|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
03-05-2007, 06:31 PM | #29 |
هوية صامتة
تاريخ التسجيل: May 2003
البلد: Buraydah City
المشاركات: 12,458
|
الفصل العنصري موجود بجميع بلاد العالم .
الفصل العنصري من طبيعة البشر . حتى أمريكا وبريطانيا فيها فصل عنصري ، وخاصة للمسلمين والسود .
__________________
|
03-05-2007, 07:22 PM | #30 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2002
البلد: بريدة
المشاركات: 2,071
|
ردود على السريع :
1- اللي يحتج علينا بذاك القول الظريف : زوجوا الهنود والباكستانية , نقول له : أجل زوجوا العميان والمعوقين والمشوهين والسود القبيليين . هل عندك استعداد تزوج اختك أو بنتك قبيلي معوق أو مشوه أو قبيلي أسود البشرة ؟؟!! 2- اللي يدعي انه فيه فصل عنصري في كل مكان , فاقول له : أولاً : هذا مهوب مبرر , فالخطأ لا يبرر بخطأ .. يعني انت مثل اللي يسرق ويقول كل الناس يسرقون . ثانياً : الفصل العنصري الموجود بالغرب على الأقل تارك الحرية للجميع .. فالأبيض اللي وده يتزوج سوداء ما يمنعونه والأسود اللي وده يتزوج بيضاء ما يمنعونه . يعني النتيجة : لا يوجد عنصرية في الزواج بالغرب, بينما العنصرية الموجودة في مهد الإسلام تمنع حتى التزاوج بين المسلمين وأبناء الحي الواحد !!!!!!!!!!!!!!!!! وتقبلوا تحياتي 00 المتزن
__________________
في المجتمع المريض الاستشهاد بالرجال أولى من الاستشهاد بالأدلة والأفكار !!
|
03-05-2007, 08:58 PM | #31 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
|
سوف نبقى على قارعة الطريق يسفه بعضنا بعضا حتى نعود إلى أمر الله ومنها إليكم هذه القصة وبعدها قصة حتى تصحو العقول المخدرة التي احتلها العلو والغرور والتحقير ..... قصة جليبيب -رضي الله عنه - : زواج جليبيب قال أنس بن مالك رضي الله عنه : كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له جُليبيب ، كان في وجهه دمامة و كان فقيراً قصيرا ولا نسب له ويكثر الجلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ذاتيوم : يا جُليبيب ألا تتزوج يا جُليبيب؟ فقال : يا رسول الله ومن يزوجني يا رسول الله؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أزوجك يا جُليبيب. فالتفت جُليبيب إلى الرسول فقال: إذاً تجدُني كاسداً يا رسول الله .. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: غير أنك عند الله لست بكاسد ، ثم لميزل النبي صلى الله عليه وسلم يتحين الفرص حتى يزوج جُليبيا فجاء في يوم من الايام رجلٌ من لأنصار قد توفي زوج ابنته فجاء الى النبي صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ليتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي : نعم ولكن لا أتزوجها أنا !! فرد عليه الأب : لمن يا رسول الله !! فقال صلى الله عليه وسلم: أزوجها جُليبيبا .. فقال ذلك الرجل: يا رسول الله تزوجها لجُليبيب ، يارسول الله إنتظر حتى أستأمر أمها !! ثم مضى إلى أمها وقال لها أن النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إليك ابنتك قالت : نعم ونعمين برسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يرد النبي صلى الله عليه وسلم .. فقال لها : إنه ليس يريدها لنفسه ...!! قالت : لمن ؟ قال : يريدها لجُليبيب !! قالت : لجُليبيب لا لعمر الله لا أزوج جُليبيب وقد منعناها فلان وفلان فاغتم أبوها لذلك ثم قام ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم فصاحت الفتاة من خدرها وقالت لأبويها : من خطبني إليكما؟؟ قال الأب : خطبك رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قالت : أفتردان على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. أمره ادفعاني إلى رسول الله فإنه لن يضيعني ! قال أبوها : نعم .. ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله شئنك بها . فدعى النبي صلى الله عليه وسلم جُليبيبا ثم زوجه إياها ورفع النبي صلى الله عليه وسلم كفيه الشريفتين وقال: اللهم صب عليهما الخير صباً ولا تجعل عيشهما كداً كداً !! ثم لم يمضي على زواجهما أيام حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في غزوة وخرج معه جُليبيب فلما أنتهى القتال اجتمع الناس وبدأوا يتفقدون بعضهم بعضاً فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: هل تفقدون من أحد قالوا : نعم يا رسول الله نفقد فلان وفلان كل واحد منهم إنما فقد تاجر من التاجر أو فقد ابن عمه او أخاه ... فقال صلى الله عليه وسلم : نعم و من تفقدون قالوا : هؤلاء الذين فقدناهم يا رسول الله .. فقال صلى الله عليه وسلم: ولكنني أفقد جُليبيبا .. فقوموا نلتمس خبره فقال صلى الله عليه وسلم: ولكنني أفقد جُليبيبا .. فقوموا نلتمس خبره فقال صلى الله عليه وسلم: ولكنني أفقد جُليبيبا .. فقوموا نلتمس خبره فقال صلى الله عليه وسلم: ولكنني أفقد جُليبيبا .. فقوموا نلتمس خبره ثم قاموا وبحثوا عنه في ساحة القتال وطلبوه مع القتلى ثم مشوا فوجدوه في مكان قريب إلى جنب سبعة من المشركين قد قتلهم ثم غلبته الجراح فمات . فوقف النبي صلى الله عليه وسلم على جسده المقطع ثم قال : قتلتهم ثم قتلوك أنت مني وأنا منك ، أنت مني وأنا منك .. انت مني وانا منك انت مني وانا منك انت مني وانا منك ثم تربع النبي صلى الله عليه وسلم جالسا بجانب هذا الجسد ثم حمل هذا الجسد ووضعه على ساعديه صلى الله عليه وسلم وأمرهم أن يحفروا له قبراً .. قال أنس : فمكثنا والله نحفر القبر وجُليبيب ماله فراش غير ساعد النبي صلى الله عليه وسلم .. قال أنس : فعدنا إلى المدينة وما كادت تنتهي عدتها حتى تسابق إليهاالرجال يخطبونها .. ( انما كان قول المؤمنين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم لمفلحون) . أما العنصرية فهي موجودة عندنا كما لم تكن موجودة عند أي أمة من الأمم ....حتى في نظام الباثريد العنصري المقيت الذي اندحر في جنوب افريقيا لا يوجد فيه ما لدينا ... هم التفريق مبني على اللون فقط أما نحن فالمسألة عندنا مردها إلى تفريق بين أناس متفقين في كل شيء باللون والدين واللغة والشكل والثقافة والمصير ومع ذلك جعلواأثنية المجتمع فريدة من نوعها تصيب أصحاب العقول بحيرة فالعنصرية لدينا أشبه ما تكون بالنازية القديمة التي تدعي نقاء العرق الآري الجيرمني ....يضاف لها مع ادعاء الأفضلية تحريم الاختلاط بالأمم الأخرى غير ان النازية ساوت بين الألمان جميعا غير ان العنصرية العربية فاوتت بين العرب وجعلت العرب قسمين عرب وضيعة وعرب رفيعة .... فلا حول ولا قوة إلا بالله ... آخر من قام بالتعديل ريبد; بتاريخ 03-05-2007 الساعة 09:10 PM. |
04-05-2007, 02:37 PM | #32 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
|
الأخ ولد الرفيعة أشكرك على حرصك وتتبع للحقيقة أيا كانت وقد قيل ما أصعب الحقيقة .... والغذامي - عربي النسب وعنيزاوي البلد - حاول تتبع ذلك بكل شفافية وسوف تجد كل مقالات الدكتور على هذا الرابط ...
http://www.alriyadh.com/php/file/?file_id=321 |
04-05-2007, 05:40 PM | #33 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
هوية صامتة
تاريخ التسجيل: May 2003
البلد: Buraydah City
المشاركات: 12,458
|
أعتقد بالنقطة الثانية تقصد كلامي ، فلذلك راح أرد عليك .
أنا ما أقول إنه مبرر ، لكن اللي أقوله أنه من طبيعة البشر .
هل تدري أن الحرية وصلت عندهم إن الخال يتزوج بنت أخته !! هل تدري أن الأسود اللي تزوج بيضاء يحاربونه السود . والأبيض اللي يتزوج سوداء يحاربونه البيض .
غير صحيح . أخيراً: أنا أتحدث عن تجربة عشتها في بلاد الغرب ، ولا أتحدث عن كلام منقول . يعني مانيب خراص أتكلم .
__________________
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04-05-2007, 06:03 PM | #34 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jun 2002
المشاركات: 390
|
فيه واحد سوري مزوج بنتين من بناته الاولى واحد اعرابي من قبيله معروفه والثانيه متزوجه من اسود رأسه كالزبيبه
الطريف بالامر ان التي مع الاعرابي تسرح بالغنم وحالتهم فقر والي مع الاسود مسكنها بدبلكس وعندهم خدامه يعني القبيبلي من صار عديله .......؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ |
17-05-2007, 09:14 PM | #35 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
|
القبيلة والمجتمع (المستعرب)
