بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » صحافة بلغة الضّاد........شرقي(موسكو) يوجد صور!!

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 10-01-2002, 07:56 PM   #1
شيخ بريدة
عـضـو
 
صورة شيخ بريدة الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2001
البلد: مدغشقر
المشاركات: 1,317
صحافة بلغة الضّاد........شرقي(موسكو) يوجد صور!!

( 1 )


بمجرّد أن يُذكـر اسم " المغول " أو " التتار " ، تقتحم الأذهان صورٌ تترى من الهمجية و الوحشيّـة و تدمير أشكال الحضارة و المـدنـيّة . و تستدعي الذاكرة مخزونها التاريخي الزاخر حول ما فعله " هولاكو " ببغداد ، و " تيمور لنك " بالشام ، الخ .


بيـْد أن هذا الخاطر و إن كان صحيحاً لأوّل وهلة ، إلا إنه لا يمثّل إلا جزءاً من الحقيقة التاريخية ، بل لا نعجب - أخي الكريم - إذا قلنا بأنه .. الجزء الأصغر منها .. !


إذ بعد هزيمة المغول في معركة " عين جالوت " على أيدي أبطال " المماليك " في مصر عام 658 من الهجرة ، تغيّر الخطّ التاريخي لهذه الأمة الوحشية الهمجية ، فـانقلبت بقدرة قادر من معولِ هدمٍ للإسلام ، إلى رأس حربة لهذا الدين .. في أعماق " آسيا الوسطى " و " الهند " و " الصين " و ما يُـعـرف الآن بـ " روسيا " و " سيبيريا " و أطراف " أوروبا " الشرقية .


فقد انداحت هذه القبائل في مناكب الأرض تحمل راية الإسلام .. و تدعو إليه .. و تجاهد في سبيله ، حتى أدخلت الكثير من الشعوب التي توقّـف دونها مـدّ الفتوحات الإسلامية ، في دين الله تعالى أفواجاً . و من ثـمّ اقـتـرن إسم التتار و المغول في تلك الدول - و ما يزال - بالإسلام و المسلمين ... !





( 2 )


و قد كانت هذه القضية مثار ذهول و دهشة الكثير من المؤرخين و المستشرقين الغربيين و غيرهم ، فعلى سبيل المثال يقول المستشرق السير " توماس أرنولد " في كتابه : " الدعوة إلى الإسلام " ، تعليقاً على نصّ رسالة " أحمد تكودار " أحد ملوك المغول الذين أسلموا ، بعثها إلى أحد سلاطين مصر ، فعـقّـب توماس أرنولد بعد إيراد نـصّها قائلاً :


" إنّ من يدرس تاريخ المغول ليرتاح عندما يتحوّل فجأة من قراءة ما اقترفوه من الفظائع ، و ما سفكوه من الدماء ، إلى أسمى العواطف الإنسانية ، و حبّ الخير التي أعلنت عن نفسها في تلك الوثيقة التاريخية التي كتبها " تكودار أحمد " إلى سلطان المماليك في مصر ، و التي يدهش الإنسان لصدورها من ذلك المغولي " .. !


يحقّ لتوماس أرنولد و أضرابه من المستشرقين أن تتملّكهم الدهشة و الذهول ، فقد طُمس على قلوبهم و بصائرهم ذلك بأنهم يقرأون القرآن و السنة و السيرة النبوية و تاريخ الإسلام آناء الليل و أطراف النهار ، و لا يـنـتـفعون بما بين أيديهم من البراهـين و الحـقائق القـاطعـة ، فهم - و حالتهم هذه - كالحمير تحمل على ظهورها .. أسفاراً .. !


أمّا من خالطت حلاوة الإيمان بشاشة قلبه .. و استـيـقـن عظمة هذا الدين .. و قـدرته عـلى قـلب موازين و نواميس الكون ، فلن يجد أدنى استغراب في ترويض و إصلاح أشرس الخلق ، فـقـد حوّل العـرب الجاهـلـيـّيـن إلى نماذج إنسانية خالدة .. ملأ أريـجُ ذِكرها العاطر صفحات التاريخ ، أمثال : أبي بكر الصديق و عمر و عثمان و علي و بقية الصحابة الكرام ، رضي الله تعالى عنهم و أرضاهم .


