعيه لاتجد رائحة لهذه العصبيه او التحسس من هذه القضيه على سبيل المثال البته !!! الكل يعمل والكل يتعلم بشكل مستمر وفي منظومة واحده هدفها العلم والعمل به !!! ولكن سرعان ما تتدفق تلك الدماء الزرقاء وعلى حين غرة حينما تتشابك الايدي تحت غيمة كثيفة المطر في (( طعوس الديرة )) في منظر متناقض لايوجد له تفسير حتى عند ابن كثير !!!
يجب ابتداء ياسيدي ان تكون هناك نظم اجتماعيه لاتهدف الى ايدلوجيا او مناطقيه معينه او تجمعات هدفها خطف المجتمع الى فكر معين ومحدود !!!
يجب ان توجد دساتير وقوانين علميه لتحديد الامر بحيث يكون البقاء للاصلح وليس للاقوى او للاكثر !!! وهنا فقط يستقيم الحديث وتستسهل الصعوبات في محاولاتنا لرقي مجتمعنا في سياق واحد يتفق عليه الاكثرين !!! اجمل المنى ,,,



فضل الشمري
12:31 مساءً 2007/03/08
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 09-03-2007, 04:19 PM   #13
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
رابط المقال

http://www.alriyadh.com/php/file/?file_id=321
ريبد غير متصل  
قديم(ـة) 17-03-2007, 12:45 AM   #14
ريبد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
الإسلام والقبيلة



د. عبدالله محمد الغذامي
إن الحديث عن الإسلام هو حديث في الصميم الثقافي، حيث يدور حوار حقيقي بين فئتين اجتماعيتين، تستند كل واحدة منهما على المرجعية الدينية والنصوصية، وتسعى كل فئة إلى الاستعانة بالنصوص المؤيدة لرأيها، وهو مسعى مزدوج حيث يصاحبه فعل جاد آخر يقوم على تأويل النصوص التي تخالف ما تذهب إليه، والحق أننا سنجد في النصوص الدينية وشواهد كثيرة تظهر فيها القبيلة والموقف منها، وتعدد هذه النصوص مع ما يصاحبها من تفسيرات مبكرة تغري كل باحث عن حجة تسند رأيه وتعطيه دافعا لمواصلة البحث، على أن المحرك الرئيس في هذا كله هو مايضمره الباحث من رغبات عقلية ونفسية تجعل القراءة في غالب أمرها بمثابة الاسقاط وتكون رغبة في الاستعانة بالنص لتعزيز الرأي، ولا تكون بحثا موضوعيا صادق النية في التسليم بمعطيات البحث ونتائجه، وهذا ما يجعل الأمر مهماً حيث سنرى عقول الناس في حججهم وفي ما يسوقونه من برهنة يرون أنها تعين على تفسير النصوص وفهمها، وفي هذا أدبيات كثيرة اجتماعيا وسياسيا وفكريا، ونحن كبشر نستعين بالنصوص التي تتفق مع تطلعاتنا العقلية والنفسية، ولا ننكر النصوص المخالفة لنا، بل نأخذ بتأويلها والالتفاف على معانيها، وهذا يحدث بنية صادقة ومخلصة ظاهريا، ولكنها تنطوي على مخاتلة نسقية فتاكة، وهو أمر يحدث بالضرورة علينا جميعنا، مهما زعمنا من حيادية وموضوعية.
ومن أجل التعرف على صورة القبيلة في الإسلام سأبدأ من الآية الكريمة التي أشرت في المقابلة السابقة إلى سبب استحضارها بناء على مطالبة أحد القراء، والآية هي قوله تعالى: (ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) - الحجرات -

13.والآية الكريمة تشير إلى أربعة عناصر، كل واحد منها يمثل دلالة جوهرية في صياغة المعنى، وهي: 1- الناس، 2- شعوبا وقبائل، 3- التعارف، 4- الأكرم.

