[الـصـمـصـام]

بسم الله الرحمن الرحيم


إذا كانوا يقولون أن المرأة نصف المجتمع ، فأنا هنا أقول : أنها حديث كل المجتمع ، هاهي المرأة اليوم تشكل موضوعاً في غاية الحساسية ، على كافة الأصعدة ، و هي بوابة الأهداف لكل توجه يريد فرض نفسه على محيطه ، و من أجل هذا تنبه أصحاب المشاريع الفكرية و التنموية إلى دور المرأة ، في توجيه مساراتهم ، بل و قياديتها .

إن للمرأة قصصا في التاريخ ، و هي في عصرنا اليوم ميدانٌ لمعارك ، بل و حروب عالمية فكرية ، كل هذا يجسد لنا إيمان الإنسان بدور المرأة ، و مدى تأثيرها على البيئة ، و هنا في بلادنا تعيش المرأة الآن بين فكين ، أو بين مطرقة و سندان ، و الكل يهتف باسم الحقوق ، ففئة شاهدت صوراً من انتهاك الحقوق للمرأة ، و وقفت على مآسي تنتهك أنوثتها ، فثار الأشقياء منهم و لكنهم داووا الحُمى بالطاعون ، فسعوا لجعلها نسخة من فتيات الغرب ، ممن لا يدينون بدين ، و لا يعترفون بعرف ، و لا يتحلون بمكارم ، و لكي تسير بلا حدود تردع ، و لا حياء يمنع ، فراحوا يدعو إلى ما دعت إليه اتفاقية السيداو التابعة للأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال التميز بين الرجل و المرأة ، و التسوية حتى فيما فرق الله بينهما فيه ..!

و هؤلاء المتغربون ، و إن كانوا لا يعلنون ذلك صراحة ، إلا أنهم يعلنون شيئاً من ذلك باسم التحرير أو ضمان الحقوق ، و تجاهلوا المقدمات المنطقية العقلية التي تدل على عواقب وخيمة ، و جناية على المجتمع إذا ما تبنى مظاهر التسوية أو شيئاً منها . و لعل الواقع القريب يشهد بمرارة مآل هذه المظاهر ، فقد جاء في صحيفة المدينة و غيرها في تقرير معلن أن الإصابات بمرض الإيدز عام 2007م قد بلغت 11510 ثم ارتفعت في عام 2008 لتكون 12652 أي بما يزيد عن 1142 حالة جديدة ، و بنسبة 45% ناتجة عن علاقات محرمة .

و هنا يدعو البعض ممن حرمه الله النظر الصحيح الثاقب ، إلى اللحاق بركاب المساواة ، و تقلد بعض مظاهر التحرير - كما يزعمون - و هؤلاء صم بكم عن الحقائق ، و إن الإنسان ليتملكه العجب وهو يسمع هذه النداءات لا تزال تتعالى في وقتٍ قد ظهرت فيه حقائق مخزية تبين فشل دعواهم و بطلانها ، شرعاً و عقلاً و فطرةً وواقعا ، بل إن [جورباتشوف] - آخر رئيس للإتحاد السوفييتي – ذكر في كتاب له عن البروستريكا أن المرأة بعدما اشتغلت في مجالات الانتاج و الخدمات و البناء ، لم يعد لها وقت للقيام بواجباتها اليومية ، من أعمال المنزل و تربية الأطفال . و قال أيضاً : اكتشفنا أن مشاكلنا في سلوك الأطفال و الشباب ، و في معنوياتنا و ثقافتنا و إنتاجنا تعود جميعاً إلى تدهور العلاقات الأسرية ، و هذه نتيجة لرغبتنا الملحة ، و المسوغة سياسياً بضرورة مساواة المرأة بالرجل .!

إنه أنينُ مَن ذاق مرارة المأساة ، و عاش ويلات الانقلاب على الفطرة الإلهية ، و السنة الشرعية ، و لقد ترتب على ذلك في الولايات المتحدة دخول المستشفى أكثر من 5600 طفل في عام واحد متأثرين بضرب العاملات لهم ، و نسبة كبيرة منهم أصيبوا بعاهة ..

إن المرأة أيها الأكارم أصبحت في عصرنا و في بلادنا أرضا للمعركة ، و سلاحاً لها ، و لقد كُثفت الجهود ، و حُشدت الحشود ، لاقتحام البوابة الأولى للتغريب ، وهي المرأة ، فإذا فسدت المرأة فقل على مجتمعك السلام ، فلنكن على قدر كبير من الوعي و النباهة ، و نسعى جاهدين للتوعية و التوجيه ، و التحصين لهذا المجتمع من أي ثغرة يمكن أن يُخترق من خلالها ، سيراً على مراد الله ، الذي خلق الرجل و خلق المرأة ، وهو العالم بما يصلح لما خلق .
{ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }

سبحانك ربنا سمعنا و أطعنا
اللهم فرّج همي ..

أخوكم / عبدالله