[سكري القصيم]

:::::
::::
:::
::
.
رأيته أبيضاً كالقمر


حين يعيش الإنسان مع رجل يعطي و يضيف كالوقود , و يبصّرك و يكشف لك بعض غموض الطريق الذي تسير به كالمصباح , و يأخذ بيدك إلى كل محتاج من عطف و إرشاد و توجيه لا تحزن , فالرجل المؤدب ( أبي عبد الرحمن ) فهد المطلق صديق روحي وهو من ضمن أخوتي الذين لم تلدههم أمي ,عشت معه سنوات , وسافرت معه ,مصصت طبعه وعرفت قدره .
إن رآني مهموم طمنني وإن رآني مستبشراً أفرحني بتعليقاته الباردة الممتعة ,كثيراً من المشاريع الخيرية أستشيره فيها و خصوصاً مشاكل الشباب , فأسمع منه الحكمة و الاعتدال في الرأي .

وفي عام 1429هـ في شهر ربيع الثاني بدأ به ألم مرض السرطان , و كان حريص أن يخفي ما كتبه الله تعالى عليه ولا يشكو لأحد وبعد شدة المعاناة أصر من حوله إخبار المقربين له للدعاء له لعل الله يكشف ما أصابه ثم قام بعملية استئصال الكلية و بعدها استقرت حالته نوعاً ما و بعد عدة أشهر عاود المرض وكان منتشراً , و سلم الأمر لله جلس على فراشة أشهر يعاني الألم و شدته وكنت أتعجب من صبره , وحتى الأطباء يقولون ( هذا الرجل قوي ) و الذي يعرف هذا المرض يقدّر هذا , وفي بعض الأحيان يستطيع الحديث معنا وقال لي مرّة ( أن كتب الله لي الشفاء سأذهب إلى بلد الله الحرام ) شكراً لله ولكن كتب الله أن يذهب إلى جنة عرضها السموات و الأرض بإذن الله , جلس فترة يعلم القرآن في جامع ابن صبيح للمرحلة الجامعية وقبل ذلك متعاوناً مع أبناء دار التربية الكبار و إضافة إلى مشاركته في مكتب جاليات البشر لمدة ثلاث سنوات وأساس عمله محضر مختبر في جامعة القصيم , و الكل مجمع على حسن أخلاقه و متعة حديثه و حرصه على مصلحة غيره في تطور تعليمه وتوجيهه , وكان كثيراً يراسلني بالتنبيهات و الملاحظات التي يراها في الميادين التي أعمل بها أو أشرف عليها لحرصه وشفقته .
وبدأ بمشروع ( مختاراتي ) يختار بعض الرسائل المفيدة و يرسلها عبر موقع خاص فيه إلى كل رقم بجواله .

و أما داخل أسرته , فتعال أكتب لك أسطر بل أوراق عن حرصه في بث الخير على أهله و برّه بأمه , فكان يحب تجمّع الأهل وقربهم وكان كثيراً ما يعتذر عن حضوره معنا لانشغاله مع أمه , وله سفرات ثابتة في إجازات الصيف مع أمه و أهله .
و أعود إلى معاناته في المرض ذهبت إليه قبل خروجه إلى منزله آخر مرة لأقنعه بالجلوس في المستشفى ولو فترة يسيرة بعد التحسن الذي لمسناه منه وكان مصراً على الخروج فقال لي ( هنا لا أسمع الآذان ) لله درك يا أبا عبد الرحمن ترفرف روحك وتسعد جوارحك و يشتاق فؤادك لسماع ( لا إله إلا الله ) , ويقول تنشرح نفسي لسماع الآذان ثم خرج وبعد أسبوع اشتد عليه المرض و ذهبنا به إلى مستشفى التخصصي ورقد في غرفة الملاحظة وبعد عدة أيام بدأ لا يشعر ولكن قبلها كان يكثر من قول ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) و الاستغفار .

وفي يوم 1/9/1430هـ قبل آذن العصر كنت قلقاً عليه لأني في نفس هذا اليوم رأيته في المنام أبيضاً ناصعاً .
وبالفعل بعد أن خرجت منه وفي الساعة 5:45 دقيقه خرجت روحه إلى باريها سبحانه و تعالى , ولقد تعلمت منه حسن الخلق و التأني في الأمور والتفطن لعمل أي أمر ودراسة المشروع من جميع جوانبه و المزاح اللين و العمل الخفي و الكرم و المبادرة بالاعتذار و حسن الظن وظني بك بإذن الله أنك من الشهداء ,جمعني و القارئ به مع رسولنا الكريم . . .

اللهم افسح له في قبره و اجعله روضة من رياض الجنة و أسكنه الفردوس الأعلى من الجنة .


كتبه محبه و محبكم
عطا الله بن دخيل الدخيل
(يمنع وضع البريد الإلكتروني)
4/9/1430هـ