[فارس الأندلس]

بسم الله الرحمن الرحيم
وقفة مع جريان وادي الرمة
بحمد الله تعالى جرى وادي الرمة( شيخ الوديان ) في
الأيام الماضية ، وهذا لاشك أنه من رحمة الله تعالى بعباده ،
قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ
رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ) سورة الشورى
ورأينا انجفال الناس إليه من كل حدب وصوب ،
وخرجوا ينظرون ، ويستمتعون ، ويشكرون ،
ويحمدون الله على هذه النعمة .
لكني لَمّا رأيت تجمهر الناس بهذه الكثرة العظيمة ، التي لم
يسبق لها مثيل في تاريخ الوادي ، لَمّا رأيت ذلك ،
وقارنته بما لوخرج الدجال،
كيف يكون حال الناس وانجفالهم إليه ؟
فإن الوادي ماء يجري ، وليس شيء مما يخرق العادة ،
وقد جرى قبل ذلك ، ورءاه الناس ، ومع ذلك خرجوا
بكل قوة وكثرة ، وبهذا العدد الضخم .
هذا هو الذي يلفت النظر في الوادي .
أمّا لو خرج الدجالالذي هوأعظم فتنة تمرّ على وجه
الأرض منذ أن خلق الله الخليقة ـ ومع ذلك ـ يخرج
في حال ضعف الإيمان ، إن لم يكن انعدامه ،
والأدهى من ذلك والأمَرّ، والفتنة العظمى ،
والمصيبة الكبرى ، هي :
أنه يأتي معه بآيات وعلامات خارقة للعادة ، كل الناس
يعلمون أنه لا يقدر عليها إلا الله جل جلاله .
فإن الدجال يقول للسماء أمطري فتمطر ، ويقول للأرض
أنبتي فتنبت ، ويأمر الخربة فتخرج كنوزها ،ويقتل الرجل
ويحييه ، كل هذا أمام الناس ، وهو شيء حقيقي وليس بسحر
( لكنه كله بتقدير الله تعالى ) ، وأيضا معه جنة ونار فناره جنة ،
وجنته نار ، ومعه جبال الخبز ، ويمشي في الأرض بسرعة هائلة ، والناس يتبعونه . . . .
( كل هذا ثابت في الأحاديث الصحيحة )
هل تتصور أن أكثر الناس الذين خرجوا للوادي ينظرون
إليه ، أنه سوف يكون عندهم تردد بالخروج
إلى الدجال إذا خرج ؟ ما إِخَال ولا أظن ذلك .
أنظر إلى حال الناس عند وجود عروض معينة عند
أصحاب المحلات ، أو فتح محل جديد ( ملابس أو مطعم
أو ألعاب أو مخيمات . . . ) ، أو عروض في الصيف ،
أو حدث غريب كجريان الوادي ، واخضرار الأرض . . . الخ .
أنظر إلى حالهم ، تجد الناس يأتون إليه من كل حدب وصوب .
ولا شك أن الدجال شي غريب ، وما يأتي به أغرب .
لكن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ في الحديث الذي
رواه عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ، قَالَ ( مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ، فَلْيَنْأَى مِنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ
ثَلاثًا فَإِنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيَهِ فَيَحْسَبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَرَى مَعَهُ مِنَ
الشُّبُهَاتِ فَيَتْبَعُهُ ) . رواه أبو داود وقال الشيخ الألباني : صحيح
فالله المستعان
أسأل الله أن يحفظنا من بين أيدينا ومن
خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ونعوذ
بعظمته أن نُغتال من تحتنا
آمين آمين