أخي المتزن :
أتمنى أن لا تخلط بين المسألتين ، فمسألة الرجوع إلى الدليل شيء ومسألة الترجيح شيء آخر ، وأنت لا تفرق بينهما وعندي أن بينهما فروق ، فالترجيح كما تقدم هو مشابه للإفتاء ، بل الإفتاء في كثير من المسائل عبارة عن ترجيح ، وأما الرجوع للدليل إذا تبين فلا علاقة له بتاتاً بالترجيح ، فالرجوع للدليل هو أن يتبين للشخص أياً كان أن هذا القول مخالف للدليل ، والدليل هو عبارة عن نص صريح لا يحتمل خلافه من نسخ أو تخصيص وما أشبه ذلك وهذا قد يتبين في بعض الأحيان للعامي كأن يكون النص آية أو حديث وما أشبه ذلك فهنا يجب عليه الرجوع للدليل .
أما الترجيح فهو عبارة عن النظر في الأقوال والأدلة في كل مسألة ومن ثم الترجيح بين هذه الأقوال فلو كان الترجيح مفتوحاً للجميع لما كان حاجة للتعلم وطلب العلم ولأصبح العلماء لا ميزة لهم ولا فضل ولا عبرة لأقوالهم لأن الجميع يستطيع الترجيح في أي مسألة من مسائل الشرع ، وأقرب دليل على ذلك أن من دخل في هذا المنهج وهو منهج الترجيح وهو ليس من أهل العلم تجد عنده من التخبط والشذوذ في الترجيحات الشي الكثير ، لأن من طبيعة النفس حب السهل واليسير من التكليف فبمجرد أن يشاهد قولاً يناسب هواه فإنه سيختاره وسيرجحه وسيضيع عليه دينه بعد ذلك ، لأنك قل أن تجد مسألة من مسائل الدين إلا وقع فيها الخلاف فمن تتبع هذه المسائل واختار منها الأيسر فإنه سيصبح لا تكليف عليه عندئذ والله أعلم .
__________________
قال صلى الله عليه و سلم:(( مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ العلى العظيم ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاتُهُ )) رواه البخاري .تعارَّ من الليل : أي هبَّ من نومه واستيقظ . النهاية .
|