بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » ## كـــمـــال الــــدين يـــــــــــــوم عـــرفة ##

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 05-11-2011, 01:06 AM   #1
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
## كـــمـــال الــــدين يـــــــــــــوم عـــرفة ##




قال الله تعالى : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (3) سورة المائدة

قال أهل العلم : إن هذه آخر ما نزل من القرآن , ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام [ انظر تفسير ابن كثير 2 / 20 ]
وقد نزلت هذه الآية في عرفة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوادع يوم الجمعة كما في صحيح البخاري وغيره من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
قال ابن كثير - رحمه الله - حول هذه الآية : " هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة , حيث أكمل تعالى لهم دينهم , فلا يحتاجون إلى دين غيره , ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه , ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء , وبعَثَهُ إلى الإنس والجن ... فلما أكمل لهم الدين , تمّت عليهم النعمة , ولهذا قال سبحانه : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } أي , فارْضوه أنتمْ لأنفِسِكُمْ , فإنه الدين الذي أحبه الله ورضيه , وبعثَ به أفضل الرسل الكرام , وأنزل به أشرف كتبه .." تفسير ابن كثير 2 / 19 .

ولي معي هذه الآية وقفات :
الوقفة الأولى : أنها نزلت في يوم عرفة في حجة الوداع , وهي الموقف العظيم الذي وقفه النبي صلى الله عليه وسلم , ووقف معه المسلمون في مشهد مهيب , خطب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة عظيمة بين فيها معالم الدين , ووضع الأسس العامة والخاصة , ولم يترك شيئاً إلا بينه عليه الصلاة والسلام بأبلغِ قول , وأفصح لسان .
فجاءت هذه الآية تتويجا لذلك الموقف العظيم , وأن الدين قد كَمُل في يوم اكتملت فيه بلاغة محمد صلى الله عليه وسلم , واكتمل فيه حضور المسلمين , واكتمل فيه تعلق قلوبهم لله تعالى على صعيد عرفات .
فهو يوم الكمال في السموات , ويوم الكمال في الأرض , فيه كَمُلَ الدين , وفيه كَمُلَ القرآن , وفيه كَمُلَت النعمة فلله العظمة وحده , ولله الشكر وحده ,سبحانه تبارك وتعالى .
الوقفة الثانية : قوله : ( اليوم ) قال أهل النحو : إن ( أل ) في كلمة اليوم هنا , للعهد الحضوري , أي هذا اليوم الحاضر , ولعل التعريف هنا يعطي تعظيما وهيبة لقداسة هذا اليوم وعظمته , وهو ما صرح به أحد اليهود حين قال لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً ! قال: أيَّةُ آية ؟ قال) : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًاً .( قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلموهو قائم بعرفة ، يوم جمعة) رواه البخاري ومسلم .

الوقفة الثالثة : قوله : ( أكملتُ لكم دينكم ) .
فقوله : ( أكملتُ ):فعل ماضٍ دال مسندٌ إلى الضمير العائد إلى الله تعالى , لبيان عظمة هذا الكمال , وأنه صادر من عند الله تعالى , وما أكْمَلَهُ الله فلن يتعرض له نقصان , وما أكمله الله فلن يحتاج إلى زيادة .
وإن كمال الدين ليعطي دلالة قوية بأنه دين الحق الذي لا مرية فيه , وأنه دين الفطرة التي فطر الناس عليها , لأن الكمال هنا كمالٌ كَمِّيٌّ فلا نقصَ فيه في فرائضه وأركانه وشرائعه وآدابه , وكمالٌ معنويٌّ فلا عيبَ فيه , لأنه لا يكمُلُ إلا المتقَنُ القوي السالم من العيوب والأخطاء .
وكل من تعرَّض لهذا الدين بالشنآن والسب والأذى فهو الناقصُ المنحطُّ , وكما قال أبو الطيب :
وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ ,,, فهي الشهادة لي بأني كاملُ
ولكن الشهادة الحقة هنا هي شهادة الله لدينه بالكمال , وأعظِمْ بها من شهادة !
ثم قال : ( لكم ) وهذا خطاب للمسلمين جميعاً , أي أن هذا الكمال لكم أيها المسلمون , وليس لغيركم , فهل تبتغون كمالا من عند غير الله ؟
ثم قال : ( دينكم ) هذه الكلمة أتت لتبين موضع الكمال , وأنه في الدين , والدين يشمل القرآن والعبادات والأخلاق والفرائض والمعاملات وكل ما جاء من عند الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو من الدين .
وقد وصل إلى مرحلة الكمال الرباني الذي لا يعتريه نقص , ولا يفتقر إلى الزيادة .
وإضافة الدين إلى المخاطبين لكي يصبوا اهتمامهم له , وأن هذا الأمر إنما هو دينهم , وليس دين الله فقط .
وأي شرف وأي منزلة حين يكمل الله لك اعتقادك ودينك , ويعطيك الختم الإلهي الرباني الأبدي بأن دينك كامل غير منقوص فلا تضيعه .

