بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » العنوسه في المجتمع العربي

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 24-05-2002, 01:43 PM   #1
راشد الراشد
عـضـو
 
صورة راشد الراشد الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2001
البلد: الدمــــ AL-DAMMAM ـــام
المشاركات: 3,293
العنوسه في المجتمع العربي

مابين فتيات يلهثن وراء القصور وشباب يحلمن بالعين الحور

كتب عمرو سلمان :

الزواج حلم وردي .. يداعب خيال كل فتاة صباح مساء .. حتى أصبح المثل المصري الشهير " البنت وهي في اللفة .. بتحلم بالعريس والزفة " أصدق ترجمة فعلية لمشاعر المرأة تجاه الزواج والاستقرار وإنشاء أسرة جديدة ، تتوج ملكة علي عرشها ، وتمارس من خلالها أسمى غريزة إنسانية أودعها الله قلب المرأة : غريزة الأمومة .
هذا الحلم يكاد اليوم أن يتوارى ويندثر في أغلب المجتمعات العربية – بل والغربية أيضا - ويوشك أن يتحول إلى سراب تلهث وراءه الفتاة العربية بعد فوات الأوان .. وبخاصة بعد أن ارتفعت نسبة العنوسة في شتى المجتمعات العربية – بلا استثناء – بصورة مخيفة تهدد أمن واستقرار تلك المجتمعات .. سواء على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي .. أو حتى على المستوى الأمني .


