[الزرياب الإبريز]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده . . وبعد . .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . .

أيها الإخوة . .
لست هنا منظرا عن حركة فكرية أو سياسية أو جهادية بقدر ما أني اريد
الإصلاح ما استطعت واستلهم التوفيق من الله .
وأعلم أن من الإخوة من لا يوافقني الرأي ولكني امرؤٌ يحز في نفسي أن أكتم الحق مجاملة للناس
وأتمنى أن أدخل في قول المصطفى عليه الصلاة والسلام ( ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه ،
وأرضى عنه من أسخطه في رضاه حتى يزينه ، ويزين قوله وعمله في عينه ) صحيح .

أيها الإخوة . .
إن من الإنصاف للأخ المسلم ولكل إنسان أن لا ننظر إليه بعين واحدة لأننا بذلك لن نستطيع
أن نحكم عليه حكما دقيقا صحيحا , إما أن نجحف في حقه وإما أن نضعه فوق المنزلة
التي يستحقها ولذلك كان من الواجب علينا أن ننظر إلى حسناته وسيئاته وكثيرا ما
نطالع في كتب العلماء عندما يتكلمون عن شخص ما في سياق التقييم " وأخطأ فلان في
كذا وتغفر في بحر حسناته " وكذلك كثيرا ما نسمع هذا البيت :

[poem="font="simplified arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]من الذي ما ساء قط ؟! = ومن له العتبى فقط ؟!![/poem]

وقد قال شيخ الإسلام ابن القيم " وكيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوماً جهولاً؟
لكن من عدت غلطاته فهو أقرب إلى الصواب ممن عدت إصاباته " .
وقد قال الإمام سعيد بن المسيب رحمه الله " ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل
إلا وفيه عيب، لكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من
نقصه وهب نقصه لفضله ".
وقال محمد بن سيرين " ظلم لأخيك أن تذكر منه أسوء ما تعلم وتكتم خيره "
فما بالك فيمن إطلع على شُبَهِ إخوته التي ربما لم يرتكبوها عن علم أو على
أفعال ربما تدخل في مسألة المصالح والمفاسد التي ربما تغيب عنه فيجعل من الحبة
قبة ومن القطرة بحر ؟! ألا يخاف هذا من قارعة تحل بداره بما افترى على إخوانه ؟!!
ولعل في أقوال العلماء السابقة تأكيد على تحري الأمانة والصدق في الحكم على
الأشخاص وعدم المجازفة في إبداء الرأي في كل مسألة قبل سبر أغوارها إذ أن الكلام
في المسلمين والحكم على الأفراد والجماعات بغير علم ذنب عظيم يترتب عليه
عقاب أليم في الدنيا والآخرة ( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه )الحجرات .
وأظن أن الكلام في أعراض المسلمين والطعن فيهم دليل على قلت العلم ونقص في العقل
وليعلم من فعل هذا الذنب بأنه دخلا مدخلا خطيرا وسلك طريقا مظلما نهايته الإنتكاسة
والعياذ بالله والتاريخ شاهد على كثير ممن كان هذا دأبهم نسأل الله السلامة والعافية .

أيها الإخوة . . يبدوا أني أطلت في المقدمة ولكني أردت أن أجعلها مدخلا لحديثنا الذي
أسأل الله أن يجعل فيه نفعا وأن يوقض به قلوبا غشتها العاطفت والحماس فأعلنت الحرب على حماس !!