الوقفة الرابعة : قوله " وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى " .
فعطف على الكمال بلفظ الإتمام , والإكمال يكون للشيء الواحد حين يبلغ نهايته وغايته فيكون قد كمل , فأطلقه على الدين لأن الدين واحد ( إن الدين عند الله الإسلام )
وأما الإتمام فيكون للشيء المتعدد حين تكتمل جميع أنواعه فيكون إتماماً , ونعم الله تعالى لا تعد ولا تحصى , فجاء لفظ الإتمام .
وقال : عليكم , ولم يقل ( لكم ) لثلاثة أمور :
الأمر الأول : ليخالف اللفظ الأول , فلا يكون هناك تكرار بلفظ ( لكم ) لأنه قال أولها : أكملت لكم دينكم .
الأمر الثاني : أن إتمام النعمة من الله تعني العلو والمنة , فهناك فوقية من المنعِمِ سبحانه على المنعَمِ عليه , فناسب لفظ ( عليكم ) .
الأمر الثالث : أن النعم تحتاج إلى شكر , والشكر تكليف على العبد , فناسب لفظ ( عليكم ) .
والمخاطبون بقوله : عليكم , هم المسلمون , وكفى لهم شرفاً أن يمتن الله عليهم بنعمه .
وقوله : ( نعمتي ) المفرد حين يضاف إلى الضمير فإنه يفيد العموم غالبا , ونعم الله متعددة , وقد أضيفت إلى الضمير , فتشمل جميع نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى .
وقد أضاف النعم إليه سبحانه , لأنه هو الـمُنعِمُ وحده جل جلاله {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ } (53) سورة النحل .
وقد يكون أراد بالنعمة هنا نعمة إكمال الدين , وهي من أعظم النعم , وكل نعمة تحصل في الدنيا للمسلمين إنما هي متفرعة من هذه النعمة العظيمة .
ونلاحظ الفرق بين التعبيرين في الجملتين :
فالدين نسبه إلى المسلمين ؛ ليتحملوا الأمانة العظيمة , وأما النعمة فنسبها إليه سبحانه لا شريك له , لأن النعم منه وحده لا شريك له .