وإذا كان القرآن الكريم قد أكد صراحة أن الفقر يجب ألا يكون سببا في رفض من يرتضى دينه وخلقه " إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " ، وإذا كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد زوُج ببضع سور من القرآن الكريم ، وحث على تيسير المهور واختيار صاحب الدين والخلق : [إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير] ، و[أكثر النساء بركة أيسرهن مهرًا] ، إلا أن كل الشواهد اليوم تؤكد أن الاختيار يقوم على أسباب دنيوية من مال وجمال وحسب ، دون الاهتمام بالدين والخلق الصالح ، وهو ما أدى إلى انتشار الطلاق والعزوف عن الزواج إلا عند توافر هذه الشروط الدنيوية أو المادية ، التي ترهق الشباب وتجعله عازفا عن الزواج .
وربما كانت أرقام وإحصائيات الزواج والطلاق في الدول العربية كفيلة وحدها بإبراز حجم المشكلة ، ومدى المخاوف والهواجس التي تفرض نفسها على تلك المجتمعات بقوة ، ليس فقط على مستوى نخبة المثقفين وعلماء النفس والاجتماع ، بل أيضا على مستوى الصفوة السياسية ، إلى حد أن بعض الرؤساء العرب اضطروا إلى التعرض لمشكلة العنوسة ومناقشة تداعياتها صراحة ، بل وطرح بعض الحلول في محاولة لتخفيف حدة تلك الظاهرة .
ففي مصر كشفت دراسة رسمية أعدها الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع نسبة غير المتزوجين بين الشباب المصري إلى 37% ، وأن عدد الشبان والشابات العوانس - الذين تجاوزوا الخامسة والثلاثين من دون زواج - وصل إلى أكثر من 9 ملايين نسمة من تعداد السكان البالغ 64 مليون نسمة ، بينهم 3 ملايين و773 فتاة وقرابة 6 ملايين شاب غير متزوج .
كما كشفت الدراسة عن أن عدد المطلقين والمطلقات بلغ 364 ألفا و361 مصريا ومصرية ، وأن عدد عقود الزواج التي تم إبرامها رسميا في مصر عام 1999 بلغ 520 ألفا بنسبة 8.2% من السكان ، مقابل 405 آلاف عقد زواج في عام 1990، أي بزيادة قرابة 115 ألف عقد زواج ، في حين بلغت عقود الطلاق التي تم استخراجها عام 1999 نحو74 ألف حالة بنسبة 1.2% مقابل 67 ألف شهادة عام 1990.
وأكد خبراء الجهاز أن هذه الأرقام ترجمة فعلية لظاهرة خطيرة بدأ يعاني منها المجتمع المصري لا سيما في السنوات الأخيرة ، وهي ظاهرة العنوسة التي استهدفت الفئات الوسطى، محملين الفتيات والأسرة المسؤولية عن تفاقم تلك الظاهرة بسبب تغير مفاهيمهن عن الزواج ، مما جعل الشاب يقف عاجزاً عن توفير الحد الأدنى لمتطلبات الفتاة وأسرتها .
أما وزارة الشؤون الاجتماعية المصرية فقد أعلنت بدورها أن 255 ألف طالب وطالبة - يمثلون نسبة 17 في المائة من طلبة الجامعات - قد اختاروا الزواج العرفي، بينما أعلنت وزارة العدل في أحدث إحصائية لها عن زواج 200 ألف فتاة مصرية من أثرياء أجانب كبار السن ، مؤكدة أن هناك اتجاهاً يسود بين الشباب المصريين للارتباط بزوجات من روسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا الشرقية ، حيث يرتبط الشاب بفتاة متعلمة وجميلة ، لأن هذا الارتباط لن يكلفه سوى منزل مؤثث .
وفي سوريا تكشف الأرقام الرسمية المنشورة أن اكثر من 50 في المائة من الشبان السوريين الذين وصلوا إلى سن الزواج عازفون عن الزواج - أو عجزوا عنه - بسبب عدم قدرتهم المادية على ذلك وعدم توفر المسكن الملائم للزواج .
ووفقا لأرقام المجموعة الإحصائية السورية لعام 1995 فإن 82.4% من الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 20 و24 عاما لم يتزوجن أبدا ، و60% من الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 25 و29 عاما لم يتزوجن أبدا أيضا ، بينما بلغت نسبة اللاتي تخطين 34 عاما دون زواج 37.2% ، ووصلت نسبة اللاتي تجاوزن 39 عاما دون زواج إلى 21.3% ، وهو ما يعني أن أكثر من نصف النساء غير متزوجات .
أما في الكويت فإن نسبة العنوسة بين الفتيات الكويتيات تقترب من نسبة 30% حسب بعض الإحصاءات الرسمية .. حيث بدأ الشباب الكويتي في العزوف عن الإقدام على الزواج ؛ نظراً للأعباء الاقتصادية الباهظة التي تترتب عليه ، بينما وصلت نسبة الطلاق في الكويت إلى 33%.