إنها - يا كرام - معجزة من معجزات هذا الدين العظيم التي لا تنقضي ما تعاقب الليل و النهار .. دين الله تعالى .. دين الفطرة الإنسانية :


" فطرة الله التي فطر الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله ، ذلك الدين القيّم و لكن أكثر الناس لا يعلمون " .





( 3 )


نعـود إلى موضوعنا الأصل ، و اسمحوا لي هنا أن نُـلقي بعصـا التـرحال عـنـد ما يُعـرف الـيـوم بـ " تتارستان " ، و عاصمتها التي تُدعى " قازان " ، و هي جمهورية إسلامية أغلبية سكانها من التتار المسلمين ، و تقع في العمق الروسي إلى الشرق من مدينة " موسكو " عاصمة روسيا في حوض نهر " الفولغا " الخصب . و تبلغ مساحتها 68 ألف كم مربع ، و ينيف سكانها على الأربعة ملايين نسمة .


و قد عصفت بهذه الجمهورية أنواء الزمن ، و طوّحت بها أعاصير تدمير الهوية ، من إبادة وحشية و تهجير و تشريد ، لا لجريرة اقترفوها .. غير هويّتهم الإسلامية المميّزة :


" و ما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد " .


و قد تعرّضوا إلى هذا الإبتلاء العظيم في عهد القياصرة الروس ، و مع هذا فقد أبلوا بلاءً حسناً في الذب عن دينهم ، و المحافظة على هويتهم الإسلامية ما أمكنهم ذلك . و بعد اضطهاد دام قرنين من الزمان ظهر جلياً للروس صعوبة تذويب هويتهم أو القضاء عليها ، فـتـبـِع ذلك فترة انفراج للمسلميـن في عـهـد الإمبراطورة " كاترين الثانية " ، فـرضـتـها ظروف معـيّنة كانت تـمـرّ بهـا روسـيا آنـذاك .


فاهتبل المسلمون هذه الفرصة لبناء المساجد و المدارس الشرعية ، و عُـيّن في عام 1782 مفتي مسلمي روسيا ، و أُسّست الجمعية الروحية للمسلمين في عام 1788 . و قامت نهضة ثقافية طيبة للمسلمين ، استمرّت قرابة القرن ، فطُبعت كميات هائلة من الكتب الإسلامية بلغات المسلمين المحلّيين و باللغة العربية . و قد بلغ عدد الكتب التي طُبِعت في تلك الفترة الممتدة ما بين ( 1853 - 1859 ) ، أكثر من ( 326 ، 700 ) نسخة من القرآن الكريم ، كما أنها أصدرت في فترة ما بين ( 1854 - 1864 ) أكثر من مليون كتاب .. !





( 4 )


هذه النهضة الثقافية الطيبة للمسلمين أثارت حفيظة المنصّرين ، فضغطوا بدورهم على السلطات الروسية للعودة إلى الأساليب القديمة من قمع و تنصير ، فقام أحد المستشرقين و يُدعى " إيلمينسكي " الذي كان يردّد مقولته السائرة :


" لا يوجد خطر بالنسبة لروسيا أكبر من خطر المسلم المثقف " .. !


