|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
![]() |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Sep 2004
المشاركات: 23
|
طلع البدر علينا من جبال خراسان .... [حسين بن محمود] 24 رمضان 1425هـ
بسم الله الرحمن الرحيم طلع البدر علينا من جبال خراسان بتاريخ 31 اكتوبر 2004 وتحت عنوان "الصحف الأمريكية تركز على بن لادن" جاء في موقع "البي بي سي" الإخباري ما يلي : "تصدرت صور أسامة بن لادن الصحف الأمريكية السبت، حيث حلت محل صور المرشحين الرئاسيين، وذلك قبل ثلاثة أيام من الانتخابات. وقد نشرت الصحف محتوى شريط الفيديو الجديد - الذي يبدو أنه صوّر حديثا ويظهر بن لادن حيا وفي صحة جيدة، فيما تطرق المعلقون والمحللون للحديث عن توقيت بث هذا الشريط وأثره المحتمل على السباق الرئاسي للبيت الأبيض". ووصفت صحيفة "سان خوسيه ميركيوري نيوز" في كاليفورنيا الشريط بأنه "رسالة بن لادن الرهيبة ... وتابعت "فضلا عن ارتداء العباءة الذهبية، تحدث بن لادن كزعيم لقوة منافسة للولايات المتحدة، وليس كرجل مطارد، حسبما قالوا". وقال الكاتب دانا ميلبانك من "صحيفة واشنطن بوست : "إنه بينما كان الجميع يتوقعون "مفاجأة في أكتوبر/تشرين الأول" ربما تدفع الناخبين لتحويل دفة أصواتهم لجانب أو لآخر، فإن رسالة بن لادن لم تكن من النوع الذي تخيلته حملة بوش أو حملة كيري". وجاءت رسالة صحيفة شيكاغو صن تايمز مباشرة، فقد شغلت صورة من الفيديو لابن لادن صفحتها الرئيسية بالكامل تقريبا وحملت تعليقا يقول "أسامة يعبث بالانتخابات". وأما صحيفة نيويورك بوست فقد قالت إن الشريط يعد دعما لكيري في كل شيء اللهم إلا التصريح بذلك علنا. وكتب المقال الافتتاحي للصحيفة "من الواضح أن شريط أمس يهدف إلى التأثير على الانتخابات الأمريكية التي تجرى الثلاثاء - مثلما جعلت القاعدة أسبانيا تتراجع في الحرب على الإرهاب - وإن كان الأمر ليس سوى شريط". أما في بريطانيا ، فقد جاء في موقع "البي بي سي" وتحت عنوان "ابن لادن سيد الدعاية" ما يلي : "حظي شريط أسامة بن لادن الجديد الذي صدر قبل أيام من الانتخابات الأمريكية محذراً فيه الأمريكيين من هجمات جديدة على غرار أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ايلول، باهتمام واسع على صفحات الجرائد البريطانية الصادرة صباح اليوم الأحد. وتناولت معظم الصحف أصداء إصدار هذا الشريط على مسار سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية الذي يقترب من نهايته". ونشرت صحيفة الاوبزرفر البريطانية تحليلا عن الرسالة الأخيرة التي وجهها ابن لادن. وتحت عنوان "ابن لادن، سيد الدعاية" يضع جيسون بورك - أحد أبرز الخبراء الدوليين في شؤون التطرف الإسلامي حسب وصف الصحيفة - ابن لادن في مصاف نابليون ولويس الرابع عشر باعتبارهم من أبرز وأعظم من تمكنوا من فن الدعاية" .. ونقول نحن لبورك : { هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } (الأنعام : 50) ، إن ظفر أسامة بألف نابليون وألف ألف لويس ، وليس ذلك لأن أسامة مسلم وهؤلاء كفار فقط ، بل لأن أسامة حقق ما لم يحققه أحد في تاريخ البشرية قط !! لم يحدث في تاريخ البشرية ان استُنهضت جميع دول الأرض لحرب رجل واحد !! لم يحدث في تاريخ البشر أن تُجمع دول الأرض على نيّة الفتك برجل واحد (حتى في الدولة