وفي الجزائر كشفت الأرقام الرسمية التي أعلنها الديوان الجزائري للإحصاء أن أكثر من51 بالمائة من نساء الجزائر الذين بلغوا سن الإنجاب يواجهن خطر العنوسة ، وأن هناك أربعة ملايين فتاة لم يتزوجن رغم تجاوزهن الرابعة والثلاثين عاما ، موضحا أن عدد العزاب بالجزائر تخطى 18 مليونا من عدد السكان البالغ 30 مليون نسمة ، وأن نسبة المطلقات بلغت 36.9%.
وأوضحت إحصائيات الديوان الجزائري أنه رغم ارتفاع معدلات الإقبال على الزواج عام 2000 بنسبة تسعة بالمئة مقارنة بالعام السابق ، إلا أن هذه الزيادة ضئيلة عند مقارنتها بعدد الشباب الذين بلغوا سن الزواج ، وبخاصة أن هؤلاء الشباب يمثلون نحو 60 بالمئة من السكان .
وفي الإمارات ، لا تزال مشكلة العنوسة تفرض نفسها بقوة ، رغم أن الدلائل تشير إلى حدوث تقدم نسبي، خاصة فيما يتعلق بمعدلات استمرار الحياة الزوجية بين المواطنين .. فقد كُشفت إحصائية حديثة أجراها صندوق الزواج الإماراتي عن أن معدلات الطلاق بين الإماراتيين في إمارة أبوظبي انخفضت عام 1999م إلى 5ر16% مقابل 52% قبل عشرة أعوام ، حيث بلغ عدد حالات الطلاق عام 99 نحو 138 حالة مقابل 810 زيجات ، بينما وصلت حالات الطلاق عام 91 إلى 283 حالة مقابل 544 حالة زواج.
أما في إمارة دبي - ثانية كبرى الإمارات السبع التي تتكون منها دولة الإمارات العربية المتحدة - فقد انخفضت نسب معدلات الطلاق إلى الزواج بين المواطنين لتصل إلى 20% عام 1999م بعد أن كانت 8ر25% عام 1995م ، حيث بلغ عدد الزيجات عام 99 في الإمارة 607 زيجات مقابل 121 حالة طلاق.
وإذا انتقلنا إلى المملكة العربية السعودية ، فإن الإحصاءات الرسمية التي صدرت عام 1999 تشير إلى أن ثلث عدد الفتيات السعوديات بلغن سن الزواج ، وأن عدد من تجاوزن سن الزواج بلغ حوالي مليون ونصف مليون فتاة من بين نحو أربعة ملايين فتاة .
وأوضحت إحصائية لوزارة التخطيط السعودية أن عدد البنات اللاتي تجاوزن العام الماضي سن الثلاثين دون زواج قد بلغ مليونا وخمسمائة وأربعة وتسعين ألفا وثماني عشرة بنتا سعودية ، وأن بحث كل فتاه عانس عن حل لمشكلة عنوستها يختلف من فتاة لأخرى ، فمنهن من تلقي نفسها في أحضان الخاطبات للبحث عن زوج بشروط قياسية ، في حين تنغمس الأخريات في دوامة العمل وربما يشاركن في الفعاليات الثقافية والاجتماعية ، وان كان ذلك لا يبعد حلم الارتباط برجل عن أذهانهن .
هذه الأرقام المخيفة لارتفاع معدلات العنوسة دفعت المفتي العام للمملكة - رئيس هيئة كبار العلماء -الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل شيخ إلى أن يجدد دعوته لتعدد الزوجات ، داعيا السعوديات إلى تقبل منطق التعدد للحفاظ على البناء الاجتماعي للأسرة والمجتمع ، وموضحا أن تعدد الزوجات أمر شرعه الله لصالح المجتمع ، وأن على المرأة أن تقبل أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة باعتبار ذلك خيراً من العنوسة. وأضاف أن زواج المرأة من رجل ذي دين وكفاءة وخلق ومعه زوجة أخرى لا عيب ولا نقص فيه ، مجددا تأكيده بأن التعدد أمر مشروع وأن الذي يشكك فيه ضال.
أما المشهد في السودان فيختلف كثيراً عن باقي الدول العربية ، إذ إن مشكلة العنوسة ألقت بظلالها على قضايا التنمية وإعمار السودان ، باعتبار أن عدد سكان البلاد لا يتناسب مع مساحتها وإمكاناتها ومواردها المختلفة ، لدرجة أن الرئيس عمر البشير دعا السودانيين إلى تعدد الزوجات ، وظل يحض المسؤولين والمواطنين على ذلك ، ويطالب برعاية أسر الشهداء .
ولم يكتف البشير بالدعوة لتعدد الزوجات عبر مختلف المنابر ، بل حول دعوته إلى نهج عملي حين أقدم بنفسه على الزواج من أرملة العقيد إبراهيم شمس الدين - وزير الدولة السابق الذي قتل خلال حادث تحطم طائرة عسكرية بولاية الوحدة في جنوب السودان - إلى جانب احتفاظه بزوجته الأولى ، وهي ابنة عمه في الوقت نفسه .. كما عقد اللواء الهادي عبد الله وزير رئاسة مجلس الوزراء قرانه أيضا على أرملة أحد الشهداء .
