[راسية]

الهروب من الواقع

عندما ادلهم الليل سرت أبحث عن مسكني الضائع حتى أمسكت بقرص القمر جعلته شمعة لي في هذا الليل الداكن أخذت جولة بكل الأوطان أبحث بكل جدية وصرامة وأدير هذا النور الذي بين يدي بكل دقة باحثة عن موطني التائه أسير بكل هدوء على أطراف أناملي كي لا أشعر أحد بوجودي لأن دخولي للأوطان ليس بصورة رسمية وإنما بخبرتي العالية وممارستي لهذه المهنة كل ليل . . استطعت الدخول دون جواز أو غيره أسرق نفسي بين الطرقات وها أنا ذا على مشارف الخروج من أخر الأوطان . . آه ماذا أصابني لقد صدمني الواقع دون أن أقطع إشارة مرور . . لأول مرة أصاب بمثل هذا . . أأنتشل نفسي من هذا العالم – عالم الواقعية - ؟ لأخفف قليلا من معاناتي لكن قيود وسلاسل تلتف حولي . . اختفى ذلك القرص الذي بين يدي لا أرى شيئا من هذا العالم دوخة أصابتني لم أفق إلا وأنا داخل سجن هذا الواقع طلب مني أحد الحراس التوجه القاضي المحترم – الواقع – دخلت عليه ووجهي لا دم فيه أسير نحوه بخطى واهنة ضعيفة فالقيود محكمة بين أرجلي . سألني وبكل صرامة : لم الهروب مني ؟ ! لم التجاهل ؟ !

لم أستطع ترديد حرف واحد لقد ابتلعت لساني بكل مرارة كما ابتلع العالم موطني . . بم أجيب لهذا القاضي الصارم ؟ ! أيقضني من تفكيري بصوت دوي اخترق سمعي إنه صوت تلك الخشبة الحديدية القوة عندما طرق بها على طاولة من الظلم . . انتظمت بطانته حوله بكل إتقان تنتظر الحكم علي . . فقال وبكل جرأة : يحكم عليها بالإعدام !!!!

انزلقت حبة لؤلؤ من جبيني أريد أن أتكلم نظرت يمنة ويسرة لعلي أجد لساني لكن للأسف ربما أنه غادرني بدون عودة . . آه . . ماذا أرى ؟ ! لقد انتزع مني الواقع قلبي دون رحمة أو شفقة وألقاه أمامي ملتهب من الحزن والعذاب . . ماذا بقي لي إذا ؟ ّ

ضممت نفسي بنفسي حتى لا تحلق باقي أجزائي مسافرة عني . .

أعضائي ملقاة على طاولة ظلم الواقع . . محادثة سرية تجري بين قلبي والقاضي المحترم ( الواقع |)

أنظر من بعيد لأجزائي الأسيرة . . قلبي يرشفني بسهام الإشفاق . . أريد أن أقترب لأفهم شيئا عم يدور بينهم . . لكن خوفا شديدا يصيبني يسير بي إلى الوراء . . أصابني اليأس . . إنني أعيش جوفاء فارغة . .

صوت الدوي مرة أخرى تنبيها لحكم قاضينا المحترم . . ظننت أنه سيرد لي شيئا من أعضائي لكنه قال بصوت يمازجه خشونة : اقتلوها تعزيرا ؟ !

آه . . ماذا سيفعلون بي أشد من هذا التعزير . . شيء يختلج داخلي مع هبوب رياح الواقع العاتية . . التي اقتلعت معها أعضائي الأسيرة . . وهربت وهي تعهدني : ألا تهربي من الواقع .

حينها نهضت من نومي وقشعريرة تسري داخلي قمت والوحشة تغتال أنسي أتحسس أعضائي إنها مستيقظة وبكل جدية متحدة . . أبحث عن الواقع الظالم فيدلاني عيناي على السرير . . أسكب الماء لأعيش الحقيقة . . أين أنا ؟ ؟ في مسكني . . موطني . . إذا أين أنا من الواقــــــــــــــع . . ؟ ؟ !!

1419 هـ