التي هو فيها) !! لم يحدث في تاريخ الأرض أن تُستنفر الجيوش العالمية وأجهزة المخابرات والأقمار الإصطناعية لمحاولة القبض على رجل واحد !! لم يحدث في تاريخ البشرية أن تُنفق دولاً مئات المليارات من الدولارات للقبض على رجل واحد !! لقد كان خلف نابليون ولويس جيوشاً نظامية ودولاً قائمة يرجعان إليها ، أما أسامة فلا جيش نظامي ولا دولة .. لم يكن الرجلين يواجهان هذا الكم الهائل من الأسلحة الفتاكة ، وأجهزة المخابرات ، والجيوش ، والعدة والعتاد ، والأعداء ، والعملاء .. ولو أن طائرة واحدة واجهت نابليون لما تحرك شبراً خارج فرنسا. هذا ليس الغريب ، ولكن الغريب أنه بعد كل هذا يخرج اسامة من بين الفرث والدم منتصراً بكل المقاييس الأرضية المنطقية ، بل إنه يقابل جميع هذه الجيوش والأسلحة والأموال ببضع كلمات لينسفها نسفاً فلا يكون لها قيمة ، وكأنه يواجه سيفاً بقشّة فيقطعه ويفتك بصاحبه !! فمقارنة أسامة – حفظه الله ونصره – بلويس ونابليون ليست في محلها .. وتحت عنوان "شريط ابن لادن قنبلة سياسية" كتب "ادم بروكس" - مراسل بي بي سي في واشنطن – ما نصه "وأول رسالة يبعث بها الشريط هي ان ابن لادن ما زال حيا وطليقا وفي صحة جيدة على ما يبدو. فقد كان زعيم القاعدة يلوح بيديه بسهولة وبدت عليه رباطة الجأش وكان يتحدث بهدوء. كما بدا انيقا ومهندما. ولم يكن الشكل الذي ظهر عليه يوحي بانه رجل هارب. ويوضح تسجيل الشريط وتوزيعه بعد ذلك ان ابن لادن ما زال الى حد ما محاطا بهيكل تنظيمي. ويريد ابن لادن ان يقول من خلال الشريط انه حي وما زال عاملا مؤثرا إلى حد كبير في العالم وما زال يشكل تهديدا كبيرا." (انتهى) .. وتحت عنوان " بوش يأمر بالرد على تهديدات ابن لادن" جاء هذا الخبر "وجه الرئيس الامريكي جورج بوش تعليماته إلى كبار مسؤولي الامن في الولايات المتحدة للقيام بكل ما يمكن القيام به للرد على التهديدات المباشرة التي وجهها زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، والتي لوح فيها بضرب الولايات المتحدة .. وكانت الانباء قد ذكرت لاحقا أن الحكومة الامريكية أمرت سلطات الولايات والسلطات المحلية برفع درجة التأهب والحذر واليقظة مع اقتراب الانتخابات الامريكية" (انتهى) .. وها هو ديك تشني – بعد يومين عن عرض الشريط – يصدر حملته الدعائية لحكومته بسيل من الإتهامات لكيري مفادها أن الأخير لم يحسن التعليق على شريط أسامة بن لادن الأخير !! وكأن بول هذا نسي أو تناسى جميع مشاكل أمريكا : من فقر (أكثر من 37 مليون أمريكي تحت خط الفقر) ، واقتصاد متدهور ، وحياة اجتماعية مفككة ، وديون فدرالية تعد بآلاف المليارات ، وسرقات بمئات المليارات ، وجرائم ، وحروب ، وتأمين صحي ، وتدهوت في المستوى التعليمي ، ليختزل مشاكل أمريكا كلها في شريط أسامة !! وكتبت صحيفة "التايمز" البريطانية عنواناً مثيراً "ابن لادن يهيمن على الساعات الأخيرة من منحدر الإستبيانات الأمريكية" ، وكتبت تحته "الرئيس بوش وجون كيري دخلا الأربعة وعشرين الأخيرة من الإنتخابات الرئاسية ليلة البارحة وكل واحد منهما يحاول جاهداً الإستفادة من شريط أسامة بن لادن الأخير" .. وإذا دخلت موقع "الديلي" الصينية ، والتايمز" اليابانية و"الموسكو تايمز" الروسية و"الرّشا بوست" الروسية تجد المقالات المطولة والتحليلات السياسية التي