وينظر لتعدد الزوجات في السودان باعتباره وضعاً عادياً ، وأحياناً يعد من مفاخر الرجال ، بل إن الزوجات الأوليات لا يتعاملن مع الأمر بوصفه نهاية العالم ، فكثيراً ما تسعى الزوجة الأولى لتزويج زوجها بثانية وربما ثالثة ورابعة ، مادام الزوج قادراً على الوفاء بالتزامات هذه الزيجات وتبعاتها . وفي العراق ، اتهم الرئيس صدام حسين نساء بلاده بالتسبب في عنوستهن ، محملاً إياهن مسؤولية تفشي ظاهرة العنوسة بينهن بسبب المغالاة في طلب المهور ، مؤكدا أن هناك مشكلة حقيقية تتمثل في عزوف الشباب عن الزواج وأن نسبة عالية من الفتيات يطالبن بمهور مرتفعة أو ينشدن الزواج من رجال كبار في السن تتجاوز أعمارهم الأربعين والخمسين .
وطالب الرئيس العراقي وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بإجراء حوار موسع حول مسألة ارتفاع المهور التي تصل في بعض الأحيان إلى ملايين الدنانير وعدة كيلوجرامات من الذهب .
وإذا كان الرئيس العراقي قد عزا مشكلة العنوسة في بلاده إلى المغالاة في المهور ، فلا شك أن هناك أسبابا أخرى عديدة تقف وراء ارتفاع وتفشي هذه الظاهرة في الدول العربية .. صحيح أن بعض هذه الأسباب قد يختلف من مجتمع لآخر وبين دولة وأخرى ، لكن الغالب الأعم من هذه الأسباب يظل قاسما مشتركا بين مختلف المجتمعات العربية في أغلب الأحيان .
ويجمع علماء النفس والاجتماع على أن أحد أهم القواسم المشتركة لارتفاع ظاهرة العنوسة في المجتمعات العربية هو ارتفاع المهور والمغالاة فيها ، فضلا عن التشدد في تحديد مواصفات عش الزوجية والأثاث ، والتي تفوق قدرة ودخول أغلب الشباب العرب .. ففي سوريا - مثلا - يبلغ متوسط دخل الفرد شهريا 42 دولارا ، ويصل أعلى راتب شهري في الدولة إلى ما يوازي 210 دولارات شهريا ، في الوقت الذي تحلق فيه أسعار الشقق عاليا ليصل سعر المنزل المتواضع في وسط دمشق إلى حوالي 20.000 دولار، مما يراكم الديون على العريس لسنوات طوال ثمنا للشقة ولفرشها وللهدايا التي يتوجب عليه تقديمها للعروس من حلي ومجوهرات .
ومن هنا لم يكن غريبا أن يضطر وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز إلى توجيه انتقاد شديد إلى الآباء الذين يغالون في مهور بناتهن ، مشددا على أن حل المشكلة لا يمكن أن يتم عن طريق سن قانون وأنه لابد من تعاون الآباء والأمهات في هذا الشأن .
وفي المقابل يدافع أهالي الفتيات عن أنفسهم بأن جميع الأجهزة والأشياء التي كانت تعد سابقا من الكماليات أصبحت اليوم أساسيات وضرورة من ضروريات الزواج التي لا يمكن الاستغناء عنها ، حتى وإن كان أغلب الناس غير قادرين على توفيرها .
وهكذا أصبح المجتمع العربي يتخبطً بين عاداته وتقاليده وبين مفاهيم الحضارة ، وتجسد ذلك واضحا في عدم تفهم الأسر للتحولات الاقتصادية وما صاحبها من أزمات وتغيرات اجتماعية ، فهي لا تزال تطالب من يتقدم للزواج من بناتها بمطالب يعجز عن تلبيتها ، ومن ثم تحولت مشكلة العنوسة وفقا لهذا الاتجاه إلى مشكلة مادية بحتة ، نتيجة التغييرات الحادة التي طرأت على تفكير اغلب الناس ونظام الحياة بشكل عام ، بحيث لم تعد الفتاة نفسها اليوم تحلم بالفارس الذي يحملها على الحصان الأبيض ، ولم تعد تهتم بقوة شخصية الرجل ، وإنما اصبح جل اهتمامها منصبا على قدرته على توفير حياة مرفهة لها .
وتلعب البطالة دورا مكملا للسبب السابق ، فانحسار الوظائف وفرص العمل أمام الشباب أصبح هاجسا يؤرق كل طالب عمل ، ومحدودية الفرص الوظيفية للنساء ونمطيتها التقليدية صارت إطارا لا يبدو الخروج منه سهلا أو قريبا ، ومن ثم حالت البطالة دون حصول الشاب على فرصة عمل تدر عليه دخلا ثابتا يمكنه من تحمل أعباء الزواج ، ، وإذا وجد الشاب عملا فإنه يتعذر عليه العثور على مسكن ليتزوج فيه ، وهكذا يمتنع عن الزواج ما دام غير قادر ماديا .
ويشكل العامل الثقافي سببا ثالثا لمشكلة العنوسة ، فخروج الفتاة للتعليم الجامعي والعمل ، واحتكاكها بالشباب ورؤيتها لأنماط مختلفة منهم ، جعلها مترددة في الاختيار ، مما أدى إلى عدم الإقدام على الزواج بشكل جدي ، وبخاصة بعد أن ظنت أغلب الفتيات أنهن يستطعن الحصول على "عريس تفصيل " كما يقول العوام ، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى ضياع الوقت وتجاوز الفتاة سن الزواج .


