|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
14-10-2007, 08:24 AM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2002
المشاركات: 377
|
عِيدٌ، بأيَّةِ حالٍ عُدْتَ يا عيدُ ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم يعودُ العيدُ، وحال أكثرِنَا بلا جديد، تغشانا الغفلات وإنْ انتبهنا قلنا: «ليتَ» و«سوف»! وما تغني من الحدَثَانِ «ليتُ»؟! (1) وإنَّ «سوف» أكبرُ جنودِ إبليس(2). وإنَّ الذي بيننا وبين أنفسِنا والشيطانِ: صراعٌ، والأيامُ بيننا دولٌ. والنصرُ غايةٌ سبيلها: إعداد العُدَّة والجهاد. قال تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهديَنَّهم سُبُلَنا وإنَّ اللهَ لَمَع المُحْسِنين} [العنكبوت: 69]. والجهادُ في طلب إصلاح النفس لا بدَّ له من الإخلاص والعلمِ والصبر. [poem=font="Traditional Arabic,7,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"] ومن طلَبَ المعالي وابتغاها=أدار لها رحى الحَرْبِ العوانِ(3)[/poem] والصدقُ: إرادةٌ وإخلاص. والعلمُ: دليل ونور. والصبر: حفظٌ للإرادة، واستمرار للانتفاع بالدليل. وما من حسرةٍ أشدُّ على النفس من حسرةِ الجاني على نفسِه، وإنَّ تفويت الفُرَصِ على العمر بلا عمَارِ النفس بالخير وتخليصها من عوالق الشر: لَحقيقٌ أنْ يُعْقِبَ الحسرةَ في القلبِ. وإنَّ القلب إذا لم يتحسَّر على ما فات كان أقربَ إلى الميتِ؛ فليس لجُرْحٍ في ميتٍ إيلامُ! عادَ العيدُ، ولبسنا جديد الثياب... والنفسُ تعود خَلِقَةً كما الثياب! عادَ العيد المحسوبُ من أعمارنا، واقترب ذهابُ النفسِ وهي أحوج ما تكون إلى التجديد! عاد يومُ الجوائز، وجزاء المحسنين الإحسانُ... فهل أحسنَّا لعلَّنا نفوز ونكون من الناجين؟ وبعدُ؛ فإنَّ العيدَ يومٌ نفرَح فيه ونتجمع مع الأحباب، ويعيد لبعضِنا ذكرياتٍ، وآمالاً... فللعاقل مع نفسه تفكُّر في حالِه، وحالِ أمَّتِه التي مرَّت بمجد عظيم وعهودٍ زاهرة كان لها الصدارة بين الأمم. [poem=font="Traditional Arabic,7,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"] تهِيجُ لي فيك ذكرى يستطير لها=قلبي وتهتزّ أحشائي وأعضادي أيامَ أستقبلُ الأعيادَ في بلدي=أرضِ النبيِّين من قومي وأجدادي في القدس والقدس مهوى كلِّ جانحةٍ=منِّي ومجلى أحاسيسي وأمجادي(4)[/poem] [poem=font="Traditional Arabic,7,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"] أعِد حديثَك عن بدرٍ وعن أحد=وعن حنين ويرموك وحطِّنا وعن أناسٍ تفانوا في عقيدتهم=قد جرَّعوا الكفرَ بالإيمانِ غسلينا(5)[/poem] ثم اختلَّتْ في هذا العصر صروحٌ عظيمة وأعقبَ اختلالها الآلامَ الجِسَام، والعقبات الكثيرة في طريق النصر. وإنَّ من أعظم المصائب في هذا العصر؛ بل هو أعظمها ما دخَل على الناس في كثير من بقاع العالم الإسلامي من عقائد تناقض ما تظافرت الرسلُ –عليهم الصلاة والسلام- على تقريره والدعوة إليه ورفع رايته والوصاية به: قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل: 36]. و قال تعالى: {قال أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133]. فبعد أن أنزل الله على نبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم كتابَه العظيم ودخل الناس في هذا الدين أفواجًا وأُقِيمَ علمُ التوحيد وكسر الله المشركين... أتت خلوفٌ تنسب نفسَها إلى الإسلام وتعظيم النبي عليه الصلاة والسلام بشركٍ نسبوه إلى الدين؛ فعبدوا المقبورين، وجعلوا لأعظم من نهى عن التوحيد من البشر: صفاتٍ لا تليق إلا برب البشر، واتخذوا من دون الله أولياء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله! أينَ عقلوهم؟ ألا يقرؤون القرآن؟ ألا يؤمنون بأعظم ما إليه الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم-؟! [poem=font="Traditional Arabic,7,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"] فكأنَّ الرسولَ ما زَفَّ وحيًا=زلزَلتْ من نزولِه الأصنامُ بُعِثَتْ جاهليَّةٌ واستجدَّتْ=وعلا نصبها وساد الرخام بِدَعٌ أجَّها الهوى فاستطارتْ=ولها نزوة الجسوم دعام إنَّما الدين كالشعاع المصفَّى=فَلِمَ الظلُّ حولَه والغمامُ؟(6)[/poem] وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلَّم إذ قال: «إنَّ الإسلام بدأ غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء» قيل: مَنْ هم يا رسولَ الله؟ قال «الذين يصلحون إذا فسد الناس». [أخرجه أحمد وغيره انظر الصحيحة: رقم (1273)]. وإنَّ الذنوبَ هي أعظم أسباب الذل والهزيمة، والشرك أعظم ذنبٍ عُصي الله به، وعلى طالبي النصر أن يفطنوا لهذا الأمر، ويجهروا بالدعوة إلى التوحيد وتصحيحه؛ فإنَّ الله لا يغيُّر ما بقومٍ حتى يغيِّروا ما بأنفسهم. وإنَّ من أخطاء بعض المهتمين بأمرِ المسلمين تهوينهم أمر التوحيد؛ طلبًا للاجتماع على «الهمِّ الإسلاميّ»، وقد ميَّعَ عددٌ من المتصدِّرين للدعوة الإسلامية في الأقطار التي تروج فيها الشركيات والبدع القبيحة: أمرَ العقيدةِ بحجة أننا في مواجهة مع العدو الخارجي، فعلينا أن نبتعد عن الخلاف! وهذا ضلال. فإنَّ الاجتماعَ الحقَّ هو ما كان على الحق، لا على الشعارات. والله أمرَنا بالاعتصام –جميعًا- بحبله –عزَّ وجل- لا على السكوت عن الحق! وإنَّنا مع ما أصابنا من الضعف وذهاب الديار وانتهاك الحقوق وسفك الدماء وتفرق الصف: لنتشوف لعودة صادقة نقوم فيها بحق الله علينا فيغير ما بنا وينصرَنا على أعدائنا. وما ذلك على الله بعزيز. [poem=font="Traditional Arabic,7,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"] والنصرُ للإسلامِ مهما احلولكَتْ=آفاقُنا وتلطَّخَتْ بسوادِ(7)[/poem] ونسأل الله أن يجعلنا من الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خذلها، وممن يصلحون إذا فسد الناس، ومن يقومون بحق الله عليهم وينصرون دين الله بما يستطيعون. هذا، وإنَّ من أسباب رقي المسلمين بعد أخذهم بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإقامتهم لشعائر الدين: الأخذ بوسائل القوة الماديَّة من الصناعة والتجارة والاقتصاد، وفنونها وعلومها، وليس بخافٍ أثرُ ذلك في المسلمين، وليس التقدُّم والتحضر بمتابعة الغرب وبث ثقافاتهم المختلفة؛ فهذه تبعيَّة، وليست حضارة! لكنْ نستفيد من علوم المادَّة التي سخَّرها الله لعباده ما نخدم به ديننا ومصالحَنا؛ مستقلين بعقيدتنا ومؤتمرين بأمر الله تعالى غير موالين لأعدائه، ولا واقعين فيما يغضبه جل وعلا. أعاد الله علينا العيدَ ونحن في عزِّ وصلاح حال، وجعلنا من الذاكرين لا الغافلين. وإننا لنأتي إلى مصلى العيد بثيابٍ جديدةٍ نظيفة، وهذا من منَّةِ الله علينا، ولو تذكَّرْنا أحوالَ إخوانٍ لنا في بلادٍ شتى ممن لا يجدون ما يستر عوراتهم لعرفنا فضلَ الله علينا، وتصورنَا عظيمَ تقصيرنا في حق الله تعالى، فعلينا أن ننفق مما أعطانا الله تعالى، ونترك الإسرافَ وتبذيرَ المال فيما لا فائدةَ منه، لعلنا نظفر بعفوٍ من الله ورحمة، والله كريم والله غفور رحيم. هذه خواطر كتبتها، منها ما فيه تذكير لنفسي الظالمة، وتذكير لمن يقرأ ممن هو أفضل مني وأزكى ومن هو في مثل حالي ولكل قارئ وكلنا ذو خطأ وخير الخطائين التوابون غفر الله لنا ولكل مسلم، وجعلنا من التوابين الأوابين. آمين. وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان. ناصر الكاتب تمَّت في ثاني ليلة من شهر شوال، سنة 1428هـ. _______________ 1 - شطرٌ لبيتٍ لا أعرفُ قائله، وصدرُه: ألا ياليتني والمرءُ مَيْتُ...
2 - من مقالة لبعض السلف، انظر الباب الأخير من «تلبيس إبليس» لابن الجوزي. 3 - البيتُ من قصيدة للإمام الخطيب البغدادي –رحمه الله- انظر: معجم الأدباء، تحقيق إحسان عبَّاس: (1/ 389). 4 - الأبيات للشاعر محمد بن علي السنوسي. نقله الدكتور حسن الهويمل في كتاب: «النزعة الإسلاميَّة في الشعر السعودي المعاصر»: 318 5 - البيتين للشاعر حسن الصيرفي. نقله الدكتور حسن الهويمل في كتاب: «النزعة الإسلاميَّة في الشعر السعودي المعاصر»: 318 6 - من قصيدة طويلة نقلها الأستاذ عبد الله بن خميس في كتابه «الدرعية العاصمة الأولى»: 151-157 7 - للشاعر محمد هاشم، نقله الدكتور حسن الهويمل في كتاب: «النزعة الإسلاميَّة في الشعر السعودي المعاصر»: 319
__________________
[mark=FFFFFF][align=right]قال الشيخ عبد الرحمن السَّعدي -رحمه الله-: «على كلِّ عبدٍ ... أن يكون في أقواله وأفعاله واعتقاداته وأصول دينه وفروعه متابعًا لرسول الله متلقيًّا عنه جميعَ دينِه، وأن يعرِض جميع المقالات والمذاهب على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فما وافقَهُ قبلَهُ، وما خالَفَهُ ردَّه، وما أشكل أمره توقف فيه». [/center] [توضيح الكافية الشافيَة]. [/mark]صفحة ناشر الفصيح |
الإشارات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
طريقة العرض | |
|
|