[يوسف المصري]

بينما يصمد العراقيون في مواجهة عدوان امريكي متوحش، ويدافعون عن شرف هذه الامة وكرامتها برجولة، ويجبرون قادة التحالف علي الاعتراف بفشل مخططاتهم العدوانية، بسبب هذه المقاومة الشرسة، والوحدة الوطنية العراقية الرائعة، يخرج علينا الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي بمبادرة جديدة تطالب الرئيس العراقي بالتنحي وتسليم بلاده للقوات الغازية.
لا نعرف سبب هذا الادمان السعودي علي اطلاق المبادرات التي تهدف الي تثبيط عزائم العرب، ودفعهم الي الاستسلام، والرضوخ للأوامر الامريكية والاسرائيلية، وتنفيذها بالكامل دون مناقشة.
فقبل اقل من عام اطلقت الحكومة السعودية مبادرة التطبيع الشهيرة، وفرضت علي القمة العربية تبنيها اثناء قمة بيروت، ولم تعش هذه المبادرة اكثر من يومين فقط، حيث سحقتها الدبابات الاسرائيلية، التي اعادت احتلال الضفة الغربية وفرضت الحصار علي الرئيس الفلسطيني، بعد تدمير ثلاثة ارباع مكتبه في مدينة رام الله.
ليس من حق المملكة العربية السعودية التقدم بمبادرات، او طرح افكار تتعلق بالشأن العراقي، لانها طرف في العدوان علي العراق اولاً، وتنطلق من اراضيها الطائرات والصواريخ، ولانها لا تقيم أي علاقات دبلوماسية مع العراق ثانياً، وفوق كل هذا وذاك لم تعد تملك المكانة التي كانت تتمتع بها في السابق واكتسبتها عندما كانت تستخدم سلاح النفط في معارك العرب ضد الاعداء.
الحكومة السعودية تدخلت في الشأن العراقي عندما كانت تسعي، باعتراف رئيس مخابراتها السابق الامير تركي الفيصل، لترتيب انقلاب عسكري يطيح بالنظام الحالي في بغداد، وعندما فشلت في مسعاها هذا تريد من الرئيس العراقي ان يتخلي عن قيادة الصمود والمقاومة للعدوان، ويذهب الي ملجأ آمن في الخارج تحت ذريعة حماية الشعب العراقي ووقف الحرب.
ہہہ
ومثلما نستهجن هذه المبادرة السعودية نشعر بالأسي لمبادرة اخري اطلقها الرئيس المصري حسني مبارك تتحدث عن قيام نظام عربي جديد علي اسس عصرية جديدة، فأي نظام يريد اقامته الرئيس مبارك، وهو الذي يسمح للاساطيل الامريكية المشاركة في العدوان علي العراق بعبور قناة السويس في وضح النهار.
فالحديث عن نظام عربي جديد يتزامن مع الهجوم الاعلامي المصري الرسمي علي سورية والعراق، واحاديث كولن باول وزير الخارجية الامريكي عن اعادة رسم خريطة المنطقة وفق اسس جديدة ترسخ المصالح الامريكية.
النظام العربي الجديد الذي يتحدث عنه الرئيس مبارك لن يكون متناقضا مع الرؤية الامريكية للمنطقة، والدول التي سيتم استبعادها منه ليست دول الخليج والسعودية والاردن المتواطئة في العدوان بطريقة أو بأخري، وانما سورية وليبيا ولبنان والسودان، وهي الدول التي اعترضت علي العدوان، وطالبت بتطبيق معاهدات الدفاع العربي المشترك تجاه العراق والعدوان الذي يتعرض له.
فاذا كانت الحكومة المصرية تريد نظاماً عربياً جديداً مواجهاً للعدوان الامريكي ومخططاته لشاهدنا قوات مصرية تتحرك لنصرة العراق، واغلاق قناة السويس امام الاساطيل الامريكية والبريطانية، والسماح للأسود المصريين التظاهر في الشوارع، وليس داخل الاقفاص والملاعب الكروية المحكمة الاغلاق. ولكن النظام الذي تريده، وتعمل من اجله، وتبشر به، هو نظام امريكي صرف.
ہہہ
الحكومة المصرية تستطيع قيادة الأمة، بل هي الأكثر تأهيلا لهذه القيادة، شريطة ان تكون في الاتجاه الصحيح، اتجاه الدفاع عنها ومصالحها في مواجهة الهيمنة الامريكية الاسرائيلية.
اما عندما تصمت القيادة المصرية علي الجرائم الاسرائيلية ولا تغلق سفارة، او تطرد سفيراً، وتمارس ضغوطاً علي الفلسطينيين من اجل وقف العمليات الاستشهادية، وتوجه دعوة الي ارييل شارون لزيارة القاهرة مكافأة له علي اعادة احتلاله للضفة الغربية وقتله ثلاثة الاف فلسطيني من ابناء الانتفاضة، فان هذه القيادة غير مؤهلة، لوضع نظام عربي وطني جديد.
للذين يريدون ان يقيموا نظاماً عربياً جديداً علي انقاض النظام العراقي الصامد المقاوم، وتنفيذاً لاوامر امريكية ـ اسرائيلية نقول تنحوا جانباً، واتركوا هذه الأمة تواجه اقدارها وغزاتها بشجاعة ورجولة، وعليكم ان تتواروا خجلاً بسبب مؤامراتكم عليها، وتواطئكم مع اعدائها.
فكل زعيم عربي، وهم بالمناسبة جميعاً قادة عامون لقواتهم المسلحة، يري بغداد تقصف بالصواريخ الامريكية، ويشاهد جماجم اطفال البصرة، وقد تحطمت بفعلها، ولا يتحرك، او يحرك قواته لنصرة اشقائه، هو الذي يجب ان يتنحي، قبل ان تجبره الجماهير الغاضبة علي ذلك.


المصدر

http://www.alquds.co.uk/index.asp?fn...????%20??..fff