[ناصرالكاتب]

بسم الله الرحمن الرحيم

لأطفال الشوارع بطولات كلاميّة، يزهو بها بعضُهم على بعض؛ فصفع الخصم على وجهه، أو البصق عليه، أو شتمه ولعنه أو إسكاته برفع الصوتِ عليه، أو رسم صور ساخرة له على حيطان المدارس والحمامات –أعزّكم الله- .. كلّ ذلك من صورِ البطولة عند بعض أطفال الشوارع –أو البليدين منهم-.

وليس ذلك خاصاً بالأطفال؛ بل للبالغين نصيب كبير من ذلك، فليست السفاهة والبذاءة تختص بمرحلة عُمريّة دون غيرها، ألا ترى البعضَ يخاصم عاقلاً ثم يذهب لجداله، فيرميه بساقط القول ويحاربه بشديد المراء.. حتى يصمت العاقل تعففا أو ضعفَ لسَن، ثم يباهي السفيهُ جلساءه بتلك القصة البطوليّة!.

ما الشأنُ لو نال بعضُ تلك الأصناف شيئا من المداد، وتيسر لهم (النشر)، وحوار أخدانِ السطور؟!

سنرى –حينئذٍ- ما نراه –الآن- في المنتديات الحوارية، فـ«طول اللسان» صار «قوةَ منطق»، و«الضحكُ –شماتةً-» أصبح «سطوع حجة»...

والسخف والتلاعب بقواعد العربيّة أمسى ضرباً من الإبداع.

وأقول: ليت كل من كتب أن يعرفَ موضعه من الأصناف التالية:

قال ابنُ حزم الأندلسي –رحمه الله-:

«رأيتُ الناس في كلامهم الذي هو فصل بينهم وبين الحمير والكلاب والحشرات ينقسمون أقساماً ثلاثة:
أحدها: من لا يبالي فيما أنفق كلامه، فيتكلم بكل ما سبق إلى لسانه غير محقق نصر حق ولا إنكار باطل، وهذا هو الأغلب في الناس، والثاني: أن يتكلم ناصراً لما وقَعَ بنفسِه أنه حق ودافعاً لما توهم أنه باطل، غير محقق لطلب الحقيقة، لكن لجاجاً فيما التزم، وهذا كثير وهو دون الأول. والثالث: واضع الكلام في موضعه، وهذا أعزّ من الكبريت الأحمر» [رسائل ابن حزم: 1/ 381].

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على النبي الخاتمِ الأمين.