تبحث هذا الشريط وتلك الكلمات القليلة التي أذاعتها قناة الجزيرة ، كذلك الحال في أكثر الصحف الأوروبية والآسيوية والأمريكية الجنوبية .. لم تتوقف المقابلات ولا التحليلات التلفزيونية في أوروبا ولا الولايات المتحدة التي تفرغ فريقي الدعاية للمرشحين الرئاسيين فيها لمتابعتها ومحاولة معرفة أبعادها ومدى تأثيرها على الناخب الأمريكي ومن ثم كيفية استخدامها من قبل الحزبين !! لقد نسي العالم فضيحة الذخيرة العراقية التي اختفت من المخزن ، وتجاهل الناس خسارة القوات الأمريكية "المُعلنة" في العراق قبلها بيوم أو يومين (9 من المارينز في ضربة واحدة) ، بل تجاهل المرشحان الأمريكيان الحرب العراقية برمتها ، بل حتى القضايا الإقتصادية والإجتماعية في أمريكا ليتفرغا للتعليق والدوران حول محور شريط أسامة ، وأغلب الصحف العالمية امتلأت بتحليلات الخبراء حول مدى تأثير كلمات أبي عبد الله على الإنتخابات الرئاسية !! رجل مطارد مُختبئ في مناطق نائية في شواهق الجبال على حدود أفغانستان وباكستان (كما يدعون) يقول كلمات قصيرة يسجلها في شريط مرئي لا يكلف دولارين يهزّ الرأي العام العالمي ويقلب الدنيا رأساً على عقب !! لن أعلق اليوم على كلمات أبي عبد الله ، فقد فاقت التعليقات على كلماته جميع التصورات ، ولكنني ألفت انتباه القارئ إلى بعض الأمور التي لم أجد من تحدث عنها حسب اطلاعي على تحليلات الخبراء والمفكرين .. لا شك أن هذا الشريط لم يصل إلى قناة الجزيرة في يوم عرضه ، بل وصل إليها قبل ذلك بفترة ، وكان المثير للجدل أنه عُرض مبتوراً قبل بضعة أيام من الإنتخابات الامريكية رغم علم الجزيرة بانتظار العالم أجمع لكلمات خصم أمريكا العنيد والإرهابي الأول في العالم ، ولا شك أن الجزيرة تعلم ما لهذا العرض من تأثير على مؤسستها وشهرتها في الآفاق .. إذاً : لماذا البتر !! الحقيقة أن الجزيرة لم تبتر هذا الشريط المهم في محتواه ، بل الحكومة الأمريكية ، وبالتحديد "حملة بوش الإنتخابية" هي التي عملت على بتر هذا الشريط وعرض اللقطات التي تهمها وتساعدها على الفوز في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية ، وما قيل من أن الحكومة الأمريكية "طلبت" من الجزيرة عدم عرض الشريط مع رفض الجزيرة ذلك يُعد من التضليل والكذب الإعلامي الدعائي لا أكثر .. لقد اختار خبراء حملة بوش الإنتخابية ما علموا أنه يساعدهم في مبتغاهم فعمدوا إلى عرضه ، ولو أنهم عرضوا الشريط كاملاً لكان الأمر يختلف اختلافاً كلياً في الإنتخابات .. ولكي نفهم هذا الأمر فإنني سوف أنقل هنا ما عرضت قناة الجزيرة من كلمات الشيخ أسامة ، وأبين بعض ما أراد هؤلاء الخبراء من وراء السماح بعرض هذه الكلمات دون غيرها : "أيها الشعب الأمريكي .. حديثي هذا لكم عن الطريقة المثلى لتجنب مانهاتن أخرى.. عن الحرب وأسبابها ونتائجها".(انتهى) هذه الجملة أريد بها تذكير الشعب الأمريكي بمانهاتن قبل يومين من الإنتخابات ، ومعلوم أن هذه الورقة (ورقة مانهاتن) هي محور حملة بوش الإنتخابة .. "وبين يدي الحديث أقول لكم: إن الأمن ركن مهم من أركان الحياة البشرية وإن الأحرار لا يفرطون بأمنهم بخلاف ادعاء بوش بأننا نكره الحرية. فليعلمنا لِم لم نضرب السويد مثلا.فمعلوم أن الذين يكرهون الحرية لا يملكون نفوساً أبيّة كنفوس التسعة عشر رحمهم الله".