[الغضنفر]

الحمد لله القائل [أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لاترجعون] والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:
فإن رأس مال المسلم في هذه الدنيا قصيرأنفاس محدودة وأيام معدودة فمن استثمر تلك اللحظات والساعات فطوبى له ومن أضاعها وفرط فيها فقد خسر زمناً لا يعود إليه أبدا.وفي هذا العصر الذي تفشى فيه العجز وظهر فيه الميل إلى الدعة والراحة.جدب في الطاعة وقحط في العبادة وإضاعة للوقات فيما لا فائدة فيه.إن عمر الإنسان هو موسم الزرع في هذه الدنيا وحصاد مازرع يكون في الآخرة.فلا يحسن بالمسلم أن يضيع أوقاته فيما لا فائدة فيه.ومن جهل قيمة الوقت الآن فسيأتي عليه وقت يعرف فيه قدره ونفاسته وقيمة العمل فيه ولكن بعد فوات الأوان. إن الليالي للأنام مناهل تطوى وتنشر دونها الأعمار
فقصارهن مع الهموم طويلة وطوالهن مع السرور قصار
إذن فالأوقات والأزمنة عمر قصير وأجل محدود.فيجب أن نستفيد منها.فلنرى مثلاً الإمام الشافعي-رحمه الله-كيف استفاد من وقته فقد جزأ الليل إلى(3)أجزاء:الثلث الأول يكتب والثلث الثاني يصلي والثلث الثالث ينام.
وكان الحسن-رضي الله عنه-[يقول:مامر يوم على ابن آدم يوم إلا قال له:ابن آدم إني يوم جديد وعلى ماتفعل في شهيد وإذا دهبت عنك لم أرجع إليك فقدم ما شئت تجده بين يديك وأخر ماشئت فلن يعود أبداً إليك].
تؤمل في الدنيا طويلاً ولا تدري إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة وكم من مريض عاش دهراً إلى دهر
أخي الحبيب:أين نحن من هؤلاء؟
وهذا صباح اليوم ينعاك ضوؤه وليلته تنعاك إن كنت تشعر
كان علي-رضي الله عنه-يقول:[إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة وإن الآخرة قد ارتحلت مقبلة ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولاتكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل].
وحال الكثير كما تعجب منها أحد الحكماء بقوله:[عجبت ممن الدنيا مولية عنه والآخرة مقبلة إليه ينشغل بالمدبرة ويعرض عن المقبلة.
أخي /هاهي الدنيا يقول عنها الحسن-رضي الله عنه-/أنها (3)أيام أما أمس فقد ذهب بما فيه وأما غداً فلعلك لا تدركه فاليوم لك فاعمل فيــه
أخي الحبيب:هل سألت نفسك يوماً لماذا تعيش؟
لنسمع جواب أبي الدرداء-رضي الله عنه-حين قال[لولا ثلاث ماأحببت العيش يوماً واحداً..الظمأ لله بالهواجر والسجود لله في جوف الليل ومجالسة أقوام ينتقون أطايب الحديث كما ينتقى أطايب التمر].جعلني الله وأياك ممن طال عمره وحسن عمله قد أعد للسؤال جوابا وللجواب صوابا وختم لنا بجنات عرضها السموات والأرض ممن ينادون في ذلك اليوم العظيم((ادخلوا الجنة لاخوف عليكم ولا أنتم تحزنون))

أخوكم:الـ غ ض ن ف ـر