الوقفة الخامسة : قوله تعالى : " وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًاً "
لما بين سبحانه أنه أكمل الدين , وأتم النعمة , بين سبحانه ما هو الدين الذي كمله ؟
فبين هنا أنه الإسلام , ونسب الرضا إليه سبحانه , فإذا كان الله تعالى قد رضي لنا هذا الدين فأولى بالمسلمين أن يرضوه لأنفسهم , لأنه اختيار من لدن حكيم خبير أعلم بمصالحهم ومنافعهم .
وأي شرف للمسلم حين يعلن إسلامه , ويعتز به بأنه دين رضيه الله له , واختاره له ليتقرب به إليه , فهو الدين الأوحد عند الله تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ } (19) سورة آل عمران , ولا يقبل الله من أحد دينا سواه {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) سورة آل عمران .
وما دام أن الله تعالى قد رضيه لنا دينا , فهو أفضل دين وأعظمه كما قال تعالى : {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (125) سورة النساء
وأتى بالجار والمجرور ( لكم ) ليبين أن هذا الدين مصلحة لكم , وفيه نفعكم في الدارين
وأصل التعبير : ورضيت الإسلام دينا لكم , فقدم الجار والمجرور لإرادة الاختصاص , أي لكم أيتها الأمة المحمدية , وليس لغيركم .
أو أن التقديم أفاد الاهتمام بالمخاطبين , ورفع مستوى التنبيه إلى أهمية هذا المرضي الذي سيأتي ذكره , وهو الإسلام .
فكأنه لما قال : ورضيت لكم .. تشرئب الأعناق لمعرفة ماذا رضي لنا ربنا ؟
فيأتي الجواب : الإسلام دينا .
فأي معانٍ سامية عظيمة حملتها هذه الجمل الثلاث التي نزلت يوم عرفة لتختم للمسلمين دينهم , ولتبين لهم أنه كامل إلى يوم القيامة فلا ابتداع , ولا نقصان .
فمن ابتدع ما ليس من الدين فقد استدرك على ربه سبحانه , ومن أنقص من الدين فقد اجترأ على دين الله , والموفق من اتبع ما أُنْزِلَ إليه من ربه دون زيغ أو ضلالة .

والله تعالى أعلم , وصلى الله وسلم على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين .
علي بن سليمان الحامد ( أبو سليمان ) .
10 / 9 / 1431 هـ


__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  


قديم(ـة) 05-11-2011, 01:11 AM   #2
اِنْزِواء ،
عـضـو
 
صورة اِنْزِواء ، الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
البلد: بريدة.
المشاركات: 1,910
أحسنت أستآذ الكريم . .
بآآركـ الله فيكـ
__________________
[FLASH="http://up.7cc.com/upfiles/Ey096011.swf"]width=480 height=320 t=1[/FLASH]
اِنْزِواء ، غير متصل  
قديم(ـة) 05-11-2011, 01:12 AM   #3
معلم مغترب
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 444
بارك الله فيك

وحماك الله من كل أذى.
__________________
غربتي طالت متى وقت الرجوع
وكل عـام امني احلامي بعـام
معلم مغترب غير متصل  
قديم(ـة) 05-11-2011, 01:25 AM   #4
محب الاصلاح
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
البلد: بريدة
المشاركات: 545
رضيت بالله ربا وبالأسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا ،،
يكتب بماء الذهب .
__________________
محب الاصلاح غير متصل  
قديم(ـة) 05-11-2011, 07:49 AM   #5
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
راما

معلم مغترب

محب الإصلاح

شكرا لكم على التشريف المبارك , والحضور الجميل

كل عام وأنتم بخير , وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال .
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  
قديم(ـة) 05-11-2011, 09:11 AM   #6
متصفحة
كاتبة مميّزة
 
صورة متصفحة الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
البلد: أسأل الله أن يهديني طريق الصالحين
المشاركات: 5,046
لهذا يوظف أهل العلم علمهم

التقرب غلى الله بما تفضل به علينا من اعظم سمات الشكر و العرفان

فبارك الله لك فيما وهبك ورزقك الشكر و الإخلاص
__________________

** " اللهم خذ بيدي أخواننا في سوريا , وعجل بنصرهم " **


متصفحة غير متصل  
قديم(ـة) 05-11-2011, 11:36 PM   #7
أبو سليمان الحامد
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
اقتباس
المشاركة الأساسية كتبها متصفحة
لهذا يوظف أهل العلم علمهم

التقرب غلى الله بما تفضل به علينا من اعظم سمات الشكر و العرفان

فبارك الله لك فيما وهبك ورزقك الشكر و الإخلاص



شكرا أختي الكريمة على مرورك وتعليقك .
__________________

وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ
يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ


[ محمود سامي البارودي ]
أبو سليمان الحامد غير متصل  
قديم(ـة) 06-11-2011, 01:01 AM   #8
احلام 99
Registered User
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
البلد: بريدة
المشاركات: 657
شكرا اخي
احلام 99 غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 11:08 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)