بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » ثلاث بنات !!!

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 13-02-2010, 04:17 PM   #1
7DAYS
عـضـو
 
صورة 7DAYS الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
البلد: أعيْشْ حيثٌ يْسكُن الطيبون ،
المشاركات: 1,427
ثلاث بنات !!!

أحدّثكم عن ثلاث بناتٍ .. قد لا يتكرّرن في واقعنا المعاش !
وقصصهن حقيقية ، سأسردها (بإيجـــاز) ..
وإن كنتُ سألبسها غلالة أدبية .

الأولى :
عاشت مع أبيها ، وأمّها ، وإخوانها ، وأخواتها حياة الضّنك ! يتكوّم الجميع في غرفة ضيّقةٍ ، تتلاصق أجسادهم ، وتتدافع أنفاسُهم .
شاءت إرادةُ اللهِ تعالى أنْ تتوالى الولادةُ ، والموتُ ، والمرضُ بينهم . فأول مولود مات ، والثاني معاق ، والثالث مريض .. وهكذا بين كل ولادةٍ وأخرى إما مرضٌ ، أو إعاقة .
طال بهم أمد تلك الحياة النكدة ، وشظف العيش ؛ حتى بلغتْ هذه الفتاة ثلاثة عشرة عامًا ..
عادَ الأبُ يومًا إلى البيت فرحًا مسرورًا .. لقد فاز بصفقة العمر ، وربح أموالًا طائلة .. وأيقن أنه سيودّع الفقر إلى غير رجعة !
اشترى أرضًا ، وبنى عليها سكنًا (فيلّا) من دورين . وأثثها بأجمل الأثاث ..
انتقل الجميعُ إلى العيش في هذا السكن الجديد ، وهم لا يكادون يصدقون أنفسهم من فرط الفرح والسعادة ..
بدأ الأبناء والبنات يتساقطون موتى ، الواحد تلو الآخر .. ولم ينجُ منهم إلا : ابنان ، وابنتان !
أحد الابنين كبر وتوظّف ، وأما الآخر فقد أقعدتْه الإعاقة ، والتخلّف العقلي !
وأما الابنتان ؛ فإحداهما عمياء لا تُبصِر ، فقد استؤصلتْ عيناها منذ الصغر ؛ لأصابتهما بمرض السرطان - نعوذ بالله من سيئ الأدواء والأسقام - . وأما الأخرى (صاحبة القصة) فقد ابتلاها الله بأمراضٍ عديدة ؛ من بينها : الروماتويد ، وفقر الدم .. وتأتي عليها أيّامٌ لا تطيق حراكًا .
كانتْ أمهم تعاني الويلات من أبيهم ؛ هذا على أنها لا تكاد ترتاح من جهْد العناية بالمرضى ، والمعاقين من أبنائها .
لم يتحمّل جسدُها الضعيفُ ، ولا نفسها الشفافة ما تلاقيه من أذى معنوي ، وإرهاقٍ جسديٍّ ، فوقعت فريسة مرض السكري ، الذي ما لبث أن قضى عليها في فترة وجيزة ؛ نتيجة إهمال الأب ، واستفحال المرض .
كانتْ الأم هي (المتنفّس) الوحيدُ لهؤلاء الأبناء والبنات ؛ فقد كان الأب قاسيًا غليظًا معهم .. ولهذا كان موتُ الأم كارثةً ماحقةً حلّتْ بهم .
بعد فترة وجيزةٍ من الزمن تزوّج الأب بامرأة أخرى ، واشترطتْ عليه أن يحجز الأبناء والبنات في غرفةٍ نائية من المسكن ؛ على أن لا يُخالَطوا ، ولا يختلطوا بغيرهم .
استحوذتْ القادمة الجديدة على عقل الأب ، وقلبه ، و...ماله . فأخذ يقتّر على أبنائه وبناته رويدًا رويدًا .. حتى انتهى به الأمر إلى قطْع النفقة عنهم تمامًا .
تبرّع أحدُ المحسنين ببعض ماله ؛ ليسدّ رمقَهم ، وليبحث لهم عن (معاش) من الضمان الاجتماعي .. ونجح في مهمته .
سمع الأب بذلك ، فاستشاط غضبًا ، وسعى إلى أن يجعل الضمان باسمه هو (فهم أبناؤه) .. وبئس ما فعل ؛ فقد استولى على هذا المبلغ الزهيد ، وتركهم يقاسون الأمرّين : مرارة الحرمان ، وقسوة الزمان !
أوقف الأخ (الموظف) راتبه على إخوانه ، وتكاثرت عليه الديون ، والهموم .. حتى كاد اليأسُ أن يتملّكه ؛ لولا أختُه (صاحبة) القصّة .. فقد رأى منها عجبًا .. فقاومَ اليأس ، وثبت !
هذه الفتاة (المرأة) رهنتْ عمرَها في خدمةِ (أخِتها العمياء ، وأخيها المُقْعَد المريض) .. تطعمهما ، وتنظفهما ، وتخدمهما ، وتواسيهما .. مع أنّ وطأة المرض (الروماتويد ، وفقر الدم) تزداد عليها يومًا بعد يومٍ ..
ظلّتْ على هذه الحال قرابة عشر سنوات ، تساقطتْ خلالُها أسنانها ، وتضعضعت صحّتُها ، وتهالك بُنيان جسدها .. فمن يراها وهي ابنة الخامسة والثلاثين عامًا يحسب أنها ابنة السبعين !
خلال هذه السنوات (انتسبت) في الدراسة الجامعية ، ونالت الشهادة بامتياز . وواصلتْ مرحلة الماجستير ، فنالتها أيضًا بامتياز مع مرتبة الشرف . وهي الآن تنتظر مناقشة رسالتها للدكتوراه عن (الحرمان الأبوي) !!!
ما جعلني أصاب بالدهشة والذهول : أنها حين تتحدّث إليّ أشعُر برنّة السعادة والتفاؤل في كل كلمة من كلماتها ..
سألتُها -باستغراب- : كيف تشعرين بالسعادةِ ، وأنتِ تعايشين تلك الأهوال ؟!
فردّتْ : إنني أسعد امرأةٍ على وجهِ الأرض . فقد أنعم الله عليّ بالإسلام ، ورزقني (خدمة) إخواني ، وأكرمني بالمرض ، ويسّرَ لي سُبل العلم . فكيف لا أكون سعيدةً ؟!
قلتُ لها : ولكنكِ مريضَةٌ ، وتوشكين أن تكوني كسيحةً !
قالتْ : إنّ الله تعالى إذا أحبّ عبدًا ابتلاه .. صدّقني ؛ والله إن السعادة تغمرني حين يشتد بي الألم والتعب .. لأني أشعرُ - فعلًا - أنّ الله يحبّني ! وهو معي !

