بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » (( سـلـمـان أنت منا ولو ضربوا حولك سوراً من التحذير والتصنيف ))

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 20-09-2006, 07:45 PM   #1
أبو غادة
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Sep 2006
البلد: تحت السماء
المشاركات: 36
(( سـلـمـان أنت منا ولو ضربوا حولك سوراً من التحذير والتصنيف ))




لن تكونَ يا سلمانَ العودةِ آخرَ من يُهاجمُ ، ولا آخرَ من يُلاكُ عرضهُ ودينُهُ ، أنتَ رجلٌ وظيفتُكَ في الحياةِ أن تخزنَ الحسناتِ ، وتجمعَ الصالحاتِ ، وقد جاءكَ بابٌ من ذلكَ لا يُغلقُ ما دُمتَ حيّاً ، فدعهم يشتمونَ ويرمونَ ويقذفونَ ، وأمّا أنتَ فهامةٌ مرتفعةٌ ، وقامةٌ سامقةٌ ، تجني ثمرةَ بغيهم عليكَ عزّاً في الدّنيا ورِفعةً في الآخرةِ – إن شاءَ اللهُ - ، لم تعتدْ أن تنظرَ إلى الوراءِ يوماً ، وما عرفتَ دنوّاً ، ومن عجزَ عن أن يرتفعَ إلى عليائكَ ، فدعهُ في حضيضهِ ، لا يُلهينّكَ عن بلوغِ المقصدِ ، ووصولِ الغايةِ .

تسألني يا سلمانُ لماذا غفونا ونُمنا وتقدّمَ غيرُنا ! .

انظرْ إلينا لتعرفَ السببِ ، انظر حواليك لترى بني عمّكَ وهم ينظرونَ إلى فمكَ الرطبِ الغضِّ بالعلمِ والفهمِ ، يرقبونَ منهُ الهفوةَ والزلّةَ ، وقد تعاهدوا في الخفاءِ على تجهيزِ الختمِ ! ، أتدري ختمَ ماذا ! ، إنّهُ ختمُ النظرةِ الأخيرةِ ! ، ختمُ المفاصلةِ والموادعةِ ! ، ختمُ وداعية يا آخر ليلة تجمعنا ! ، يدخلونَ وقد أضمروا بيعَك .

ولكلِّ عصرٍ دولتهُ ورِجالهُ وأختامُهُ .

بماذا باعوكَ يا سلمانُ ؟ .

أتدري بماذا ؟ ، إنّهم يبيعونكَ بليلةٍ من السمرِ والأُنسِ ، يقضونها في فري عرضكَ ، وتمزيعِ دينكَ بعدَ عزفِ سيمفونيّةٍ من الغضبِ ، تُجلجلُ فيها أصواتُهم حنقاً وغيظاً كأنّها صوتُ الرعدِ وزمجرتُهُ .

ثمَّ يضحكونَ بعدَ أن يأنسوا أنّكَ صرتَ صريعَ الحقِّ وقتيلَ السنّةِ ! ، يضحكونَ حتّى يثملونَ ، وينقلبونَ إلى أهليهم وقد انفضَّ السامرُ ، وانقضى المجمعُ ، وسقطَ سلمانُ العودةُ شرَّ السقطةِ ، وانتصرَ الإسلامُ بجلسةٍ تُحدّقُ فيها الأبصارِ بشدّةٍ على مفاتنِ إيمانِ بنّورةٍ أو تجاعيدِ جيزيل الخوري ، ومن يدري فربّما كانتْ على وقعِ أنغامِ أنغامٍ أو السوبر موديل نانسي ! .

هانتْ علينا مشاعرُ الآخرينَ ! ، لا نرقبُ في عاطفتهِ ونفسيّتهِ إلاً ولا ذمّةً ، فنضربُ فيهِ ونوجعُ ، ونحسِبُ أنّهُ آلةٌ مصنوعةٌ من حديدٍ وفولاذٍ ، ثُمَّ نطلبُ منهُ النصفةَ والعدلَ والتوقّي ! .

في المحنِ والأزماتِ تكثرُ مزاميرُ السوءِ ، وتُتلى سورُ المنابذةِ ، وتعلو ترانيمُ الغلِّ والحسدِ ، وتُعلنُ الأحقادُ ، بينما نحتاجُ إلى من يأسو ولا يكلمُ ، ويحنو ولا يؤلمُ ، ويُشبعُ العواطفَ بدفءِ الكلمةِ الحانيةِ ، ويُذكي المشاعرَ بلهيبِ البسمةِ النابضةِ بالأملِ .

آه يا سلمانُ وأنتَ تقرأُ على شيخِكَ وروحِ روحكَ : عبدِ الرحمنِ الدوسريِّ - رحمهُ اللهُ - ، كم كانَ صوتُكَ دافئاً غضّاً ، كانَ يدعو على الفألِ ببزوغِ نجمِ عبقريٍّ فذٍّ ، وألمعيٍّ خرّيتٍ ، فلم تخِبْ فراسةُ من رجاكَ لذلكَ اليومِ وأعدّكَ ، ولُقّيتَ بهجةً وسروراً ، وزادكَ اللهُ بسطةً في البيانِ والأدبِ ، ولكنَّ الحسدَ لهُ سلطانٌ لا ينقطعُ عن الوخزِ والأزِّ .

كانتْ تلكَ الأيّامِ ومضةً من الرّوحِ القدسيِّ ، تركتْ جسدكَ النّاحلَ يفورُ ويغلي بعظائمِ الحكمِ المانعةِ ، ويُزلزلُ الأسماعَ بقوارعِ الحُججِ البارعةِ .

