بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » حـصـاد الإنـتـرنـت » الـحـقـبـة الجــاهـلـيـة،، مـن بـعـثـهـا مـن مـرقـدهــا؟!

حـصـاد الإنـتـرنـت حصاد شبكة الإنترنت و المواضيع المنقولة

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 18-12-2008, 11:19 AM   #1
من دلعكـ
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 319
الـحـقـبـة الجــاهـلـيـة،، مـن بـعـثـهـا مـن مـرقـدهــا؟!

من أخطر الأشياء في حياة المسلمين الفتاوى التي يتلقونها من أهل العلم، فعليها يتوقف صلاح العبادة، ومسار الكسب، وكيفية السلوك ومنهاج الفرد والجماعة؛ لذا يحرص العلماء على إعطاء الفتوى الصحيحة الدقيقة الراجحة التي يوقنون بمدى صحتها ومناسبتها للشأن المستفتى حوله.. حتى إن بعضهم لا يفتي إلا من خلال الاطلاع على نص شرعي مكتوب؛ سواء من مصدره الأصلي «الكتاب أو السنة» أو من مصدر منقول عن أصل؛ سواء عن أحد الأئمة أو الدعاة أو أصحاب المذاهب المعروفة لعامة المسلمين، فتجد هذا النوع من العلماء حذراً ودقيقاً في فتواه خشية أن يعطى السائل فتوى يكون في جزء منها ما يفتن أو يحدث تجاوزاً، فبعضهم يحمل الكثير من الفتاوى معه في حله وترحاله؛ خاصة الفتاوى حول الأشياء المتكررة في حياة الناس من العبادات والفرائض وما يخص الأحوال الشخصية، ليس عجزاً عن ا لحفظ ولكن تبرئة للنفس وخشية الزيادة أو النقصان أو اللبس الذي يُحْدِثُهُ اختلاف المفردات والألفاظ.

هكذا كان ينظر العلماء والدعاة للفتوى وهم يدركون خطورتها ويترددون كثيراً قبل أن يشرعوا في أي فتوى.. ولكن تغيّر الحال اليوم كثيراً، واعترى الفتاوى ما اعترى الكثير من أوجه الحياة.

وما كان ينبغي أن يحدث ذلك، فهذا أمر عظيم من أمور الدين يجب ألا يترك للاجتهادات الفردية، وألا تتنازعه الأهواء والأمزجة وأن يخلو من المعيارية والرقابة والإجازة والإجماع والمرجعية.

من يتابع وسائل الإعلام بمختلف أنواعها ومشاربها ومسمياتها اليوم يدرك مدى الخطورة التي نقف على حافتها، ومدى التهاون الذي يبديه بعض المنتسبين للعلم، ومدى التساهل الذي تسير عليه الفتاوى، لقد كثرت الفتاوى التي تثير الشك والتساؤل والغرابة، وكثر من يستسهلون الإفتاء من بعض الدعاة ومدعيّ العلم، أو من ينصّبون أنفسهم دعاة وعلماء وأصحاب فتاوى.

لقد فاضت الفضائيات من أمثال هؤلاء، فإذا جلست أمام بعض شاشاتها تسمع العجب العجاب، تجد عالماً لم تسمع به من قبل، وفتوى غريبة، وفيها من التساهل ما يثير الشك ويبعث الريبة ويجعل المرء ينظر لواقع هذا الصنف من العلماء أو «المتعيلمين» نظرة إحباط وصدمة، وهذا أسوأ شعور يمكن أن يسيطر على المرء وهو أمام أحد أهم الأمور الشرعية.

