[شأس بن دثار]

البدء يجب علي الاعتراف أنني أحاول هذه الأيام أن أُلاحق الكم الهائل للأحداث والوقائع ؛ التي تحصل فلا أجد الوقت الكافي .

وهو وإن كان شيء مُعتاد في هذا الزمان ، خاصة لمن ترك الحبل على الغارب لحثالة من الناس يخرجون علينا في الليل والنهار يتقيأون أمامنا بما في جوفهم من زبالة الأفكار ؛ ونحن لا نملك إلا أن نقول : إلي اختشوا ماتوا .

أحياناً كثيرة تمرُ بي أوقات لا أنشط لقراءة ، أو كتابة ، أو حتى التحدث مع أسرتي ، وكنت أعتدت منذ فترة السجن أن أُعالج هذه الحالة التي تنتابني بين الوقت والآخر بتكتيك أظنه ناجحاً في أغلب الحالات التي مرت علي ، فكنت إذا أردت أن أخرج من حالة الملل المزمن للعودة إلى حالة الإدمان المزمن للقراءة أقوم بقراءة شيء من تافه القول .

والليبراليين ونظرياتهم هم من أدمن دائماً على القراءة لهم للخروج من هذه الحالة في الفترة الأخيرة ، وقد صنفت كتاباً لعلاج مثل هذه الحالات سميته (الليبراليين والطريق المنيل بستين نيلة ) ، وبعدها أقوم بالإستغفار لخالق الأرض والسماء ، على ما ضيعته من وقت فلم يبق في العمر بقية ، فأعود لطبيعتي كأنني نشطت من عقال .

لكن في الحقيقة أنه أصابتني حالة من الملل الشديد امتدت معي لأكثر من شهر ، حتى أنني خجلت من تأخري في المقال الدوري لصحيفة سبق ، ولم أعد قادراً على كتابة شيء ، وأحاول التهرب من عتاب الأخ علي الحازمي ، وتأخرت في كتاباتي لبعض المنتديات الحوارية ، وتعطلت مشاريعي الكتابية ، وأصبحت كالآلة المعطلة .

ولكن من فرج الله علي أن استضافت قناة العربية يوم الجمعة امرأتان ممن يُطلقن على أنفسهن مؤسسات "لجنة المطالبة بحق قيادة المرأة للسيارة" ــ وجيهه الحويدر وابتهال مبارك ــ ، عبر برنامج إضاءات ومقدمه الذي يُطل علي بوجهه الذي يدل على مرض يُسمى في الطب الحديث "مُتلازمة الحمق المنغولي" ؛ ويبدو من تقاسيم إحداهن أنها متنكرة لحفلة رعب ، لما رأيته من علامات التعرية والتجاعيد والتبويز الأمامي ، فكان لزاماً عليها أن تعض على حجاب الوجه بالنواجذ ؛ فالحمد لله على نعمة الحجاب .

حضرة الشيخة المفتية وجيهه الحويدر ، والأخرى ابتهال المبارك محدودة الأفق والشخصية ، ويبدو أنها مُصابه بالشلل الرعاش بسبب كثرة حركاتها اللاإرادية ، وكلاهما أضل من روث حمار الدجال .

تحدثن بكلام ــ كأنهن يسمعن في مدرسة ابتدائية ــ عن موضوع قيادة المرأة للسيارة ، كنت أُريد أن أخرج من هذا البرنامج بشيء يُحسن صورة الليبرالي في نظري ، ويُقنعني ويُقنع المُشاهد بقوة التنظير والأدلة ، إلا أن ظني بقي محله ، ولم يتزعزع قيد أنمله بأن أمثال هؤلاء يملكون من ضحالة التفكير ، وضعف الحجج ما يملأ البحر والبر ، وبعد الحلقة أضفت والجو .

حلقة من عجائب ما رأيت ، فأول شيء زاد يقيني بحكمة الشارع من جعل شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل .

وبدأت سيادة المفتية الشيخة وجيهه الحويدر تصف من يُخالفها الرأي ولا يتفق معها في ضرورة قيادة المرأة للسيارة بـ "الجهل" !!

