[المجسطي]

قال لي صاحبي هامسا وكان يملكُ خبراً حصرياً :

ابن الشيخ عبدالله بن جبرين يدرس معنا في نفس القاعةِ .
قالها وقد ازدحمت الدهشة في وجهه .
فقلتُ له : ثم ماذا ؟
قال : هو ابنٌ للشيخِ .
قلت : أنت إذا تؤمن بعقيدة تناسخ الأرواح لكن بطريقةٍ ناعمةِ الملمسِ .
المصيبةُ انه يقولُ : أن الأساتذة والمحاضرين يعاملونَه مُعاملةً خاصةً!
قلت حينها : لكم الله يا أصحاب سيارات الأجرة فأولادكم
لا تنطبق عليهم مواصفات النخبة ولن تنطبق .


يبدو والله أعلم أن صاحب الموضوع خطت أنامِلُه بكلامٍ لا يخلو من صِحةٍ
سواءاً كان رجلا أم امرأةً ، هدهد سليمان اوعفريت ابي هريرة .

نحن يا سادة إزاء طبقية وعنصرية جديدة ليست قبلية ولا مناطقية
وإنما فئوية .
أصحاب هذه العنصرية الفئوية يرددون دائما وِرْدَهُمْ المشهور ثلاث
مرات في الصباح والمساء :

إن الفتى من قال كان أبي ***** ليس الفتى من قال هاأنذا

افهم مثلا أن يتحدث الأصحاب عن العقيلات وصبرهم وقوة العزيمة
لديهم ومقدار ما بنوه على مدى عقود من تضحية وجد وبذل
فقد تحكموا حينا في أسواق الشام والعراق ، لكن العقيلات ليسو ملكاً
لأحدٍ ولا يجوز أن يتحدث احدٌ باسمهم دون الجميع .

العقيلات تكوين ثقافي واجتماعي وتاريخي ملك للجميع وورثتهم جميع من عاش
على هذه الأرض .
الأمر غير المقبول واللامستساغ أن يُكرمَ حفيدٌ لهم أو يقدّم وهو لم يفارق قط
أنسام المكيفات ولم يرتبط بهم إلا بقدر ما يحمله من جينات بشرية فهو لم يكن
بمثل أخلاقهم ، ولم يتصف بما اتصفوا به من عزيمة وجد ، بل لم يصنع لنفسه
شيئا ، وقد لا يحسن أن يحضر التميس من الفرن ! .

الذي لا افهمه أن يُبرز و يقدم فلان من الناس لان جده الخامس عشر
كان من العقيلات ، أو ساهم في نشوء الدولة أو أنه كان محسناً على
هذه المدينة وله عليها فضل وأياد بيضاء !

حسناً ماذا سيفعل أولاد الطبقات الكادحة ومن كان آباؤهم يموتون
من الجوع ويصارعون الفقر لا عجزاً بهم ولا ضعفاً في قدراتهم بل
لأن المولى عز وجل شاء لهم ذلك .

هذا ترميز وفئوية مقيتة تميت الطموحات وتئد الآمال فالفرد سيُقَدّمُ
ويعلو شانه ويتفوق على الآخرين لا بمقدار عقليته ونبوغه
وتفوقه ، بل بمقدار ما تحمل شفرات الـ dna عنده من جينات.





. !

[/font][/FONT]