د.عبدالله محمد الغذامي كان أحمد شوقي يتباهى بأنه سليل اربعة عناصر من ترك وأكراد وألبان وعرب، ويحيل الى نسب شريف يصله بالنبي صلى الله عليه وسلم وقال بيته المشهور: أبا الزهراء قد جاوزت قدري بمدحك بيد ان لي انتسابا وهو هنا يقدم أفضلية العمل، حيث الثناء على رسول الله والتأسي بمآثر النبوة وكريم صفاته عليه السلام هي ما رفع قدر الشاعر ثم اشار الى النسب وجعله لاحقا بالعمل، ولاشك ان تفاخر شوقي بتمازج الدماء في جسده هو من أهم عناصر البنية الثقافية - أية بنية ثقافية - وكل ثقافة تنبني على التمازج هي ثقافة أكثر على العطاء وكلما زاد التمازج زادت المواهب وتحدث التغيرات الضخمة في تاريخ الأمم والشعوب كلما حدثت حوادث تمازج كبرى. وأهم تمازج صار في تاريخنا هو في هجرة اسماعيل عليه السلام وحلوله في ارض مكة وتفجر ماء زمزم وهو تفجر يرمز الى تفجر ثقافي مهول، حيث تمازج عنصران بمصاهرته لجرهم، وكانت أمه جارية، ومن هذا المزيج جاءت العرب المستعربة، أي العرب المخلوطة والممزوجة بين اكثر من عنصر، وجرت كتابة تاريخ جديد للغة وللبشر، وجرى فتح مكة، وهو الفتح الأول، وصارت منذ يومها مكانا لمشروع عالمي يحمل بشائر التغيير الكبير، ثم جاء التمازج الثاني في فتح مكة الثاني مع رسالة الإسلام وكانت رسالة انسانية حملت قوانين التغيير الأولية، حيث اكتسب كل شيء معنى جديدا بدءا من الكلمات، حيث صار لكلمات الصلاة والزكاة والصيام والحج معاني مصطلحية ذات قيم معتقدية وفقهية وفلسفية وأخلاقية لم تكن لها من قبل، مثلما صار للون وللجنس والعرق والقيادة معاني مختلفة. وكان من أواخر ما عمله رسول الله هو إسناد راية الأمة الى فتى يافع كان مولى من الموالي وتسلم راية الأمة ومن تحته كبار الصحابة ورؤوس المجتمع وهو جيش أسامة بن زيد، مولى ابن مولى، وهذه رسالة جوهرية تفكك غلواء الجاهلية، حيث صار الصغير أميرا على الكبار مثلما صار سيدا للسادة وزعيما للرؤساء، ومثلها قصة وفاته عليه السلام وهو مدين ليهودي ودرعه مرهونة عند ذلك اليهودي، وقد صارت القصة في مجتمع ووقت لم يكن الرسول فيه محتاجا للاستدانة من يهودي. وقد كان في المدينة من يفدي رسول الله ليس بماله - فحسب - وإنما بنفسه وولده، وفيهم عبدالرحمن بن عوف وعثمان بن عفان، وهما من رجال الأعمال والمليونيرات حسب لغة زماننا، ولم يكن ليعجزهم تقدير ما يطلبه الرسول عليه السلام منهم ولم يكن ليعجز رسول الله ان يطلب منهم ذلك لولا انه أراد ان يرسل رسالة في التعامل المالي مع الآخرين والتبادل التجاري معهم وإعطائهم الأمان معاملة ونية حتى لقد ترك درعه عند هذا اليهودي والدرع هو السلاح وهو عتاد الحرب، أي ان سلاح الرسول كان مع رجل غير مسلم، وهذا مبدأ جوهري في السلوك والتعامل وقبول الآخر ورفع الحجب عنه. وكلنا نعرف قصته عليه السلام حينما قام من مجلسه احتراما لجنازة يهودي مرت به لأنها نفس بشرية. هذه عناصر تمازج اولية بعضها عرقي وبعضها ثقافي مثلها مثل المعجم اللغوي المختلط حيث نجد في لغة العرب كلمات أعجمية من مصادر شتى ومثل اللغة كانت الأعراق، حيث يترحل البشر من مكان الى مكان ومن جزيرة الى جزيرة مثلما تترحل العادات والتقاليد. وحينما دخل العرب بلاد الشام والعراق وأفريقيا دخلت في حياتهم أنماط جديدة حتى لتجد نصا في زمن الحجاج يشير الى الكباب، وهو بيت يقول: أبا هشام ببابك قد شم ريح كبابك وشكرا للنحويين الذين حفظوا لنا هذا البيت لأن فيه لحنا احتج عليه الحجاج ونهر القائل على قوله: أبا هشام والواجب: أبو هشام، ورد الشاعر بقوله: الكنية كنيتي فإن شئت رفعتها وإن شئت خفضتها، وهي طرفة نحوية دلتنا على حال المجتمع عبر نوعية طعامه الجديد ومثل ذلك ما جاء عن ولع معاوية بالكنافة وأكله لها في الصباح، وهو ما يفسر لنا أكل الشاميين في يومنا هذا للكنافة على الفطور، حيث بقيت العادة من زمن معاوية. وفي كتب التراث إشارات مبكرة للسنبوسك والبسبوسة وغيرها، وهذا كله تمازج ثقافي ليس الطعام سوى علامة عليه لان التمازج البشري أعلى وأقوى وأهم. ويكفي ان نستعرض اسماء رجالات الثقافة في الإبداع والتأليف والفكر والحكم، من الكتاب والوزراء ورجال الأمة والتاريخ، ثم يأتي ما تمخضت الثقافة عنه من قيام أمة عربية من المحيط الى الخليج، وهي كلها أمة تترجمها حالة احمد شوقي في نسبه المختلط بين أعراق أربعة، وكل واحد من عرب بلاد الشام وأفريقيا إنما هو مستعرب ثقافة وعرقا ولغة بتكرار أزلي وثقافي لقصة سيدنا اسماعيل، وهذه ميزة ثقافية عظيمة افادت الأمة جنسا وتاريخا، ولو بقينا على جزيرتنا لكنا مثل التاميل أو التبت شعبا محصورا ومحاصرا لولا مزية التمازج الكبرى التي بدأت مع اسماعيل ثم تكاملت وتكللت مع الدين الإسلامي الذي أهم مزية فيه هي عالميته وعدم محليته. الاستعراب - إذن - هو معنى ثقافي وتاريخ بما انه تمازج حضاري بنيوي، وهو