|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
العدل في الأقوال والأحكام !!
من أبرز مؤثرات العدل في الأحكام والأقوال : المحبة , والبغضاء .
فالمحبة تؤثر في العدل , لأن مُصْدِرَ الحكم على محبوبه سواء أكان من أقاربه أو من أصدقائه , أو من محبيه سيكون حكمه في الغالب غير محايد ولا منصف , لأنه سيميل مع مَنْ يحب . والعكس صحيح , فالعداوة والبغضاء تُعمي الإنسان عن قول الحق في عدوه ( إلا ما رحم ربي ) , وتجعله ينتقص من قدره , ولا يؤمن بما لدى خصمه من فضائل أو مكتسبات , وما أجمل قول الشاعر وهو يصف هذه الحالة البشرية فيقول : وعين الرضا عن عيب كليلة ’’’ ولكن عين السخط تبدي المساويا ولذلك جاء الإسلام بالأمر بالعدل والنّصَف في الأحكام والأقوال , مشدداً في الخطاب الشرعي على مراعاة العدل أمام هاتين الحالتين اللتين ذكرتهما آنفاً , وهما حالة المحبة وحالة العداوة . دعونا نتأمل الآيات القرآنية الكريمة التي تحدثت حول هذا الموضوع لنرى أهمية إقامة العدل على كل حال . قال الله تعالى : { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } (152) سورة الأنعام . فأمرَ الله تعالى بالعدلِ ولو كان هناك ما يُنقصه , وهو القرابة , وهذه الآية من الوصايا العشر الواردة في سورة الأنعام التي تحث على العقيدة والخلق القويم . وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (135) سورة النساء فانظروا كيف أمر الله بالعدل والقسط , ولو على الأنفس والوالدين والأقربين , وبيّن سبحانه أنّ عدم إقامة العدل مع هذه الطائفة إنما هو من اتباع الهوى ( فلا تتعوا الهوى أن تعدلوا ) أي فلا تتبعوا الهوى بأن لا تعدلوا , ومن أعرض عن العدل فإن الله تعالى خبير بعمله , وهو سبحانه قادر على أخذ الحق منه . هذا ما يخص الحالة الأولى ( حالة المحبة والقرابة ) . أما الحالة الأخرى وهي حالة العداوة والكراهية فأشارت إليها الآية الكريمة التالية : قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} (8) سورة المائدة . بعدما أمر الله بالعدل والقسط أول الآية نهى سبحانه عن ترك العدل بسبب بغض قوم أو عداوتهم , بل يجب عليكم أن تعدلوا إن كنتم من أهل التقوى وتريدون أن تتقربوا إلى الله بها . وتأملوا معي النهي ( ولا يجرمنكم ) حيث أتى بالفعل المضارع المؤكد بنون التوكيد الثقيلة ليدل على عِظم الأمر وجلالة خطره . ثم الأمر المباشر بالعدل : ( اعدِلُوا ) مذيلاً بالعلة وراء هذا الأمر ( هو أقربُ للتقوى ) . وقد ختمت الآية بالوعيد بمثل ما ختمت به الآية السابقة ( آية النساء ) حيث بيّن سبحانه أنه خبير بما تفعلون من عدم إقامة العدل , وتغليب الهوى على الحق . ولا تُعرَفُ حَقِيقةُ العَدْلِ من شخصٍ إلا حين يختَبَرُ أمام تلكم الحالتين , أمّا العدلُ بلا رغبة أو رهبة وبلا محبة أو عداوة فكلٌّ يستطيعه . فأينَ من تصرفهم أهواؤهم إما بالمحبة المفرطة أو العداوة المفرطة عن قول الحق والعدل عن التأمل في كلام الله تعالى والامتثال لأمره . وما كَثُرَت النعراتُ والشحناءُ بين المسلمين وطلبة العلم إلا من الإخلال بهذا الخلق القرآني العظيم , وكأنهم لم يتلوا كتاب الله تعالى أو يتدبروه {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) سورة محمد نسأل الله تعالى السداد والعدل في الأقوال والأعمال .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
![]() |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|