[الصباخ]

سقوط غير متوقع
(5)

من المعلوم للجميع بأن المعرض في أغلب أيامه مفتوح للجميع بلا استثناء وهذا يعتبر أمراً غير معتاد في مدينة كمثلِ مدينة الرياض، لأن الغالب في هذه المدينة هو أن الأماكن العامة مسموح فيها للعوائل فقط، أما الشباب الذين يأتون لوحدهم فلا يسمح لهم بالتواجد في هذه الأماكن.
إلا أن هذا المعرض كان استثنائياً وكسر هذه القاعدة فسمح بالدخول لكلا الجنسين سواءً كنت مع عائلة أو كنت لوحدك، وهذا يفتح مجالاً واسعاً للمغزلجية بأن يأخذوا راحتهم.
كما هو منشور فالمعرض مفتوح للجميع من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الساعة العاشرة مساءً، ولكن هذه الفترة تنقسم من حيث كثافة وتنوع الحاضرين من وقتٍ لآخر.
ففي فترة الصباح والتي نستطيع القول أنها تبدأ من الساعة العاشرة صباحاً وحتى الساعة الواحدة ظهراً ويكثر فيها طلاب وطالبات المدارس والمعاهد والكليات.
وأما في فترة الظهيرة فنجد أن الغالب في زوّار هذه الفترة هم ممن يريدون الاستفادة لأن هذه الفترة والتي تبدأ من الواحدة ظهراً وحتى الرابعة عصراً هي الفترة الذهبية وهي الأقل كثافةً من حيث الزوار.
ثم تأتي الفترة الأخيرة وهي الفترة المسائية والتي تبدأ من الرابعة عصراً وحتى العاشرة مساءً ويكثر في هذه الفترة الزوار من الجنسين وتكون الكثافة عالية جداً وبالكاد تستطيع المرور والمشي بالممرات.
إلا أنه وفي أحد الأيام وفي فترة الظهيرة والتي يقل فيها الزوّار كان بالنسبة لي يوماً استثنائياً، فلم نعهد نحن العاملين في المعرض وجود مشكلات في هذه الفترة بحكم قلّة الزوار.
إلا أن أحدهم أبى إلا أن يسبب بلبلة ويقلقني كثيراً، فذهابه وإيابه من نفس الممر عدةَ مرات جعلني أضع ألف تساؤل وتساؤل في رأسي؟ فسرعته في المشي؟ ولباسه لم يكن طبيعياً وكذلك حركته تنبئ عن أنه يخطط لعملٍ ما..
في الحقيقة أنني لم انتبه له في بادئ الأمر إلا أن تكرار مروره جعلني أركز وأتحرى مروره في كلّ مرة لعل وعسى أمسك ولو بشيءٍ عليه حتى أبرد مافي خاطري، فقد أقلقنا بمروره المزعج.
ولعل ما كنت أريده تحقق إلا أنه أفلت مني هذه المرة، فبينما أنا جالس أرقب مروره إذ مرت من أمامي فتاتين وإذا هو يأتي من الجهة المقابلة وجهاً لوجه مع الفتاتين ثم كاد أن يصطدم بإحداهن إلا أنه ابتعد وفي اللحظة الأخيرة، كنت على وشك أن أمد رجلي أمامه حتى يسقط على وجهه ويتأدب ويترك عنه التحرش إلا أنه فلت.
قلت في نفسي إياكَ وأن يهرب منك في المرة القادمة، وحصل ما كنت أريده فها هو يأتي مرةً أخرى (ماتلاحظون إن الرجال جاي بالغصب بالغصب يبي يرقّم!!!!!) ولكن هذه المرة يراقب فتاتين ويلاحقهما فقمت مسرعاً لألحق به وأوسعه ضرباً ثم سأطرده بعد ذلك من باب المعرض، إلا أنني توقفت عن فعل هذا الأمر؟ فكيف أفعل ذلك وأنا لم أمسك عليه أمراً قام به.