شرط واقعي لأن الصفاء العرقي التام أمر غير ممكن، والعلم الحديث يكشف ان التزاوج المغلق ينتج عنه نقص في كفاءة الخلايا ويقلص حيوية الخلية. وقد يفضي الى فنائها لو استمر بشكل مغلق، وهذا ما يدركه البدو بفطريتهم الذكية حينما هجنوا الخيول وما زجوا في سلالاتها بين أنواع وأعراق متنوعة حتى جاء الفرس العربي المشهور والذي جاءت شهرته من اكتشاف الرحالة الإنجليز لمزايا المهر العربي وصار ذلك علامة وشهرة ثقافية لفرس أتقن أهله لعبة التهجين معه حتى تميز. التهجين الثقافي هو قانون إبداعي وما تطورت أمة ولا فرد الا اذا لعبوا هذه اللعبة الذكية، ولقد قسم الله خيراته على البشر كلهم، ولذا تنمو هذه المزايا بالتزاوج فيما بينها والعكس صحيح. ولدينا اليوم مثال حي يعطي صورة واقعية عما كان يحدث في الماضي، وهذه امريكا تكونت وتتكون على مشهد من التاريخ كله، وذلك عبر هجرات البشر وهجرات النظريات واللغات والثقافات، وهناك يجري صهر هذه العناصر ليبدأ شعب في التكوين، ولم يكن هناك في الأصل شعب اسمه الشعب الأمريكي ولم يكن هناك لغة اسمها اللغة الأمريكية، ولكن مثلما اننا نتكلم عن الشعب الأمريكي مع علمنا انه خليط بشري من هجرات متنوعة، فإن اللغويين يتكلمون الآن عن لغة امريكية تأخذ بمفارقة اللغة الأم تدريجيا حتى لتختلف عن الانجليزية الأم اختلافات كثيرة تنمو مع الزمن وسيأتي يوم تنفصل فيه اللغتان انفصالا تاما، وهذه قصة واقعية ماثلة ومشهودة ويشبهها ما كان يجري في القديم ولم نكن هناك لنلاحظه، حيث تختلط الهجرات واللغات وتتولد عناصر تفترق شيئا فشيئا عن أصل نشأتها حتى ليظن الآتون بأصالتها وصفائها وهي أصالة شكلية وصفاء افتراضي، وسبب الافتراض هذا هو فقدان الخيط الدال على التمازج، ولكن الباحثين اللغويين والأنثروبولوجيين يعرفون المؤشرات الدقيقة التي تربط هذا بذاك والرابط بين الساميين معروف الآن علميا مثله مثل الرابط الهندي الأوربي للغات والأعراق. وهو نوع عالمي لما نسميه محليا بالاستعراب. وفي الثقافة الأمريكية الآن يحصل تباه وتفاخر بكون امريكا بوتقة صاهرة ويرون ذلك ميزة حضارية كبرى، وهذا أمر صحيح، ولاشك ان مكة المكرمة هي أقدم - وأدوم - مثال على البوتقة الصاهرة من حيث طبخها الدائم تاريخيا وواقعيا لكل الأجناس والسلوكيات حتى ليصبح المهاجر مكيا وابن بلد وابن حارة بمجرد مجاورته لبيت ربه، وما صار اسمه البيت العتيق الا لكونه بيتا لكل الأفئدة منذ الأزل، وهو المكان الأول لمشروع الاستغراب التاريخي الذي صنع للأمة مجدا ما كان ليكون لها لولا هذه الخاصية الربانية العظمى، وهو نقيض الصفاء الافتراضي الذي لا يفضي الا الى انغلاق ثقافي وعقلي، والانغلاق قد يتسبب بموت الابداع الحضاري نتيجة لضعف الخلية وانكماشها على نفسها. وكما كانت خيولنا هجينا تولدت عنه ابداعات الفرس العربي فإن ثقافتنا كلها هي من نوع ذلك الهجين ويكفي ان نستعرض عظماء الثقافة في كتب الرجال لنعرف اي خليط عرقي هم. والتاريخ كله مزيج بشري وفكري وسلوكي. ولذا احتاج البشر الى قانون (التعارف)، كما اشرنا مرارا في هذه المقالات، حيث الإنسان كائن تعارفي ويندمج في منظومة تعارفية بناء على شروط المعاش من أمن ومصلحة يتحولان مع الزمن الى تراكم ثقافي يصنع لذاته نسقا يبدو عليه الثبات والتواتر حتى لكأنه خاصية عضوية. ملاحظة: أسجل شكرا خاصا وعميقا للصديق النبيل أبي عصام، حيث اتصالاته كل خميس عقب ظهور المقال يثري ويعمق النظر وله من هذا المقال تحديدا نصيب جوهري، حيث أفدت من تداول الأفكار معه حول حديث رهن درع الرسول عليه السلام، كم أنا ممتن لمكالمات الخميس وما فيها من روح علمية وأخلاقية هي من كرم أبي عصام ومن أريحيته التي يغمرني بها، شكرا أيها النبيل.
__________________
أَتيـتَ والنـاسُ فَـوْضَى لا تمـرُّ بهم .... إِلاّ عـلى صَنـم, قـد هـام فـي صنمِ والأَرض مملــوءَةٌ جـورًا, مُسَـخَّرَةٌ .... لكــلّ طاغيـةٍ فـي الخَـلْق مُحـتكِمِ مُسَـيْطِرُ الفـرْسِ يبغـى فـي رعيّتـهِ .... وقيصـرُ الـروم مـن كِـبْرٍ أَصمُّ عَمِ يُعذِّبــان عبــادَ اللــهِ فـي شُـبهٍ .... ..... ويذبَحــان كمــا ضحَّــيت َبـالغَنَمِ والخــلقُ يَفْتِــك أَقـواهم بـأَضعفِهم ... كــاللَّيث بـالبَهْم, أَو كـالحوتِ بـالبَلَمِ |
26-05-2007, 01:00 AM | #36 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
|
القبيلة والمجتمع (الزواج)
