[طالب الجنات]

مقال للسرحان بجريدة الشرق الأوسط اتهم فيه ابن تيمية بالقصور وعدم اتباع الحق في منهجه مع الفلاسفة
ابن تيمية درس الفلسفة للرد على خصومه وأعداء عقيدته بسم الله الرحمن الرحيم*

طالعتنا جريدة الشرق الأوسط يوم الجمعة الماضية الموافق 8/3/1424هـ، 9/5/2003م العدد8928، في مقال للكاتب سعود بن صالح السرحان حمل الكثير من المغالطات عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وبعيداً عن فكر الكاتب أكتفي بالرد هنا عليه في نقاط : 1- الكاتب يعتقد أنّ الفلسفة المتأخرة والتي انتهت قبل ميلاد شيخ الإسلام النقد فيها ضرباً في الميت وأن ابن تيمية مُخطئٌ في نقده لها ، وما علم الكاتب أن امتداد الفلاسفة وصل إلى حد المعتزلة والجهمية والأشاعرة الذين هم في وقت ابن تيمية وبعده ، لأن كثير من أصولهم صارت جزءا من كتب أهل الكلام، يعتمدون عليها ويشرحونها في كتبهم ، لذا لم يكن ابن تيمية مخطئاً بل كانت ردوده مقصودةً لذاتها ومتعديةً لغيرها . 2-اتهام السرحان لابن تيمية بأنه لم يدرس الفلسفة إلا للمجادلة والرد عليه ، هذا الاتهام في صالح ومن مناقب شيخ الإسلام لأنه صاحب عقيدة ومبدأ وأراد أن يرد على خصومه وأعداء عقيدته بعد أن يعرف عنهم كل شئ من أدلتهم وشواهدهم وأفكارهم وهذا لا يتأتّى إلا بدراستها،وشيخ الإسلام لايتكلم في طائفة إلا وتجده وكأنه أحد أئمتها في إلمامه بها وهذا معروف عنه بالاستقراء ، كما أن مدحه لأرائهم في علم الطبيعيات والرياضيات دليل على إنصافه رحمه الله ، وهذه هي الأصالة وتمام المعرفة في رجل منصف يعرف المعروف وينكر المنكر .

3-اتهام ابن تيمية بأن هجومه الشديد على الفلاسفة هو بسبب مباحث الإلهيات ، أقول هذه هي الثمرة والغاية من نقد شيخ الإسلام لهم ، لأنهم في هذا المبحث وقعوا في الكفر وأوقعوا من بعدهم فيه خاصة فلاسفة الصوفية كابن عربي وغيره ، وتقسيمه الفلاسفة على طبقات هذا يدل على سعة علمه رحمه الله بهذا المذهب الفاسد فتعامل مع كل فئة بحسب رأيها ، ولذلك شنّ الغزالي قبله هجوماً عليهم وكفّرهم ، وبدّع بعضهم ، وأبطل إعمال العقل لديهم على الإيمان والنقل ، فهل تريد شيخ الإسلام يبحث عن سند عقلي في ردوده عليهم ؟! .

4-إنّ الكاتب السرحان لم يكن أول المشنّعين على شيخ الإسلام ، ولكن القصور في فهمنا لرأي شيخ الإسلام في المسائل التي قيل إنه متأثر فيها كمسألة تسلسل الحوادث في الماضي هو الذي جعل السرحان وغيره ينحى هذا المنحى ، كما أنّه صار مدخلا لأرباب الطوائف البدعية في النيل من هذا الإمام .

5-ذكر السرحان في مقاله أن ابن تيمية متأثر في الفلسفة واعتمد في هذا على أنه ينقل من كلامهم ليرد به على المتكلمة والعكس أيضاً ، وهذا لا يقتضي التأثر لأننا نعرف الرابط الذي يجمع بين المتكلمين والفلاسفة وهو إعمال العقل على النقل وهذا الرابط أقرّ به السرحان في المقال نفسه فصار من المناسب أن يناقض بعضهم ببعض ، ثم إنّ هذا ليس منهجاً سائداً في كتب شيخ الإسلام.

6-ذكر السرحان في النقطة الرابعة أن ابن تيمية يأخذ من رد بعض الفلاسفة على بعض ، أقول هذا أدعى لكمال الحجة فكون المحتج على مذهب فينقضه من كلام أئمته أبين في البطلان وأقوى حجة للسامع .

7- مع طول مقال السرحان إلا أنه لم يذكر نصاً واحداً من كلام ابن تيمية في كتبه يدل على أن تأثر تأثراً مباشر في ابن ملكا وابن رشد،بل نقل في آخر المقال رأي شيخ الإسلام في جواز مخاطبة أهل الاصطلاح باصطلاحهم وهذا بيان أنه ليس متأثر إنما يخاطبهم بأسلوبهم ليكون أكمل في مناقشنهم .

8-عزا في مقاله إلى كتب متحريرين أو اصحاب بدعة كالكوثري ،وأنا هنا أدعو السرحان وكل من يقرأ هذه السطور أن يرجع إلى كتاب : قدم العالم وتسلسل الحوادث بين ابن تيمية والفلاسفة للدكتورة كاملة الكواري،أيضاً كتاب الفيزياء ووجود الخالق لجعفر إدريس ، وكتاب ابن تيمية السلفي للهراس ، فسيعرف القارئ لهذه الكتب قيمة شيخ الإسلام وحقيقة أرائه .


بقلم حسان بن إبراهيم بن عبد الرحمن الرديعان . حائل
هذا الرد نُشر في صحيفة الشرق الأوسط يوم السبت الموافق 16/3/1424هـ على هذا الرابط :

http://www.asharqalawsat.com/view/r...n/religion.html