وهذه طبعاً من آثار إحترام وجهة نظر الآخر ، والعيش مع جميع الأصناف ، وعدم الإقصائية ، والحرية .

بل إنهن وصلن إلى مرحلة من التقدم في الحرية التي يُنادين المجتمع العمل بها ، وإلى تطبيقها ؛ حينما طالبن من يُخالفهن الرأي من الرجال والنساء في هذه المسألة بالسكوت والتزام الصمت .

وقد رأينا الأغلبية الصامتة التي يتحدثن عنهن ، وإيهام الناس أن غالبية المجتمع على رأيهن كيف صوتن في صحيفة الرياض ضدهم بكثافة ساحقة قبل أكثر من سنة ، حتى أنهم اضطروا لحذف التصويت بعد يومين فقط ، في الوقت الذي يتركون التصويت عادة لفترات قد تطول إلى أسبوعين أو أكثر ، والسبب الأغلبية الصامتة التي وصلت نسبتها إلى قرابة 90 % في التصويت وأعلنت رفضها المطلق لقيادة المرأة للسيارة.

لذلك حينما سأل تركي الدخيل ابتهال مبارك عن : مدى تقبلهن لو أتى رأي المجتمع بعكس ما يرغبن ؟

أرادت الإجابة وارتبكت ، إلا أن سيادة الشيخة "وجيهه الحويدر" تذكرت الإستفتاءات السابقة ، فقالت : هذا حق ، ما يحتاج له استفتاء .

يعنى : بلا ديمقراطيه بلا هم ، طالما أننا لن نأخذ منها شيء ، ولن يُنفذ من أجندتنا بواسطتها شيء .

أما "ابتهال المبارك" فتسمع بما يُسمى أحداث الحادي عشر من سبتمبر ؛ فأحبت أن تركب الموجة ، وتتحدث أن هناك تغيير بعد الحادي عشر من سبتمبر .

طيب وما دخل الحادي عشر من سبتمبر بموضوع قيادة المرأة للسيارة ؛ في اعتقادها أن الموضوع مرتبط بموديل السيارة .

أما المواضيع التي يستفيد منها الشعب بقيادة المرأة للسيارة ، فكما أوضحن أنه بعد انهيار الأسهم أصبحت الحاجة ملحة لأن تقود المرأة سيارتها بنفسها !!!!

ولعلهن نسين أن الوضع الآن تغير ، وأصبح الغلاء يسيطر على كل شيء ، وبعد موجه غلاء كيس الرز أصبح من الواجبات المتحتمات أن تقود المرأة السيارة !!

نحن بحاجة إلى الحديث عن الأنثى التي تعمل على بند أو بنظام التعاقد ، بحاجة إلى معرفة الطريقة المُثلى لإيصال المساعدات للأرامل والمطلقات ، بحاجة إلى معرفة الطرق للتخفيف من حالات الطلاق ، بحاجة إلى وسائل أخرى للمواصلات كما في مدن لندن ونييورك لمساعدة النساء على الوصول إلى حاجياتهن بأقل تكلفة ، وغيرها من المشاريع التي تهم المرأة .. ونوفر عليها أقساط سيارة وصيانتها ...

أتذكر حال الإمامَ ابنَ النحّاس النحْوي الكبير ، فقد طرق عليه ذات يوم ٍ في وقت قائلة طارق ، ففزع من نومهِ لجلالةِ قدرِ الطرق ، وهالهُ الأمر ، فلمّا فتحَ الباب وجد رجلين يحتكمان إليه في شعرٍ قالاهُ ، فأصابهُ من الهم والغم ما أصابهُ ، ثم امتعض وأرخى العمامةَ على وجهه وقال لهما : قولا .

فقالَ الأوّلُ منهما قصيدتهُ ، وأكملها ، حتّى إذا هم الآخر بقول قصيدته أسكته ، وقال له : أنت أشعر من صاحبك ، فقال له : كيف ذاكَ وأنتَ لم تسمعْ قصيدتي بعد ؟!

قال ابن النحّاس : لأن شعر صاحبكَ أحطُّ شعر في الدنيا ، ولا أظنُّ أحداً يقولُ أحطَّ منهُ .

فما أن تسمع إحداهن حتى تعاف سماع صاحبتها .

