تمر السنون على الفتيات فلا يجدن ما يشغلهن بلذيذ الحياة , وتبقى دموعهن على خدودهن كلما لاح في خيالهن فارس الأحلام المنـتـظر , وأخشى ما أخشاه ألا يأتي ذلك الفارس , إذ يحل عنه سارق العذارة بلا وجه حق ! !
كثير من الفتيات يجهلن التطور الاجتماعي الذي غزى مجتمعهن , ولا يجدن بأسًا في أن يهملن هذا التطور وما أحدثه في نفسياتهن , فلا يفكرن فيه , ولا يلتفتن إليه , ولا يعبأن به , فحالهن كما حال الشاة التي تُقاد إلى مصرعها بحفنة من الكلأ !
عذابات السنين تجتمع في أخلادهن حين يلوح في أفق شبابهن الوردي , وتغرس مصائب الليالي الجوفاء في أفئدتهن بلا انقطاع , وما كنت أحسب أن تبقى الفتاة على حال السكون بلا ردود أفعال لما يعتريها في تلك الليالي الجسام بالخطوب والصروف الموحلة بالحزن , فإذا قلبها بائس أرق من تلك الطعون , فإنك - عزيزي القارئ - لتجد علامات الأرق في محياها كلما نظرت في وجهها لو قُدّر لك أن تراه !
إنهن فتيات قلما يصمدن في وجه زماننا العصيب اليوم , فكان أن ضجت غرفهن بالبكاء في كل ليلة , يبكين ويندبن حظهن الضائع , ويتألمن من مجتمعهن الذكوري , فيرحن صارخات في وجه الزمن , ومن خلفهن شبح العنوسة قد اختبأ تحت وسائدهن !
إنهن من خشب حين تكون الواحدة منهن عُرضة لنتوءات المجتمع الذي طالما ظلمهن , فلا يبلثن كثيرًا حتى يفسد زواجهن إن تزوجن , ويملن إلى الانتحار إن لم يوفقن بفارس الأحلام على صهوة جواد أبيض !