د. عبدالله محمد الغذامي كان إسماعيل عليه السلام ابن جارية وجاء إلى جرهم ليصاهرهم، وفي العرف الثقافي فإن جرهم العربية سترفض تزويج غير عربي وابن جارية، ولكنهم زوجوه وجاء من هذا الزواج فضل كبير ونتج عنه تحول من أشد التحولات في تاريخ الثقافة، وماذا لو أن جرهم تمسكوا بالقانون النسقي ورفضوا إسماعيل زوجاً لإحدى بناتهم أو لو أنهم رفضوا بقاءه في ديارهم....؟ نستطيع تصور الإجابة - أية إجابة - مثلما نستطيع تصور ما حدث وهو أن الزواج كمعنى هو أهم وأقوى قيم التعارف البشري، وإذا كان الإنسان كائناً تعارفياً فإن التعارف لا يكون بين فرد وفرد فحسب بل إنه يكون بين ثقافة وثقافة وعرق وعرق، ولقد قال ابن خلدون كلمة مهمة وهي أن الصفاء التام لا يكون إلا بالتوحش التام، وكلما توحشت وتصحرت مجموعة ما، صارت لها الفرصة في الالتفاف الذاتي والانغلاق على نفسها، وكلما خطت باتجاه التحضر وانتقلت من سكنى القفار إلى سكنى المدن بدأت بالاختلاط، وقد ضرب أمثلة بعرب الشام ومصر وشمال افريقيا، حيث اختلطت الأعراق بالتزاوج، وهو شرط ضروري للتعايش واستجابة لقانون التعارف (ص 129). وفي القرآن الكريم وردت مفاهيم الزواج مقرونة بأربعة معان هي: المودة والرحمة والمعروف والإحسان، فالله قد جعل بين الزوجين مودة ورحمة وأمر أن تقوم الرابطة الزوجية على المعروف، وفكاكها بالإحسان، وقيم المودة والرحمة والمعروف هي المعاني الأولية والجذرية لتحقيق قانون التعارف، ولا يكون تعارف من دون مودة ورحمة أو معروف يقوم بين الأطراف، وبهذا تنشأ الخلية الاجتماعية وتتأسس البنية العمرانية. هذا هو القانون الطبيعي الذي يرسم صورة لمسيرة المجتمعات ونظامها المعاشي، وفي قصة رسول الله مع ابنة عمته زينب بنت جحش دلالة اجتماعية عالية الرمزية فهو قد زوجها لمولاه زيد بن حارثة وهي السيدة الجليلة ذات المقام العالي، وحينما طلقها زيد تزوجها الرسول بنفسه، وهذا درس في النسب والتناسب، إذ لم يكتف بتزويجها لزيد المولى، وهو أمر كاف لكسر النسق الجاهلي، بل زاد وتزوجها من بعد طلاقها ليؤكد بقاء مقامها وأن التزاوج بين الفئات لا يقلل من نسب أو من قيمة الفتاة ولا من حقها المعنوي والاجتماعي، وهذا تكرار للمعنى العميق من زواج إسماعيل من العرب وهو زواج يتمم معناه زواج زينب من زيد ثم من رسول الله، خير البشرية، وهما مثالان يكشفان عن نماذج في ثقافتنا هي أعلى النماذج في كسر النسقية وإلغائها. ولكن هناك أمثلة تعكس الخط الثقافي هذا وتعزز خطا آخر، بدءاً من مقولة إن البنت لابن عمها، وهي مقولة تقوم على احتكار معنوي وأخلاقي مثلما هو اقتصادي وسياسي، وهي تبدأ من تصور بقاء النسب في السلالة حسب قول الشاعر (بنونا بنو أبنائنا وبناتنا - بنوهن أبناء الرجال الأباعد)، أي أن الاسم كعلامة هو المحقق لشرط العائلية، ويتبعه تصور مآلات الإرث، والسعي لحفظ المال داخل السلالة، ويتلوه شرط الولاء والحمية، وهذه كلها شروط نستطيع تفهمها في بيئة صحراوية مترحلة، يضطرها الترحال إلى فرض شروط خاصة للحماية واللحمة والعصبية، وهي شروط تتولد من ضرورات البيئة وثقافة هذه البيئة ولو تزوجت البنت في مثل هذه البيئة من جهة أخرى لحدث خلل في شروط الترحال ونظامه وجماعيته وخلل في قسمة المال وخلل في الولاء، وهذه حال تضر ببنية المجموعة وتربك نظامها، ولذا نفهم شرط (البنت لابن عمها)، حيث هو شرط بنيوي وضروري في هذه الحالة. ولكن ماذا لو أن المجموعة، أو بعضها، تحولوا إلى سكنى المدن، حيث ينتفي شرط الترحال وحيث يكون المال فردياً بما أن الشخص يعتمد على كسب معاشه من مجهوده الخاص ولم يعد المال مال القبيلة وحلالها، ولم يعد الترحال شرطاً ولا ضرورة، وحل محله الاستقرار..؟ لقد جرب عرب مثلنا هذه الحال وترحلوا في الأرض واستقروا بها وتحولوا من نظام الاستقطاب الداخلي إلى انفتاح عرقي وثقافي ومسلكي عام وامتزجوا وتخالطوا ولم يعد عندهم مشكل في ذلك، غير أننا نحن مازلنا في حال بين/بين. فلا نحن بقينا بادية ولا نحن تحولنا إلى حاضرة تامة التحضر. وسنرى ذلك بدءاً من بيوتنا الحديثة، حيث ترى بيتاً مصمماً على أحدث الطرز، ثم تجد على مدخل الفناء خيمة من الشعر وفي داخلها مكيف صحراوي يضخ الهواء المرطب. وأنت هنا في ثقافة البين بين، فأنت حضري بالغ الحضرية في تصميم منزلك وغرفة نومك، وأنت صحراوي مثل مكيفك الذي يجمع بين التقنية الحديثة ولكنه صحراوي التسمية. هذه علامة رمزية في نظام المنزل يقابلها علامات أخرى في الرؤوس، حيث كل واحد منا هو حضري وصحراوي في آن واحد، ولا بأس في هذا، وهو مزيج ثقافي طبيعي في كل الثقافات، غير أن البأس يأتي حينما نرى قيمتين متعارضتين، وهو تعارض لا يماثل وجود خيمة في مدخل قصر، ولكنه تعارض يمس القيم العليا للثقافة ذاتها، وليسأل أحدنا نفسه هل سيفعل مثلما فعلت جرهم وزوجت رجلاً غير عربي وابن جارية، وهل سيفعل مثل رسوله الكريم فيزوج ابنة عمته لمولى ثم يتزوج مطلقة مولاه..؟ طبعاً الجواب بنعم سينم عن رجل يعي شروط التغيير وشروط تبدل القيم، والجواب بلا سينم عن رجل يجعل النسق فوق كل معنى وكل قيمة. ولاشك اننا في هذا الأمر سنظل في منطقة (البين/بين)، وذلك أننا نفرق بين زواج الرجل وزواج المرأة، وشروط تزويج المرأة أقسى من شروط تزويج الرجل، ولا بأس على رجل يتزوج مصرية أو شامية بل أمريكية وألمانية، ولكن ليس للمرأة أن تفعل ذلك حتى ولو كان مسلماً صالحاً ومن أصلح الخلق والشرط عندهم ليس الصلاح وإنما عصبة النسب. وأعجب من هذا أننا في حال المصرية والشامية لا نسأل ولا نهتم بالشرط القبلي، ولكن إذا كانت بنت الجيران وبنت الحارة وبنت من نعرفهم من أهلنا وجماعتنا فإن سؤال الأصل القبلي هو الشرط المطلق والمطبق بلا استثناءات. ثم يزيد الأمر تعقيداً ما وقع من قصص كثيرة عن رجال تزوجوا من عربيات ثم بعد حين اضطروا لتطليقهن مجبرين من أهاليهم بعد أن تبين لهم أن أخوات تلك الزوجات قد تزوجن من سعوديين آخرين من غير بني القبائل فصار العديل غير قبلي، وهذا سبب عند عائلات كثيرة في محاصرة بنيهم وتفريق الرحم وتمزيقه، وكانوا قد رضوا من قبل بزواج ابنهم من عربية، ولكن الخلل جاء عندهم من ذلك التعادل الذي يرونه غير متكافئ وكأنهم لا يعرفون قصة زواج الرسول الكريم من مطلقة مولاه. تلك ثقافة البين بين وهي ثقافة تدل على مدى قدرة النسق في تمثيل نفسه وتلبيس معانيه بقيم مثالية خداعة، فقد يلبس لباس الدين ليفسر النصوص حسب شرطه النسقي وقد يلبس لبوس الثقافة فيدعي صفاء عرقياً مفترضاً وقد يلبس لبوس الأخلاق فيدعي قيماً أخلاقية ذاتية ليس لها برهان واقعي والنفس تصدقه لا لأنها تجهل المنطقي والعقلاني والشرعي، وإنما لأنها تجد أن النسق يعطيها ميزة رمزية بأفضلية ستزول عنها لو أنها أعملت شروط المنطق والشرع وصارت إلى التساوي، وهي مسألة سنناقشها في الحلقة القادمة - إن شاء الله -. ملاحظة: أشكر الدكتور صالح معيض الغامدي على تعليقه على حلقة الأسبوع الماضي (المستعرب)، ولكنني استوحشت من كلمة قالها أحسست معها وكأنه يرى في مقالي بعض مظلمة في الحكم، وهذا هو نقيض كل ما تهدف إليه هذه المقالات فأنا باحث يقف أول ما يقف ضد المظلمة وضد الإقصاء، وفرق عندي بين القبيلة وهي قيمة اجتماعية وثقافية مثلما هي صيغة تاريخية ظرفية، وبين القبائلية أو العصبية وهو مثل الفرق بين الشعب والشعوبية، حيث الشعب حقيقة واقعية وحق إنساني والشعوبية عنصرية وعصبية، ولقد كررت هذا القول وأكرره لأنه محك خطير ومهم وفاصل معرفي وأخلاقي جوهري، وأشرت من قبل مثلما أشير الآن إلى الحديث الشريف أن العصبية هي أن يعين المرء قومه على الظلم، أما محبة القوم فهي ليست عصبية وهي حق وضرورة، أما ما تفضل به الدكتور حول مفهوم المولى عند القبائل فهو يحتاج إلى وقفة مطولة، كما أشير إلى مداخلة عبدالعزيز محمد العنزي حول (الفزعة) وهي مداخلة مهمة لعلي أقف عليها في إحدى المقالات القادمة - إن شاء الله -.
__________________
أَتيـتَ والنـاسُ فَـوْضَى لا تمـرُّ بهم .... إِلاّ عـلى صَنـم, قـد هـام فـي صنمِ والأَرض مملــوءَةٌ جـورًا, مُسَـخَّرَةٌ .... لكــلّ طاغيـةٍ فـي الخَـلْق مُحـتكِمِ مُسَـيْطِرُ الفـرْسِ يبغـى فـي رعيّتـهِ .... وقيصـرُ الـروم مـن كِـبْرٍ أَصمُّ عَمِ يُعذِّبــان عبــادَ اللــهِ فـي شُـبهٍ .... ..... ويذبَحــان كمــا ضحَّــيت َبـالغَنَمِ والخــلقُ يَفْتِــك أَقـواهم بـأَضعفِهم ... كــاللَّيث بـالبَهْم, أَو كـالحوتِ بـالبَلَمِ |
01-06-2007, 09:04 PM | #37 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2006
المشاركات: 51
|
القبيلة والمجتمع (والناس طبقات)
