|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
الفرق بين ( إذا ) و ( إنْ ) الشرطيتين في الاستعمال .
الفرق بين ( إذا ) و ( إنْ ) في الاستعمال . كثير من الكتاب والأدباء بل والعلماء لا يكادون يفرقون في الاستخدام بين أداتي الشرط ( إنْ ) و ( إذا ) لتقاربهما في المعنى ؛ إذ يؤديان معنى الجزاء والشرط , حيث يتعلق الجواب بشرطه . ولكن عند التأمل اللغوي نجد بينهما فرقا عظيماً في الاستعمال , ولن أتطرق للفرق النحوي , فهذا له أهلُه , ومجاله , ولكني سأعرِّجُ على الفرق المعنى والاستعمال . فأداة الشرط ( إنْ ) حرف جازم , واستعمالها غالباً يكون في الأمور غير المؤكد وقوعها , أو غير المحبب حصولها , كأن تقول لشخص : إنْ أخطأتَ فاستغفِرْ . وأما ( إذا ) فهي اسم شرط ( ظرف زمان ) , وتستعملُ غالباً في الأمور المؤكد وقوعها أو المحببُ حصولها , كأن تقول : إذا زرتني أكرمتُك . فإذا قلتَ : إنْ زرتني أكرمتُك , فأنت أحد رجلين : إما أنك غير متأكد من زيارته لك , وإما أنك لا تودُّ زيارته , ولكنك تعرضُها مجاملة . وهذا الفرق بين الأداتين دقيق جداً لا يكاد يعيره أحدٌ انتباهاً , ولكنه كثير الورود في كتاب الله تعالى خاصة , وفي كلام رسوله صلى الله عليه وسلم وكلام العرب عامة . ومن الأمثلة على ذلك ما يلي : 1. جميع ما في القرآن من أخبار يوم القيامة واليوم الآخر جاء التعبير عنه بـ ( إذا ) ولم يأتِ ب( إنْ ) , لأنه متحقق الوقوع , كما قال تعالى " إذا وقعت الواقعة " " إذا السماء انفطرت " " إذا الشمسُ كورت " " إذا السماء انشقت " " فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة " والآيات في ذلك كثيرة . 2. الآيات التي تتحدث عن الموت والأجل يكون التعبير عنها غالباً ب( إذا ) كما قال تعالى : {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (34) سورة الأعراف , وقال تعالى : {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} (49) سورة يونس , {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} (45) سورة فاطر . 3. ولنلحظ الآية الكريمة : {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (144) سورة آل عمران , فالتعبير هنا كان بين موتٍ طبيعي أو قتل , فهما خياران لا يجتمعان , فجاء التعبير بـ ( إنْ ) , ثم إن جواب الشرط كان غير مراد للشارع شَرْعاً , وهو الانقلاب على الأعقاب , فاستعمل لفظ ( إنْ ) ولم يستعمل لفظ ( إذا ) . 4. قال تعالى : {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (1) سورة النصر , فلأن النصر مؤكد من عند الله تعالى جاء الشرط بإذا , ويقابله قوله تعالى : {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (140) سورة آل عمران , فهي تعبر عن مصاب المسلمين في أحد , فجاء التبير عنه بإنْ لأنه خلاف المعتاد من الله لأوليائه , ولكنه امتحان وابتلاء . 5. ويتبين الفرق إذا اجتمعت الأداتان في تعبير واحد , كما قال تعالى : {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} (36) سورة الروم , فحصول الرحمة من الله تعالى مؤكدة ومرغوبة فجاء التعبير بإذا , وأما حصول السيئة فغير مؤكد وغير مرغوب , فجاء التعبير بإنْ . وقال تعالى : {فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} (131) سورة الأعراف , فمع الحسنة جاءت ( إذا ) , ومع السيئة جاءت ( إنْ ) وقال تعالى : { وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنسَانَ كَفُورٌ} (48) سورة الشورى . 6. ولنتأمل هذه الآية الكريمة : {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ} (6) سورة التوبة فاستجارة المشركين بالنبي صلى الله عليه وسلم ليس أمراً مؤكد الحصول والوقوع , فجاء التعبير عنه بإنْ . 7. والشواهد على ذلك كثيرة جدا , ولكن لا يمنع أن تخرج بعض الآيات عن هذه القاعدة لسبب بلاغي آخر أعظم وأكمل , فقد تأتي ( إنْ ) في موضع ( إذا ) والعكس كذلك لأمور بلاغية تحتاج إلى تأمل , كما قال تعالى : {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ} (17) سورة الأنعام , وكما قال تعالى{إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} (20) سورة المعارج , وقال تعالى : {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ } (51) سورة فصلت . 8. ومن طريف الفرق بين الأداتين قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " رواه الترمذي وغيره. , فعبّرَ بمجيء الكفء للفتاة طالبا نكاحَها بإذا , وعبّرَ عن رفض أهلها له بإن ( إلا تفعلوه ) وأصلها : ( إنْ لا تفعلوه ) في دلالة على الحث على الأول , والتحذير من الثاني . 9. وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا دُعي أحدُكم فليُجب , فإن كان صائما فليصلّ , وإن كان مفطرا فليطعم " رواه مسلم , فعبر بالدعوة وإجابتها بإذا تحضيضا على الكرَم والتكَرُّم , وعبر بالصوم أو الفطر بإن لاحتمال الأمرين إما هذا وإما هذا ! . 10. وقال صلى الله عليه وسلم : " إذا كان يومُ صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب , فإنْ سابّه أحدٌ أو قاتله فليقل : إني صائم " رواه البخاري ومسلم , فيوم صيام المسلم مؤكد بإذن الله , فجاء التعبير عنه بإذا , وأما المسابّة والمقاتلة فليست مؤكدة ولا مرغوبة , فجاء التعبير بإن . 11. ومن طريف استعمال هاتين الأداتين قول المتنبي : إذا أنت أكرمتَ الكريمَ ملكتَه ,,, وإنْ أنتَ أكرمتَ اللئيم تَمَرّدا فمع إكرام الكريم المحبب للنفس المراد حصوله جاء بلفظ ( إذا ) , ومع إكرام اللئيم الذي تعافه النفوس , ولا ينبغي أن يكون جاء بلفظ ( إنْ ) . والأمثلة على ذلك كثيرة جدا , أكتفي بهذا القدر , ونسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علَّمَنا إنه سميع مجيب , وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . كتبه الفقير إلى عفو ربه : علي بن سليمان الحامد 20/9/1432هـ . علما أني أسمح بنقله للاستفادة شريطة حفظ حقوق كاتبه .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
آخر من قام بالتعديل أبو سليمان الحامد; بتاريخ 20-08-2011 الساعة 04:35 PM. |
![]() |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|