وفي المقابل ، فإن الشباب أصبح قادرا على إقامة علاقات محرمة مع الفتيات - تتفاوت في عمقها وطبيعتها - فشعر بعدم الحاجة الملحة للزواج ، وبالتالي أرجأ الزواج قدر استطاعته ، لأنه يعلم يقينا أن المجتمع يقبل أن يتزوج الرجل - مهما كان سنه - بفتاة صغيرة وقتما يشاء ، بينما ينظر بتوجس لفتاة تتزوج من هو أصغر منها أو يتأخر زواجها.
ويجسد تأثر العديد من الفتيات بالقيم الغربية الوافدة ، مثل عدم التزامهن بالاحتشام في ملابسهن ومجاراة الغرب في سلوكهن والاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة والعمل والأسواق ، وانتشار ظاهرة ما يسمى بالصداقة بين الجنسين ، والسفور الفاحش المنتشر بين الإناث ، سببا آخر من أسباب تفشي ظاهرة العنوسة ، لأنه غالبا ما ينفر الكثير من الشباب من الاقتران بها ، ذلك أن المجتمع يحترم الفتاة المحترمة ، والشاب عندما يفكر في الزواج لن يفكر إلا فيمن سوف تحمل اسمه فيما بعد وفيمن تستحق من وجهة نظره هذا الاسم .
ويتعلق بذلك أيضا عدم التزام بعض الأسر بالأخلاقيات وتفهمها لظروف من يتقدم لابنتها ، حتى وإن كانت الفتاة نفسها صالحة ، لأن ذلك يصبح مدعاة لتخوف الشاب من أن تمس سمعته نتيجة لارتباطه بفتاة من أسرة غير ملتزمة ، وبالتالي تؤخذ الفتاة بجريرة أسرتها .. وكم من فتيات صالحات حرمن من فرص الزواج لأن أسرهن تحت مستوى الشبهات ، فضلا عن أن بعض أولياء الأمور يمنعون بناتهن من الزواج طمعا في مهور خيالية يحصلن عليها من الزوج المرتقب - وبخاصة إذا كانت الفتاة جميلة - أو حتى لا تنقطع المكاسب المادية التي يجنونها من وراء وظيفة ابنتهم .
وتلعب العادات الاجتماعية البالية دورا بارزا بين أسباب تفشي ظاهرة العنوسة في مجتمعاتنا العربية ، بزعم الحفاظ على الأنساب وتقويتها وتدعيمها وصيانتها من الاندثار ، وعلى رأسها ألا تتزوج القبلية من الحضري ولا الشريفة من غير الأشراف ، وألا تتزوج الغنية إلا من غني ، ولا تتزوج العربية من أجنبي .. إلى جانب قيام أولياء الأمور بحجز الفتاة إلى ابن عمها او ابن خالها بحجة أنه أولى بها من الغريب (كما يحصل في صعيد مصر أو دول الخليج العربي وبعض الدول العربية) حتى وإن لم يكن يحمل المؤهلات التي تجعله كفئا للفتاة .
ومن بين هذه العادات أيضا إصرار الأب أو الأم على ألا تتزوج الفتاة الصغيرة قبل الكبيرة ، أو أن ابنتهما مازلت صغيره على الزواج ولم تكمل بعد تعليمها الجامعي ، أو إصرارهما على أن تكون مواصفات حفل الزفاف ومكان انعقاده لا تقل عن حفل زفاف شقيقة العروس ، أو حفل زفاف ابنة عمها أو ابنة خالتها ، أو حتى صديقتها أو جارتها ، فالفتاة تريد حفل عرس يحكى عنه الناس ، وفستانا وجهازا يتكلف الكثير ؛ بغض النظر عن ظروف الأسرة نفسها ، إذ إن كل ما يهمها هو أن تستمتع بحياتها ، أو بليلة العمر كما يحلو لبنات حواء تسميتها دائما ، وهو ما يدفع الشباب بدوره إلى الهروب من تكاليف حفل زواج لا يطيقه .
ويشكل التعليم سببا إضافيا - إلى جانب الأسباب السابقة - لانتشار العنوسة في المجتمعات العربية ، إذ ترفض الفتاة الطموح علميا الزواج حتى تحصل على الماجستير والدكتوراه ، وعندما تحصل عليهما تتغير شروطها في زوج المستقبل ، فيبدأ مسلسل الرفض حتى يفوتها قطار الزواج .. وبينما كانت الفتاة التي حصلت على قسط بسيط من التعليم في الماضي تحلم بأن تصبح زوجة وربة بيت ، وتدرك أن الزواج سنة الله في أرضه ، فإنها الآن أصبحت تعيش حالة صراع الأدوار ، بعد أن أصبحت لا تفكر في دورها التقليدي فقط كزوجة وأم ، بل أيضا في دورها كامرأة عاملة تخشى أن تتزوج من رجل يستولي على راتبها ، بينما هي من وجهة نظرها تستطيع الاستغناء عن الزوج لأنها لا تحتاجه اقتصاديا.