د. عبدالله محمد الغذامي (إذا كنت ذا أصل وأنا ذا أصل فعلى من سأفتخر إذن..؟؟ مشكلة القول بأن الناس سواسية سيضعف حظ النفس في التفاخر على الآخر)- خالد إبراهيم (أفتخر بالدال، أفتخر بالقبيلة، هذا حق لي) - إبراهيم أبوحيمد. هذان تعليقان وردا على الإنترنت / موقع الرياض. وهما معا يضربان على الوتر النسقي بشكل مباشر وصريح، وهما محقان في ذلك بكل تأكيد وقراءتهما للحالة الإنسانية صحيحة، ومن شأن الذات البشرية أن تكون فخورة بشخصها أولاً ثم بمرجعياتها العائلية والمكانية والسلالية والثقافية، وأي شخص عربي بل وأي شخص إنجليزي أو ياباني أو تركي له ولهم من السجل التفاخري ماهو كبير وعريض، والشعر والحكايات قامت على هذا المعني وكل الملاحم الأدبية من الإلياذة والشاهنامة وعنترة وأبي زيد الهلالي هي مدونات في ثقافة النسق. وهي لم تخلق النسق ولكنها حملته في رحمها وأرضعته ثم أطلقته ليدرج في الحياة، وما قرأ أحد منا سيرة عنترة أو الهلالي إلا وتماهي معه أو معهما وتصور نفسه في بعض المواقف، وفي الدراسات الثقافية ما يكشف عن سيرة القراء مع النصوص المقروءة وفي ذلك نتائج مهمة تدل على مقدار تماهي القراء مع المقروء حتى لقد سجلت وقائع بعضها إيجابي من مثل شفاء بعض الحالات النفسية حتى قامت نظرية علاجية نفسية تسمى العلاج بالشعر ومن مثل تحول بعض القراء من كائن سلبي إلى كائن إيجابي بسبب فعل التماهي النصوصي، وأقربه للأمثلة تحول القارئ إلى كاتب مبدع بما إنه اتخذ النصوص نماذج عملية وعقلية له، والعرب يقولون: كل إناء بما فيه ينضح، وهناك نماذج سلبية أيضاً مثلماً كشفته دراسة عن عدد الذين انتحروا بعد قراءتهم لآلام فرتر لجوته. وهناك حوادث بعضها مسجل في المحاكم عن حالات مطالبة بتعويض نتيجة لتصور الأهل بأن سبب ما حدث لأبنائهم هو تأثرهم ببعض المقروء أو المشاهد سينمائيا أو المسموع موسيقيا، ويكون قد تسبب في حال انفعالية بالغة أدت إلى حدث مأساوي يرى الأهل مقاضاة المتسبب فيه. هذا استطراد أبعدني قليلا عن موضوعي ولكنه يساعدني على طرح فكرة التماهي الثقافي، واستهلاك الصيغة النسقية هو واحد من هذا التماهي. وكل مولود يولد منا يبدأ تاريخه الثقافي من مجلس أهله في البيت وهناك يبدأ في تلقى دروس خصوصية في النسق، ولي أن أضع نفسي على المحك، وأنا كنت من صغري أسمع كلام مجالس الكبار تحكي عن أمجاد أهل عنيزة وعن شجاعتهم وعن أشعارهم وفرسانهم، وعن تميز رجالاتهم وانفتاح مجتمعهم، وتعلم نسائهم قبل أي نساء في الجزيرة وعن ترحالهم في الهند والعراق، وأن أول مدرسة حديثة كانت عندنا، وأن مشائخنا كانوا سباقين في وعيهم وفي ثقافتهم وأن الإدارة التأسيسية في الدولة قامت على أبناء هذه المدينة، وكنا نسمع قصص الفارس زامل السليم والشاعر الخياط وقصيدته عن عنيزة: هاذي عنيزة ما نبيعها بالزهيد - وهي أشبه ماتكون بنشيد وطني تاريخي، ومثله قصيدته العظيمة: يا ديرتي ما لك علينا لوم - لومك على من خان، ولقد أخطأ بعض الرواة ونسبها لسلطان الأطرش والصحيح أنها للخياط وكان العقيلات من أبناء عنيزة يرددونها وهم في الشام وهناك تخلقت الرواية المتداخلة. ومثل أولئك كان الشاعر محمد العبدالله القاضي والداهية صالح العثمان، ويتوجها الشيخ السعدي. وهم ليسوا مجرد أسماء ولكنهم حكايات وقصص وتواريخ ومخيال ثري وعميق، يفضي إلى تصور ببيئة عنيزة على أنها بيئة منفتحة ومثقفة ومتطورة من وقت مبكر، وأنها بيئة إبداعية إضافة إلى عناصر الشجاعة وسجلات الحروب ومثله الكرم والجوار وهبة الريح وفن السامري وهو الفن الذي يتشربه كل مولود في تلك البيئة. ولابد أن أذكر هنا أن السجل التفاخري ذو مرجعية مكانية/ مدنية، والقبيلة ليست شرطاً فيه، وفارس عنيزة وشاعرها العملاق الخياط لم يكن ابن قبيلة ولكنه ابن المكان والزمان وهو مثال على صيغة ثقافية مدنية كما أنه مرجعية وجدانية نموذجية لكل المكونات. وهذا كله رصيد معنوي عميق ورأسمال رمزي يملأ خيال أي طفل وينمو معه حتى ليصبغ صورته في العالم ويشكل مقامه في ذاته وفي عالمه. كنت أسمع هذه القصص وأختزن هذه المعاني ومزيدا منها، خاصة حينما أقابل أحدا في الرياض أو في جدة وحينما يعرف أنني من عنيزة يبدأ في ترديد نوع من الثناء الذي صار شبه نمطي عن انفتاح أهل عنيزة وعن مقولة الريحاني عن باريس نجد، وكان المرحوم محمد حسين زيدان لايكل عن ترداد هذه القصة وعن تبجيل ذاكرة عنيزة. وهي كلها ضرب على حديد الذات في أعمق أحاسيسها الانطباعية. مما يعزز من الرأسمال الرمزي لدى الفرد ويقويه. ولاشك أن كل شخص في كل بيئة أخرى قد مر بما يماثل ذلك سواء كنت ابن مدينة أو كنت ابن قبيلة، ولاشك أن هذا سيشمل فيما يشمل العائلة وبعض أجدادك، وتاريخ أسرتك. ومن عاداتنا الاجتماعية أننا إذا سألنا شخصاً