ونبدأ من العنصر الأول حيث جرى توجيه النداء إلى الناس (ياأيها الناس) وستفهم مغازي هذا النداء اذا استحضرنا السياق الذي وردت فيه الآية حيث سبقت بأربع آيات ابتدأت كلها بالنداء: ياأيها الذين آمنوا، مع ورود هذه الآية في سورة الحجرات، وهي سورة ليست طويلة وتتكون من ثماني عشرة آية وفيها خمس نداءات، أربعة منها للذين آمنوا، وواحد للناس، وسنرى أن الآيات التي خاطبت الذين آمنوا إنما هي آيات ذات خصوصيات أخلاقية إيمانية، - وسنقف لاحقا عليها - بينما هذه الآية تحمل عمومية الخطاب (الناس) ولذا فإن ما فيها هو حكم كوني عام، وهي بهذا شاملة للبشر - كل البشر - وهذا هو المعنى الكامن في كلمة الناس حيث هو تعبير عام ولا يخص أحدا دون أحد.

ولهذا أشارت الآية إلى سمة العموم في قوله تعالى: إنا خلقناكم، والله قد خلق الجميع وليس هناك أحد أو شيء ليس من خلق الله ، وهذه عمومية مطلقة.

وهذا يقودنا الى العنصر الثاني، وهو (الشعوب والقبائل) ولست أرى هذه العبارة إلا من زاوية عمومها، وشمولها، غير أني وجدت في كتب التفاسير إشارات تميل إلى وصف العبارات وصفا يوحي بالقبائلية، فبعضهم يشير إلى القبائل الكبيرة والصغيرة كمعنى لكلمتي الشعوب والقبائل، ولكن ابن كثير أورد معنى آخر حيث أشار إلى أن كلمة شعوب تعني بطون العجم وكلمة قبائل تعني بطون العرب، وقد نفهم من كلام المفسرين ما نفهمه، ولكن الفهم الذي يمنع أي لبس هو المعاني العمومية في الآية نفسها، حيث نرى علامتي الناس والخلق، فالخطاب للناس وليس لعرب أو عجم محددين، وانتساب الخلق إلى الله يزيد من عمومية التعبير وشموليته، ولذا فليس على أحد منا أن يتجاوز معاني التخصيص وأن يأخذ بمعانى التعميم، والنص جلي في ذلك خاصة أن الآيات الأخرى في السياق نفسه تخص في حديثها وفي مخاطبتها كلما اقتضى الأمر التخصيص، وفي هذا ما يؤكد ان ترك التخصيص هو إشارة إلى تعميم قطعي وأكيد.

ونأتي للعنصر الثالث وهو التعارف، وهو عنصر دلالي مركزي حيث يرد المعنى على سبيل الحصر، وتنص الآية حصرياً على أن سبب توزيع الله الناس إلى شعوب وقبائل إنما الغرض منه التعارف، أي بناء نظام من العلاقات الاجتماعية تقيم أواصر العيش بناء على معرفة كل فرد بجنسه الذي يماثله فيعرف حياته وظروفه حسب معرفته بجنسه وشبيهه ومماثله، مثلما هو حادث في مملكة الحيوان حيث تتآلف الحيوانات في مجاميع حسب أجناسها ويتعرف كل كائن إلى مماثليه ويشكل معهم خلية تحمي نفسها وتؤسس لشروط معاشها، ولقد خلق الله الجميع على هذه الغريزة التعارفية، حيث يتعارف المتماثلون ويتناكر المتخالفون، وهذاهو المعنى العملي والاجتماعي لنشوء التكوينات البشرية من شعوب أو من قبائل، وهذا ما يجعلنا ندرك أن نشوء القبيلة هو نشوء طبيعي يقوم على شروط إنسانية مصلحية واجتماعية بما إنها تكوين ظرفي له أسبابه العملية - كما أشرنا في المقال الخامس - .

إن مفهوم التعارف كنقيض للتناكر يدل على شروط العيش البشري وشروط البقاء والأمان النفسي حيث صنعنا الله على هذه المكونات وأعطانا الأسباب المساعدة عليها ووصف لنا حالنا مع ظروفنا التي خلقنا عليها، ولذا جاءت اشارة الخطاب إلى الناس بعامة وإلى خلق الله لنا على هذه الصيغة وجرى حصر السبب على ذلك وهو (التعارف) حيث يعرف بعضنا بعضا بناء على حوافز خاصة ينتج عنها تنظيمات بشرية كالشعب والقبيلة وما يقاس عليهما من تكوينات بشرية.

وهذه هي علة وسبب خلق الله لنا على صيغة تكوينات تنظيمية تكشفه الصيغة اللغوية في حرف التعليل (اللام): لتعارفوا، والتعارف معنى عريض وشامل يتسع لكل شروط المعاش وضروراته، على عكس التناكر، والتناكر معنى مضاد لشروط البقاء والأمان والقبول.