وإذا كانت هذه الأسباب المباشرة لظاهرة العنوسة تقف وراءها الفتاة وأسرتها ، فإن هذا بالطبع لا يعني أن هناك أسبابا أخرى تتعلق بالشاب - أو الزوج المنتظر - نفسه ، وعلى رأسها أن أغلب الشباب راح يستمد من فتيات الإعلان مواصفات عروسه ، وبخاصة بعد أن أفسدت القنوات التلفزيونية والمجلات الشباب وجعلته لا يصلح لإقامة أسرة أو فتح بيت ، ورسخت في وجدانه أن الجمال لا يتوافر إلا في أصحاب الشعر الأشقر والعينان الزرقاوان .
ومن بين تلك الأسباب أيضا رغبة الزوج أو الخطيب في الظهور بمظهر لائق ، حتى ولو لم يكن قادرا على تكاليف هذه المظاهر ، إذ يجنح بعض الشباب المقبل على الزواج إلى المظهرية والمبالغة في نفقات الزواج وإقامة حفلات الزفاف ؛ مما يدفع من يريد المحاكاة والتقليد إلى اللجوء لأساليب منحرفة للحصول على المال ، أو إقامة علاقة ارتباط غير شرعية كبديل للإحباط الذي ينتابه إذا ما فشل في تحقيق هذا الحلم لسبب أو آخر .
ويدخل في إطار هذه الأسباب كذلك ترتيبات ما قبل الزواج ، فالسياحة مثلا أصبحت جزءا لا يتجزأ ليس من المهر بل من توقعات العريسين في دول الخليج ، وهي ظاهرة تتعلق بسلوك اقتصادي بدأ يفرض نفسه بقوة في الآونة الأخيرة ويتعاظم صوته ليكون هو المسموع ..
وهكذا تضافرت تفاعلات العوامل الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية مع بعضها ، لتشكل في النهاية ظاهرة - أو كابوس - العنوسة ، التي باتت شبحا يهدد ملايين الفتيات في العالم العربي بالحرمان من أغلى عاطفة في الوجود ، ألا وهي عاطفة الأمومة .. والأخطر من ذلك تعريضهن إلى مخاطر الفتنة ، وبخاصة في ظل انتشار التيارات المنحرفة التي تدعو للانحلال الأخلاقي .
وكثيرا ما يضع شبح لقب " العنوسة " الفتاة العربية تحت ضغط اجتماعي شديد وقاس ، لدرجة أن الفتاة التي لم تتم العشرين بعد - أو تلك التي مرت السنوات الخضراء في حياتها من دون زواج - قد تضطر الى تقديم بعض التضحيات من اجل الزواج حتى لو كان ذلك على حساب كرامتهن وكبريائهن ، إذ تبدأ الفتاة في الحرص على حضور الأفراح والظهور في المناسبات ، ويصل الأمر إلى حد تملق أم العريس (المحتمل) حتى تكسب ودها ، لعلها تطلب يدها لابنها!! وذلك خشية ان تحمل لقب عانس!
وربما يقتضي الأمر هنا أن نقرر - إنصافا للفتاة العربية - أن ظاهرة العنوسة ليست ظاهرة قاصرة على المجتمعات العربية وحدها ، وإنما هي بطبيعة الحال ظاهرة عالمية ، غير أن الغرب الذي يعاني أيضا من ظاهرة العنوسة لا يشعر بحدتها مثل المجتمعات العربية نظرا لأن الزنا عندهم ليس محرما ، بل تظل المرأة تعاشر الرجل معاشرة الأزواج سنوات طويلة وقد تنجب سفاحاً ، وفي النهاية قد يقرران الزواج أو الانفصال .. هكذا بكل بساطة .
وإذا كانت هذه الأسباب والعادات الاجتماعية المتعارف عليها في البلاد العربية هي أهم العقبات في طريق الزواج .. أو بعبارة أخرى أهم الأسباب المباشرة لتفشي ظاهرة العنوسة في العالم العربي .. فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو : ما تداعيات مثل هذه الظاهرة على مجتمعاتنا العربية ؟ وما هي نظرة المجتمع للفتاة العانس ؟ وما دور المؤسسات الاجتماعية - الحكومية والخاصة - في معالجة ظاهرة العنوسة ؟ هذه الأسئلة وغيرها تحتاج إلى معالجة أخرى .. وموضوع جديد .. لوضع النقاط فوق الحروف .
__________________