إلا أنني قلت سألحق به فأنا متأكد بأن هذا المغفل سيقوم بعمل أحمق وسيكون حينها لي الحق بالإمساك به، وسيكون كالخروف في يد الجزّار.
وما أن بدأت باللاحق به إلا قام بفعلِ حركةٍ لم أتوقع أن تصل به جرأته للقيام بها، فقد سبق الفتاتين ثم ألتف بكامل جسده وأصبح وجهاً لوجه مع إحدى الفتاتين ثم ألقى بورقةٍ فيها رقمه لإحداهن.
ما إن قام بهذه الحركة إلا رفعت يدي وأمسكته مع كتفه وسحبته وأمام الجميع، وأنا أقول له بصوتٍ مسموع: أخيراً مسكت عليك شيء ياكلب!!! وهو في أشد الذهول مما أقوم به فقد ألجمته المفاجأة وأخرسته الكلمات، أوقفته لكي أبدأ بضربه إلا أن الحظ كان حليفه هذه المرّة، فما أن أمسكته إلا ورجل الهيئة يظهر أمامي فما كان مني إلا سحبه لرجل الهيئة وتسلميه لهم ليتم تأديبه وإعطاءه ما يستحقه، وقد شرحت لرجل الهيئة كامل تفاصيل الواقعة، وعدني رجل الهيئة خيراً، شكرته ثم ذهبت.
قلت في نفسي: لعلي أتوقف بعيداً لأرى ماسيقوم به رجل الهيئة مع هذا المغزلجي؟
توقفت بعيداً أرقب الموقف وأرى أن رجل الهيئة يوبخ هذا الولد ثم ماهي إلا لحظات ويذهب الولد من جهة ورجل الهيئة من جهةٍ أخرى!
أصابني ذهول جداً كيف لرجل الهيئة أن يسمح لهذا المغزلجي أن يذهب بهذه السهولة؟؟
أسرعت بخطواتي لرجل الهيئة لكي أسأله عن سبب فعله الغريب؟؟
إلا أنه أشار لي بأنه تصرّف بما يراه مناسباً وماهو مسموح له؟ وهو النصح والطلب من هذا المغزلجي بالخروج من المعرض وأنه لو شوهد مرةً أخرى فسيتم القبض عليه!!!
قلت له: طيب يا رجل أنا شايفه بعيوني يرقّم!
اعتذر لي وأخبرني بأن هذه هي حدود صلاحياتهم!!!!!!
ياحياتي أنتم! يبدو أن وضعكم في هذا المعرض مزري للغاية، وقد استنتجتُ بعد هذه الحادثة أحد أمرين:
أولهما: أنه فعلاً لا يستطيع رجل الهيئة فعل المزيد.
ثانيهما: أن رجل الهيئة لم يصدق كلامي، ولكنه تقديراً لي قام بما قام به.
مع أنني أميل إلى الأمر الأول لأن أموراً كثيرة تحصل في أرجاء المعرض تبرهن هذا الشيء.

صديقٌ لي أخبرته بقصتي وشرحت له الوضع، فأجابني بما يلي:
كثير من رجال الهيئة لا يقدمون على عمل إلا وهم متأكدون مما هم مقدمون عليه، قد يكون رجل الهيئة هذا غير متأكد من كلامك (وله حق في ذلك) وعلى هذا لم يتخذ إجراء رادع لهذا المغزلجي.
قلت: ولكن أقل القليل يحقق معه!
أضاف: وهذا ماهو معمول به في بعض الأحيان، إلا أن انتشار ظاهرة ما يجعل من الصعب جداً السيطرة عليها.
قلت: إلا أنني متأكد من أمر، وهو أن رجال الهيئة في هذا المعرض تم تقصيص أجنحتهم، وماهو حاصل بالفعل.



مذكرتي القادمة ستكون عما شاهدته وسمعته عن منصات التوقيع، وما يحدث فيها!!!
وحديثنا عن الهيئة لم يتنهِ بعد، فكونوا بالقرب.