|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2003
البلد: بريدة
المشاركات: 407
|
من مذكرات مراهق !!!
بسم الله الرحمن الرحيم
قال صاحب المذكرات : تبدأ الشجرة نبتة تافهة يمكن للقبَّرة(طائر ضئيل الحجم)أن تلتهمها في قضمة واحدة،ولكنها بعد عدة سنوات تصبح دوحة عظيمة يمكن أن يبنى عليها بيتا فارها،وهكذا جميع الأمور تبدأ صغيرة تافهة ثم تكبر وتتجذر لتكون أمورا عظيمة أو عادات يصعب اقتلاعها،ومن الأمثلة التي يعرفها الجميع التدخين والكحول والمخدرات. فالإنسان مثلا يبدأ التدخين دون الحاجة إليه ولايكترث له حصل أم لم يحصل،ولكنه بعد فترة من وقوعه في المصيدة يصبح يفضل الدخان على الأكل والشرب والصحة. وهكذا بدأت أنا الكحول،الذي رغم اعتقادي ليس بحرمته فقط،بل بضرره الفادح على الفرد والمجتمع لما يسببه من حوادث ومشاكل بين المرء وزوجه. وأذكر بالمناسبة دليلا واقعيا على ما أقول،ففي أحد مجالس البطالين،وبعد أن لعبت الخمرة برؤوس أفراد الشلة المنحطين، قام أحدهم ودخل إلى غرفة نوم صاحب البيت حيث ترقد زوجته وهجم كالوحش الكاسر عليها،ولما امتنعت عليه أوسعها لكما وركلا وهشم وجهها. رغم معرفتي بكل ذلك لم أستطع التخلص منه،بل على العكس تماما،فكل يوم كنت أزداد بالمسكر شغفا وتعلقا،ولم تعد تهنيني الأصناف العادية منه. وذات يوم جاء صاحبي فقصصت عليه القصة التالية: يذكر أحد إخواننا المدمنين على المسكر أن أباه كان تقياً ورعاً،وكان يعرف أن ابنه مدمناً وقد نصحه عدة مرات فلم يجد معه النصح ووعظه فلم يتعظ،وفي أحد الأيام بينما كان الأب عائدا من عمله،ورأى أحد المدمنين يسبح وسط بالوعة لجمع القاذورات وهو يضحك بلا شعور،وقد اجتمع الناس يتفرجون عليه. خطرت للأب فكرة فقال في نفسه:"إن بني إذا رأى هذا المنظر المفجع،سوف يكون واعظا عمليا له وحتماً سيقلع عن شرب الخمر". ذهب الأب مسرعا إلى بيته،وأمسك ولده من يده وأتى به حيث لا يزال المدمن يستحم وقال:انظر يابني ماذا تفعل الخمرة بمن يشربها،هذا الإنسان العظيم المحترم،كيف يرضى لنفسه أن ينزل إلى هذا المستوى من القذارة والدناءة والمهانة،أترى لو كان هذا الرجل في وعيه هل كان يرضى أن يكون في هذا الوضع المقزز الذي ا لا يرضاه حتى الكلب لنفسه؟! استغرق الابن في تفكير عميق،فقال له أبوه:أ{جو يابني أن تكون قد اقتنعت وعزمت على ترك الخمر،فقال:نعم،نعم إنني أفكر من أين حصل هذا على هذا النوع الجيد من الخمر. أصغى صاحبي بانتباه زائد ولم ينبس ببنت شفة حتى انتهيت من سرد القصة قال:ماذا تقصد من إيرادك القصة؟ هل تقصد أن نتوب ونترك الخمر؟لقد حاولت ياأخي عدة مرات ولكني فشلت،لقد نزلت بي عدة مصائب ومشاكل بسبب الخمرة،حاولت على أثرها أن أتركها،لكني ماتمكنت. قلت له:وأنا كذلك ياصاحبي،فنحن مثل الذي وقع في البالوعة،وقد أوردت تلك القصة لأقول لك أن الأنواع المعروفة من الويسكي والفودكا والعرق لم تعد تطربنا،فابحث لنا عن أنواع أخرى أقوى أو أعتق. فقال صاحبي:نعم الآن فهمت قصدك، هناك أنواع أقوى وأعتق بكثير ولكنها ليست للفقراء المساكين من أمثالنا،لأنها غالية الثمن،ولكن (من يخطب الحسناء لم يغله المهر)، فهناك نوع مختلف تماما عن الأنواع التي نعرفها،نوع سينسيك الدنيا وما فيها،نوع سوف يحلق بك في عالم الخيال. على شفير الهاوية إن