[أبو لسان طويل]

إخوتي الأحبة
السلام عليكم
أرجو أن نتناقش في الأمر بكل عقلانية و مسؤولية و كذلك بكل شفافية و صراحة
و أرجو أن تغلب على نقاشاتنا أجواء الأخوة و المحبة و نوايا الإصلاح و الهداية
و أن نتحلى بصبر الدعاة و المربين الهداة المهتدين
و أن نتسلح بآيات الكتاب المبين
و الصحيح من حديث الرسول الأمين
عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم
أولا
ليس هذا من الدعاة التي ينبغي للمسلمين الواعين التركيز عليها و إثارتها
بل علينا التركيز على ما يفسد العقائد من تحريف المناهج و حذف عقيدة الولاء و البراء
و ما يجري من استمراء موالاة الكفار و الاستعانة بهم و ممالأتهم على المسلمين المستضعفين
و التخاذل عن نصرة المؤمنين الذين تنتهك حرماتهم و مقدساتهم و دماؤهم و أعراضهم
و تبديد ثروات الأمة رخيصة لقوى الكفر و الشرك و حرمان الشعوب المسلمة منها و تجويعها
و الابتعاد بشباب الأمة عن روح الجهاد و العلم و البناء و التفوق و الإعمار و الوعي و الفهم
إلى ملهيات الرياضة و الفن الرخيص و الفسق المتاح .
ثانيا
ينبغي أن نعلم أن هذا كله لا ينافي ما علمنا إياه قائدنا و قدوتنا رسول الله (ص) : "كي تعلم اليهود أن في ديننا فسحة" ، و كيف أن رسول الله أقر الجاريتين اللتين غنيتا بغناء بعاث في الجاهلية رغم إنكار أبي بكر (ر) عليهما ، و لا أدل على جواز رقص الرجال في غير تخنث و لا ميوعة و لا فتنة من حديث "رقص الحبشة" و كيف أن الرسول القدوة (ص) جعل من جسده الشريف موطئا لأمنا المكرمة السيدة عائشة (ر) لكي تنظر إليهم و هم يرقصون ، فما يحل لنا و قد قضى لنا الله و رسوله أمرا أن يكون لنا الخيرة من أمرنا .
ثالثا
بالنسبة للدف و الطبل و المعازف فقد كفانا شيخنا الداعية سلمان العودة مؤونة التوضيح في فتواه الواردة في الموقع مع التأكيد على ما قاله الشيخ حفظه الله أن خلافا في الأولين و المحدثين قيدما جديدا معلوم في حرمة أو جواز الموسيقى كلها و ليس الطبل فقط ، فهو أمر خلافي معروف ، و الأصل في فقه الإنكار كما نص على ذلك الإمام الغزالي في إحيائه أن يكون على أمر مجمع عليه ، و لك أن تأخذ بالأحوط و الأشد و تدعو إليه و تنافح عنه دون تسفيه أو تفسيق أو تبديع لمن أخذ برأي ابن حزم الظاهري شيخ السلف و الخلف الذي يرجع إليه السلفيون و الحنابلة قديما و حديثا في معظم مسائلهم ، و كذلك رأي الشيخ العلامة يوسف القرضاوي حفظه الله فقيه العصر و مفتي مسلمي أوروبا و أمريكا و غيرهم - مع خلافي أنا شخصيا معهم في هذا الأمر و لكن من أنا و من أنت ؟! - و هذا الرأي الذي جرت عليه قنوات إسلامية معروفة و جرى عليه التلفزيون السعودي
رابعا
أما موضوع بحثنا و هو "العرضة" و تسمى في بعض البلاد العربية "العراضة" أو "رقصة السيف" و عند أهل الشام "الدبكة" أو "الجوفية" و عندنا نحن البدوان "الدحية" فهي مثل رقص الحبشة في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، رقصة حرب و رجولة و جهاد و سيف و حماسة و مبارزة ، بشرط أن تخلو من مخالطة النساء أو الفحش في القول ، و خروجا من الخلاف فلتكن بالدف لا بالطبل و لا بالناي و لا الشبابة و لا غيرها من آلات المعازف المختلف عليها ، و لهذا لا أرى بأسا بها شرعيا و لا تربويا و لا اجتماعيا .
خامسا
لا ينبغي أن نقيم العادة فوق الشرع ، و لا العرف المتشدد فوق النص الشرعي الذ يشع رحمة و انفتاحا ، دون أن نغفل ظروف كل قطر و بلد و مجتمع ، فقد يرى العلماء و الجمهور في بريدة أن الخمار على الوجه راجب عندنا هنا ، و لكن علماء لبنان جميعا ما يرون في كشف الوجه بأسا ، و إن كانمت قيادة المرأة للسيارة في نجد مدخلا للمفاسد و الانفلات ، فهي في القاهرة و عمان و تونس
منجاة من احتكاكات الحافلات العامة و مفاسد الطرقات ، و إن كان الانتخاب عند سلفيي الكويت و إسلامييهم جميعا مفسدة فهو عند إسلاميي مصر و الأردن و فلسطين و العراق واجب شرعي و فرض عين تسعى له المرأة المجاهدة زحفا ، و ها هي خنساء العصر أم الشهداء الثلاثة أم نضال فرحات سيدة البرلمان في فلسطين .
سادسا
هذا الذي أقول ليس بدعا من القول و لا ترفا بل هو اختلاف الفتوى بتغير الظرف و المكان و الزمان و الشخوص و المجتمعات و الأحوال ، و بينما ألف ابن الجوزي "ذم الهوى" فقد ألف ابن حزم "طوق الحمامة" رحمهما الله جميعا .
سابعا
ياأحبتي ليس العالم كله بريدة و لا القصيم و ليس ما نعلم فقط هو العلم كله ، أعرف أن كثيرا منكم سيستشهد بقول أبي سعيد في الرد على مروان بن الحكم عندما قدم الخطبة على الصلاة في العيد و قال : يا أبا سعيد ..قد ذهب ما تعلم ، فقال التابعي الجليل : (والله ما أعلم خير مما لا أعلم)
و لكن هذا كله لا يعذرنا أن ننظر للعالم من ثقب الباب فقط ، بل علينا أن نفتح الباب على مصراعيه واثقين بديننا و عقولنا سائلين الله تعالى أن يثبت قلوبنا .
و أعلم أن كثيرا منكم سيتهمني و ربما يجرحني ، فقد تصدقت بعرضي عليهم جميعا و سامحتهم ، و قد اتصل بي صباح اليوم أخ من المدينة المنورة يشكو إلي فساد الناس حول مثوى رسول الله (ص) و إقبالهم على الدنيا المهلكة و أنه ألف قصيدة ليلة أمس في ذلك و أسمعني إياها ، فقلت له ادع لي فإني في ظروف صعبة ، فأخبرني عجبا ، قال استيقظت فجر اليوم فقلت لزوجتي إن أخي فلانا (عني) مبتلى ، قال : و بدأت أدعو لك
ثامنا
ادعوا لي خير لي و لكم ، بل لكم بمثل يقول الملك ، و عندنا اليوم محاضرة في سورة القصص ، أما أين؟ فهذا ما لا أستطيع قوله لكم
و لا تنسوا (لا تنظروا للعالم من ثقب الباب)
و السلام
أبو لسان طويل