[فليت بن قنه]

قد يظن البعض و«إن بعض الظن إثم» أنني سأشهر هنا بمجموعة من الشباب الصيع الذين يمارسون سلوكاً مشيناً بحق الوطن وهذا ما يقوم به للأسف «البعض» من المنفلتين اخلاقياً في أي مكان يذهبون اليه حتى وإن كان «شارع النهضة بالرياض»..! ولكن الموضوع عكس ذلك تماماً فليست الدنيا كلها مصبوغة بلون السواد كما يقال إذ أصر مجموعة من شباب جمعية الثقافة والفنون بمنطقة القصيم على نثر الابداع على مرأى ومسمع جمع كبير من العرب والاجانب الذين حضروا الى مسرح «الطليعة» بالعتبة في وسط مدينة القاهرة ذات مساء لمشاهدة السعوديين وماذا سيقولون وهل لديهم مسرح أصلاً ..؟ الحكاية بدأت أيها السادة برسالة جوالية تقول «يسعدني حضوركم العرض المسرحي «ارتكاس» على مسرح الطليعة، مخرج العرض: صبحي يوسف» وبالفعل كنت هناك فإذا بي وسط معمعة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي السابع عشر وها هو صبحي يوسف موجود في كل مكان ومعه كوكبة من شبان القصيم يسابقون الزمن للإعداد لعرضهم المدهش مثل عادل الضويان مساعد المخرج وصالح المزيد فني الصوت وعلي عبدالعزيز السعيد في إدارة المسرح والتمثيل وابراهيم السدرة إدارة وتمثيل ثم بقية الممثلين صلاح العمري ومحمد العتيبي وحاتم الرجيعي وأحمد المحيميد وعبدالله المقرن ومتعب الشقاوي ومن خلفهم شيخهم الذي علمهم الابداع الاستاذ عبدالرحمن الجار الله مؤلف «ارتكاس» الذي كان قد قدم «ثيمة» العرض للآخرين على أنها توصيف لموقف الانسان عندما تميد الارض من تحت قدميه ويقف مفلوجاً على أرض رخوة فيشعر بساقيه تغوصان في الرمال ببطء متسارع عندها سيتهاوى رافعاً ذراعيه ليرسم «علا..مات» استفهام تبحث عن أسئلة ثم بدأ العرض وانتهى وسط ستائر من علامات الدهشة التي تقول «معقولة ؟؟ هل هؤلاء سعوديون..؟
هل هذا العرض ضمن المسابقة،،؟ مدهشة مفرداتكم كالعيس. وارتكاس، وإنها القصعة يا صاحبي، ثم هي حكاية الفرن الذي يرمى بالجماجم المحترقة على الجائعين بدلاً من الخبز.. الخ الخ» أثناء انتشاء شبابنا بأفواج المهنئين قابلين احد الأخوة العرب قائلاً ( لم أكن أصدق أن لديكم مسرحاً).؟؟ قلت له قد تعودنا على أن نفاجئكم دون موعد منكم فالقافلة في وطننا تسير للأمام دون انتظار لأحد. الآن... وقبل الآن أقول بأنني سبق وأن كتبت عن مدى تأثير مثل تلك الفعاليات من فنون مسرحية ورقصات فلكلورية ومهرجانات شعرية وموسيقية في التعريف بنا لدى الآخر وخصوصاً تلك الشعوب والمجتمعات التي تحترم الثقافات وتجلّ الفنون حيث رقي الإنسان وتحضره يتضحان من خلال منتجاته الفكرية والفنية فهي لا تحتاج الى «ترجمان» ليفك طلاسمها بل تصل رسائلها واشاراتها مباشرة الى العقول والأرواح دون وسيط، وقد رأيت بنفسي رجلاً وأمراة وهما يتقدمان نحو المخرج المبدع صبحي يوسف بعد انفضاض السامر يهنئانه على ابداع الشباب وعلى فنيات الاخراج التي نفذها فشكرهما بدوره باسم الجميع وأتى الينا متهلل الوجه قائلاً «هؤلاء مسرحيون ألمان قد شدهم العرض وأعجبوا به» قلنا له إذاً تلك ورطتك فلا ارتكاس بعد اليوم.

ـــــــــــــــــــــــــــ
عبدالله إبراهيم الكعيد
جريدة الرياض
الخميس 3 رمضان 1426هـ - العدد 13618