(انتهى) وهنا تذكير للشعب الأمريكي بالتسعة عشر الذي دمروا المباني ، وفيه اطراء لأسامة لهؤلاء النفر ، وهذا يزيد التأكيد على تأثير الكلمات السابقة على الناخب الأمريكي .. "وإنما قاتلناكم لأننا أحرار لا ننام على الضّيم ، نريد إرجاع الحرية لأمتنا.فكما تهدرون أمننا نهدر أمنكم".(انتهى). وفي هذا تهديد من اسامة – حفظه الله – للشعب الأمريكي ، وهذا لب القضية عند بوش وحزبه الذين ركزوا على تهديدات أسامة وألغوا جميع مشاكل أمريكا في اللحظات الأخيرة من الإنتخابات .. "ولكنني أعجب منكم ، فبالرغم من دخولنا السنة الرابعة بعد أحداث الحادي عشر فما زال بوش يمارس عليكم التشويش والتضليل وتغييب السبب الحقيقي عنكم. وبالتالي فإن الدواعي قائمة لتكرار ما حدث"(انتهى). وهذا أيظاً تهديد آخر مفاده أن القاعدة لا زالت تهدد الولايات المتحدة .. ومَن غير بوش يستطيع حماية الأمريكان من الإرهاب !! "وإني سأحدثكم عن الأسباب وراء تلك الأحداث ، وسأصدقكم القول باللحظات التي اتخذ فيها هذا القرار لتتفكروا ، وأقول لكم : علم الله أنه ما خطر في بالنا ضرب الأبراج ولكن بعدما طفح الكيل وشاهدنا ظلم وتعسف التحالف الأمريكي "الإسرائيلي" على أهلنا في فلسطين ولبنان تبادر إلى ذهني ذلك". "وإن الأحداث التي أثرت في نفسي بشكل مباشر ترجع إلى عام 1982 وما تلاها من أحداث عندما أذنت أمريكا للـ "إسرائيليين" باجتياح لبنان. وساعد في ذلك الأسطول السادس الأمريكي. وفي تلك اللحظات العصيبة جاشت في نفسي معان كثيرة يصعب وصفها ولكنها أنتجت شعورا عارما برفض الظلم. وولدت تصميما قويا على معاقبة الظالمين". "وبينما أنا أنظر إلى تلك الأبراج المدمرة في لبنان انقدح في ذهني أن نعاقب الظالم بالمثل ، وأن ندمر أبراجاً في أمريكا لتذوق بعض ما ذقنا ، ولترتدع عن قتل أطفالنا ونسائنا".(انتهى). هنا وقفة مهمة : هذه الكلمات أريد ببثها إقناع الشعب الأمريكي بأن الإرهاب لم يبدأ في عهد بوش ، بل إن أسامة فكر في ضرب أمريكا قبل ذلك بعشرين سنة ، وأن الحروب الإستباقية التي نفذها بوش إنما هي لردع هذه النوايا الإرهابية وليست هي التي خلقتها ، وأنه ربما ساعدت هذه الحروب الإستباقية على ردع كثير من الهجمات التي كانت في قلب الإرهابي العالمي !! "إننا لم نجد صعوبة في التعامل مع بوش وإدارته نظرا للتشابه بينها وبين الأنظمة في بلادنا. والتي نصفها يحكمها العسكر، والنصف الآخر يحكمه أبناء الملوك والرؤساء. فخبراتنا معهم طويلة ، وكلا الصنفين يكثر فيهم الذين يتصفون بالكبر والغطرسة والطمع وأخذ المال بغير حق". "وقد بدأ هذا التشابه منذ زيارة بوش الأب الى المنطقة. ففي الوقت الذي كان بعض بني جلدتنا منبهرا بأمريكا ويأمل أن تؤثر هذه الزيارات في بلادنا إذا به يتأثر هو بتلك الأنظمة الملكية والعسكرية. ويحسدهم على بقائهم عشرات السنين في مناصبهم يختلسون مال الأمة العام دون حسيب ولا رقيب. فنقَل الاستبداد وقمع الحريات إلى ابنه ، وسمّوه "قانون الوطنية" تحت ذريعة محاربة الإرهاب. واستحسن بوش الأب تولية الأبناء على الولايات ، كما لم ينس أن ينقل خبرات التزوير من رؤساء المنطقة إلى "فلوريدا" للاستفادة منها في اللحظات الحرجة". هذا المقطع سُمح له مع كونه في ظاهره لا ينفع حملة بوش الإنتخابية إلا أنه يخدم مصلحة أخرى ، وهي: زيادة الهوّة والشقة