|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
18-03-2011, 11:04 AM | #1 |
إمام وخطيب جامع الروّاف
تاريخ التسجيل: Sep 2004
البلد: السعودية
المشاركات: 261
|
زلازل في الداخل والخارج
بسم الله الرحمن الرحيم
زلازل في الداخل والخارج إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره .... ومرت الجمعةُ الماضية بسلام وأمان والحمد لله ، وتراجعت مؤشرات الفتنة، وخاب المبطلون ، وكشفت مُجريات الأحداث إيمان الناس بقيمة الوحدة على كلمة التوحيد، ونبذهم للفرقة والطائفية ، التي تريد بالبلاد والعباد سوءً وبلبلة . كما انكشف زيفُ المواطنة عند فئة من الناس صمتت فلم تستنكر بوادر الفتنة، ولم ترفع بذلك رأساً أو تخط حرفاً ، رغم كثرة دعاويها بالمواطنة ورفع عقيرتها بالوطنية المزعومة، وبرغم كثرة كتاباتهم وانتقاداتهم إلا أن هذه المظاهرات المزعومة لم تلفت أنظارهم ولم يكن لها حظٌ من اهتماماتهم وكتاباتهم .. أي وطنية تلك ؟ وبأي محجة يعتذرون؟ . إن الأزمات مرتكز لكشف الولاء والبراء والانتماءات ، وإن المواقف الصعبة هي التي تكشف عن توجهات الناس وأهدافهم ومعادنهم ، وفي حال الرخاء كل يدعي وصلاً بليلي!. أجل لقد كان العلماء والدعاة والخطباء في مقدمة الركب المستنكر .. ومع الإنكار لعوامل الفتنة استنكاراً لكل مظاهر الفساد ، ودعوةٌ لتقديم النصيحة لولي الأمر ، وبيانٌ لحق الراعي والرعية . إن العلماء الذين يُستمع إليهم ويصدر عن فتاويهم أوقات الشدائد ، حريون بأن يستمع إليهم في أوقات الرخاء ، وجديرون باعتماد فتاويهم في كل شؤون الحياة ، وفي جميع الأحوال والأوقات ، وحيثما نصح الدعاة والخطباء فهم يبغون الخير للأمير والمأمور، وكذلك نحسبهم والله حسيبهم . أما أصحاب الجعجعة بلا طحين .. وأصحاب الريب والتشكيك والتغريب فحريون أن يُوضعوا في المكان الذي يستحقون ، وأن يوقف مدّهم ، ويوضع حدٌّ لتجاوزاتهم وإثارتهم، شرذمة الفساد ودعاة التغريب وتحرير المرأة المزعوم لا يمكن أن يُدعوا في الملمات، ولا يمكن أن يُعتمد عليهم في الأزمات ، ليسوا أهلاً لتسكين الفتن إذا أقبلت، وليسوا حكماً عدلاً إذا ما الأفكار شذّت ، والرؤى والمواقف تقدمت أو تأخرت ، بعكس غيرهم من العلماء والدعاة وطلبة العلم . ولم يكن من فراغ أن يتحدث سمو النائب الثاني حين أثنى وشكر العلماء والخطباء، بل هو يعني ويعيي ما يقول ، ونتطلع إلى مزيد من التلاحم والتشاور والثقة بين الولاة والعلماء والدعاة والخطباء لصالح البلاد والعباد. أيها الأخوة : وبرغم انطفاء نار الفتنة ، فيظل تحت الرماد وميضُ نارٍ ، ولا بد أن نحذر المفاجئات ، وأن نستعد لأي حماقة من الحماقات ، لا بد أن نتحسس مواطن الفتن ومؤشرات الدخان ، وأماكن الريب ، وأفكار المتربصين ، وتجمعات أو تحركات المشبوهين حتى لا نؤخذ على حين غرة . ولا بد كذلك من استدامة الإصلاح، وسدّ الثغرات ، ونشر العدل، وبذل المعروف، وإرساء دعائم الفضيلة ، ومحاربة الرذيلة ، والحفاظ على أنظمة البلد ، وفي مقدمتها النظام الأساسي للحكم ، ومنع أي تسلل واختراق له . ولا بد من استكمال مشاريع الإسكان للمحتاجين ، وبذل الطعام للجائعين، وتوفير فرص العمل للعاطلين ، وكم تعجب من وطنية شاب يخرج في يوم الوطن وهو عاطلٌ عن العمل ، ويفتش في جيبه فلا يجد إلا دراهم معدودة ، وربما اشترى بها أو بنصفها علماً للوطن يُلوِّح به ويثبت وطنيته ، وإن مسته البأساء ويردد : تحيا السعودية ، عاش الوطن، أليست تلك وطنية تستحق التقدير والبذل لهؤلاء الشباب؟ . وفي المقابل – وفي جيراننا ومن حولنا شعوب يُغدق عليها ، ويُمكن لقادتها في الوزارات والجامعات ، بل ويتغلغل أبناؤها في أدق مرافق الدولة ، ومع البذل والعطاء والأعطيات والرخاء يتظاهرون .. بل ينقلبون على من مكّنهم مطالبين بإسقاط النظام، ومعطّلين لمصالح البلد ، ومثيرين للرعب ، ومعتدين على الأمن، بل ومسقطين للقتلى والجرحى ، وأسوأ من ذلك منع العلاج واحتلال المستشفيات ، وتعطيل الدراسة في المدارس والجامعات ، ورافعين لافتات وصوراً غريبة ، ومردِّدين لعبارات صفوية ومجوسية، حتى إذا بلغ السيل الزبى ، وضج الناس من الفوضى جاء نصر الله وكان فرجه، وكانت خطوة درع الجزيرة ضرورة لا بد منها ، وحسماً لفتنةٍ طائفية بغيضة لم تخطر على أهل البحرين بهذا المستوى ، وكادت أن تهلك الحرث والنسل . ولئن كانت هذه الحركة الطائفية درساً لأهل البحرين بشكل خاص، فهي درسٌ لمن يتجاوز الحدود إلى غيرهم ، ويدعون للاعتبار والحذر ، وعدم تكرار التجارب الخاطئة، والسعيدُ من وعظ بغيره ، والعقلاء يتبصرون في المآلات قبل إقدامهم على الموبقات والمهلكات. أيها المسلمون : بقي شيء مهم يُقال ، ونتيجة منطقية تقول : إن صحة المنهج العلم والعمل بنصوص الوحيين هما الضمانة الكبرى من الانحراف والإخلال بالأمن، وإن أهل السنة والجماعة من أطوع الناس لأئمتهم ، ومن أرحم الناس بإخوانهم، إنهم عناصر مسكنة للفتنة إذا أججها غيرهم ، وهم أقرب الناس وأوفاهم للبيعة الشرعية إذا نقضها غيرهم، وهؤلاء جديرون بالاحترام والثقة ، والتمكين والمشورة ، وتسنم الولاية ، وتقدير المسؤولية، وكم في الحادثات من عبر لمن عقل وجزا الله الشدائد كل خير عرفت بها عدوي من صديقي، وأبلغ من ذلك وأصدق : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم إلا خبالاً ودّوا ما عنتم ، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون [آل عمران/ ]. اللهم انفعنا بهدي الكتاب والسنة ، واعصمنا من الزلل والفتنة ، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .. إخوة الإيمان : وفي الأحداث الكونية في كوكبنا وقفتان مهمتان : الأولى : عظيمُ قدرة الله فيما حدث في الزلزال المخيف والمدمر في شرق آسيا، ولا سيما في اليابان ، وما تلى ذلك من فيضانات مرعبة ومرهبة ، راح ضحيتها الآلاف من القتلى والمشردين والمفقودين ، واشتعلت النيران فوق البحار ، وطفت المساكن وغيرها فوق الماء ، وكأنها لُعب أطفال تتقاذفها الامواج ، وتقذف بكتل الموت هنا وهناك . لا إله إلا الله ما أعظم قدرته ، وما أهون الخلق عليه ، ومهما كان التقدّم التكنولوجي وتقنيات الإنذار ، ومنتجات الفكر البشري في أبرز ميادين تقدّمها إلا أن قوة الله أعظم، وقدره لا يُرد ، وليست غضب الطبيعة ، أو ثورانها، كما يقول