الكثير ممن ظهروا من خلال إقامة محاضرات أو ندوات أو دروس في بعض المساجد والمنابر العلمية فجأة أصبحوا من أصحاب الفتاوى «حسب الطلب» وفتاوى العصر، و «الجمهور عايز كدا» وهذا مؤسف للغاية أن ينصّب المرء نفسه مفتياً حسب رغبة السائل أو المستفتي، ويتساهل في الإفتاء الذي تترتب عليه أمور خطيرة منها ما هو مكروه، ومنها ما هو بدعة، ومنها ما هو حرام وشرك؛ لكن التساهل في هذا الشأن يفتح الباب على مصراعيه للعبث بأمور دين المسلمين ويحدث فتنة في مسار حياتهم الدينية؛ لأنهم درجوا على سماع الفتاوى من أفواه العلماء المحققين المجتهدين المتبحرين في العلم العالمين بقواعد الفتاوى وأصولها ومنهجها.

البعض من العلماء «وللأسف الشديد» يستشفون رغبة المستفتي ويحاولون إرضاءه بالفتوى ويسهلون له مراده من خلال المراوغة والتحايل على الفتوى، والارتكاز على نادر القول وضعيفه، فتنزل الفتوى باردة على نفس المستفتي فيشكر المفتي «المزعوم» وهو لا يكاد يصدق أنه وجد فتوى ورخصة تجيز له ما ترغب فيه نفسه..

ما هكذا تؤخذ الفتاوى.. ولا هكذا يستفتى العلماء في أمور خطيرة تمثل جوهر الدين؛ خاصة في مسائل البيوع والمعاملات والربا والمرابحات.. لقد تشابكت وتعقدت العلاقات الاقتصادية والمالية والشراكات والديون والأقساط وهذا فتح المجال واسعاً أمام الذين فتحوا خزائن الفتاوى وصاروا يكيلون لكل من يرغب بلا قيد ولا رقيب ولا معيار، إنها كارثة بحق وحقيقة أن تصل أمور الدين إلى هذا الحد.. فتاوى غريبة باتت تطفو على السطح يرفع بها بعض من يسمون أنفسهم علماء، وأخذت تسبب بلبلة وإرباكاً للناس؛ خاصة فيما يتعلق بما هو معلوم من الدين بالضرورة، وخطورة مثل هذا الفتاوى لا تقتصر فقط على ما تحمله من تساهل وخلط للأوراق، وتناقض مع ما يفتي به علماء آخرون لهم باعهم في مجال العلم والفتوى بل يمتد الأثر للإضرار بالدعوة، وعرقلة مسارها في ميادينها المختلفة، وفي شتى الأقطار والمجتمعات المستهدفة في قارات العالم المختلفة؛ حيث تعطي فرصة للمتصيدين للأخطاء والتناقضات ليستشهدوا بها ضد رجال الدعوة، ويبرهنوا على وجود تناقضات في متون الدعوة وأصولها ومن بينها الفتاوى.

أما على مستوى التأثير على المسلمين أنفسهم، وما يحدثه ذلك من اضطراب وبلبلة فإن العلماء قادرون على تبيان الحق وتجاوز هذا الجانب.. ولكن لن يستطيعوا ذلك ما دام الباب مفتوحاً بلا قيود، وما دام الأمر متروكاً بلا معايير وأنظمة وقواعد.. الأمور - ما لم تضبط- آخذة في الانفلات، ومتجهة نحو الفوضى والفتنة، وهذا الانفلات وهذه الفوضى قد تكون مقبولة أو سهل التغلب عليها حينما تتعلق بأمر من أمور المعاش واحتياجات الحياة الدنيوية؛ لكن الأمر عندما يتعلق بأمور الدين فلا مناص من الوقوف في وجهها وتطويقها وإيقافها عند حدها.. وهذا واجب العلماء والدعاة والجهات المختصة في كل البلدان الإسلامية أن تضع نظاماً يمنع الفتوى إلا عبر القنوات الشرعية المجاز لها الإفتاء بإجماع أهل العلم، وبالاستناد على الأدلة الشرعية.. وذلك لمنع التغول على الإفتاء وسد الذرائع والثغرات التي تنفذ من خلالها الفتاوى المثيرة للبلبلة والإحباط والمتساهلة في أمور لا يجب التساهل معها ما لم يرد ذلك في أحد مصادر التشريع..

من دلعكـ غير متصل  


 

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 03:30 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)