الخطوة الأولى في أي عمل هي أهم الخطوات،ولهذا أنصح إخواني الشباب نصيحة مجرب ألا يقدموا على الأعمال الخبيثة مثل التدخين والخمر والمخدرات،ولا ينخدعوا بأقوال شياطين الإنس والجن واتباع خطواتهم. وهكذا هو حالنا كما هو ملاحظ،وخير دليل على ذلك هو الطريق الذي سلكته خطوة خطوة وصولاً إلى المخدرات،فالخطوة الأولى على ذلك الطريق المؤدي إلى الدمار والشقاء هي الجهل والغرور،فالتدخين ثم الكحول وأخيرا المخدرات. وهذا ما قصده صاحبي عندما قال:إنه سيعطيني نوعاً ينسيني الدنيا ومافيها،وهذا جعلني أتذكر عشرات القصص لعشرات الأفراد الذين دمرت المخدرات حياتهم،وأنزلتهم من قمة النجاح والسمو إلى درك الضياع والمهانة. تذكرت قصة ذلك الشاب الذي كان يعمل في شركة إنتاجية مرموقة،وكان ناجحا بكل المقاييس فقد كان يحتل مركزا متقدما،وكان يملك بيتا فخماً،وكان أباً لأسرة تنعم بالسعادة والهناء. ولما أدمن على المخدرات انقلب حاله رأساً على عقب،فبسبب غيابه المتكرر عن العمل،أو وصوله متأخراً في أكثر الأحيان،وحتى إذا كان على رأس العمل فوجوده وعدم وجوده سيان،فهو خامل كسول،فاتر الأعضاء،مشتت الذهن،فصل عن عمله،وبيع منزله لكي تستوف الشركة حقها. أنفق باقي المبلغ على المخدرات،وبذلك أصبح لا عملاً يقيمه ولا مالاً يقتات منه،وأمسى عالة على المجتمع يتكفف الناس لكي يأكل،ويعتدي على ممتلكاتهم لكي يوفر لنفسه المادة المخدرة. طلقت منه زوجته التي كانت ملء السمع والبصر،وتيتم وهو حي أبناؤه وذاقوا الأمرين من الذل والمهانة ومن ضياعهم في الشوارع. وتذكرت شخصا آخر كان حله مشابها لحال السابق لما أفلس من كل شيء تحول إلى وحش كاسر يوسع زوجته وأولاده ضربا حتا يدمي أجسادهم لكي يأتوا له بالمال من أي طريق كان ليشتري به المخدرات. وتذكرت شخصا ثالثاً كان يملك بالإضافة إلى عمله وذكائه وصحته مالاً وعقاراً،وخلال سنوات قليلة بعد إدمانه المخدرات باع كل شيء،حتى وصل به الحال في نهاية المطاف أن يأمر زوجته شرفها. تذكرت كل ذلك وأكثر من ذلك،ولكني خادعت نفسي وقلت لها إنني أختلف عن أولئك،إنهم أغبياء وأنا ذكي،إنهم ذوو إرادة ضعيفة وأنا ذو إرادة حديدية،إنني سأجربها وسوف أقلع عنها متى ماشئت،وهكذا يستدرج الشيطانُ الإنسانَ حتى إذا وقع الإنسانُ في الشرك صعب عليه التخلص منه. بينما كنت غارقا في تفكيري أمنِّ نفسي بليلة في غاية النشوة والاستيناس،وإذا بالباب تطرق،فتحت الباب مسرعاً معتقداً أنَّ الطارقَ هو صاحبي. لقد خاب هذه المرة ظني،لم يكن الطارق صاحبي ولكنها شرطة مكافحة المخدرات. القرار الخطير كان مجيء الشرطة في ذلك الوقت بالذات من جود الله ورأفته بي وحبه لي،ومن تخطيطه جل شأنه في إنقاذ الجرمين من مثلي وأمثالي. فلو وصلت الشرطة قبل ذلك الوقت لوجدوا عندي3-5قنينات(بُطُل)،ولكن في ذلك الوقت كان البيت نظيفاً،ولو وصل صاحبي قبل الشرطة لانقلب حالي رأساً على عقب،ولكنها رحمة الله التي أنقذتني من الوقوع في براثن المخدرات،ذلك أولاً وثانياً هي المصائب التي حلت بي تباعاً بعد ذلك. خرج الشرطة من البيت بعد أن أبلغوني أن صاحبي أعطاهم معلومات خاطئة عني وأنهم ليس لديهم شيء عني إضافة أنه ليس لدي سوابق،وأوصوني أن أبتعد عن مثل هؤلاء الأشخاص وألا أنخدع بتعاطي المخدرات،وأخبرني أحدهم أنهم ليلة أمس تلقوا مكالمة