أما حركة حماس فهي : حركة مقاومة شعبية وطنية تعمل على توفير الظروف الملائمة
لتحقيق تحرر الشعب الفلسطيني وخلاصه من الظلم وتحرير أرضه من الاحتلال الغاصب ،
والتصدي للمشروع الصهيوني المدعوم من قبل قوى الاستعمار الحديث والذي يهدف إلى
طمس الإسلام عن جزء كبير من الأرض المقدسة وقد خرجت في ظروف عصيبة وبعد
أحداث وعوامل شديدة عايشها الشعب الفلسطيني وكان الإنطلاق الرسمي لها في عام
1987م ولكن في الحقيقة أن جذورها تعود إلى الأربعينيات من القرن الماضي إذ أنها إمتداد
لحركة الإخوان المسلمين في مصر والتى كانت تنافح عن فلسطسين بأسماء أخرى
مثل ( المرابطون على أرض الإسراء ) و ( حركة الكفاح الإسلامي ) ثم استقر الإسم المعروف
الآن ( حركة المقاومة الإسلامية حماس ) فهي إسلامية في جميع شؤونها تتبنى الجهاد
وتؤمن أنه الطريق الوحيد الموصل إلى تحرير بيت المقدس .
وقد مرت حركت حماس بأحداث عصيبة من يوم إعلان نشأتها فقد استُهدِف رموزها وتعرضوا
لعمليات اغتيال واعتقال طالت الشيوخ والشباب من أتباع هذه الحركة ولعل أشهر
من تعرض لهذه الأحداث وذاق مرارت السجن مرارا هو الشيخ أحمد ياسين والذي يعتبر
من المؤسسين الأوائل لهذه الحركة والذي لقي الله شهيدا عام 1424 هـ
ثم تولى بعده الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وقد لقي نفس المصير الذي لقيه سلفه رحمهم الله
ليتولى رئاسة الحركة بعد ذلك إسماعيل هنية والذي مرت الحركة في وقته بمصيبة عظيمة
حيث تنكر لها كثير من من يدعون الإسلام ووالله ليسوا من الإسلام في شيء فهم
من يعاقرون اليهود حلو الكلام على موائد التنازلات , ومع ذلك ما زالت حماس على مبادئها ,
فلم ترض بالتنازل عن شبر واحد من أرض فلسطين ولم تعترف بإسرائيل يوما ما .


ثم لما رأت حماس أن المجتمع الدولي لا يعترف بدين ولا بإنسانية بل يعتبر من يدافع
عن حقه إرهابيا !! فصنف حركة حماس على أنها حركة إرهابية دموية ؟!!
والسبب أنها تقاتل قوما استحلوا أرضها !!
أرادت حماس أن تثبت للعالم أنها خيار الشعب الفلسطيني الذي لم يكن ليتنازل عن حماس
يوما ما فأدرجت اسمها في قائمة المرشحين لرئاسة فلسطين وكانت المفاجأة للعالم بأسره
أن حماس ظفرت بـ 76 مقعدا من أصل 132 مقعدا في المجلس التشريعي .
فاحمرت أنوف بعض أعضاء حركة المداهنة اليهودية فتح فأقاموا الدنيا ولم
يقعدوها حتى استقر لهم الأمر بالانقلاب على الدولة الفلسطينية الشرعية بمساعدة
من جيش الاحتلال الصهيوني وتسببوا في حصار غزة هذا الحصار الجائر والذي
كان جزاءً لاختيارهم الحر ؟!!


وما زالت حماس . . لم تركع ولم تتوانى عن الرد على كل هجوم صهيوني وما زالت
تمطر الصهاينة بالصواريخ في مستعمراتهم فأحالت ليلهم نهار وأفسدت عليهم
حياتهم مع أشقائهم من يهود العرب !
فضاق بذلك اليهود ذرعا وأرادوا بزعمهم أن يقضوا على حماس , فحاولوا اجتياح غزة
التي تبلغ مساحتها 378 كم2 فقط !!
فما ظفروا بشبر واحد من أراضيها لأن في غزة ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه )
فلم يزل القتال والقصف مستمرا وما زال جنود بني صهيون يتساقطون واحدا تلو الآخر ,
مما استدعى الاحتلال إلى الانسحاب والهرب من غزة وهو يجر أذيال الهزيمة
وما كان ذلك لولا الله ثم حماس والتي ضحت بكوكبة من رجالها وقادتها ومنهم
الشيخ الدكتور نزار ريان والشيخ سعيد صيام نسأل الله لهم ولإخوتهم
من الشهداء القبول والتسديد . .

وما زالت حماس . . هي حماس . . لم تركع ولم تخضع ولم تعترف بإسرائيل .

يا من أطلقت للسانك العنان والغاً في أعراض هؤلاء المجاهدين . . رويدا رويدا . .
فما هكذا تورد الإبل . . أمن أجل أخطاء بسيطة ينسف مشروع كامل . . إياك أن تكون مثل
ذلك الأعور الذي فقأ عينه خطأ . . وسلط عينه الأخرى على أقبح المناظر . . فلا هو نظر بكلتا
عينيه ولا هو نظر الجمال بعينه الأخرى . . فيا له من أحمق !!

أيها الأحباب . . أرجو أن أكون قد وفقت في طرحي , ومعذرة على الإطالة فلولا أهمية
الموضوع لما أطلت أبدا .

* صورة مع التحية إلى كل منصف .

محبكم . .
الزرياب الإبريز
26 / شعبان / 1430هـ
40 : 10 ص

دمتم بود