بين الحكومات العربية والمتعاطفين مع المجاهدين .. "كنا قد اتفقنا مع الأمير العام محمد عطا –رحمه الله- أن ينجز جميع العمليات خلال 20 دقيقة ، قبل أن ينتبه بوش وإداراته ، ولم يخطر ببالنا قط أن القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية سيترك 50 ألفا من مواطنيه في البرجين ليواجهوا تلك الأهوال العظام وحدهم ، وقت أشد حاجتهم إليه ، لأنه قد بدا له أن الانشغال بحديث الطفلة عن عنزتها ونطحها أهم من انشغاله بالطائرات ونطحها لناطحات السحاب ، مما وفّر لنا ثلاثة أضعاف المدة المطلوبة لتنفيذ العمليات ، فلله الحمد".(انتهى). في هذا المقطع فائدة عظيمة لحملة بوش ، وهي : الاعتراف الواضح من أسامة بأنه هو الذي دبر تلك التفجيرات في أمريكا ، وهذا يؤكد للناخب الأمريكي مشروعية هذه الحرب على الإرهاب وضرورة بقائها بشراستها الحالية .. وفي نقل أسامة – حفظه الله – قصة العنزة والطفلة فائدة عظيمة لحملة بوش الإنتخابية ، فهذه الكلمات تؤثر على شريحة كبيرة من الناخبين الأمريكان الذين يريدون لرئيسهم أن يكون مثالاً للأب الحنون والشخص اللطيف ، وهذه الشريحة الكبيرة من الناخبين أغلبها من النساء .. "إن أمنكم ليس بيدي كيري أو بوش أو القاعدة. إن أمنكم هو في أيديكم أنتم ، وإن كل ولاية لا تعبث بأمننا فهي تلقائيا قد أمنت أمنها".(انتهى). الحقيقة أن هذه الكلمات الأخيرة التي أراد بها الشيخ – حفظه الله – تقسيم الشعب الأمريكي ليست في محلها ، فأمريكا ليس مقسمة جغرافياً ، بل تقسيم أمريكا تقسيم عرقي بالدرجة الأولى ، ولو أن الشيخ – حفظه الله – ركز على التقسيم العرقي والأيدلوجي بدل الحدودي لكان أثره أبلغ ، فالسياسة الخارجية لا تحددها الولايات الأمريكية (كل على حده) بل هذا شأن الحكومة الفدرالية في واشنطن ، ويشبه حالها حال جزيرة العرب التي تدير شؤونها حكومة الرياض وليس لأمراء المناطق الأخرى شأن في السياسات العليا .. إن في أمريكا أعراق وأجناس غير متحابة أو متجانسة : فهناك الأمريكي الأصلي (ما يسمى بالهندي الأحمر) الذي قُتل عشرات الملايين من أجداده ونُهبت ثرواته وأخذ الرجل الأبيض أرضه بل وأراضيه المقدسة وحصره في مستعمرات مشتتة .. وهناك الأمريكي الأسود الذي سرقه الرجل الأبيض من أفريقيا وباعه في أمريكا وقتل الملايين من أقربائه واغتصب نسائه ، ولا يزال هؤلاء السود يعانون من ويلات العنصرية ويبغضون الرجل الأبيض بغضاً شديداً .. وهناك "الهِسْبانِك" أو المكسيكان على وجه التحديد ، وهؤلاء سرقت أمريكا منهم أرضهم (ولاية تكساس ، وكاليفورنيا ، ونيومكسيكو ، وغيرها من الولايات) فهؤلاء شريحة مستقلة في أمريكا كغيرها من السود والهنود الحمر .. وهناك أعراق أخرى كثيرة .. وأيظا التقسيمات الأيدلوجية والدينية : كالبروتستانت (ومنهم بوش وزبانيته) والكاثوليك (ومنهم كيري) والمورمان وغيرها من المذاهب النصرانية .. هناك من هو غير راض عن أداء الحكومات المتعاقبة على أمريكا ، وهناك جماعت مسلحة بأجندات خاصة ، وهناك الكثير الكثير من التقسيمات والمتناقضات في الساحة الأمريكية التي تحتاج إلى دراسة لمعرفة مكامن ضعفها ومن ثم استغلالها للتأثير على وحدة هذا البلاد .. إن كلمات الشيخ أسامة – حفظه الله – اثرت تأثيراً كبيراً على مجرى الإنتخابات الرئاسية الأمريكية ، وربما كانت الكلمات