فتولّى كِـبْـر رئاسة " المدرسة المركزيّة للمعلّمين التتار المنصّرين " ، و التي كانت ترمي إلى تكوين فئة من المنصّرين التتار لنشر النصرانية بين بني جلدتهم . و ترمي كذلك إلى إحياء اللغات الأدبية لشعوب المنطقة ، و استبدال الحروف العربية لكتابتها بالحروف السلافية ، و ذلك في محاولة منهم لمسخ الهوية الإسلامية لهذا الشعب ، و عزله عن كل ما يربطه بالقرآن الكريم الذي هو الركن الركين لهذه الهوية ، و لكن جهودهم أضحت هشيماً تذروه الرياح ، بفضل تكاتف الجهود ، و التخطيط المحكم للتصدي لهذا الغزو الداهم ، إذ يقول الدكتور " عبدالرحيم العطاوي " :


" لكن الأمور سرعان ما تغيّرت مرة أخرى لصالح المسلمين بفضل تصدّيهم المنظّم و المحكم لهذه السياسة في جميع ربوع الإمبراطورية . و لقد كان لهذه الحملات المعادية للإسلام أثر عميق في نفوس المسلمين و وقفت النخبة المثقفة المسلمة في كثير من الأحيان وقفة رجل واحد لتدافع عن حقوقها القومية و لتتصدّى للخطر الذي كان يتربّص بالشعب التتاري و يهدف إلى " ترويسه " و تنصيره و القضاء على هويّته بصفة نهائية " .


و من آليّات التصدي لهذا الغزو الفكري ، أصدر التتار المسلمون صُـحـُـفاً باللغة العربية ، و أخرى باللغة التتارية و لكنها مكتوبة بالحروف العربية ( انظر الصورتين في الرد رقم 1 ) ، تأكيداً للهوية الإسلامية لهذا الشعب المسلم الذي أضعناه .. و لم يكن الأوّل أو الأخير .. من شعوبٍ مسلمةٍ .. أضعناها في مشارق الأرض و مغاربها .. !





( 6 )


أخي الكريم .. أختي الكريمة ..


ما أجدرنا في ظلّ هذه الظروف العصيبة التي تعصف بالأمة الإسلامية ، أن نستلهم الدروس و العـِبر من تجربة الشعب التتاري المسلم ، الذي ضرب مثالاً رائعاً في الصمود و الثبات على هويّته الإسلامية رغم ما تعرّض إليه من محن و أرزاء ، ما زادته إلا ثباتاً و اعتزازاً بتلك الهوية . و قبل أن أنهي هذا المقال التواضع ، أطرح على نفسي و عليكم هذين التساؤلين الـذَيـْن جاشا في صدري و أنا أتأمّل هذه التجربة الحضارية العظيمة :


أوَ لـسـنــا - يا سادة - أولى منهم بالإعتزاز بهذه الهوية و نحن العرب أحفاد الصحابة .. و في معقل الإسلام .. و حصنه الأول و الأخير .. ؟


و ما هو دور المثقفين عندنا في وجه المحاولات القادمة مسخ هويّـتـنا الحضارية ، هل سيقفون كما وقفت النخبة المثقفة في تتارستان وقوفاً مشرفاً أمام هذه المحاولات .. ؟


نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين ، و أن يبصّرهم طريق الرشد .


أرجو المعذرة على الإطالة .. و دمتم سالمين .



--------------------------------------------------------------------------------


المراجع :


1 - " العالم الإسلامي و الغزو المغولي " ، إسماعيل الخالدي .


2 - الدعوة إلى الإسلام " ، توماس أرنولد .


3 - " حاضر العالم الإسلامي " ، د . جميل المصري .


4 - " المسلمون في الإمبراطورية الشيوعية " ، محمود شاكر .


5 - " نفض غبار النسيان عن بعض أمجاد شعب تتارستان " ، د . عبدالكريم عطاوي ، بحث منشور في مجلة " التاريخ العربي " ، فبراير 1997 ، المغرب .
__________________
^&)§¤°^°§°^°¤§(&^ياحول يااللي ماله بريدة^&)§¤°^°§°^°¤§(&^
شيخ بريدة غير متصل  


قديم(ـة) 10-01-2002, 07:58 PM   #2
شيخ بريدة
عـضـو
 
صورة شيخ بريدة الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2001
البلد: مدغشقر
المشاركات: 1,317





__________________
^&)§¤°^°§°^°¤§(&^ياحول يااللي ماله بريدة^&)§¤°^°§°^°¤§(&^
شيخ بريدة غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 01:44 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)