ثم يأتي العنصر الرابع، وهو عنصر المفاضلة، ألا وهو صيغة (الأكرم) وهي صيغة لاحقة لشرط الخلق ولاحقة لشرط عموم الناس ولاحقة لشرط التعارف، حيث تتساوى في أننا ناس ونتساوى في أننا من خلق الله ونتساوى في أننا ننتسب ونتعارف حسب تكوينات منها الشعب ومنها القبيلة ولا يختلف هنا من هو فرد من شعب ولا من هو فرد من قبيلة، بما إن الجميع ناس وبما انهم من خلق الله وبما إن نظام معاشهم يقوم على مبدأ التعارف، وليس هنا من مفاضلة حيث إن هذه كلها شروط حياتية فطرية وكلية، ولكن التفاضل يأتي مع صيغة التفضيل النحوية، ولم ترد هذه الصيغة الا هنا (الأكرم) - إن أكرمكم عند الله أتقاكم - وهو الأكرم عند الله ولم يقل عند الناس أو عندكم، وفي هذا إشارة إلى أن ما عند الله غير ما عند الناس، لأن الناس فعليا وعلميا لا تلتزم دائماً بالمفاضلة على أساس التقوى، ولديهم سلم عريض من المفاضلات، ولكن ما عند الله لا تشوبه شائبة، وهو أن الأكرم هو الأتقى.

هنا نرى الآية قد عمت في خطابها البشر كل البشر ووضعت قيمة مثالية عليا للمفاضلة، مع تحديد مواقع الناس من حيث هم شعوب أو قبائل وجعلت صفات الشعوب والقبائل هي صفات طبيعية وعمومية بما انها شرط اجتماعي للتعارف لا للتناكر، وهي شروط محروسة أخلاقيا بمفهوم الأكرم، ومن أراد أن يكون أفضل من غيره فله ذلك بأن يكون الأكرم وهي كرامة التقوى، والأكرم هنا هي صفة استحقاق مطلقة لأي أحد من الناس سواء من فريق القبائل أو من فريق الشعب، بل الشعوب كل الشعوب، وأنا هنا ملتزم بمصطلحات الآية الكريمة وهي آية تأسيسية ومبدئية.

هذا أصل طبيعي من جهة وهو أصل أخلاقي من جهة ثانية، حسب معاني الآية في عمومها ثم في قانون المفاضلة فيها، وهذا الأصل لا يجعل أحدا أفضل من أحد لمجرد انتسابه لشعب أو لفئة فلا يكون الفارسي أفضل من العربي ولا التركي أفضل من العربي، وفي أدبيات الفرس والترك ما يقول بأفضليتهم علينا، حتى إن كلمة عربي في التركية الشعبية تعنى معنى بذيئاً مثلما تعني كلمة عجمي عندنا معنى سلبياً، كما أن الشعب الإنجليزي والألماني يريان نفسيهما أفضل وأرقى، وهذا مقاس ثقافي يحرف معنى تقسيمات الشعوب - مثلما يحرف تقسيمات القبائل - من شرط التعارف الذي هو معنى عام يشمل شروط المعاش وضروراته كلها، يحرفه من شرط معاشي إلى شرط تفاضلي، وهذا ليس معنى الآية الكريمة وليس منطق ديننا كما أنه ليس منطق الفلسفة الإنسانية والمثالية، وإن كانت الفلسفة منتوجا بشريا تصيبه علل ثقافية نسقية مثل غيره من خطابات البشر، وفلسفة أفلاطون فلسفة عنصرية طبقية تفاضلية وانحيازية، وفينا مثلما فيهم عيوب وفينا مثلهم أمراض نسقية أولها العمى الثقافي، حيث يكون المضمر النسقي نقيضا للظاهر العقلاني، ولو قلنا بالتفاضل العرقي ورضينا به أساسا عقليا وأخلاقيا لوقعنا نحن ضحايا لهذا التمييز حينما يقول به الانجليز أو الألمان أو غيرهم فيرون أنفسهم أرقى منا عرقا ولونا، وهنا إما أن نأخذ بالأصل الأخلاقي الطبيعي الذي يجعل التفاضل بالقيم العملية أو لن يكون لنا حجة ضد العنصريين والفاشيين في أي ثقافة عالمية كانت أو خاصة.
ريبد غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 02:16 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)