من الدنيـا أنـا مابـي سوى عـفـو العلي التـواب
ويحسـن خـاتمـة فعـلي ويغـفـر لـي ضـلالاتـي

أبمـلا العمر "بالتوبة" و "نوح" و "هود" و"الأحـزاب
متى كـانت سنيـني عمـر انـا عمري في ركعاتـي

راشد الراشد غير متصل  


قديم(ـة) 24-05-2002, 01:44 PM   #2
راشد الراشد
عـضـو
 
صورة راشد الراشد الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2001
البلد: الدمــــ AL-DAMMAM ـــام
المشاركات: 3,293
زواج المسيار .. هل يحل المشكلة ؟


شهد زواج المسيار جدلا فقهيا واسعا بين العلماء والفقهاء في الآونة الأخيرة .. فبينما اعتبره البعض حلا لمشكلة العنوسة التي أضحت أغلب المجتمعات العربية تعاني منها ، ارتآه آخرون إهانة للمرأة باسم الزواج ، وضحكا على النساء وخداعا لهن .. وفي الوقت الذي قال فيه البعض إنه يذلل العديد من المشاكل الأسرية ، وصفه آخرون بزواج الجبناء .
الدكتور عبد السلام بن محمد الشويعر عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية يرى أنه ينبغي تحيد صورة زواج المسيار الموجودة في الذهن أولا قبل الحديث عن حكمه ، لأننا عندما نتحدث عن زواج المسيار يتبادر إلى الذهن صور متعددة لـه ، حتى أن المجلس الواحد قد يضم أحياناً أكثر من شخص يتصور كل واحد منهم صورة مختلفة تماما لزواج المسيار عن الآخر ، بل أحياناً تكون متضادة.
ويؤكد أن هذا هو سبب تضارب فتاوى بعض أهل العلم بخصوص زواج المسيار لأنهم يفتون بحسب الوارد لهم ، ولذلك لا بد عند الجواب عن حكم زواج المسيار النظر إلى ما الذي في ذهن السائل أو المتلقي ، لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، وهذه اللفظة - زواج المسيار - من الألفاظ المشتركة التي تصدق على أكثر من معنى.
ويضيف أن الأصل في النكاح أنه يجب أن يكون بولي وشاهدي عدل وأن يعلن ـ ومن الإعلان تسجيله في الدوائر الرسمية ـ وأنه يجب فيه على الزوج لزوجته القسم والمبيت ولو ليلة كل أربع ليال إن كان معددا ، ويجب لها ولأبنائها منه النفقة بالمعروف ، والتي يدخل فيها السكن .. فإذا استوفى هذه الشروط يصبح نكاحا شرعيا لاشك في جوازه .
أما إذا اتفق الرجل مع امرأته - برضاها - على إسقاط حقها من القسم مع توفر جميع الأمور السابقة ، فأصبح لا يأتيها مثلا إلا في بعض الأوقات أو في النهار فقط - أو نحو ذلك - فهذا هو زواج المسيار .. وهذا الفعل إن كان يرضيها فلا حرج فيه; لأن القسم والمبيت من حق الزوجة ، فإن رضيت بإسقاطهما من غير إكراه جاز لها ذلك; لأن الحق لا يعدوها ، والأصل في ذلك ما ثبت في الصحيحين من أن السيدة سودة - زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم - وهبت يومها لعائشة رضي الله عنهما.
كما أن هذا العمل كان معروفاً عن الصحابة ومن بعدهم ، وقد عقد سعيد بن منصور في سننه باباً في زواج النهاريات ؛ أي اللاتي يقسم لهن أزواجهن في النهار دون الليل ، لأن الليل هو عماد القسم ولكن هذا الحكم مشروط برضا الزوجة وموافقتها عليه ، لأنه حق لها لا يجوز للزوج هضمها إياه.
أما الشيخ عبد العزيز المسند - المستشار بوزارة التعلم العالي والداعية السعودي المعروف - فيرى أن زواج المسيار هو إهانة للمرأة ولعب بها ، وحاشا للمرأة المسلمة أن تكون لعبة بأيدي المتذوقين الذين يخادعون الناس ، ولو أبيح أو وجد لكان للفاسق أن يلعب على اثنتين وثلاث وأربع وخمس ولا أحد يعلم عنه شيئا ، لأنه يلعب بحجة الزواج على نساء متعددات كل منهن مخفية ، ولا تدري إحداهن عن الأخرى شيئا ، ومن ثم فهو وسيلة من وسائل الفساد للفاسق ، والرجال الجبناء هم الذين يتنطعون الآن بزواج المسيار .
