[دعبل نجد]

اختلف المفسرون السياسيون منذ أسبوعين تقريبا في تفسير ما يحدث في إيران , فمن قائل أنها ثورة للغوغاء والعامة مبنية على تحريض عدد من المتنفذين سياسيا والذين يريدون إيصال رسالة لنجاد أن لا نرغب ياستمرار سياستك السابقة , وقال آخرون واقتربوا من الحقيقة أن العامة غضبوا من ذهاب أصواتهم لشخص لا يريدونه كما أوهمهم بعض المرشحين ,
لكن الذي رشح حاليا هو أن غضب الناس من نتيجة الانتخابات ليست إلا الشرارة التي أوقدت النار والهزة التي أثارت البركان , فالشعب المثقل بالهموم والفقر والغاضب على ذوي العمائم السوداء واستغلا لهم للشعب ونهب مقدراته والتحكم بمصيره وجد هذه الفرصة ليقول كفى , ولينزل إلى الشوارع ويحاول إيصال صوته إلى أكبر قدر ممكن من الناس , مما أوقع النخبة الحاكمة في حرج كبير اضطرهم لطرد وكالات الإعلام ومنع التصوير ونقل الأحداث خارج إيران , ولم يقف المد الغاضب عند عامة الناس فقد وصل إلى النخب السياسية الغاضبة والمهمشة والتي بدورها أصدرت بيانات تشجب وتستنكر ما يحدث في إيران مما اضطر الحكومة حفاظا على مكانتها إعلان تدخلات أجنبية في شئونها الداخلية .
لقد بينت هذه الأزمة للعالم حجم الشرخ الذي تحاول القوى السياسية الإيرانية تعتيمه , فمكانة المرشد الأعلى للثورة التي اهتزت كما لم تهتز من قبل , وتحرك الحرس الثوري , ورفض الشعب لنجاد , وتظلم المرشحين الخاسرين , ودخول المعسكرين الأقوى في إيران في حرب شوارع يستفيد فيها المحافظون من مكاسبهم في السلطة وتحكمهم بها , بينما يراهن فيها الإصلاحيون على الجمهور ,

إن إيران تمر بأزمة لم تمر بها من قبل من المؤكد أنها ستغير شكل الخارطة السياسية , وستسعى القوى الكبرى في العالم إلى تغيير ما تستطيع تغييره لصالحها , وتتلخص التوقعات المستقبلية في أمرين:
1- بقاء الوضع كما هو عليه وبقاء نجاد رئيسا مدعوما من المرشد الأعلى ونشوء فريق معارض داخلي سيثقل كاهل الحكم لبعض الوقت بانتظار انتخابات البرلمان أو أي انتخابات أخرى , وبهذه الحالة ستدخل إيران في منعطف مع الغرب إذ سيكون موضوع القمع السياسي مطروحا في أي ملفات مباحثات مع الدول الغربية وستكون هناك جبهة داخلية متنفذة لها اتصال بالغرب, وهذا الاحتمال قريب
2- إجبار وزارة الداخلية على إعادة فرز جزئية للأصوات , وسيشكل هذا اهتزازا لمكانة المرشد الأعلى ( الداعم الأكبر لنجاد ) وصعودا لنجم رفسنجاني الذي يقود جزءا من الأزمة وسيطرح على الساحة مجال لمهادنات بين الفرقاء منها إعادة منصب رئيس الوزراء أو تنازل المحافظين عن بعض مكاسبهم السابقة

ولقادم الأيام حكمٌ !!