المبتورة التي نقلتها الجزيرة هي السبب الرئيس وراء انتخاب بوش لفترة رئاسية ثانية ، ولو أن الجزيرة نقلت الكلمات كاملة لربما ترجحت كفة كيري ، ولكن الإدارة الأمريكية عرفت كيف تستغل هذا الشريط وتقطع منه ما يهما ، وهي في فعلتها هذا كمن قال {فويل للمصلين} وسَكَت !! فليس العيب في كلمات ابي عبد الله – نصره الله وأعزه – ولكن العيب في عجر الجزيرة عن بث كلمته كاملة .. والمدقق في كلمات أبي عبد الله المبتورة يعلم علم يقين أن الإدارة الأمريكية هي التي بترته : فليس هناك ذكر للعراق وحربه ، ولا لأفغانستان ، وهذين الحربين بدأهما بوش على خلاف مع العالم أجمع ، وتأثير ذكر هذين الحربين سيئ جداً على حملة بوش الإنتخابية ، ولذلك لم تُشر كلمات أبي عبد الله المبتورة إلى الحربين من قريب أو بعيد !! (وقد ذكر الشيخ حفظه الله الحربين في الشريط الكامل) .. ربما ليس للجزيرة ذنب في بتر الكلمات ، فهي لا تعدو أن تكون قناة إخبارية لا حول لها ولا قوة ، ولا تستطيع الإمتناع عما تفرضه عليها الحكومة الأمريكية التي أجبرت العالم أجمع على الدخول معها في حربها الغبية طوعاً أو كرهاً .. إن انتخاب بوش ليس شراً محضا ، بل أجزم بأن في انتخابه خير كثير للأمة الإسلامية ، فهذا الرجل الغبي حرّك بغبائه الكثير من الجوامد ، وألهب المشاعر ، وأيقظ الهمم ، وأحرق القناع الأمريكي ليُظهر قبح دولته وشعاراتها المزيفة ، واستعدى الكثير من الناس ، وأدخل دولته في حروب استنزاف لتحقيق مصالح شخصية ضيقة ، فلم تعد أمريكا في عهده دولة مؤسسات وقانون (وهذا كان مكمن قوة أمريكا) بل أصبحت دولة لصوص وعصابات حالها كحال الإتحاد السوفييتي قبل سقوطه .. ولعل الله قد أذن لهذه الدولة الظالمة بالسقوط فسخر للمسلمين هذا الغبي ليُعجّل بها إلى الهاوية .. إن أصدق ما كتبه غربي عن كلمات الشيخ الأخيرة هو ما كتبه "جيسون بورك" في صحيفة "الاوبزرفر البريطانية" حيث قال "إن ابن لادن لديه دراية واسعة بقوة تأثير الصورة والرسالة والفعل. فرسالته لا تستهدف التأثير على الانتخابات الأمريكية بصورة مباشرة ، فإن كان هذا هو هدفه لكان الأولى به أن يدعوا الناخبين إلى التصويت لهذا المرشح أو ذاك. " ، وهذا ما لمسته فعلاً في كلمات الشيخ - أيده الله ونصره ومَنْ معه - فالشيخ أراد إيصال رسالة للشعب الأمريكي ، بل لشعوب الأرض كلها مفادها : أن الأمة الإسلامية لم تعد ضعيفة ، وأنها قادرة على الدفاع عن نفسها ، وأن من أساء معها الأدب فلن يأمن العقوبة ، وان المسلمين لن يقتصروا على الدفاع ضمن حدودهم ، بل سينازلون العدو في عقر داره .. إن في هذه الرسالة الكثير من معاني العزة والكرامة والشموخ الإيماني التي غابت عن واقع المسلمين ، فيها تغييب وتهميش للحكومات التي لم يعد لها أي دور في واقع الحياة العملية للأمة الإسلامية أو الساحة العالمية ، فيها بيان حقيقة الصراع بين الحق والباطل ، فيها الكثير الكثير من المعاني التي تستحق الدراسة والتأمل والنظر .. ولو لم يكن في الرسالة إلا تلك الإطلالة البهية في هذا الشهر الكريم لكفى ، فالحمد الله الذي متعنا برؤيته وأبقاه شوكة في حلوق أعدائه .. والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم كتبه
حسين بن محمود 24 رمضان 1425هـ |
![]() |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|