ويشير الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن يعيش - إمام وخطيب جامع خادم الحرمين الشريفين - إلى أن تسمية زواج المسيار بهذا الاسم هي التي سببت الإرباك في قضية هذا الزواج ، فهو زواج شرعي بلا شك لأنه مكتمل الأركان والشروط وليس فيه ما ينقصه سوى الإعلان .. والإعلان يعتبر من متممات الزواج وليس من واجباته أو أركانه أو شروطه .
ويتمنى أن يتفشى هذا الزواج ويكثر لأن البيوت الآن مليئة بالبنات العوانس ، وإذا تقدم أزواج لهذه البنات بالشروط التي يمليها البعض على البعض الآخر وكانت هذه الشروط موافقة للشرع فليس في ذلك أي بأس .. إذ ما المانع أن تتزوج البنت من شخص وهي مقيمة في بيت أبيها وأمها ؟ بل إنه يكون لبعض البنات أم أو أب أو والدان مريضان وليس عندهما من يعتني بصحتهما ولا من يقوم بشؤونهما ، وهي ترى أنها إذا تزوجت وذهبت مع زوجها فربما يتعرضان للضياع ولأمور لا يعلمها إلا الله ، فكونها تتزوج وتشترط على الزوج أن يبقيها في بيت والدها أو بيت والدتها أو بيتهما جميعاً فليس في هذا شيء ، فالمؤمنون على شروطهم .. وما داموا قد اتفقوا على مراعاة هذه الشروط وتطبيقها برضا الطرفين وفي حدود الشرع فلا أرى في ذلك بأساً ، بل الفتنة الحقيقية هي بقاء النساء بلا زواج، فكلنا يعرف ما يترتب على ذلك من مشاكل وإفرازات بسبب عزوف الشباب والشابات عن الزواج ، ومن ثم فإنني أرى أنه زواج مشروع وفيه خير ومصالح للأمة وإعفاف لكثير من الرجال والنساء.
أما الدكتور إبراهيم الخضيري القاضي بالمحكمة الكبرى بالرياض فيقول إن زواج المسيار زواج شرعي صحيح ولا غبار عليه .. ورغم أنه قد لا يرتضيه بعض الأشخاص لبناتهم وأخواتهم لكن هناك حالات تقتضيه ، وأنا أسميه زواج الخوافين والجبناء من الرجال ، الذين لا يجرؤون على أن يظهروا ذلك أمام زوجاتهم ، وهو في نفس الوقت صالح لذوي الظروف الخاصة ، فمثلاً امرأة كفيفة أو معاقة أو ذات بنات وبنين وهي ترغب في الزواج ولا تريد أن تنتقل من دارها ، ولا تريد من زوجها يوماً ولا ليلة وإنما تريد أن تقضي وطرها فيما أحله الله عز وجل ، فتلجأ إلى الزواج مسقطة جميع حقوقها الزوجية ، وهذا حق شرعي لها ولا غبار عليه .
ويضيف أنه ليس بين الزواج العرفي الذي يسمى عرفيا في بعض البلاد الإسلامية وبين زواج المسيار أي علاقة من وجهة التنظيرات القانونية .. وعلى كل حال فزواج المسيار زواج شرعي صحيح لا غبار عليه ولكنه للجبناء من الرجال ولذوي الظروف الخاصة ، وقد لا يرتضيه الإنسان لبنته مثلاً كما هو التعدد مباح في الشريعة ، إلا أن كونه لا يرتضيه لا يعني أنه ينقص من قدره شيئاً ، لأن الشريعة الإسلامية قد راعت ظروف الناس وأحوالهم.
__________________

من الدنيـا أنـا مابـي سوى عـفـو العلي التـواب
ويحسـن خـاتمـة فعـلي ويغـفـر لـي ضـلالاتـي

أبمـلا العمر "بالتوبة" و "نوح" و "هود" و"الأحـزاب
متى كـانت سنيـني عمـر انـا عمري في ركعاتـي

راشد الراشد غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 06:50 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)