[أبو سليمان الحامد]

إنك لتعجبُ من كثير من الناس حين يكون النقد ديدنَهم وهِجِّيرَاهُم في كل موقف وفي كل آن , دون أن ترى لهم أعمالاً يفاخرون بها , وإنما شغلهم الشاغل انتقاد الآخرين , والبحث عن معايبهم وأخطائهم , وتلك لعمري مثلبة في الشخصية , ومنقصة في التفكير , لا يوغِلُ فيها إلا من قعدت هِمَّتُه , وتضاءلت طموحاتُه .
النقدُ مطلبٌ للجميع , فهو مدعاة لإصلاح الخلل , ورتق الفتق , ومعالجة المرض , ولكنّ المنقصة المعنية هنا أن يكون دأبُ الإنسان تتبعَ أخطاء الآخرين , وإظهار معايبهم ومثالبهم , وكأنه الكامل الأوحد بين الرجال !!
قديما قالت العرب : لن تعدم الحسناءُ ذاماً ,, أي لن تعدم الفتاة الحسناء الجميلة من يستخرج من شكلها عيبا تُذمُّ فيه , لأن من طلب عيباً وَجَدَه , وأيُّ الرجال المهذب كما قال النابغة ؟؟
إن إصلاح النفس أولى من التشاغل بالآخرين , والتفتيش عن عيوبهم , وقد أمرنا ربنا تعالى أن نهتم بأنفسنا فنبدأ بإصلاحها قبل أن نفتش عن عيوب الآخرين ( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم ) ( وكل نفس بما كسبت رهينة ) , وأخبر صلى الله عليه وسلم أن من كمال إيمان المرء اشتغاله بنفسه أولا , وترك ما لا يخصه ولا يعنيه من أمور الآخرين : " من حسن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه "
وما أجمل قول بشار بن برد :
إذا كنتَ في كل الأمور معاتبا ,,, صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
فعش واحدا أو صِلْ أخاك فإنه ,,, مقارف ذنبٍ مرة ومُجانبه
أي أنك إن أكثرت العتاب والبحث عن أخطاء الآخرين , فلن تجد صديقاً ولا قريباً , لأن كل إنسان سيقترف ذنبا ما , وسيبتعد عن ذنب ما , فالكمال لله وحده .