ثم وقفن دقيقة صمت وحداد على أرواح إيمان من قمن بمظاهرات 1990م ، إن مدح هذه النماذج الشجاعة ــ كما زعمن ــ تحديداً دليل يسبب الغثيان على براغماتية الليبراليين ، فمن قمن بالمظاهرات في تلك الفترة ، استقوين بالمحتل الأجنبي في فترة كانت البلاد في أشد حالاتها حاجة إلى وقفة أبناءها معها ، إنها جزء من منظومة التجني والاستبداد ، والإقصائية المقننة على أهوائهم وأهدافهم .

سيقول البعض لماذا لا تورد الأدلة من الكتاب والسنة لتحج بها هؤلاء القوم ، وليتضح لهم الحق فيتبعوه إن كانوا يُريدون الحق ، ولهؤلاء أود أن أُعرفهم بأن القوم حالهم كحال القاضي الصالح الذي جمعه القدر برجلٍ علماني ، على مائدة طعامٍ ، وكان ذلك العلماني قد نذر إغاظة الشيخ العالم ، فجلس يأكل بيده اليسرى ، نكايةً في الشيخ .

وكان على المائدةِ بعض طلاّب ذالك الشيخِ ، فقالوا له يا شيخُ : ألم يرَ النبي صلى الله عليه وآلهِ وسلّم رجلاً ، يأكل بشماله ، فقال له : كل بيمينك ، فقال : لا أقدرُ ، فقال له النبي صلى الله عليه وآلهِ وسلّمَ : لا قدرتَ ، فلم يرفع يده إلى فمها بعدها ؟؟ .

وقد أراد الطلبةُ بهذا الحديث ، وإيرادهِ ، تنبيه الشيخ لينكر على هذا العلماني ، الذي يأكل بيساره ، وقد كان الشيخ عالماً بأن غرض هذا العلماني هو إغاظتهُ فقط .

فرد الشيخ على طلاّبهِ وقال : إنّما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً كان يفرق بين استه وفمه .

فكيف تفهم قومٍ لا يعترفون أصلاً بشيء من المصالح الشرعية ، ولا بأقوال العلماء.

إن الوضع كما يقول الإخوة في مصر : "منيل بستين نيلة " ، ولكن بعد قيادة المرأة للسيارة لن يتنيل زيادة .

قبل سبع سنوات نشرت مجلة "ساترن" الرجالية الأمريكية إعلانا عن طلب نساء متميزات ذوات قدرة فوق اعتيادية لقيادة السيارات، وجاء في الإعلان أن على المتقدمات أن يتحلين بالصفات التالية:

1ـ القدرة على قيادة السيارة من دون الانحراف إلى اليمين أو اليسار لفترة تزيد على عشر دقائق.

2ـ القدرة على التعرف على غطاء خزان البنزين ومعرفة طريقة استخدامه.

3ـ القدرة على تغيير إطار العجلة من دون استخدام الهاتف الجوال.

4ـ القدرة على إيقاف أو صف السيارة في موقف عام من دون الاصطدام بأكثر من ثلاث سيارات في المحاولة الواحدة.

في نهاية البرنامج أصابتني نوبة هستيرية من الضحك .. ولكن الضحك المقترن بالشكر لله على نعمة العقل .

ملاحظة : لن أتكلم عن قائمة الموقعين في العريضة ، فيكفي أن تستعرضها بشكل سريع لتعرف ما أقصد !!


م . ياسر الخاطر
كاتب سعودي
Yaserr2006@hotmail.com


منقووووووووول
https://il.packet.me.uk/dmirror/http...on=show&id=440

[‘.. نفحة العود ..’]

مشكوووووور أخي على هذا الموضوووع والله يكفينا شر الفتن ماظهر منها وما بطن

[شأس بن دثار]

مشكور أخوي على مرورك

[د.قلم]

جــــزاك الله وما قصرت وننتظر كتاباتك أما بالنسبه للنساء الاتي يطالبن بالقياده فأنا في أعتقادي أنهن مايتجاوزن نسبة 5% ويسون صجه ولجنه

[شأس بن دثار]

مشكور أخوي على مرورك