الجاهلون. إنّه الله الملاذُ في الشدة ، والأنيس في الوحشة ، والمنقذ في الكربة ، والنصير في القلة، ملاذُ الهاربين ، وملجأ الخائفين ، خلق الموت والحياة ، كلُّ أمنٍ دون أمنه خوف، وكل تدبير سوى تدبيره ضعف ، وكل ملاذٍ إلى سواه محفوف بالمخاطر . إليه وإلا لا تشدُّ الركائبُ ومنه وإلا فالمؤمل خائبُ وفيه وإلا فالعـزمُ مضيَّعٌ وعنه وإلا فالمحدِّثُ كاذبُ عباد الله : إذا كانت هذه المشاهدُ التي رآها الناس عبرَ الشاشات ، والصور في الدنيا، فكيف هي مشاهد الآخرة .. حين تكوَّر الشمس ، وتنكدر النجوم ، وتسيّر الجبال ، وتُحشر الوحوش، وتسجّر البحار ، وتنفطر السماء ، وتزلزل الأرض كلها، ويفرُّ المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ، كيف الحال إذا وضعت الحوامل حملها ، وذهلت المرضعات عن فلذات أكبادها؟! إنه الهول وزلزلة الساعة شيء عظيم ، والسؤال : ماذا أعددنا لهذا اليوم العظيم ، وأي زاد أو أمانٍ سنرد به على ربِّ العالمين؟ ومن خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنـزل ، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة ، رزقنا الله إياها بمنِّه وكرمه ، ووقانا خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وسلّم الله المنكوبين ، ورحم الله موتى المسلمين في اليابان وغيرها . الوقفة الثانية : في ليبيا (المسلمة) نيرانُ غضب تشتعل ، مدافع أرضية تدك البنى وتسقط القتلى ، وطائرات من السماء تقصف خبط عشواء ، وعلى شعبِ بلدٍ لا ذنب لهم إلا أنهم رفضوا الظلم ، وتطاولوا ظلام الليل ، وطالبوا بالإصلاح كما طالب جيرانهم، ورغبوا أن يكون الحكمُ كتاب الله وليس الكتاب الأخضر؟ . وإذا كانت حماقة السفاء لا تنتهي عند حدٍ فأين العقلاء ؟ أين حقّ الأخوة والجوار للوقوف مع شعبٍ يُدمّر في وضح النهار وعلى ملأ ومسمع الدنيا؟ . لئن كنا لا نثق بتصريحات الغرب ، ومواقفه مع قدرته على الحسم ومنع الظلم فإن المسؤولية تقع على الأشقاء ، وأُخوةُ الدِّين تُلزم بنصرة المظلوم ، وقهر الغشوم ، فإلى متى سيظل الصمت ، أو مجرد الشجب والاستنكار على حين يُفنى الناس وتنتهك المحرمات؟! هل من وقفة عربية وإسلامية صادقة لإنقاذ ما بقي من ليبيا؟ هل من هبة جماعية تضع حداً لطيش الطغاة والمفسدين في ليبيا ، فالدساتير الشرعية والنظم الدولية والهيئات العالمية تستنكر ما يقع في ليبيا، لكن ماذا بعد الاستنكار؟!، فالله لا يحبُّ الفساد ، والمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى . اللهم نفس كرب المسلمين في ليبيا ، وكن معهم ناصراً ومعيناً ، اللهم احقن دماءهم، واشف مرضاهم، وآمن روعهم ، وانصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم عليك بالطغاة المفسدين في ليبيا، اللهم اجعل تدبيرهم تدميراً عليهم يا حي يا قيّوم .. أ.د/سليمان بن حمد العودة الأستاذ بجامعة القصيم البريد الإلكتروني : (يمنع وضع البريد الإلكتروني)
__________________
1) الملاحظات. 2) اقتراح موضوع خطبة مع دعمه بوثائق أو مراجع. الرجاء التواصل عبر البريد الإلكتروني: saleh31@gmail.com حفظكم الله ... |
الإشارات المرجعية |
|
|