ليسَ لكَ من الأمرِ شيءٌ في علوّكِ وانصبابِهم للأرضِ ، فهو الحكمةُ البالغةُ ، والقدرُ الماضي ، ومن نازعَ في ذلكَ إنّما يُنازعُ الملكَ العلاّمَ .

أرجو أن لا تبتئسْ بفعلِ هؤلاءِ ، أو بقومكَ الذين لم يُنصفوكَ ، فإنَّ لكَ جيشاً في عالمِ القدرِ ، لم يخرجوا بعدُ من صُلبِ آبائهم ، ولا سُطّرتْ أسمائهم في عالمِ الوجودِ ، سيحملونَ علمكَ ويرثونَ فضلكَ ، فلا تأسَ أو ترثِ لما بلغتهُ من حالٍ .

هذا ابنُ حزمٍ رماهُ أهلُ بلدهِ عن قوسٍ واحدةٍ وكفّرهُ كثيرونَ في زمانهِ ، ومنهم من لثمَ مواطيءَ نعلهِ حبّاً لهُ وإجلالاً ، فماتَ – يومَ ماتَ – وهو سيّدُ المشرقِ والمغربِ ، وهذا ابنُ تيميّةَ طُردَ ونُبذَ وسُجنَ وكُفّرَ واتّهمَ بالعمالةِ للسلطانِ وبالدخولِ على الأمراءِ وماتَ سجيناً ، وصودرتْ وأُحرقتْ كتبهُ ، فبعثَ اللهَ لهُ رجالاً من عالمِ الغيبِ أحيوا تُراثهُ ، ونفخوا في روحِ علمهِ ، وهذا الشوكانيُّ على نهجهم يسيرُ ، نصرهُ اللهُ ومكّنهُ .

حتّى في الغابرينَ الأوائلِ لكَ أسوةٌ وعِبرةٌ ، ألم يمُتْ سُقراطُ مسموماً ! ، في جيلٍ من الحمقى ما عرفوا فضلهُ ولا ارتووا من معينهِ ! .

ألم يمُتْ ابنُ السرّاجِ برفسةٍ من أعرابيٍّ جاهلٍ من أعرابِ مصرَ ، أبصرهُ على النيلِ جالساً ، فأوجسَ المصريُّ خيفةً من ابنِ السرّاجِ ، وتوهّمَ أنّهُ يُريدُ سحرَ النّيلِ ، فرفسهُ فخرَّ إلى النهرِ ولم يوقفْ لهُ على أثرٍ ! .

إنَّ شمسك وشمسَ أولئكَ العِظامِ لن تُحجبَ بغربالٍ ، والحقُّ يسري كما يسري النّورُ في الوجودِ ، حتّى لو صادفَ غيمةً عابرةً ، أو عاصفةً هوجاءَ ، فلن يبقى إلا ما يدومُ .

يا سلمانُ : لقد قضتِ السُّننُ الربّانيّةُ أنَّ النجاحَ والفلاحَ والنصرَ لمن يحتملُ الضرباتِ ، لا لمنْ يضربُها ، وأنّهُ لا يصمدُ تحتَ مطارقِ البُرهانِ إلا الحقيقةُ .

يا سلمانُ : لقد قتلَ هابيلُ قابيلَ وهو أخوهُ ، وإخوةُ يوسفَ رموهُ في غيابةِ الجُبِّ حسداً من عندِ أنفسهم ، ونبيّكَ مُحمّدٌ – صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلّمَ – أخرجهُ قومهُ وبنو عمّهِ ، والحُسينُ بنُ عليٍّ سِبطُكَ – رضيَ اللهُ عنهُ – خذلهُ أتباعهُ في النجفِ ، وأنتَ على الخُطى تمشي ، وفي نفسِ الدربِ تسيرُ ، فهم الهُداةُ ولو خامركَ الدليلُ ، أو خاتلكَ الصاحبُ .

دعهم يا سيّدي ، دعهم ، فهم كما قالتْ البارعةُ غادة السمّانُ : إنّهُ زمنُ الأفعى تلدغُ جسدها ، وزمنُ العقربِ يُعانقُ إبرتهُ .

إنّهم كرِعدةِ الحمّى المُنهكةِ ، أو كنفضةِ الزلزالِ المدويّةِ ، أو كانتفاضةِ الذبيحِ ، وقتٌ يسيرٌ وينقضي كلُّ شيءٍ ، ولن يجنوا من كلِّ ذلكَ شيئاً ، إلا ما يُمسكهُ الواحدُ منهم من الهواءِ في يدهِ ، أو يقبضُ عليهِ من نسماتِ الريحِ بينَ أناملهِ .

يا سلمانُ أنتَ منّا وإن رغمتْ أنوفٌ ، أنتَ منّا ولو ضربوا حولكَ سوراً من التحذيرِ والتصنيفِ ، أنتَ منّا ولو أخطأتَ في بعضِ المسائلِ ، فنحنُ لم نسترضِ ودّكَ أو نخطبْ ولائكَ بشرطِ الكمالِ المحضِ ، أو البراءةِ من كلِّ نقصٍ وعيبٍ ، وحسبُكَ أنَّ ماءكَ بلغَ القلّتينَ وزادَ ، فلنْ يضرّكَ الخبثُ – إن شاءَ اللهُ - .

دمتَ طيّباً يا سلمانُ .

الموضوع للأستاذ الفاضل / فتى الأدغال

نقل باختصار
أبو غادة غير متصل  


 

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 08:32 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)