لا أستطيع أن أصف عجبي وذهولي !
فهذه الفتاة صائمة النهار ، قائمة الليل .. المواظبة على الأذكار ..
تتعالى على ألمها ، ومرضها ، وقسوة الظروف .. وتواصل دراستها ، وتتعلّم الطباعة على الحاسب (بيدٍ واحدةٍ) وتطبعُ رسالتَها بنفسها ، دون مساعدةٍ من أحدٍ .
لا أجدُ ما أصفُ به هذه الفتاة !

ذاتَ يومٍ تجرّأْتُ وقلتُ لها : ماذا لو داهمكِ الموتُ فجأَةً ؟
فقالتْ : واللهِ إني لأستبشرُ بقدومهِ ، وأتلهّف إلى لقاء الله أكثر مما يتلهّف العشاق للقاء بعضهم !
قلتُ لها : لماذا ؟
قالتْ : من أحبّ لقاء الله أحب الله لقاءه . وأنا - والله - أحبُّ لقاءَ الله !

هل صادفتم في حياتكم مثل هذه الفتاة ؟!

إنني أعتبرُ نفسي تلميذًا في مدرستها ، مدرسة (الإيمان الصادق!)
__________________




وًمَتىْ تَنقَضِيْ سَنِينْ الًكَمد ..!
7DAYS غير متصل  


 

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 07:05 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)