من أحد المنازل أن هناك حركة غريبة في المنزل المجاور،ذهبت فرقة إلى المنزل المعين واضطرت إلى كسر الباب،وذلك لأنه لم يستجب أحد في المنزل لنداءات الشرطة المتكررة،ولما دخلت الشرطةُ البيتَ وجدوا به شاباً ميتاً وقد غرزت حقنة مخدر في مرفقه. خرجت من البيت هائماً على وجهي لا أدري أين أتجه،مر برأسي شريط الذكريات المؤلم منذ بدأت أعي الحياة وخوصاً اليومين الأخيرين. فها قد سمعت عن موت مشعان بحقنة مخدر،وبالأمس توفي صنبور بسبب السرطان لأنه كان محرقة دخان،وعلمت أن صاحبي قد ألقي القبض عليه وسجن،وأظن أنه لن ينجُ من الإعدام لاتِّجاره في المخدرات وبثه سمومها في المجتمع. قفزت إلى السيارة وانطلقت إلى ميدان التفحيط عشَّقتُ السيارة في الثاني،ولمست البنزين إلى أقصى حد تصل إليه الدوَّاسة،أطلقت الكلتش فأصدرت عجلات السيارة المسكينة صوتاً يشبه زئير الأسد بل قل مثل أزيز طائرة نفاثة كتمت أنفاس محركاتها،خمَّست والسيارة المسكينة في تلك الحالة المهلكة كونت خمستين،ثلاث خمسات،ثم اختلف الحسابون في حساب الخمسات الخمسات والتثمينات والانحناءات والتعرجات ياله من جنون حقاً،يضيع الجهد والمال والممتلكات وربما ضيع الأرواح أيضاً،وبعد فوات الأوان ضربني العجب وتساءلت:لماذا نعذب ونتلف وسيلة النقل الجميلة بمثل تلك الحركات العبثية التي تضر ولا تنفع؟! بعد ذلك انطلقت بالسيارة لاألوي على شيء وكأني هارب من شبح يطاردني،وهل يمكن الهروب من شبح؟إن الشيء العقلاني في مثل حالتي أن يختلي الإنسان بنفسه ويعيد شريط حياته،يستعرض ماذا عمل في الأيام الماضية؟ وماذا أنجز في السنوات الخالية؟ ويضع لنفسه برنامجاً لما يحب إنجازه في المستقبل،وهدفاً سامياً يحب أن يصل إليه،وينظر من أي نافذة يأتيه الخير فيفتحه،ومن أي نافذة بأتيه الشر فيغلقها؟ ولكن الشيء الذي نعمله أنا وأمثالي من البلهاء هو العكس تماماً،ففي مثل حالتي بعد أن رأيت أن التفحيط لا يسري عني،انطلقت بسرعة جنونية حتى صرت على الطريق الرئيسية التي تصل القرية بالمدينة،تعديت الإشارة الضوئية الأولى ثم الثانية ولم يكن اللون الأخضر أو الأصفر أوحتى الأحمر يعني لي شيئاً،بعد ذلك كل ماأعلمه أني كنت مقبلاً على الإشارة الثالثة. فتحت عيني بعد ثلاثة عشر يوماً من ذلك لأجد كل شيء حولي يزهو باللون الأبيض،الغرفة بيضاء،السرير أبيض،وقد قانت بجانبه فتاة كسيت من قمة رأسها إلى أخمص قدميها بالأبيض،ظننت نفسي في الجنة،ولكن أنَّى لأمثالي-إذا استمريت على ماأنا عليه-بجنة. أغمضت عيني للحظات لأتأكد هل أنا في حلم أو في علم،فتحتها ثانية لأجد حبايبي الحقيقيين وقد أحاطوا بالسرير الأبيض،وفي لحظة الصفر قالوا بصوت واحد:الحمد لله على السلامة،لقد نجاك الله من ذلك الحادث المروع بأعجوبة. نظرت إلى وجوههم التي تفيض نوراً وبشراً وحناناً،ثم حولت نظري إلى يدي ورجلي وقد صب عليها الجبس وعلقت في أطراف السرير إلى أعلى. حمدت الله على ذلك وقررت أن أكون إنساناً مختلفاً،إنساناً مطيعاً لأوامر الله سبحانه وتعالى مجتنباً معاصيه،وندمت ندماً شديداً على الأذى الذي سببته لأحبابي،وقررت ألا أوذي أحداً أبداً حتى أعدائي. لقد وفيت بقراري،وها أنا ذا بين يديك، فهل تفي أنت؟ إذن سلام الله عليك |
![]() |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|