عن نفسه أو عن أهله نبادر مباشرة بالتنعيم عليه وعلى أهله وإذا سلحتنا الذاكرة بشيء من القصص عن جماعته فإننا نبادر بذكرها لأنها تعطينا قيمة لحظية في أننا نعرف أولاً وفي أننا نقدر ثانياً مثلماً يسهم هذا في تأسيس حال من التلاقي الأخوي وكأنها مسألة علاقات عامة وتواصل تأسيسي. وهذه أولاً حكايات ممتعة وهي ثانياً تربية اجتماعية تحفيزية على اتخاذ النماذج، وهي ضرورة حكائية لأنها لو لم تكن لما قامت المجالس ولأغلقت الصوالين، وكل ذلك فوائد، ولكنها تنتهي أخيراً لتكون في سجل المدونة النسقية، ويستغلها النسق لمصلحته فيو همك بأنك الوحيد الذي تملك هذا السجل من الفخر وأن غيرك لايملك سجلاً مماثلاً. والأدهي أن النفس البشرية تقاوم التماثل هنا فتجنح - كما ذكر القارئ- إلى نفي أي تماثل، ولو قال قائل لي إن بلدانا أخرى غير عنيزة تملك سجلا مماثلاً لما قلته عن عنيزة فالذي يجري أن قبول هذه الدعوى سيحرمني من رصيد وجداني ومن قيمة رمزية أنتمي نفسيا إليها، وهي قيمة إضافية تعطينا مكسباً إضافياً، وسلبها مني كأنما هو سلب لقيمة شرفية قد تبلغ حد الخطر، وهو خطر نفسي في الغالب، وقد يكون خطراً مادياً، وقد حدثت حوادث تشير إلى أن سلب حقوق الناس في التفاخر تؤدي الى نتائج دموية. وهذا دليل على التماهي مع ثقافة الذات حد الانتماء للقصص وتمثلها كقيمة عضوية. هو النسق - إذن - وهو تكوين ثقافي ووجداني، وليس تكوينا عقلانيا، ولا يمكن حله بالطرق العقلانية، ومهما قلنا انه مناف للعقل فإننا لن نصل الى حل للمشكل وذلك لأن المشكل وجداني وليس عقلانيا. ولكن الذي يجري عادة في الثقافات هو تحول نظام التفاخر من صيغة الى صيغة، وبدل افتخاري بعنيزة وانتمائي الوجدان لها سيتحول هذا المعنى ليكون أكثر شمولية ويعم الوطن او الثقافة او الانتماء الفكري والمهني، كأن يكون انتمائي للمؤسسة الاكاديمية او لتوجه ثقافي، او يكون انتماء لجماعة ثقافية او سياسية او مهنية، وهنا لا تتنازل الذات عن حقها في الانتماء ولا عن حقها في التفاخر ولا عن شرطها النسقي، ولكنها توسع هويتها بناء على أمرين، هما توسع مدركاتها، ثم توسع مصالحها، وهذان عاملان مهمان في تغيير الهويات وتحويلها من حال الى حال، واذا تغيرت الهوية الذاتية بناء على تحول الحال فإن التاريخ الذاتي الاول سيصبح ثقافة وذاكرة فيما تصبح الذات قيمة علمية، ويكون التجاور فيما بين العملي والوجداني، ويستطيع البشر عمليا الجمع بين البعدين، وهو ان تكون منتميا لوطن او لجماعة فكرية او غيرها وفي الوقت ذاته لك ذاكرة وجدانية هي مثل السيرة الذاتية ولكنها لا تمس القيم العملية ولا شروط الانتماء الجديد ولا تمس حقوق التعايش السلمي بين الفئات حيث ان توسع الانتماء يجعلك في محيط متنوع لا يمكن ان تسير فيه بإيجاب ما لم تتماه مع صفاته الكلية. ولاشك ان الصراع سيكون قويا بين ما تملك النفس من رصيد فئوي وما تكتسبه من قيم جديدة، ولذا يلاحظ على المهاجرين انهم لا يندمجون مع البيئات الجديدة الا بعد جيلين او اكثر حيث ينبت الجيل الصاعد في منابت البيئة الجديدة ويكتسب خصائصها بعيدا عن تأثير المنابت الاولى. ولذا فإن عمليات التجنيس تتم بعد اشهار القسم بالولاء للبلد المضيف كما انها تشترط سنوات من الاقامة وهي امتحان على تحقق التحول المطلوب، ولو كنا نحتاج الى قسم مماثل كشرط لتحولنا من بيئة فئوية الى وطن شامل لرأينا العجب في طريقة صياغة هذا القسم، وليجرب كل واحد منا كيف يمكنه ان يقسم على نفسه بأن يتحول بولائه وهواه وجسده ونفسه الى البنية الوطنية، وهو تحول عسير يحتاج الى مؤسسات مجتمعية تملأ وجدان المتحول، وتعطيه معنى عملياً وعقلانيا يساعده على كسر هذا التحول العسير. ولا شك أننا قد مررنا بتحولات كبيرة وقوية، وصاحب هذه التحولات بعض انكسارات، وهي انكسارات سأحاول التحدث عنها في مقالات لاحقة - إن شاء الله -.
__________________
أَتيـتَ والنـاسُ فَـوْضَى لا تمـرُّ بهم .... إِلاّ عـلى صَنـم, قـد هـام فـي صنمِ والأَرض مملــوءَةٌ جـورًا, مُسَـخَّرَةٌ .... لكــلّ طاغيـةٍ فـي الخَـلْق مُحـتكِمِ مُسَـيْطِرُ الفـرْسِ يبغـى فـي رعيّتـهِ .... وقيصـرُ الـروم مـن كِـبْرٍ أَصمُّ عَمِ يُعذِّبــان عبــادَ اللــهِ فـي شُـبهٍ .... ..... ويذبَحــان كمــا ضحَّــيت َبـالغَنَمِ والخــلقُ يَفْتِــك أَقـواهم بـأَضعفِهم ... كــاللَّيث بـالبَهْم, أَو كـالحوتِ بـالبَلَمِ |
الإشارات المرجعية |
|
|